توصلت ورشة "تقييم اتفاق السلام" التي نظمتها دولة جنوب السودان في 19 فبراير 2023، إلى الاتفاق على إنهاء تجميد مسار شرق السودان، حيث أوصت بإصدار قرارات في سبيل إحياءه.
التحليل:
جاء القرار لينهي حالة الجمود التي فرضها رئيس مجلس السيادة الانتقالي على مسار الشرق، والتي بدأت بعد قيام مجلس نظارات البجا بإغلاق إقليم الشرق في شهر سبتمبر 2021 وإغلاق الموانئ البحرية الهامة مثل بورتسودان على البحر الأحمر وما ترتب على ذلك من زيادة الأزمة الاقتصادية في البلاد في ذلك الوقت.
تنبع أهمية ذلك نظراً لما أوصت به ورشة العمل الخاصة بمسار الشرق من حلول وإجراءات عملية من شأنها الاستجابة لمطالب ممثلي إقليم الشرق وخاصة مجلس نظارات البجا، وذلك عبر اتخاذ بعض الإجراءات الفورية، ومن أهمها ما يلي:
أ. تمثيل "الجبهة الشعبية" و"مؤتمر البجا المعارض" الموقعين على مسار الشرق في اتفاق جوبا للسلام، بنسبة 30% من السلطة التنفيذية والتشريعية في إقليم شرق السودان (القضارف - كسلا - البحر الأحمر).
ب. تخصيص 30% من الموارد المعدنية والنفطية لتنمية شرق السودان، وتخصيص مبلغ قدره 348 مليون دولار، ليكون جزءاُ من التمييز الايجابي دون خصمه من حصة شرق السودان من الموارد الاتحادية، وهو ما يسهم في القضاء على التهميش الاقتصادي الذي يعاني منه الإقليم.
ج. تخصيص الحكومة الاتحادية وصندوق الشرق جزء معلوم من موارده لسداد رسوم طلاب وطالبات شرق السودان في الجامعات الحكومية بعد إجراء الدراسات الاجتماعية.
د. إصدار قرار فوري باستيعاب أبناء وبنات شرق السودان في كافة وظائف الخدمة المدنية القومية بنسبة 14% من مجموعة الوظائف العامة، تحت إشراف مفوضية إصلاح الخدمة المدنية القومية.
ه. إجراء تحقيقات ومحاكمات عاجلة لكل التجاوزات التي جرت في الإقليم، على رأسها إحداث 29 يناير 2005م وأحداث 27 و28 رمضان 2019 ببورتسودان وما سبقها من أحداث ولاية القضارف وبقية الإقليم وما تبعها من أحداث مختلفة في الإقليم.
و. التوصية بتشكيل لجنة عليا لتنفيذ الاتفاق.
ز. تنظيم المؤتمر التشاوري الواسع بين الحكومة وممثلي الشرق وموقعي المسار في السلطة الاتحادية والإقليمية والولائية.
التوقعات:
- من المتوقع أن تسهم هذه القرارات في حلحلة أزمة شرق السودان، وذلك بعد أن تم التطرق للإجراءات العملية التي من شأنها العمل على تجاوز العقبات التي حالت دون تنفيذ مسار الشرق بطريقة تحظى بقبول أهالي الإقليم.
- من المتوقع أن يواصل مجلس نظارات البجا ضغوطه على السلطات الانتقالية لتنفيذ التوصيات التي خرجت عن ورشة تقييم مسار الشرق في اتفاق السلام، وذلك للتأكيد على ضرورة الاستجابة للمطالب السياسية والاقتصادية لأهالي شرق السودان.
- من المتوقع أن يتم التنسيق بين السلطات الانتقالية ومعارضي مسار الشرق لمناقشة التعديلات المشار إليها لتنفيذ مسار الشرق، والإعلان عنه بشكل رسمي خلال الفترة القادمة.
أعلنت وكالة الطاقة الدولية في 10 فبراير 2023 عن عقد اجتماع في 15 فبراير 2023 لمناقشة أزمة الغاز العالمية، يضم وزراء من نحو 40 دولة، ويستهدف الاجتماع مراجعة حالة أسواق الغاز الطبيعي، ومناقشة إجراءات تعزيز أمن الإمداد وسط أزمة الطاقة العالمية، مع التركيز على الإجراءات التي يمكن اعتمادها لدعم وضع سوق الغاز في أوروبا على المدى القصير بطريقة تتماشى مع انتقال الطاقة على المدى الطويل وأهداف المناخ.
التحليل:
- تستهدف القمة التنسيق بين الدول المستهلكة للغاز الطبيعي حول العالم لمواجهة أزمة الطاقة الراهنة التي نتجت عن الحرب الروسية/ الأوكرانية، وهو ما يفسر عدم ذكر حضور الدول المنتجة للغاز بالشرق الأوسط للاجتماع (وفق ما جاء على الموقع الالكتروني لوكالة الطاقة الدولية)، حيث اختص الاجتماع بالدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية والدول غير الأعضاء بالمناطق التي تضم كبار مستهلكي الغاز الطبيعي.
