شددت العديد من الدول مؤخراً من قيودها على الوافدين من الصين بسبب موجة انتشار جائحة "كوفيد-19" مؤخراً، وتباينت تلك القيود ما بين حظر كامل، مثل قيام المغرب في 31 ديسمبر 2022 بفرض حظر على دخول الوافدين من الصين مهما كانت جنسياتهم اعتباراً من 3 يناير 2023 وحتى إشعار آخر، بينما قامت دول أخرى مثل الولايات المتحدة واستراليا وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا  بفرض تقديم نتيجة اختبار تثبت الخلو من الإصابة بـ"كوفيد-19" على المسافرين القادمين من الصين.

التحليل:

- يأتي تشديد القيود على القادمين من الصين بعد ورود أنباء عن تزايد عدد الحالات اليومية بشكل كبير، وذلك في ضوء قرار بكين في ديسمبر 2022 بعدم نشر البيانات اليومية لإصابات ووفيات "كوفيد-19" بعد زيادة حادة في أعداد الإصابات إثر تخفيف مفاجئ للقيود الصارمة، كذا الغاء إلغاء الحجر الصحي الإجباري للقادمين من خارج البلاد اعتبارا من 8 يناير 2023.

- تسعى الصين، عبر تخليها عن سياسية "صفر كوفيد"، محاولة احتواء التبعات السلبية على اقتصادها بسبب الأزمة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، من حيث استمرار الاضطرابات العامة المتزايدة والضغط المالي الذي تواجهه العديد من دول العالم، حيث تستهدف بكين تقديم نموذج فريد في الأداء الاقتصادي في عام 2023، والمرور مرحلياً من أزمة انتشار"Bf.7" (المتحور الجديد لـ"كوفيد-19")، واستعادة دورها في تعزيز سلاسل الامداد العالمية في أسرع وقت، وذلك بعد محاولات تحييدها عن ذلك الدور.

التوقعات:

- يُرى أن سياسة بكين في 2023 ستركز على إعادة الثقة في اقتصادها وقدرته على توفير الدعم لكافة الاقتصادات المتعثرة عبر العديد من الأشكال، سواء عبر تصدير المنتجات نهائية الصنع والوسيطة متجاوزة أي تعطل عالمي محتمل في قطاع الشحن، كذا عقد العديد من الاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف التي تعيد مبادرتها "الحزام والطريق" إلى الواجهة مرة أخرى، وقد يتضمن ذلك أيضاً إعادة جدولة ديونها المستحقة على بعض الدول أو حتى الغاء جزء منها في إطار مخطط تحسين صورتها عالمياً، وذلك في الوقت الذي قد تعاني فيه العديد من الدول الكبرى من الصدمات الاقتصادية كذا احتمالية تفشي المتحور "Bf.7".

- إن تخلي الصين عن تشددها بعد مرور ثلاثة اعوام منذ بدء جائحة "كوفيد-19"، يبرز سعيها لاستعادة دورها في السوق العالمي، وذلك من خلال تخطي موجة العدوى الحالية في أسرع وقت، والمرجح انتشاره في العالم خلال الربع الأول من عام 2023، بينما ستكون تلك الموجة انتهت في الصين (على غرار الموجات السابقة)، لتبدأ الحكومة الصينية في تحفيز ودعم النشاط الاقتصادي في الوقت الذي تعاني منه العديد من الدول من الاغلاق وتعطل سلاسل الامداد، لتصبح الصين هي البديل المتاح للاعتماد عليها في تعزيز سلاسل الامداد العالمية.

  أعلنت الحكومة السودانية عن توقيع كل من وزير الدفاع "ياسين إبراهيم" ووزير الدفاع اليمني " محسن الداعري" على اتفاقية لتعزيز التعاون العسكري والأمني المشترك بين الدولتين وتحديداً في مجال مكافحة الإرهاب وعمليات السلام وإدارة الأزمات.

التحليل:

-  تم التوقيع على هذه الاتفاقية في نهاية الزيارة التي قام بها وزير الدفاع اليمني "الداعري" للسودان والتي استغرقت خمسة أيام خلال الفترة من 18 إلى 22 ديسمبر الجاري، والتقى خلالها مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول ركن "عبد الفتاح البرهان"، وسلمه رسالة من رئيس مجلس القيادة الرئاسي "رشاد العليمي" حول العلاقات الثنائية المشتركة بين الدولتين وسبل تطويرها.

-   كشفت زيارة وزير الدفاع اليمني "محس الداعري" للسودان وتوقيعه على اتفاقية لتعزيز التعاون العسكري مع السودان، عن مجموعة من الأهداف التي يسعى كل من الجانبين اليمني والسوداني لتحقيقها، ومن ذلك ما يلي:

‌أ.  ضمان استمرار الدعم السياسي والعسكري السوداني للحكومة في اليمن، وذلك من خلال الحصول على ضمانات من الجانب السوداني على عدم سحب القوات المسلحة السودانية الموجودة في الأراضي اليمنية، وخاصة بعد أن تم تقليصها قبل ثلاثة أعوام (ديسمبر 2019) من 15 ألف جندي إلى 5 آلاف جندي.

‌ب.  تقنين الوجود العسكري السوداني في اليمن، حيت تقضي اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري التي تم التوقيع عليها خلال زيارة وزير الدفاع اليمني "الدايري" للخرطوم، بتقنين التواجد العسكري السوداني داخل اليمن، وهو ما يعني أن القوات المسلحة السودانية المتواجدة حالياً في اليمن لم تعد تحت قيادة قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وإنما وفقاً لاتفاقيات تعزيز التعاون العسكري بين الخرطوم واليمن.

