ذكر المستشار الألماني "أولاف شولتس" (في حديث تلفزيوني عُرض يوم 17 سبتمبر 2022)، أنه سيتعين على ألمانيا الاستعداد لوقف روسيا لواردات النفط بعد وقف الغاز، لافتاً إلى أن بلاده تستعد الآن لإمكانية تطور وضع صعب مماثل لوقف الغاز، وذلك بالنسبة لمصفاتي النفط في شرق ألمانيا المرتبطتين بخط أنابيب "دروجبا" (خط أنابيب ينقل النفط الروسي لدول أوروبية منها ألمانيا).
التحليل:
- يأتي تنبيه المستشار الألماني "شولتس" بعد وضع الحكومة الألمانية شركتين ألمانيتين تابعتين لشركة النفط الروسية "روسنفت" تحت الوصاية لمدة 6 أشهر اعتباراً من يوم 15 سبتمبر 2022، في محاولة لتأمين مصادر الطاقة في المانيا، ويُشار إلى أن وزارة الاقتصاد الألمانية قد أفادت أن فروع "روس نفط" في ألمانيا تمثل 12% من القدرات الوطنية لتكرير النفط في ألمانيا.
- جاءت خطوة المصادرة رداُ على قيام موسكو بوقف امدادات الغاز عبر خط أنبوب "نورد ستريم" الذي يمد أوروبا والمانيا بالغاز، إضافة إلي تقليص حدة الانتقادات الموجهة لبرلين بسبب شرائها نفط خام من روسيا يساعد في تمويل حربها ضد أوكرانيا، بينما أن حجم الدعم الألماني المقدم لأوكرانيا أقل بكثير من قيمة شراء النفط من روسيا، ويدلل على ذلك أن حجم المساعدات الالمانية المقدمة لأوكرانيا منذ بدء الحرب، سواء مالية او إنسانية أو عسكرية، بلغت نحو 3.1 مليار يورو حتى أغسطس 2022 (وفق معهد "كايل" الألماني)، بينما بلغ حجم واردات المانيا من الوقود الأحفوري الروسي في أول 6 أشهر بعد الحرب نحو 19 مليار يورو (وفق مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف).
- يمهد "شولتس" لاحتمالية قيام موسكو بخفض أو حتى وقف إمدادات النفط لألمانيا عبر خط "دروجبا" كرد فعل لتلك المصادرة، أو حتى اتخاذ إجراءات أخرى تقوم بمقتضاها بعرقلة صادراتها من النفط ومنتجاته لبرلين، وذلك في ضوء أن روسيا هي المورد الأول للنفط الخام لألمانيا (وفق بيانات 2020)، حيث تمدها بنحو 32% من اجمالي ورادتها منها، وذلك بما قيمته 5.5 مليار يورو من اجمالي واردات نفط خام بلغت 17 مليار دولار في 2020.
التوقعات:
- بالرغم من الضغوط الروسية المحتملة على ألمانيا، إلا أنه لا يتوقع أن يثني ذلك برلين عن توجهها للاستغناء عن استيراد النفط الروسي بالكامل بحلول نهاية العام الجاري، وتقليص وارداتها من مصادر الطاقة الأحفورية عامة تماشياً مع توجهات الاتحاد الأوروبي، ويُذكر في هذا الصدد أن برلين صادرت في ابريل 2022 الفرع الألماني لـ"غازبروم"، لضمان إمدادات الغاز، بما يعكس مدى جدية السلطات الألمانية في الضغط على موسكو بكافة السبل الممكنة، وتنفيذ مخططها لتقليص الاعتماد على المنتجات الروسية سواء من الطاقة أو غيرها.
- من المرجح أن خطوة قيام الحكومة الالمانية بمصادرة شركتين تابعتين لشركة "روسنفط" الروسية لمدة 6 أشهر، قد يتبعها ردود فعل روسية تستهدف خفض حجم صادرات موسكو النفطية لألمانيا، وقد يصاحب ذلك أيضاً تقليص حجم الاستيراد من المانيا، والذي بلغ نحو 27 مليار يورو في 2021 (وفق مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني)، بما يعني أن الفترة المقبلة فد تشهد تراجعاً ملموساً في حجم التبادل التجاري بين البلدين، وهو ما سيضر بالاقتصاد الروسي الذي تسعى موسكو لتعزيزه في مواجهة الحصار الغربي.