- يأتي عقد القمة في ذلك التوقيت كدلالة على استمرار تصعيد الضغوط المتبادلة بين روسيا والغرب، وهو التصعيد الذي قد يسفر عن تهديد إمدادات الغاز الطبيعي للدول الأوروبية، في ضوء احتمالية اتجاه دول الاتحاد الأوروبي لفرض حصار أكثر تشدداً على صادرات الغاز الطبيعي لروسيا خلال الفترة المقبلة، والذي من ضمنه تفعيل تطبيق سقف على سعر الغاز الطبيعي في حالة تجاوزه 180 يورو للميجاوات/ ساعة (بناءاً على اتفاق وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي في 19 ديسمبر 2022)، والمقرر ان يبدأ في 15 فبراير 2023.
التوقعات:
- لا يستبعد أن يتم طرح فكرة فرض سقف لسعر الغاز الطبيعي حول العالم في مواجهة ارتفاع أسعاره بشكل مطرد منذ عام 2022، إضافة إلي بحث كيفية تقليص الطلب على الغاز الطبيعي لاحتواء ارتفاع سعره، وضرورة تبادل الطاقة والغاز الطبيعي الفائض بين الدول المستهلكة للطاقة في أوقات الأزمات، وبما يعني أن هناك توجه لاستحداث ما يمكن أن يُطلق عليه "مظلة أمان" تتضمن آلية عالمية لتبادل الغاز الطبيعي الفائض بين الدول المستهلكة الصافية للطاقة، علماً بان الصين كانت تقوم ببيع فائض الغاز المسال لديها لأوروبا في 2022.
- من الواضح أن هناك تخوف غربي من تفاقم أزمة الغاز الطبيعي خلال الأشهر المقبلة، وهو ما عكسه تصريح المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية "فاتح بيرول" بأن أزمة الغاز لم تنتهي، وفي هذا السياق من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تصعيداً بين روسيا والدول الغربية تكون نواته توظيف سلاح الطاقة، لتشهد أسعار الطاقة العالمية هزات جديدة، وهو ما دلل عليه إعلان موسكو مؤخراً عن تخفيض إنتاجها للنفط بنحو 500 الف برميل يومياً في مارس 2023، وذلك رداً على العقوبات الغربية المفروضة على صادرات النفط الروسي.
أعلنت الإمارات وفرنسا والهند في بيان مشترك يوم 4 فبراير 2023، عن تأسيس مبادرة تعاون ثلاثي بينهم ووضع خريطة طريق لبدء تنفيذها، وستكون المبادرة بمثابة منتدى لتنفيذ مشاريع التعاون في مجالات عدة منها الطاقة والتغير المناخي، على أن يتضمن ذلك التعاون بين الوكالات الإنمائية من البلدان الثلاثة، وتنظيم مجموعة من الفعاليات الثلاثية المشتركة في إطار رئاسة الهند لمجموعة العشرين، واستضافة الإمارات لمؤتمر "كوب-28".
التحليل:
- تأتي المبادرة في إطار مواكبة التطورات الدولية بعد الحرب الروسية/ الأوكرانية والتحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي على كافة المستويات، ورغبة الهند وفرنسا في توفير إمدادات مستدامة من النفط خلال السنوات الامارات، كذا ضمان صادرات غذاء من فرنسا والهند لدول الشرق الأوسط بما فيها الامارات، على أن يكون للامارات دور مهم في نقل وتوزيع تلك السلع الاستراتيجية بين الشرق والغرب، وفي نفس الوقت التركيز على مجالات الطاقة المتجددة التي من المتوقع أن يكون للهند وفرنسا دور متقدم فيهما للتطور التكنولوجي في البلدين في تلك المجالات، وذلك بالتعاون مع الامارات التي تريد احداث تطور نوعي في تلك المجالات على أراضيها لتصبح رائدة إقليمياً ودولياً في قطاع الطاقة، كما ان المبادرة الثلاثية قد تكون تمهيداً لضم فرنسا لمجموعة I2U2 التي تشمل الامارات، والهند، وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
- من جهتها، تسعى فرنسا إلي زيادة دورها في الشرق الأوسط عبر أدوات اقتصادية، وهو ما دلل عليه زيارة وزيرة خارجيتها للسعودية والامارات في مطلع شهر فبراير 2023، كذا توقيع اتفاق شراكة استراتيجية شاملة بين فرنسا والعراق في يناير 2023، وكان من أبرز ما تم بحثه في تلك الزيارات تعزيز التعاون في قطاع الطاقة، سواء الأحفورية أو المتجددة، كذا تعزيز الامن والاستقرار في المنطقة، وهو ما يضمن إمدادات الطاقة سواء النفط او الغاز الطبيعي بدون تعطيل للدول الأوروبية المستوردة لهما.