‌ج.  تعزيز التعاون اليمني السوداني المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية.

‌د.  الاستفادة من الخبرات السودانية في مجال الصناعات الدفاعية، وهو ما انعكس في زيارته العديد من المؤسسات العسكرية الاكاديمية والصناعية.

‌ه.  توفير إطار قانوني لتعزيز وتطوير التعاون المشترك في مجالات التدريب وتبادل الزيارات والوفود العسكرية على كافة المستويات.

التوقعات:

-  من المتوقع أن تسهم اتفاقية التعاون العسكري المشترك بين اليمن والسودان في تقنين وجود القوات المسلحة السودانية في اليمن، خاصة وأن الاتفاق الموقع تضمن بنداً يقضي بتمديد وجود القوات السودانية في اليمن، وإيفاد دفعات جديدة، إضافة إلى تجنيد مرتزقة من جنوب السودان خارج الدفاع.

-  من المتوقع أيضاً أن تسهم اتفاقية التعاون العسكري المشترك بين السودان واليمن في تطوير نمط العلاقات الثنائية القائم بينهما، وهو ما قد يساعد في دعم فكرة إعادة إحياء تجمع صنعاء للتعاون الذي تم تأسيسه في عام 2002 وكان يضم كل من اليمن والسودان وأثيوبيا والصومال.

-  من المتوقع ألا يقتصر التعاون العسكري بين الدولتين على مجالات التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات فقط، بل سيمتد لإرسال المزيد من القوات المسلحة السودانية إلى اليمن ونشرهم على جبهات القتال في مواجهة الميليشيات الحوثية وذلك في إطار التعاون العسكري الثنائي بين الخرطوم وصنعاء.

في ظل حالة السيولة الأمنية التي تعاني منها السودان، برزت ظاهرة تشكيل الميليشيات المسلحة في بعض الولايات السودانية، ومن ذلك ما يُطلق عليها قوات "درع السودان" التي نظمت أول عرض عسكري لها بمنطقة "الجبال الغُر" في "سهل البطانة" الواقعة في وسط السودان.

- تم تشكيل هذه القوات بقيادة "أبو عاقلة محمد أحمد كيكل" (ضابط بالمعاش ينحدر من سهل البطانة، وسط السودان، وبرز ناشطاً وعضواً بالمكتب التنفيذي لمنبر البطانة الحر – كيان شعبي يهتم بالشؤون العامة في هذه المنطقة)، ويبلغ عدد هذه القوات من 35 ألف جندي وأن العدد الكلي للمقاتلين في كافة القطاعات يزيد عن ذلك بالآلاف.

-  أعلنت قيادة قوات "درع السودان" أنهم ليسوا في حالة عداء مع اي جهة، وأنّهم أنشأوا عدة قطاعات عسكرية تشمل، قطاع كردفان الكبرى، والنيل الأبيض، وسنار، وجبل موية، والقضارف، وكسلا، وبورتسودان، والبطانة، والخرطوم، وأم درمان، وبحري، والنيل الأبيض، وهو ما يؤكد على الأعداد الكبيرة لهذه القوات.

-  تكشف عملية تأسيس هذه القوات، عن عمليات التجنيد التي تقوم بها بعض الحركات والميليشيات المسلحة في المناطق المهمشة بعيداً عن العاصمة الخرطوم، وخاصة في وسط وشرق السودان، ويعد مؤشراً هاماً على ما تتمتع به هذه الحركات من مساحة كبيرة للتحرك في ظل حالة السيولة الأمنية والسياسية داخل البلاد.

- تتمثل الدوافع الأهداف الكامنة وراء تشكيل هذه القوات في الآتي:

  • يدعي قائد هذه القوات "أبو عاقلة" أنه تم إنشاءها لحفظ الأمن وإعادة التوازن الاستراتيجي بالبلاد، في ظل اتفاقية جوبا التي ظلمت وسط وشمال وشرق السودان وكانت سبباً في قيام درع السودان.
  •  القضاء على ما تعتبره بعض الكيانات تهميشاً سياسياً واقتصادياً تعاني منه منطقة وسط السودان، حيث يدعي قائد هذه القوات أن منطقة "البطانة" غير ممثلة في كل الوحدات النظامية والمجلس السيادي والانتقالي.
  •  الضغط على السلطات الانتقالية لإلغاء مسار الوسط الذي تضمنه اتفاق جوبا النهائي للسلام الذي تم توقيعه في أكتوبر 2020، بين الحكومة الانتقالية السابقة والحركات المسلحة تحت مظلة الجبهة الثورية، حيث يدعي أهال الوسط الرافضين لاتفاق جوبا أن من وقعوا على مسار الوسط لا يمثلونهم.
  • الفشل في فتح قنوات اتصال مع الحرية والتغيير وقوى سياسية أخرى، من أجل حل مشاكل أهالي وسط وشرق السودان، وهو ما دفعهم لتشكيل هذه القوات، في ظل عدو جدوى العمل السياسي.