صرح العميد "الطاهر أبو هاجة" المستشار الإعلامي لقائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق "عبد الفتاح البرهان"، في 17 سبتمبر الجاري، بأن الجيش لن يقوم بتسليم السلطة للقوى السياسية المدنية إلا بعد أن يتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة لا تخضع للمحاصصة السياسية ومتوافق عليها من قبل كل السودانيين، أو لحكومة منتخبة.
التحليل:
- تأتي تلك التصريحات بعد تصريحات الفريق "البرهان" التي أطلقها قبل ثلاثة أيام والتي دعا فيها القوى السياسية لضرورة التوافق فيما بينها وتشكيل حكومة مدنية وصولاً للانتخابات.
- جاءت تصريحات "أبوهاجة" عقب إعلان الجنرال "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع، في 16 سبتمبر الجاري، اتفاقه مع الفريق "البرهان" بشأن تسليم السلطة للمدنيين، وأن تتولى القوى السياسية تشكيل حكومة كاملة من المدنيين لاستكمال ما تبقى من الفترة الإنتقالية، كما تم الاتفاق على التزام الجيش بالخروج من السلطة وترك أمر الحكم للمدنيين، وبالتالي أراد الجيش توضيح الشروط اللازم تحققها أولاً قبل تنفيذه لوعوده في هذا الشأن، وأنه لن يتنازل عن هذه الشروط.
- تزامنت تصريحات مسئولي الجيش، مع تعثر محاولات القوى السياسية المدنية في التوصل لتوافق سياسي شامل يؤدي إلى تقديم رؤية سياسية تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية لإخراج البلاد من أزمتها السياسية الممتدة منذ إجراءات 25 أكتوبر 2021.
- تطالب بعض القوى السياسية الأخرى وعلى رأسها "قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي" بتسليم السلطة إلى القوى السياسية المدنية وتشكيل حكومة مدنية وإبعاد الجيش عن السلطة بشكل كامل، في اطار رفض الشراكة مع المكون العسكري في السلطة مرى أخرى، وخاصة بعد إجراءات 25 أكتوبر الماضي التي أدت إلى فقدان الثقة في المؤسسة العسكرية كشريك رئيسي في الحكم.
التوقعات:
- من المتوقع أن يظل المكون العسكري على رأس السلطة الانتقالية؛ بسبب استمرار غياب التوافق بين القوى السياسية المدنية وتباين مواقفها بشأن تشكيل حكومة كفاءات وطنية، ومن ثم استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي في السودان.
- من المتوقع استمرار الجهود الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في اطار الرباعية الدولية (الولايات المتحدة – بريطانيا – السعودية – الإمارات) وبالتنسيق مع الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة – الاتحاد الأفريقي – الايجاد) في محاولة لحث أطراف الأزمة السياسية نحو التوصل لحل توافقي وإنهاء الأزمة الراهنة.
هاجمت الطائرات الإثيوبية بدون طيار عاصمة إقليم تيجراي ميكيلي في 14 سبتمبر الجاري (2022) والتي جاءت بعد يومين من إعلان جبهة تحرير تيجراي استعدادها للدخول في محادثات للسلام مع الحكومة الفيدرالية؛ مما أسفر عن مقتل أكثر من 10 أشخاص. وهو ثالث قصف جوي يتعرض له الإقليم منذ اندلاع القتال في شمال إثيوبيا في 24 أغسطس 2022.
التحليل:
يمكن تفسير هجوم طائرات الحكومة الاثيوبية على "ميكيلي" ، رغم مبادرة جبهة تحرير تيجراي، وفقاً للآتي
- سعي الحكومة الإثيوبي إلى تحقيق عدة اهداف ميدانية أهمها تعطيل قنوات التواصل والاتصال بين حكومة إقليم تيجراي وشعب تيجراي، بهدف تعزيز حالة الحصار للإقليم، وذلك عبر استهداف الطائرات بدون طيار محطة ديميتسي ويان التليفزيونية التي توقف بثها.