التوقعات:
- من المرجح أن تزداد التحركات الفرنسية الفترة المقبلة تجاه دول الشرق الأوسط، وتحديداً دول جنوب المتوسط، لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة وبما يضمن لباريس استيراد كميات من النفط والغاز لتعويض منع استيرادهما من روسيا بشكل كامل، وذلك وفق توجيه الاتحاد الأوروبي بذات الشأن، وقد يصاحب ذلك تعزيز العلاقات البينية بين فرنسا ودول المنطقة خاصة في المجالات التنموية التي شهدت تراجعا في العديد من تلك الدول بسبب التداعيات الاقتصادية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19" والحرب الروسية/ الأوكرانية.
- لا يستبعد أن تشهد الفترة المقبلة إنشاء تكتل موسع نواته الهند والامارات يضم الدول الواقعة ضمن حزام الدول المطلة على المحيط الهندي والشرق الأوسط وشمال البحر المتوسط، وذلك بهدف تعزيز تبادل السلع الاستراتيجية (طاقة وغذاء)، وقد يتضمن ذلك اتفاقات عسكرية لتأمين حركة نقل تلك البضائع بين دول التكتل، وذلك في ضوء عدم وجود اتفاقات مفعلة وملزمة بذات الشأن، والتحسب من التهديدات الإيرانية واحتمالية تزايد القرصنة عند مضيق باب المندب وخليج عدن.
عقد الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي، في 3 فبراير الجاري، اجتماعين منفصلين، مع سفير السودان إبراهيم محمد أحمد، والقائم بالأعمال التشادي بشير تريبو عبود، وسفير النيجر إسيك إيغ غاتو، المعتمدين لدى ليبيا بمقر البعثة الأممية في العاصمة طرابلس، تلاه اجتماع افتراضي مع مندوبي كل من الغابون وغانا وموزامبيق أعضاء المجموعة الأفريقية بمجلس الأمن الدولي، لمناقشة الوضع السياسي والأمني بشكل عام في ليبيا.
التحليل:
جاء اجتماعي باتيلي مع السفراء الأفارقة بمجلس الأمن الدولي، وسفراء السودان وتشاد والنيجر في طرابلس، قبيل إحاطته المرتقبة لمجلس الأمن الدولي التي يتوقع أن يعلن خلالها عن خطته لحلحلة الأزمة السياسية. وقد تبادل باتيلي في اجتماعه مع سفراء السودان وتشاد والنيجر، الآراء بشأن الأزمة المستمرة في ليبيا، والديناميات الأمنية في دول الجوار. بينما اطلع ممثلي المجموعة الأفريقية بمجلس الأمن الوضع السياسي العام في ليبيا، ومناقشات المسار الدستوري، والوضع الأمني بشكل عام، وخاصة فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب، وانعكاسات ذلك على منطقة الساحل.
وخلال الاجتماعين قدم باتيلي للدبلوماسيين الأفارقة ثلاث مطالب رئيسية تمثلت في التالي:
- ضرورة زيادة دول الجوار من دعمها لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، من أجل تنفيذ خطة العمل المتعلقة بانسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب. وهو ما يأتي في إطار التحضير لعقد الاجتماع المرتقب للجنة مع المسؤولين في دول الجوار.
- ضرورة التضامن وتنسيق الجهود بين البعثة الأممية ودول الجوار باعتبارهما ضرورة لبناء الاستقرار والسلام في ليبيا، ورافعة للتكامل الإقليمي، وذلك من خلال حث المجموعة الأفريقية على مزاحمة القوى الإقليمية والدولية في تسوية الأزمة الليبية باعتبارها المجموعة الأحق بقيادة الجهود الدبلوماسية حيال تلك الأزمة.
- التأكيد على أهمية مشاركة الاتحاد الأفريقي في حل الأزمة متعددة الأبعاد في ليبيا، ما يمكن فهمه على أنه دعم أممي صريح للقيادة الأفريقية لعملية المصالحة الوطنية التي تجري من قبل مؤسسات الاتحاد الأفريقي بالتعاون مع المجلس الرئاسي الليبي.
- التأكيد على ضرورة دعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وهي إشارة ضمنية لطلب باتيلي الخاص من المجموعة الأفريقية لدعم مهمته على رأس البعثة الأممية في ليبيا، في ظل حالة الترقب الدبلوماسية حيال خطته التي قد يعلنها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الشهر الجاري، وإصرار بعض القوى الكبرى على تعيين نائب له للشؤون السياسية وهو المنصب الرئيسي في البعثة الذي تتنافس عليه كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وكانت تشغله في السابق الأميركية ستيفاني وليامز.