التوقعات:

  •  من المتوقع أن يسارع المجلس السيادي الانتقالي نحو التدخل لمنع انتشار هذه القوات على نطاق واسع، وذلك على غرار القبض على مؤسسي قوات "كيان الوطن" في شهر نوفمبر الماضي.
  •  من المتوقع أن ينتقل تأثير تشكيل هذه القوات إلى مناطق أخرى داخل السودان، ومن المؤشرات الدالة على ذلك إعلان مجلس نظارات البجا في شرق السودان اتجاههم لتشكيل قوى عسكرية لحماية حقوقهم وتنفيذ مطالبهم الخاصة بإلغاء مسار الشرق في اتفاق جوبا النهائي للسلام.
  • من المحتمل أن يؤدي ظهور هذه القوات أو الميليشيات المسلحة إلى دخولها في مواجهات مسلحة ضد القوات المسلحة النظامية.
  •  من المتوقع أن يؤثر تشكيل مثل هذه الميليشيات على الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة بالأساس في السودان، وهو ما يرجح أن تزداد هذه الأوضاع سوءاً خلال الفترة المقبلة.
  • بدأت أعمال قمة "بغداد 2"، في 20 ديسمبر في عمان، وذلك بمشاركة عدد من القادة والزعماء من دول المنطقة والعالم، من بينهم ممثلون عن الدول الخليجية، وقد عُقدت القمة الأولى في بغداد في أغسطس 2021.

التحليل:

  • تسعى القمة إلى التأكيد على دعم سيادة العراق وأمنه واستقراره، وبحث آليات مساندة العراق في عدة مجالات تتعلق بالمناخ واللاجئين والمشروعات الاقتصادية والتحديات الأمنية، كما تهدف القمة إلى وضع آليات لتعزيز الأمن الإقليمي.
  • يعد الحضور الخليجي في القمة لافتاً، حيث حضر عدد من ممثلي الدول التي سبق لها الحضور في القمة الأولى، وهي السعودية والإمارات وقطر، مضافاً إليهم ممثلي البحرين وسلطنة عمان، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي.
  • تتمثل دوافع الاهتمام الخليجي بالمشاركة في قمة بغداد 2 فيما يلي:
  1. الرغبة في التأكيد على الدعم الخليجي لأمن وسلامة العراق واستقراره، وإدانة أي اعمال عدائية من شأنها الانتقاص من السيادة العراقية.
  2. طبيعة التطورات الداخلية في العراق، وذلك من حيث تولي "محمد شياع السوداني" منصب رئاسة الوزراء في العراق، وهو محسوب على الإطار التنسيقي الذي يتمتع بعلاقات قوية مع إيران، وبالتالي فإن الدول الخليجية تحاول الحفاظ على المكاسب التي حققتها مع حكومة الكاظمي السابقة، بالإضافة إلى الأهمية التي أظهرها العراق باعتباره وسيطاً في محادثات التهدئة بين السعودية وإيران.
  3. محاولة الاستفادة من الدعم الأمريكي والأوروبي الذي يستهدف استقرار الأوضاع في العراق، في ظل الأزمات التي تعانيها أسواق الطاقة العالمية على أثر الحرب الأوكرانية، وتوجه الغرب نحو الاعتماد على موردين جدد لصادرات الهيدروكربونات، ويبرز العراق كخيار محتمل في ظل ما يتمتع به من احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي والبترول.
  4. طبيعة القضايا الإقليمية المطروحة، والتي تؤثر بشكل أو بآخر على الخليج، خاصةً الملف النووي الإيراني، والذي ترغب طهران في تحريك المباحثات بشأنه، بالإضافة إلى دعم جهود خفض التوتر في المنطقة، وكذا مسار التهدئة بين إيران والسعودية.

التوقعات:

  • من المرجح أن تستغل قطر وجود وزير الخارجية الإيراني "أمير عبد اللهيان" والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية "جوزيف بوريل" ومعاونه "انريكي مورا" الذي تولى التنسيق المباشر للمفاوضات النووية، وذلك من أجل إعادة طرح الوساطة القطرية في المفاوضات النووية بين الغرب وبين إيران.
  • من المرجح أن تعلن بعض الدول الخليجية سواء خلال القمة أو بعد انعقادها عن حزمة مساعدات مالية وخطط استثمارية في العراق بها.

 

اشارت بعض التقارير الاعلامية إلى  تراجع نفوذ رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايته "عبد الحميد الدبيبة" في مدينة مصراتة، لافتاً إلى أن الدبيبة خسر الدعم السياسي الذي كان يحظى به في هذه المدينة الحيوية التي تشكل وزن نسبي هام في معادلة المشهد الليبي.

التحليل:

-  تشكل مدينة مصراتة أهمية خاصة في مسار المتغيرات الداخلية في المشهد الليبي، وتزداد أهمتها أيضاً كونها تشكل مسقط رأس رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايته "عبد الحميد الدبيبة"، والتي لطالما شكلت الداعم الرئيس للدبيبة خلال الفترة الماضية، بالتالي فإن أي تغير في هذا الدعم ربما يشكل محدد رئيسي في ديناميكيات الملف الليبي.

-  ألمح التقرير الفرنسي إلى ان الدبيبة خسر مؤخراً الدعم السياسي الذي كان يحظى به في مدينة مصراتة، وهو ما انعكس في رفض الأطراف الفاعلة داخل المدينة الطلب الذي تقدم به الدبيبة لدعمه في مواجهة التحركات الراهنة التي يقودها رئيس مجلس النواب الليبي "عقيلة صالح" ورئيس مجلس الدولة "خالد المشري" لتشكيل حكومة جديدة تتولى إدارة المرحلة الانتقالية والتحضير للإنتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

- ووفقاً للتقرير الذي نشره موقع "أفريكا أنتلجنس"، فقد عقد الدبيبة مؤخراً اجتماعاً مع كبار الشخصيات السياسية والعسكرية بمدينة مصراتة، حيث تم تنظيم هذا اللقاء بشركة "الجيد"، والتي يديرها احد المواليين للدبيبة وهو "محمد الطاهر عيسى"، وقد كان أبرز الحاضرين في هذا اللقاء كل من عضو مجلس الدولة ورئيسها السابق "عبد الرحمن السويحلي"، وقائد مليشيا الصمود "صلاح بادي"، ورئيس حكومة الإنقاذ السابقة "خليفة الغويل".