- اصرار آبي احمد على الوصول إلى أفضل وضعي ميداني ممكن قبل الشروع في الدخول في مفاوضات جديدة مع الاقليم، وهو ما يجعله يماطل في الاستجابة لمبادرة جبهة تحرير تيجراي بخصوص البدء في مفاوضات السلام
- طمأنة رئيس الوزراء آبي أحمد لحلفائه في الداخل والخارج (اريتريا) بشأن استمرار موقفه تجاه جبهة تحرير تيجراي التي تعتبر عدوًا تاريخيًّا لكل من أمهرة والنظام الإريتري بزعامة الرئيس أسياس أفورقي.
- إبراز التفوق العسكري للقوات الإثيوبية على قوات دفاع تيجراي، لا سيما بعدما أشارت بعض التقارير إلى تحقيق الأخيرة انتصارات قوية منذ اندلاع القتال في 24 أغسطس الماضي.
التوقعات:
يمكن الإشارة إلى أبرز التداعيات المحتملة لهذه الخطوة على النحو التالي:
- من المرجح إعلان جبهة تحرير تيجراي سحب المبادرة، والاستمرار في القتال ضد القوات الإثيوبية، وتطوير استراتيجتها العسكرية لتعزيز موقف قوات دفاع تيجراي في المشهد العملياتي بشمال إثيوبيا.
- ممارسة القوى الدولية الفاعلة لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية المزيد من الضغوط على طرفي الصراع لوقف القتال والدخول في مفاوضات جادة لتسوية الصراع في إثيوبيا.
أعلن نائب رئيس مصلحة الجمارك الفدرالية الروسية "فلاديمير إيفين" أن الولايات المتحدة خرجت من قائمة أكبر 10 شركاء تجاريين لروسيا، وانخفضت التجارة بينها وبين روسيا بنحو 65%، لافتاً إلى انه في المقابل دخلت الهند في تلك القائمة.
التحليل:
تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية كل أدواتها للضغط على روسيا، بما في ذلك التجارة البينية، حيث تضع الولايات المتحدة اعتبارات استراتيجية فوق مصلحتها التجارية شبه المحدودة مع روسيا، في ضوء ان موسكو الشريك التجاري رقم 26 للولايات المتحدة (وفق بيانات 2019)، وذلك على عكس العلاقة التجارية بين الصين والولايات المتحدة، والتي سعت واشنطن مؤخراً للتوافق بشأنها حتى لا يتضرر الاقتصاد الأمريكي، وهو ما دللت عليه المحادثات التي تمت بين وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين"، مع نائب رئيس الوزراء الصيني "ليو هي" بشأن التجارة (في 5 يوليو 2022).
نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في خفض حجم التجارة مع روسيا بشكل ملموس خلال النصف الأول من عام 2022، وذلك في إطار العقوبات التي تفرضها عليها، والحظر على بعض الواردات التي يأتي على رأسها النفط، في محاولة لإلحاق الضرر بالاقتصاد الروسي، حيث انخفض حجم الواردات السلعية التي تستوردها الولايات المتحدة من روسيا بنحو 81% خلال الفترة فبراير/ يوليو 2022، وصاحب ذلك تراجع في حجم الصادرات السلعية الأمريكية لروسيا خلال نفس الفترة بنحو 83% (وفق بيانات مكتب التعداد الأمريكي)، وجدير بالذكر ان حجم واردات الولايات المتحدة من روسيا في أول 7 أشهر من 2022 بلغت نحو 11.6 مليار دولار، بينما سجلت نفس الفترة في 2021 نحو 18 مليار دولار، أي حققت نسبة تراجع 35%.