التوقعات:
- من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة محاولات غربية مكثفة تهدف إلى تحجيم التأثير الإقليمي على الملف ليبيا، وهو ما قد يؤدي إلى تقويض آلية «الترويكا» التي تأسست قبل 4 سنوات بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
- ظهور معارضة دبلوماسية لقيادة باتيلي لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وذلك بناء على ما ستتضمنه خطته المرتقبة لدفع العملية السياسية في ليبيا التي سيعلنها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الشهر الجاري، والتي من الأرجح سوف تنصب على التعجيل بعقد الانتخابات.
- عودة المبادرات الدبلوماسية المتنافسة على تسوية الأزمة الليبية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، في حال لم ينجح باتيلي في حشد الدعم اللازم لخطة الأمم المتحدة الجديدة لتسوية الأزمة الليبية والتي تأمل المنظمة الدولية من خلالها تخطي الجمود السياسي والوصول إلى مرحلة الانتخابات.
استدعت وزارة الخارجية الأمريكية في 3 فبراير 2023الجاري، السفير السوداني لدى واشنطن "نور الدين ساتي" للاحتجاج على إفراج السلطات السودانية عن "عبد الرؤوف أبو زيد" المعروف باسم "أبو زيد" المُدان بالإعدام لمشاركته في اغتيال دبلوماسي أمريكي يتبع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وسائقه السوداني في يناير 2008.
التحليل:
- يرجع السبب الرئيسي وراء استدعاء الخارجية الأمريكية للسفير السوداني لدى واشنطن، إلى اعتراض الإدارة الأمريكية على حكم القضاء السوداني الخاص بالإفراج عن "أبو زيد" في 30 يناير الماضي، ونفي ما يُقال حول عقد صفقة بين "أبو زيد" وعائلة الدبلوماسي الأمريكي "جون غرانفيل" الذي قتله في عام 2008، بحصولهم على تعويضات مالية في مقابل العفو عن "أبو زيد"، وطالبت واشنطن الخرطوم بإعادة اعتقاله نظراً لأنه مدرج ضمن قوائم الإرهابيين المطلوبين للعدالة.
- وفي المقابل، تؤكد الخرطوم على أن قرار الإفراج عن "أبو زيد" تم في إطار الصفقة التي تم عقدها بين الحكومة الانتقالية السابقة برئاسة المستقيل "عبد الله حمدوك" والإدارة الأمريكية في عام 2020، حيث تم الاتفاق على قيام السودان بدفع تعويضات مالية لأسرة الدبلوماسي الأمريكي "غرانفيل"، كأحد شروط رفع السودان من قائمة الدول الدعمة للإرهاب، إلا أن واشنطن تنفي أن تكون هذه الصفقة قد شملت العفو عن "أبوزيد"، كما أكدت عائلة "غرانفيل" أن تسلمهم التعويضات المالية لم يصحبه إذن بالعفو.
التوقعات:
- من المتوقع أن تواصل واشنطن بالتنسيق مع السفير الأمريكي لدى الخرطوم "جون غودفري" لمواصلة الضغط على السلطات السودانية للعدول عن قرار الإفراج عن "أبوزيد"، وربما يتم توظيف ذلك للضغط على المكون العسكري بتسريع عملية تسليم السلطة للقوى السياسية المدنية في السودان.
- من المتوقع أن تشمل الزيارة المرتقبة لنائب مساعد الوزير الخارجية الأمريكي "بيتر لورد" للخرطوم في منتصف فبراير الجاري، مناقشة قضية "أبو زيد" ومحاولة إقناع السلطات الانتقالية بإعادة اعتقاله أو تسليمه للسلطات الأمريكية بوصفه إرهابياً.
أجرى رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش الفريق أول ركن "عبد الفتاح البرهان" مباحثات ثنائية مع الجنرال "محمد إدريس ديبي" رئيس الفترة الانتقالية في تشاد، في 29 يناير الجاري بالعاصمة التشادية "نجامينا"، تناولت تأمين الحدود المشتركة بين الدولتين، ومناقشة القضايا المثارة ذات الاهتمام المشترك، كما قام الجنرال "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني بزيارة لتشاد في 30 يناير الجاري لإجراء مباحثات للحد من النزاعات القبلية وملف الحدود مع الجانب التشادي أيضاً.
التحليل:
جاءت هذه الزيارة بناءاً على الدعوة التي وجهها الجنرال "ديبي" للفريق "البرهان" التي سلمها له "إدريس بوي" مبعوث رئيس المجلس العسكري التشادي، واكتسبت هذه الزيارة أهمية خاصة نظراً لعدة اعتبارات رئيسية، من أهمها ما يلي:
- الدعم السوداني للإجراءات التي يتخذها المجلس العسكري في تشاد من أجل تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد، وخاصة عقب اختتام مؤتمر الحوار الوطني التشادي وتشكيل حكومة انتقالية ومؤسسات انتقالية في تشاد، وهو ما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين الخرطوم ونجامينا.
- تركيز الزيارة على تفعيل "القوة الثلاثية المشتركة" بين السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى لحل مشكلة التوترات الأمنية في منطقة الحدود المشتركة بين الدول الثلاث.