-  لكن ألمح التقرير إلى أن الحاضرين أبلغوا الدبيبة بأنهم لن يرفضوا فكرة تشكيل حكومة جديدة، رغم أنهم أكدوا استمرار دعمهم لعبد الحميد الدبيبة.

-  وتأتي هذه التطورات في ظل حالة العزلة الداخلية المتزايدة التي بات يعاني منها الدبيبة خلال الأونة الأخيرة، لا سيما بعدما عمدت مليشيات تابعة لحكومة الدبيبة بمحاصرة مقر مجلس الدولة ومنع أعضائه من حضور الاجتماع الذي كان مقرر أن يناقش ملف المناصب السيادية وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، وهي الخطوة التي لاقت إدانة داخلية وخارجية واسعة، وقوضت كثيراً من الدعم الخارجي لحكومة الدبيبة، فضلاً عما أفرزته من زيادة درجة العزلة الداخلية التي يعاني منها الدبيبة بالفعل.

التوقعات:

-  في إطار المتغيرات السابقة التي طرأت على المشهد الليبي، يمكن ترجيح ما يلي:

‌أ-   يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الزخم بشأن إنجاز ملف المناصب السيادية، في ظل التوافقات الراهنة بين مجلسي النواب والدولة.

‌ب- لا يستبعد أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة تحركات مكثفة من قبل رئيسي مجلسي النواب والدولة بشأن تشكيل حكومة جديدة مصغرة، في ظل المعطيات الراهنة في الداخل الليبي، وربما يدعم هذا الطرح ما أشارت إليه بعض التقارير من عدم وجود ممانعة من قبل القوى الدولية الفاعلة في المشهد الليبي، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتشكيل حكومة جديدة بديلة عن حكومة الدبيبة.

‌ج-  على الرغم من استمرار الدعم التركي حتى الآن للدبيبة، إلا أن المتغيرات الراهنة في طبيعة التفاعلات الإقليمية يمكن أن تشكل محدداً حاسماً في تغيير الموقف التركي في هذا الأمر.

كشف البيان الختامي لمؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 27" (الصادر في 20 نوفمبر 2022)، أن الدول المشاركة بالقمة وافقت على إنشاء صندوق لتعويض "الخسائر والأضرار" التي تتكبدها الدول النامية جراء التغير المناخي، علماً بأن الاتحاد الأوروبي قدم مقترح مفاجئ في 17 نوفمبر 2022، يتضمن إنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار، وذكر "فرانس تيمرمانز" نائب الرئيس التنفيذي للاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد يوافق على إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، بشرط أن يتم توجيهه لدعم أكثر الفئات ضعفاً.

التحليل:

-  تُعد الموافقة على ذلك الصندوق اختراق وتحول في العمل المناخي، نظراً لأنه لسنوات كانت العديد من الدول النامية تطالب بآلية لتمويلها من الأضرار الناجمة عن التحول المناخي، وكانت تتحفظ على ذلك الأمر الدول الغنية المسئولة بشكل كبير عن التلوث البيئي، ومن جهة أخرى يُرى ان الموافقة على الالتزام بإنشاء ذلك الصندوق يأتي في إطار التعويض عن عدم الخروج بصيغة ملزمة لخفض الانبعاثات بشكل ملموس.

- يرجع عدم التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن تخفيض الانبعاثات بشكل جذري، نظراً للأوضاع الاقتصادية الراهنة، كذا الصدمات المتتالية التي أضرت سوق الطاقة العالمي، ورغبة العديد من الدول في الوفاء بالتزاماتها المستقبلية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يطرح أهمية إعادة النظر في أهداف مواجهة تحديات التحول المناخي، من ضمنها الوقت الممنوح للوصول إلي صفر انبعاثات كربونية (تعهدت العديد من الدول بتحقيقه في عام 2050) وفي نفس الوقت التوصل لصيغ توافقية بين دول العالم يتم تحضيرها من الآن لتوقيعها في مؤتمر "كوب 28" الذي سيُعقد عام 2023 بالإمارات، في محاولة للحفاظ على استمرار التضامن العالمي في احتواء التحول المناخي وتداعياته البيئية والاقتصادية والاجتماعية.

التوقعات:

- من المتوقع أن يُثار الجدل بشأن صندوق "الأضرار والخسائر" الجدل خلال الفترة المقبلة، نتيجة الاتجاه للتفاوض حول العديد من الموضوعات، على رأسها آلية عمل الصندوق، وتبعيته، وحجم المبلغ الذي سيتم ضخه فيه ليبدأ عمله، كذا ان كان ذلك المبلغ ضمن الـ100 مليار دولار سنوياً التي تم تحديدها في مؤتمر المناخ الذي عقد بكوبنهاجن عام 2015، علماً بأنه لم تلتزم الدول بتقديم ذلك المبلغ.

- وفق الشرط الأوروبي لإنشاء الصندوق، سيقتصر تعويض الأضرار للبلدان التي تعرضت او الأكثر عرضة للكوارث المناخية ولم تساهم إلا قليلاً في أزمة المناخ، منها على سبيل المثال الفيضانات المدمرة في باكستان (سبتمبر 2022)، مما يحد من فاعلية عمل ذلك الصندوق، خاصة إذا ما كانت رؤوس الأموال التي ستضخ فيه محدودة. 