التوقعات:
أن خروج الولايات المتحدة من قائمة أكبر 10 شركاء تجاريين لروسيا، لا يعبر عن خروج معنوي فحسب، بل هو خسارة للاقتصاد الروسي، لأن الولايات المتحدة كانت سادس أكبر وجهة لاستقبال الصادرات الروسية في 2021، وكانت صادرات روسيا لأمريكا تشكل نحو 5% من اجمالي صادراتها للخارج (وفق بيانات worldstopexports)، حيث بلغت حجم صادرات روسيا السلعية للولايات المتحدة في 2021 نحو 30 مليار دولار، وبالتالي بمعدل انخفاض 81% قد تخسر موسكو في عام 2022 نحو 24 مليار دولار من الولايات المتحدة فقط، وبما يمثل نحو 4.5% من اجمالي عائداتها من الصادرات، بما يدفع موسكو لزيادة تحركاتها الفترة المقبلة لفتح أسواق جديدة لمنتجاتها التي حُظرت من دخول الأسواق الأمريكية.
أصدرت لجنة أمن ولاية غرب كردفان قراراً في 12 سبتمبر 2022، بحظر التجوال في الولاية اعتباراً من الساعة الخامسة وحتي السادسة صباحاً، وذلك لمواجهة أعمال العنف القبلي المتصاعدة هناك.
التحليل:
- جاء قرار حظر التجوال ضمن مجموعة من الإجراءات التي سارعت السلطات المحلية في ولاية غرب كردفان لاتخاذها لفرض الأمن بالولاية، وكان من أهمها انعقاد لجنة الأمن بالولاية، وإرسال تعزيزات عسكرية، ومنع التجمعات داخل مدينة "أبوزيد" التي شهدت الاشتباكات المسلحة بين المكونات القبلية القاطنة هناك.
- تتمثل الأسباب الرئيسية في اندلاع الاشتباكات المسلحة بين قبيلتي "الحمر" و"المسيرية" في منطقة "أبو زيد بالولاية"، والتي أسفرت عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 13 آخرين، في الآتي:
التوقعات:
- من المرجح أن تتجدد الاشتباكات القبلية في ولاية غرب كردفان مرة أخرى في ظل عدم قدرة السلطات الانتقالية على وضع حلول جذرية لأسباب الصراعات القبلية والعرقية في كافة أنحاء السودان بما فيها غرب كردفان، وانشغال السلطات بالصراع على السلطة الانتقالية.
- من المتوقع أن يؤدي التأخر في حل الأسباب الجذرية للخلاف في غرب كردفان، إلى امتداد مظاهر الاشتباكات القبلية المسلحة إلى ولايات شمال وجنوب كردفان، في ظل غلبة الانتماءات والولاءات القبلية على الولاء للدولة غير القادرة على تحقيق التعايش السلمي بين المكونات القبلية في هذه الولايات.
طرحت لجنة تسيير نقابة المحامين، في 12 سبتمبر 2022، مشروع "الدستور الانتقالي لسنة 2022"، وقامت بعرضه على القوى السياسية والمدنية بما فيها الحزب الشيوعي والحركة الشعبية ــ شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة تحرير السودان برئاسة عبدالواحد نور، للتشاور حول مشروع الدستور وتحقيق إجماع وطني حوله، كما سلمت نسخة منه إلى الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة - الاتحاد الأفريقي -منظمة الإيجاد)، بغرض الحصول على تأييد دولي لهذا المشروع. تم صياغة مشروع الدستور الانتقالي لسنة 2022 بناءاً على توصيات ورشة عمل نظمتها اللجنة في شهر أغسطس الماضي، بمشاركة بعض المكونات السودانية وممثلي السفارات الأجنبية في الخرطوم.