- تركيز المباحثات على الوضع في إقليم دارفور، وما أسفرت عنه من اتفاق سوداني تشادي على إبعاد جميع القوات من حدود غرب دارفور، والإبقاء على القوات السودانية التشادية المشتركة وتعزيز قدرتها العملياتية لحسم كثير من التداخلات والتشكيلات المسلحة المتواجدة هناك، وخاصة في ظل تكرار هجمات بعض الميليشيات التشادية المسلحة على القبائل القاطنة في دارفور، وما يمكن أن يترتب على ذلك من توترات سياسية وعسكرية بين السودان وتشاد.
- الاتفاق بين السودان وتشاد على تبادل المعلومات والاستخبارات بين أجهزة الأمن في البلدين، واتخاذ إجراءات فاعلة لاحتواء ظاهرة "الهجرة غير النظامية" وتهريب الأسلحة، كما تم الاتفاق على عقد "المنتدى عبر الحدود حول الأمن والتنمية" قبل نهاية العام الحالي في مدينة "أبشي" التشادية.
- توافق الرؤية السودانية والتشادية تجاه الأزمة الليبية، والتأكيد على ضرورة تسويتها سياسياً، حيث ترى الدولتان أن استمرار الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في ليبيا من شأنه التأثير سلباً على الأمن القومي السوداني والتشادي.
- الاتفاق بين السودان وتشاد على التنسيق المشترك بين الأجهزة المختصة حول الأوضاع في أفريقيا الوسطى بما يحقق الأمن والاستقرار في الإقليم، وخاصة بعد إعلان الجنرال "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع إفشال محاولة لتغيير النظام في أفريقيا الوسطى انطلاقاً من السودان، وهو ما دفع السلطات السودانية للقيام بإغلاق الحدود مع أفريقيا الوسطى، وذلك بعدما أبدت تشاد وفرنسا قلقهما إزاء انتشار قوات الدعم السريع على الحدود مع أفريقيا الوسطى.
التوقعات:
- من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة تفعيل القوة العسكرية المشتركة بين السودان وتشاد لتأمين الحدود المشتركة بينهما في ظل تصاعد المخاطر الأمنية في تلك المنطقة.
- أن تسهم الإجراءات الأمنية المشددة التي تم الاتفاق عليها بين الخرطوم ونجامينا في الحد من الأنشطة المتصاعدة للتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في المناطق الحدودية المشتركة.
- أن تشهد الفترة القادمة استمرار مظاهر التعاون والتنسيق الأمني والعسكري بين السودان وتشاد في محاولة لضبط الحدود المشتركة بينهما، وقد يشمل ذلك التوقيع على اتفاقيات امنية وعسكرية جديدة.
يستعد عدد من التيارات السياسية العراقية للمشاركة في تظاهرات أمام البنك المركزي العراقي، وذلك بسبب الانخفاض غير المسبوق في قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي، حيث بلغ الدولار الواحد نحو 1600 دينار عراقي في وقت ذروة الانخفاض.
التحليل:
· أدى الانخفاض الكبير في قيمة العملة العراقية إلى تأثيرات مباشرة على القوة الشرائية للطبقتين الوسطى والدنيا في العراق، حيث أسعار السلع الرئيسية في الأسواق، وتشير التقديرات إلى فقدان حوالي 5 ملايين موظف عراقي ما بين 20 – 30% من قيمة رواتبهم الشهرية.
· اتخذت الحكومة العراقية عدداً من التدابير لمواجهة هذا الارتفاع في سعر الصرف مثل إقالة محافظ البنك المركزي "مصطفى غالب مخيف"، وفتح نافذة جديدة لبيع العملة الأجنبية لصغار التجار عبر "المصرف العراقي للتجارة"، والذي حصل على تمويل من البنك المركزي العراقي بقيمة تبلغ 500 مليون دولار بهدف فتح الاعتمادات المستندية لصغار التجار، يضاف إلى ذلك تسهيل إجراءات الاستيراد وتقليص متطلبات فتح الاعتمادات المستندية.
· لا تزال أزمة سعر الصرف تؤثر بالسلب على أسعار السلع في العراق، بالرغم من التدابير الحكومية المشار إليها، وكذلك امتلاك العراق لأكثر من 100 مليار دولار من الاحتياطات النقدية، حيث أن معظم هذه الاحتياطات توجد في الولايات المتحدة، وحتى يحصل عليها العراق ، فإنه يجب أن يمتثل لبعض معايير نظام التحويلات الدولي "سويفت"، الذي فُرض تطبيقه على المصارف العراقية في منتصف نوفمبر الماضي، ومنذ ذلك الحين، رفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي 80% من طلبات التحويلات المالية للمصارف العراقية، وذلك على خلفية الشكوك المتعلقة بالوجهة النهائية لتلك المبالغ التي يجري تحويلها، حيث تخشى الولايات المتحدة من أن تقوم بعض المصارف العراقية أو صغار التجار بتهريب الدولار إلى إيران عبر المعابر الحدودية بين العراق وإيران.