اعتقلت السلطات السودانية في 15 نوفمبر 2022، مجموعة من العسكريين السابقين، بعد إعلانهم تشكيل كيان عسكري مسلح داخل العاصمة الخرطوم، وهو ما تم اعتباره دعوة صريحة للتمرد على السلطات، وتهديداً للأمن القومي للبلاد.

التحليل:

- أعلنت الاستخبارات السودانية اعتقال المتحدث الأسبق باسم الجيش في عهد الرئيس المعزول "عمر البشير"، والذي يدعى اللواء "الصوارمي خالد سعد" (تمت إحالته للتقاعد في 2019 بعد فترة قصيرة قضاها منتدباً لقوات الدعم السريع التي يقودها الجنرال حميدتي") وضباط متقاعدين محسوبون على التيار الإسلامي، وذلك بعد إعلانهم تشكيل كيان عسكري مسلح أطلقوا عليه اسم "قوات كيان الوطن".

-  أعلن قادة تنظيم "قوات كيان الوطن" أن الهدف من هذا التنظيم العسكري ذو أهداف اقتصادية واجتماعية يعمل على إقرار الحقوق وإرساء قيم العدالة الاجتماعية، ويعمل لتحقيق نحو 28 هدفاً من بينها إلغاء اتفاقية جوبا للسلام الذي وقعته الحكومة الانتقالية عام 2020 مع مجموعة من الفصائل التي قادت تمردا في إقليم دارفور (غربي البلاد) والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وحماية مصالح أهالي وسط السودان وشماله.

  تأسست فكرة هذا التنظيم المسلح على إيجاد توازن عسكري في شمال البلاد ووسطها ومناطق كردفان، باعتبار أن أقاليم أخرى لديها حركات مسلحة بدعوى حماية نفسها أو استعادة حقها الضائع، حيث أكد "الصوارمي" في المؤتمر الصحفي الذي عقد لإعلان تأسيس التنظيم، على ضرورة أن يكون للتنظيم الجديد جنود ومقاتلون حتى لا يعبث الآخرون بحقوقهم.

-  تزامن الإعلان عن هذا التشكيل العسكري مع التحذيرات التي أطلقها الفريق أول ركن "عبد الفتاح البرهان" قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، محذراً فيها الإسلاميين وأنصار النظام السابق من التدخل في شئون المؤسسة العسكرية، وتأكيده على وحدة المنظومة الأمنية وحرصها على حماية البلاد، مهدداً باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لصد هذه المحاولات.

-  رغم إلقاء القبض على قادة هذا التنظيم، إلا أنه يعد مؤشراً هاماً على التحركات التي يقوم بها أنصار النظام السابق من قيادات حزب المؤتمر الوطني المنحل والحركة الإسلامية بغرض العودة للمشهد السياسي الحالي، وذلك عبر إعادة إحياء التنظيمات الأمنية التي ظهرت في عهد "البشير"، مستغلين انشغال السلطات الانتقالية بالصراع على السلطة.

التوقعات:

- من المتوقع أن تتخذ المؤسسة العسكرية المزيد من الإجراءات الأمنية المشددة لمنع ظهور كيانات عسكرية موازية على غرار كتائب "طلائع البشير" وقوات الدفاع الشعبي التي تم تشكيلها في عهد البشير.

- من المتوقع أيضاً أن يؤثر الإعلان عن تشكيل هذا التنظيم، سلباً على محاولات الإسلاميين وحزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقاً) للعودة للسلطة، في ظل ارتباط هذا الأمر بمحاولات زعزعة الأمن القومي للبلاد.

 من المرجح أن تسعى القوى السياسية المدنية لتوظيف هذا الأمر للتأكيد على مطالبها بضرورة انسحاب المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية وتسليم السلطة للمدنيين وتمكينهم من تشكيل حكومة وحدة وطنية.

اعلنت الحكومة التركية القبض على الشخص المتهم بالوقوف خلف التفجير الذي وقع بميدان تقسيم في 13/11/2022 وادى إلى مقتل ستة اشخاص واصابة ما يقرب من ثمانين اخرين، بالاضافة إلى توقيف ما يقرب خمسين شخصاً اخرين،  يأتي ذلك في الوقت الذي اتهم فيه وزير الداخلية التركي حزب العمال الكردستاني بالوقوف خلف الحادث.

التحليل:

-  جاء اختيار ميدان تقسيم لتنفيذ التفجير لما يحمله الميدان من رمزية على اصعدة مختلفة يمكن تفصيلها في الاتي:

  •  اهمية اقتصادية: حيث يعد الميدان احدى اهم الوجهات السياحية في تركيا، ويحتوى على عدد من المراكز التجارية الشهيرة بتركيا، وعادة ما يكون مزدحما بالسياح خصوصاً في التوقيت الذي وقع فيه الانفجار (الرابعة عصراً).
  •  رمزية سياسية: وذلك لما شهده الميدان سابقاً من احداث احتجاج ضد الحكومة التركية ابرزها مظاهرات عام 2013.
  • اهمية ديبلوماسية: وذلك لوجود عدد من قنصليات الدول الغربية بمحيط الميدان

-   يحمل التفجير عدداً من المخاطر للحكومة التركية على المستويين السياسي والاقتصادي كما يلي:

  • ارتفاع احتمالات تأثر القطاع السياحي التركي بالحادث، حيث كانت تركيا تعول على جذب عدد اكبر من السياح الاوربيين في فصل الشتاء، وذلك في ظل ازمة اقتصادية تركية خانقة يسعى الحزب الحاكم للخروج منها بشتى الطرق.
  •  ارتفاع احتمالات تفجر مواجهات عسكرية واسعة النطاق مع الاكراد، خصوصاً في ظل سعي الحكومة التركية منذ شهور لانشاء منطقة امنة داخل الاراضي السورية على حساب المناطق الموجودة تحت السيطرة الكردية، وذلك في ضوء تحميل الحكومة لحزب العمال الكردستاني مسئولية الهجوم.
  •   زيادة حالة الاحتقان السياسي بشكل عام، وبين القوميين والاكراد بصفة خاصة، وهو ما يمثل خطراً مجتمعياً تركياً على المديين المتوسط والبعيد.