يتضمن مشروع الدستور الانتقالي مسودة أولية لدستور يغطي كافة الجوانب السياسية والاقتصادية الأمنية والاجتماعية خلال الفترة الانتقالية، وأهم ما يميزه ما يلي:
التحليل:
هناك بعض الفرص المتاحة التي يمكن أن تسهم في إنجاح هذا المشروع ودفع القوى السياسية المدنية للتوقيع عليه، ومن أهمها ما يلي:
- اختلاف مشروع الدستور الذي طرحته لجنة تسيير نقابة المحامين عن المبادرات الوطنية الأخرى مثل مبادرة نداء السودان للتوافق الوطني ومبادرة الجبهة الثورية ومبادرة قوى الحرية والتغيير- مجموعة التوافق، وكذا مبادرة حزبي الأمة القومي والاتحادي الأصلي، في كونه مشروعاً متكاملاً لإدارة كافة شئون البلاد وتنظيمها خلال الفترة الانتقالية وحتى إجراء انتخابات عامة وتشكيل حكومة جديدة.
- تأكيد مشروع الدستور على تولي قيادة سياسية مدنية إدارة شئون الدولة خلال الفترة الانتقالية، وهو ما يساعد على إعادة دمج السودان في المجتمع الدولي مرة أخرى والذي يشترط تسليم السلطة للقوى السياسية المدنية لإعادة تقديم مساعداتها وخاصة الاقتصادية منها.
- مشاركة عدد من القوى السياسية المدنية (المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، ومجموعة التوافق المنشقة عن قوى الحرية والتغيير- أحزاب الاتحادي الأصلي والمؤتمر الشعبي – الوطني الاتحادي...) والحركات المسلحة ( حركة تحرير السودان قيادة مني اركو مناوي- حركة العدل والمساواة - الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال - تجمع قوى تحرير السودان - حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي...) الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في ورشة العمل الخاصة بالترتيب لصياغة مشروع الدستور وهو ما يعني إمكانية التوقيع عليه من قبل هذه القوى.
التوقعات:
- من المتوقع أن يواجه مشروع الدستور الانتقالي الذي طرحته لجنة تسيير نقابة المحامين بعض العقبات التي قد تحول دون نجاحه، ومن ذلك ما يلي:
- يحتاج المشروع المطروح لموافقة اكبر عدد من الأحزاب والقوى السياسية والحركات المسلحة على ما تضمنه من مبادئ، حيث يتطلب أي اتفاق سياسي أن يتمتع بقاعدة واسعة من الدعم الشعبي.
- الانقسام الحاصل في صفوف القوى السياسية المدنية، وعدم قدرتها على التوصل لتوافق فيما بينها حتى الآن بشأن طرح مشروع سياسي توافقي يحظى بقبول كافة المكونات السياسية.
- تعارض ما نص عليه مشروع الدستور المطروح مع ما تنادي به قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي وبعض لجان المقاومة بشأن رفض الشراكة مع المكون العسكري في السلطة.
يشكل إعلان جبهة تحرير تيجراي في ١٢ سبتمبر الجاري (٢٠٢٢) موافقتها على بدء المفاوضات مع الحكومة الفيدرالية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي نقطة تحول بشأن موقفها الرافض لتلك الوساطة منذ اندلاع الصراع في نوفمبر ٢٠٢٢ بسبب اتهامها له بالانحياز لصالح حكومة ابي أحمد على حسابها.
التعليق:
يمكن تفسير أبرز دوافع جبهة تحرير تيجراي للقيام بهذه الخطوة على النحو التالي:
- استئناف القوات الحكومية للقتال في أكثر من جبهة ضد قوات دفاع تيجراي في شمال إثيوبيا، إذ يدور القتال في مناطق شرق تيجراي (عفر) وجنوبها (أمهرة) وغربها (عند المثلث الحدودي بين إثيوبيا والسودان وإريتريا) وشمالها (عند الحدود مع إريتريا). وهو ما يسهم في استنزاف قدرات قوات دفاع تيجراي القتالية واللوجستية.
- محاولة الجبهة عبر قبولها لمختلف الوساطات بما فيها وساطة الاتحاد الأفريقي، تأكيد تقبلها للحلول السلمية، بما يساعدها لاحقاً في الترويج لبشاعة الهجمات التي تقوم بها القوات الحكومية الاثيوبية، كما يدعم سعيها لوصف هذه الهجمات بجرائم الابادة الجماعية.