· في ذات السياق، تباين تعامل القوى السياسية العراقية داخل المعسكر الحاكم مع أزمة الدولار، فمن ناحية أتهمت قوى سياسية عراقية محسوبة على إيران – ابرزهم رئيس تحالف الفتح "هادي العامري" – الولايات المتحدة بممارسة الضغوط على العراق لمنع انفتاحه على أوروبا ودول العالم، وأنها تستخدم الدولار كسلاح لتجويع الشعوب، ومن ناحية أخرى برز تيار آخر داخل "الإطار التنسيقي"، يدعو لفتح قنوات حوار مع الولايات المتحدة بوصفها الطريقة الوحيدة لمعالجة الأزمة.
التوقعات:
· من المتوقع أن تستمر التظاهرات التي دعت إليها بعض القوى السياسية في العراق على المدى القصير لحين السيطرة على ارتفاع سعر الدولار.
· من المتوقع أن تزيد أزمة سعر صرف الدولار وكيفية التعامل معها من الاختلافات الموجودة بالفعل داخل المعسكر الحاكم في العراق، وقد تضعف هذه الأزمة من فرص الإطار التنسيقي في مواجهة التيار الصدري، والذي يسعى للعودة مجدداً للساحة السياسية من خلال الانتخابات المحلية المقبلة، والتي قد تعقد نهاية العام الجاري.
- صدر تقرير البنك الدولى بعنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية" بتاريخ 10 يناير 2023، والذي أكد أن عام 2023 هو العام الذي كان من المتوقع أن يتعافى فيه الاقتصاد العالمي من التوابع السلبية التى أحدثها انتشار وباء الكورونا العالمي، لكن الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير باغت العالم ودفع الاقتصاد العالمي إلى حالة من عدم اليقين. وحسب البنك الدولى فإنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل 1.7% في عام 2023 و2.7% في عام 2024.
التحليل:
- أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية التي أعقبتها ضد روسيا إلى تأجيج التوترات الجيوسياسية، ودفعت أسعار الطاقة والغذاء إلى مستويات قياسية، وعطلت سلاسل الإمداد، مما ألقى بظلاله على آمال انتعاش الاقتصاد العالمي بعد أزمة كورونا.
- اضطرت البنوك المركزية، مع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في عدة سنوات إلى زيادة أسعار الفائدة في مواجهة الاقتصاد المتباطئ بالفعل، مما زاد من احتمالات حدوث ركود عالمي في عام 2023، وهو ما سيلقى بتبعاته على العالم بأكمله.
أ. الركود العالمي:
- من المتوقع أن يكون عام 2023 هو ثالث أسوأ عام للنمو الاقتصادي العالمي منذ بداية القرن الواحد وعشرين بعد عام 2009، عندما تسببت الأزمة المالية العالمية في الركود الكبير، وعام 2020 عندما أدى الحجر الصحي بسبب الوباء العالمي إلى توقف الاقتصاد العالمي.
- وحيث أنه من التوقع أن تنزلق الاقتصادات الرئيسية في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكذلك منطقة اليورو، إلى الركود هذا العام حيث تواصل البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة لتهدئة الطلب على السلع الاستهلاكية والخدمات في محاولة لكبح جماح التضخم، فإن هذا بالتأكيد سيلقي بظلاله على منطقة الشرق الأوسط. فقد حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، من أن ثلث الاقتصاد العالمي قد يتضرر من الركود في عام 2023، الذي وصفته بأنه عام "أصعب" من عام 2022.
ب. التضخم:
- من المرجح أن تكون زيادات الأسعار العالمية معتدلة في عام 2023، ويدعم ذلك ضعف الطلب، وهبوط أسعار الطاقة، وتخفيف أزمات العرض، وانخفاض تكاليف الشحن. ومع ذلك، من المتوقع أن يظل مستوى التضخم في الولايات المتحدة فوق المستويات المستهدفة للبنك المركزي، مما يؤدي إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة. وهذا يعني المزيد من المعاناه للاقتصادات المرتبطة بالدولار، وتفاقم أزمة الديون العالمية.
- من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم في منطقة اليورو بشكل أبطأ مما هو عليه في الولايات المتحدة. وفي ألمانيا، المحرك الاقتصادي لمنطقة اليورو، من المتوقع أن ينخفض التضخم بفضل إجراءات مثل وضع حد أقصى لأسعار الغاز والطاقة. ومن المعلوم ارتباط منطقة الشرق الأوسط بشكل أكبر بمنطقة اليورو، بحكم العلاقات التجارية الأكبر مع أوروبا والقرب الجغرافي.