التوقعات:

-   في اطار ما سبق يمكن ترجيح الاتي:

  •  محاولة جميع الاطراف التركية استغلال الحادث لصالحها، حيث ستسعى الحكومة التركية إلى تجييش المشاعر القومية، وتوجيها لصالحها خصوصاً مع اقتراب مواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بالاضافة إلى اتهام حاكم اسطنبول (المعارض) بالتقصير في مهامه، في حين ستحاول المعارضة تحميل الحكومة مسئولية الحادث والاشارة إلى فشل سياساتها الخارجية والأمنية.
  •  محاولة الحكومة التركية استغلال الحادث لتبرير عملية عسكرية جديدة ضد الاكراد في سوريا، حيث أن اعلان الداخلية التركية أن من قام بالتفجير تلقى تعليماته من "كوباني" ومر ب "عفرين" يأتي تمهيداً لاستغلال الحدث لقيام تركيا بالعملية العسكرية التي تحاول تمريرها اقليمياً ودولياً منذ شهور.
  •  سيكون من الصعب على تحالف المعارضة التركية السداسي التواصل أو التنسيق مع حزب الشعوب الديمقراطية الكردي، حيث يرفع تحميل الحكومة للاكراد مسئولية الحادث من التكلفة السياسية لأي تنسيق بين التحالف والاكراد. 
  •  أن تشهد الايأم القادمة حملات امنية موسعة ضد الكيانات الكردية المختلفة وعلى رأسها حزب الشعوب الديمقراطية الكردي، يشمل ذلك اعتقال مزيد من قيادات الحزب والتضييق على وسائل اعلامه

أعلن البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، وبنك الاستثمار الأوروبي، والاتحاد من أجل المتوسط ​​ في 8 نوفمبر 2022 (في مؤتمر "كوب 27")، إنشاء شراكة لدول البحر الأبيض المتوسط، تهدف إلى دعم تطوير اقتصاد أزرق مستدام في دول الجوار للاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

التحليل:

- تستهدف الشراكة الجديدة توفير التمويل اللازم لتطوير ودعم الاقتصاد الأزرق بدول جنوب البحر المتوسط، في مواجهة التحديات البيئية التي يشهدها، وذلك عبر إدماج الاقتصاد الأزرق بشكل كامل في المشروعات الخضراء، وبالتالي تم إطلاق تلك الشراكة في مؤتمر "كوب 27"، بعدما شهدت السنوات الاخيرة تلوث البحر المتوسط بشكل متزايد، حيث يتلوث بحوالي 730 طناً من النفايات البلاستيكية كل يوم (وفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة).

- توفر الشراكة الجديدة في مجال الاقتصاد الأزرق تواجد أوروبي متزايد في حوض البحر المتوسط، خاصة شرقه الذي يحتوي على احتياطات كبيرة من مصادر الطاقة الأحفورية، كما ان مشاريع الطاقة الخضراء المتوقع إقامتها في شمال افريقيا ستسهم في دعم توفير إمدادات مستدامة من الطاقة للدول الأوروبية، بما يتطلب وجود بيئة صالحة للحياة وظروف إنتاج داعمة في المناطق الساحلية لضمان توليد الطاقة ونقلها لشمال المتوسط.

- يستهدف الاقتصاد الأزرق توفيـــر عوائد اجتماعية واقتصادية للأجيال الحاليـــة والمستقبليـــة، مــــن خــلال المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، والقضاء على الفقر، وتوفير فرص العمل، وهو ما قد يسهم في تعزيز الاستقرار في جنوب المتوسط، لاسيما في المناطق الساحلية، وبالتبعية يساعد ذلك على تقوّيض حركة الهجرة غير الشرعية التي تزايدت في الفترة الأخيرة بسبب التوترات الأمنية والسياسية في بعض الدول، كذا موجة الجفاف التي ضربت العديد من المناطق وهددت حياة السكان بها.

التوقعات:

- إن إنجاح شراكة الاقتصاد الأزرق يقوم بشكل رئيسي على توفير التمويل اللازم من الدول الأوروبية والمؤسسات المانحة لدول جنوب البحر المتوسط، كذا نقل التقنية اللازمة لإعادة تدوير بعض المنتجات بدلاً من التخلص منها بشكل يلوث البيئة، وفي هذا السياق يمكن للدول الأوروبية المانحة الاستفادة من رؤوس الأموال التي ستضخها من خلال تواجد لشركاتها في بعض الأنشطة الداعمة للاقتصاد الأزرق، والتي تولد أرباح، لاسيما في مجالات استخراج المواد الخام من البحار، وأنشطة التعدين، والسياحة البحرية، وأنشطة صيد الأسماك والكائنات البحرية.