ج. التوقعات:
- أشار تقرير البنك الدولى أنه من المتوقع أن یتباطأ معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقیا لیحقق 5.3 % في عام 2023 و7.2 % في عام 2024 .
- أشار التقدير أن الانتعاش في المملكة العربية السعودية في عام 2022 كان أكبر من المتوقع ولكنه معرض هذا العام إلى أن يكون النمو أبطأ في 2023، انعكاسا لتباطؤ نمو الشركاء التجاريين الرئيسيين، ومن المرجح حسب صندوق النقد الدولى ان يكون معدل النمو في العراق 4% وفي عام 2024 ينخفض إلى 2.9% وهو مستوى اقل من مستوى ما قبل جائحة كورونا، ويؤثر في ذلك نقص امدادات المياه والكهرباء، بالإضافة إلى ما تشهده البلاد من حالة عدم الاستقرار السياسي. كما تتعرض سوريا اغلى انكماش اقتصادي في 2023 بسبب الصدمات المتعددة التى يتعرض لها الاقتصاد السوري والذي ادى الى انخفاض مستوى الدخل الى النصف من 2010 إلى 2020.
- من المتوقع أن تستمر التوترات العسكرية والسياسية في البقاء ضمن أكبر المخاطر على الاقتصاد، مثلما حدث في عام 2022. في حين لا تلوح في الأفق نهاية للحرب الروسية في أوكرانيا، فإن الخلافات بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، أكبر مصنع لأشباه الموصلات في العالم، والتوترات المتصاعدة في شبه الجزيرة الكورية وسط اختبارات الصواريخ التي أجرتها كوريا الشمالية من المرجح أن تبقي المستثمرين محجمين عن البحث عن فرص استثمارية هذا العام.
- لا تزال الحلول لإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا بعيدة المنال. وهذا بدوره يعني عدم وجود حلول للآثار الجانبية لهذا الصراع على مجالات مثل حركات الهجرة والإمدادات العالمية من سلع النفطية والأغذية.
- من المتوقع أن تستمر استفادة الدول النفطية العربية فقط من أزمة الطاقة الحادة في منطقة اليورو، وتطلعها إلى التخلص من اعتمادها على البترول والغاز الروسيين. فبعد أن أنفقت مئات المليارات من اليورو العام الماضي في البحث عن بدائل للطاقة الروسية وحماية المستهلكين، قد تكافح أوروبا لملء خزانات الوقود مرة أخرى قبل الشتاء المقبل. ولكن هذه الاستفادة ستكون أقل من العام الماضي وبالتالى لن تنعكس بنفس الصورة الكبيرة على النمو الاقتصادي مثلما حدث العام الماضي.
أعلنت السلطات السودانية بولاية جنوب كردفان في 23 يناير الجاري، فرض حالة الطوارئ في جميع أنحاء الولاية لمُدة شهر، وذلك اعتباراً من 23 يناير الجاري وحتى 23 فبراير القادم، وذلك في محاولة لاحتواء الأوضاع الأمنية غير المستقرة في الولاية.
التحليل:
- يأتي تزايد أعمال العنف في مدينة "كادوقلي"، إثر انتشار مجموعات من العناصر المسلحة بالولاية خلال الفترة الأخيرة، وقيامهم بالاعتداء على المواطنين بغرض السرقة والنهب، وما ترتب على ذلك من مقتل 4 مدنيين وإصابة 3 آخرين، أثناء توجههم إلى مناطق تسيطر عليها "الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال" جناح "عبد العزيز الحلو".
- ترتب على ذلك خروج تجمعات كبيرة من المدنيين الذين تظاهروا أمام مقر الحكومة المحلية، للمطالبة بإجراء تحقيقات عاجلة وتقديم المتورطين في هذه الأعمال للمحاكمة، مما دفع والي ولاية جنوب كردفان "موسى جبر" للإعلان عن اتخاذ عدد من الإجراءات الأمنية العاجلة وعلى رأسها جمع السلاح من المواطنين، مشيراً إلى أن إعلان الطوارئ يصاحبه إنشاء محاكم طارئة بالتنسيق مع الجهاز القضائي.
- يمكن تفسير انتشار ظاهرة العنف المسلح في ولاية كردفان من خلال عدة عوامل، من أهمها انتشار السلاح بين القبائل والجماعات المسلحة على نطاق واسع داخل الولاية، هذا إلى جانب ظهور حالة من الاستقطاب القبلي وتحولها إلى اشتباكات قبلية مسلحة، واندلاع صراعات تتسم بالعنف بين القبائل والعرقيات القاطنة في المناطق الخاضعة لسيطرة "الحركة الشعبية شمال" التي تعذر التفاوض معها بشأن ملف السلام على مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان.