- أن ايجاد شراكة بين دول شمال وجنوب البحر المتوسط يوفر فرصة هامة لخلق تكتل اقتصادي جديد، وذلك في ضوء اتجاه الدول الأوروبية لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة من دول الشرق الأوسط وشمال افريقياً تحديداً، الأمر الذي يتطلب في المقابل تنسيق وتعاون بين دول جنوب المتوسط لتعظيم الاستفادة من الشراكة الجديدة بشكل لا يسفر عن تضارب في المصالح، وتجنب المنافسة الضارة التي قد تؤثر على العائدات الاقتصادية والبيئية المتوقعة مستقبلاً، في حالة العمل وتفعيل الشراكة الجديدة المشار إليها.

تنطلق انتخابات التجديد النصفى في الولايات المتحدة الأمريكية، وسط ترقب محلى وعالمي لنتائج الانتخابات التى تعد مؤشرا لانتخابات الرئاسة 2024، وان كان من بين آخر 19 انتخابات تجديد نصفية خسر حزب الرئيس 17 مرة. وبالتالى من المتوقع فوز الجمهوريين بأغلبية مجلس النواب كما تؤكد ذلك استطلاعات الرأي أيضا. وأظهر استطلاع الرأي الذي أجرته رويترز-إبسوس تراجع شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن إلى 39 بالمئة، مما يعزز توقعات المراقبين المستقلين لانتخابات التجديد النصفي أن الحزب الديمقراطي سيفقد أغلبيته اليوم الثلاثاء. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول تأثير هذا التغيير في الحكومة الأمريكية على سياسة الولايات المتحدة الامريكية تجاه مناطق النفوذ الامريكية في العالم.

 

  • التحليل:

تشير المؤشرات، سواء كانت استطلاعات الرأي أو التجربة التاريخية، أن الديمقراطيين سيفقدون على الأقل أغلبيتهم في مجلس النواب. مع الانقسام بنسبة 50-50 في مجلس الشيوخ.

تتسم الحكومة الأمريكية المنقسمة  عادة في النصف الثاني من ولاية معظم الرؤساء الأمريكيين بمناخ من الفوضى. ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن نهاية دورة المدة النصفية تمثل البداية غير الرسمية لدورة الانتخابات الرئاسية لعام 2024. وتشير معظم التقديرات أن الرئيس السابق دونالد ترامب سيسعى إلى فترة ولاية أخرى. كما أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الرئيس بايدن سيسعى لإعادة انتخابه أم لا، وما إذا كانت نائبة الرئيس كامالا هاريس هي المرشح الديمقراطي الأوفر حظا إذا اختار بايدن عدم الترشح.

فيما يتعلق بالطريقة التي ستؤثر بها نتائج الانتخابات النصفية على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فرغم التشابه بين مواقف الديمقراطيين والجمهوريين، فإن هناك أيضًا عدد من السياسات التي سيعارض فيها الجمهوريون سياسة الإدارة الأمريكية الحالية .

احدى جوانب السياسة الخارجية الأمريكية التي لن تغيرها حتى الحكومة المنقسمة هو الإنفاق الدفاعي. إن الديمقراطيين والجمهوريين متفقين إلى حد كبير على وجوب الحفاظ على ميزانية عسكرية كبيرة بل وزيادتها، وتقديم المساعدة العسكرية لحلفاء واشنطن في الخارج. قد تكون تفاصيل وسياسات طرق الانفاق نفسها هي محل النقاش. علاوة على ذلك، فمن المرجح أن تتوقف المقترحات الديمقراطية لإعادة توجيه إمدادات الدفاع السعودية إلى أوكرانيا، خاصة لو كان لجناح ترامب نصيبا كبيرا في هذه الانتخابات وهو الجناح الذي يعارض علنًا دعم كييف في حربها ضد روسيا.

قضايا الداخل:

  • التضخم:

يعد ارتفاع الأسعار هو الشاغل الأول للناخبين في انتخابات التجديد النصفي لهذا العام ، حيث تجاوز الإجهاض والجريمة وغيرها من القضايا الساخنة. المعتاده

تشير الاستطلاعات أن واحدا من كل ثلاثة ناخبين يشيرون إلى أن التضخم يعتبر الأولوية الأكثر إلحاحًا ، وفقًا للاستطلاعات أيضا جاء  "الحفاظ على الديمقراطية" في المرتبة الثانية. كما تشير الاستطلاعات أن الناخب الأمريكي يرى الجمهوريين أكثر قدرة من الديمقراطيين على معالجة التضخم بهامش واسع. تأتي الانتخابات في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار المستهلكين بأسرع وتيرة منذ أربعة عقود.  

لم يكن التضخم مصدر قلق كبير عندما تولى الرئيس بايدن منصبه لأول مرةعلى الرغم من أن الوباء تسبب في زيادات منفصلة في الأسعار لأشياء مثل الخشب - إلا أن التكلفة الإجمالية للمعيشة كانت ترتفع بأقل من 2٪ سنويًا. ومع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19 ، فقد الاقتصاد الأمريكي 115 ألف وظيفة في الشهر السابق لأداء بايدن اليمين.

أقر الديمقراطيون في الكونجرس مشروع قانون للإغاثة الاقتصادية العاجلة بقيمة 1.9 تريليون دولار ، والذي تضمن مدفوعات مباشرة قدرها 1400 دولار لمعظم البالغين ، إلى جانب إعانات بطالة موسعة وائتمان ضريبي جديد للأطفال.