التوقعات:
- من المتوقع أن تنجح الإجراءات الأمنية المؤقتة التي أعلنتها الحكومة المحلية واللجنة الأمنية في تهدئة الأوضاع الأمنية المضطربة بولاية جنوب كردفان، وبالتالي منع تصاعد أعمال العنف وذلك على المدى القريب
- من المتوقع أن تتجدد الاشتباكات القبلية المسلحة وأعمال العنف من قبل بعض الحركات المسلحة في ولاية جنوب كردفان، في ظل عدم قدرة السلطات الانتقالية على وضع حلول جذرية للأسباب الرئيسية للصراعات وأعمال العنف، وغياب العقوبات الرادعة على الأفراد والجهات المتورطة في تجدد هذه الاشتباكات، وذلك على المديين المتوسط والبعيد.
أكد وزير الطاقة الروسي "نيكولاي شولغينوف" أن بلاده لا ترى أي معوقات أمام تنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز "السيل الباكستاني"، وتعمل مع إسلام أباد على وضع خريطة طريق بشأنه في أقرب وقت، لافتاً إلى ان الخط له أهمية بالغة لكل من روسيا وباكستان، وإن الحكومة الروسية تولي اهتماماً كبيراً لهذه القضية.
من المعروف أن هذا المشروع كان يُطلق عليه سابقاً اسم خط أنابيب "شمال - جنوب"، وقد وقعت روسيا وباكستان اتفاقاً في 2015 تقوم بمقتضاه الشركات الروسية ببناء الخط، الذي يبلغ طوله نحو 1,1 ألف كيلومتر، والذي يستهدف ربط موانئ جنوب باكستان (جوادر- كراتشي) بمدينة لاهور في الشمال، على أن تصل طاقة نقله للغاز إلي 12,4 مليار متر مكعب سنوياً، وقد وقعت البلدين في مايو 2020 اتفاقية تسمح بالبدء في التنفيذ الفعلي لمد خط الأنابيب المذكور.
التحليل
- تهتم روسيا بإيجاد أسواق مستدامة لتصدير غازها الطبيعي بعد التوجه الأوروبي لتقليص الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية بكافة أنواعها، وفي هذا السياق تركز موسكو اهتمامها على الدول الآسيوية الأكثر استهلاكاً للطاقة، وتعد باكستان إحدى الدول المستهدفة بذات الشأن، حيث يوفر خط الأنابيب المرتبط بموانئ باكستان استقبال ونقل الغاز الروسي المسال إلى شمال باكستان، بما يضمن تنافسية روسيا للعديد من الدول المصدرة للغاز الطبيعي في سوق الطاقة العالمي، خاصة تلك التي تستهدف تصدير الغاز الطبيعي المسال لباكستان.
- يُرى أن التحرك الروسي يستهدف تنشيط عمل شركات الطاقة الروسية من خلال ضلوعها في بناء خطوط أنابيب الغاز والنفط، وهو ما تقوم به بعضها في كل من إيران وتركمانستان المجاورتين، مما يزيد من التواجد الروسي في الدول الآسيوية، أخذاً في الاعتبار تواجد شركات الطاقة الروسية في عمليات البحث والاستكشاف والتنقيب عن الغاز والنفط واستخراجهما في العديد من المناطق حول العالم وليس آسيا فقط، وبالتالي سيعزز ذلك من الوضع المالي للشركات الروسية العاملة في قطاع الطاقة في مواجهة محاولات الحصار الغربية.
التوقعات:
- من المتوقع أن يتم اتخاذ خطوات جادة تجاه بدء تنفيذ خط "السيل الباكستاني"، نظراً لحاجة باكستان لدعم اقتصادها عبر موارد طاقة مستدامة، تحسباً من صدمات التغير في أسعار الغاز الطبيعي في السوق العالمي، وفي نفس الوقت يمثل ذلك الخط منافساً لعدد من خطوط انابيب الغاز المقترحة مثل خط غاز TAPI المقترح البدء فيه خلال الفترة المقبلة، والذي يستهدف تصدير 33 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز التركمنستاني لأفغانستان وباكستان والهند، ومن جهة أخرى ترى موسكو ان "السيل الباكستاني" ضرورة لخلق توازن في العلاقات مع باكستان مقابل علاقتها الاستراتيجية مع الهند.
- يواجه ذلك الخط العديد من التحديات، على رأسها العقوبات الغربية التي تستهدف روسيا والمحتمل تشديدها خلال الفترة المقبلة، وذلك تكراراً لنموذج "السيل الشمالي-2" الذي تم عرقلته عدة مرات بسبب العقوبات والضغوط الأمريكية، وفي ذات السياق قد يتم الضغط على باكستان لعدم تعميق تعاونها مع موسكو، خاصة وأن اسلام اباد تواجه أزمة اقتصادية قد تدفعها للمهادنة مع الدول الغربية للحصول على تمويل يدعم اقتصادها، ولكن في نفس الوقت يتطلب ذلك إيجاد بديل لروسيا لبناء خط "السيل الباكستاني"، نظراً لمدى أهمية ذلك المشروع للاقتصاد الباكستاني.