نجح هذا القانون كحافز اقتصادي فقد أضاف بايدن أكثر من 10 ملايين وظيفة منذ أن تولى منصبه. لكن الجمهوريين يلومون خطة الإغاثة هذه و التى تم إقرارها بدون دعم من الحزب الجمهوري - في تأجيج الأسعار  وزيادة التضخم.

  • الإجهاض:

كان الإجهاض في الولايات المتحدة متاحا بفضل ما يسمى "قضية رو ضد وايد" منذ عام 1973، والذي كان مفروضا بموجبه السماح بالإجهاض قانون فيدراليا على الولايات أن تلتزم به. ولكن في يونيو 2022 ألغت المحكمة العليا هذا الحكم على المستوى الفيدرالي ليصبح لكل ولاية الحق في تقرير قانونها الخاص في هذا الشأن. فعادت مثلا ولاية ويسكونسن إلى قانون 1949 الذي يحظر الإجهاض.

وبالتالى فإن قضية الإجهاض دورا محوريا في الانتخابات النصفية، حيث يستغل الديمقراطيون هذه القضية من أجل تعبئة الناخبين لصالحهم وخصوصا من النساء وقد أشارات الاستطلاعات بالفعل أن نسبة النساء التى ستقوم بالتصويت في الانتخابات النصفية أعلى من الرجال بمقدار 17%. وبطبيعة الحال فإن الولايات الأمريكية التى يسيطر فيها الحزب الديمقراطي ستتجه إلى السماح بالإجهاض و عدم فرض قيود عليه.

  • الضرائب:

 يخطط  الجمهوريون إذا ما نجحوا في السيطرة على الكونجرس لإجبار الرئيس جو بايدن على التوقيع على تشريع جمهوري لجعل التخفيضات الضريبية لعام 2017 دائمة أو الاعتراض عليها وعرقلتها وبالتالى وصمه أمام الناخب الأمريكي بأنه الرئيس الذي فرض زيادات ضريبية على الطبقة المتوسطة الأمريكية.

إن الفوز بأغلبية  مجلس النواب تعني التحكم في الأجندة التشريعية للولايات المتحدة، كما تعني الأغلبية الضئيلة في مجلس الشيوخ أن بإمكان الجمهوريين وضع تشريعات ضريبية جديدة على مكتب بايدن. وقد صرح بايدن بالفعل إنه سيستخدم حق الفيتو لعرقلة الإجراءات التى يتخذها الجمهوريون ضد رغبته.

قضايا الخارج:

  • البترول

من المرجح أن يؤدي قرار منظمة أوبك+ لخفض الانتاج -لاعتبارات اقتصادية- إلى التأثير إيجابيا على موقف الجمهوريين وسلبا على موقف الديمقراطيين نظرا لأثر ارتفاع أسعار المواد البترولية على المواطن الأمريكي.

هذا التطور جزء من مشكلة أكبر يواجهها الرئيس بايدن ، حيث أن الرئيس بايدن في بداية فترة قام باستعداء السعودية وتجاهل المنطقة. ولكن ليس من المتوقع أن يؤدي فوز الجمهوريين إلى تغيير سياسة الولايات المتحدة النفطية بل من المرجح إذا ما استمرت أزمة النفط إلى قيام الجمهوريون بدعم مشروع القانون المقترح المسمى "نوبك" ، والذي كان السناتور الجمهوري تشاك جراسلي يدفع به خلال جلسات الكونجرس القليلة الماضية.

  • دعم إسرائيل

يشترك كلا الحزبين الأمريكيين أيضًا في دعم أمن إسرائيل اتفاقات أبراهام الأخيرة التي تم إبرامها قرب نهاية ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب. وبغض النظر عما تحاول إدارة بايدن القيام به لدمج إسرائيل مع جيرانها في الشرق الأوسط، هناك مجال واحد يمكن أن يعارض فيه الكونجرس الذي وهو قضية فلسطين. فمع السيطرة على المخصصات والسلطات الإنفاقية الأخرى، من المتوقع أن يقوم المشرعون الجمهوريون بإلقاء حواجز على الطرق عند كل منعطف إذا سعى الرئيس بايدن إلى مساعدة الفلسطينيين بشكل أكبر. قد يُسمح ببعض المساعدات - وإن كان ذلك بشروط - لكن أغلبية الحزب الجمهوري ستحاول إعاقة أي تحركات يُنظر إليها على أنها في صالح الجانب الفلسطيني ما لم تكن مرتبطة في الأساس بمصلحة إسرائيل.

  • إيران

تخلت الإدارة الديمقراطية عن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، بالإضافة إلى أن الحزب الجمهوري طالما عارض الاتفاق النووى مع إيران. وبالإضافة إلى ذلك فإن حركة الاحتجاج في إيران ، والمزاعم حول إرسال إيران طائرات بدون طيار للمساعدة في حرب روسيا في أوكرانيا تجعل العودة إلى الاتفاق أقل احتمالًا.

  • الخليج:

يتفهم الحزبان الديمقراطي والجمهوري الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للعلاقات مع السعودية والإمارات وجيرانهما ، لكنهما مستاءان من قرار أوبك + الأخير لتعزيز إنتاج النفط وكذلك استمرار العلاقات الجيدة بين دول الخليج وروسيا، بينما ترى واشنطن أن الرئيس الروسي بوتين هو الخصم الجديد للغرب. كما ستثير استضافة الرئيس الصيني شي جين بينغ في ثلاث قمم مقبلة السعودية قلق في واشنطن على العلاقات الأمريكية السعودية العميقة والاستراتيجية، والانتخابات النصفية لن تخفف من وطأة ما يجرى من تطورات.

 

Pages