- احتمالات تورط القوات الإريترية في الحرب الإثيوبية الراهنة، خاصة بعد رصد تغريدة للسفير الإريتري لدى السودان على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يتمنى فيه النصر للقوات الإريترية. كما أن هناك تقارير تشير إلى فتح الجيش الإريتري لأكثر من جبهة للقتال في مناطق بادمي وزالا أمبسا وراما ومنطقة بدا بإقليم دنكاليا، وهو ما يعزز المخاوف من تقدم القوات المتحالفة تجاه العاصمة ميكيلي في إقليم تيجراي.
- تخوف جبهة تحرير تيجراي من استخدام القوات الحكومية للطائرات بدون طيار، والتي لعبت دورا بارزًا خلال جولات الحرب السابقة في إجبار قوات دفاع تيجراي على التراجع التكتيكي من مناطق القتال.
التوقعات:
يترتب على تلك الخطوة بعض التداعيات المحتملة، والتي تتمثل في:
- ربما تبادر الحكومة الإثيوبية بالموافقة على البدء في محادثات سلام مع جبهة تحرير تيجراي لتجنب اتهامها بالتورط في القتال الدائر في شمال البلاد، وتحسين صورتها على الصعيد الدولي، بالإضافة إلى تفويت الفرصة على الجبهة بتصدير رسالة للغرب أنها حرب مفروضة عليها.
- ربما تستهدف جبهة تحرير تيجراي كسب المزيد من الوقت لإعادة ترتيب أوراقها مجددًا، لا سيما أن محادثات السلام –في حال انعقادها- قد لا تنجح بسبب استمرار النقاط الخلافية الجوهرية بين طرفي الصراع.
كشفت شركة "غازبروم" الروسية في 5 سبتمبر 2022، أنها اتفقت مع شركة "سي أن بي سي" الصينية على تحويل مدفوعات الغاز الموّرد عبر أنبوب الغاز "قوة سيبيريا" إلى العملات المحلية للبلدين الروبل واليوان، وأشار الرئيس التنفيذي لشركة "غازبروم" ، إن السماح بالدفع بالعملات المحلية بين البلدين مفيد للشركتين الروسية والصينية، حيث سيسهم ذلك الاتفاق في تبسيط حسابات الدفع بينهما، وتعزيز التعاون بين البلدين، إلى جانب تنمية الاقتصاد الروسي بعيدًا عن هيمنة الدولار، لافتاً إلي أن الخطوة ستصبح نموذجا تحتذي بها الشركات الأخرى.
التحليل:
- يأتي الاتفاق السابق بين روسيا والصين للرد على الضغوط الغربية بقيادة واشنطن على البلدين، وكذا في إطار مساعي تقليص الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي، وكان من أبرز التحركات السابقة في هذا الصدد نجاح موسكو وبكين سابقاً في الاتفاق مع عدة دول لتبادل العملات المحلية، وذلك لتسوية المعاملات التجارية بهما بدلاً من استخدام الدولار كوسيط في تلك المعاملات، ويسهم الاتفاق أيضاً في استمرار الطلب على العملتين لتفادي تراجع قيمتهما في السوق العالمي، وهو إجراء مماثل لاشتراط روسيا تسديد ثمن صادراتها من الغاز بالروبل.
- تحاول روسيا أن تخلق واقع جديد في سوق المال العالمي، وذلك عبر احداث تغيرات في سلة العملات الرئيسية التي يتم التعامل بها، في مقدمتها محاولة تقليص هيمنة الدولار على تلك السلة، مما يفقده جزء من قيمته في مقابل تزايد قيمة عملات أخرى (بناءاً على آلية الطلب والعرض)، فضلاً عن تقليص السيطرة الغربية على نظام التحويلات المالية الدولية، عبر إتاحة التعامل بأنظمة أخرى مثل نظام SPFS الروسي لتقليص احتكار SWIFT لتلك المعاملات المالية، ويُشار إلى أن موسكو تملك مقومات تُمكنها من فرض شروطها على الدول التي تتعامل معها، وبالتالي دفعها للتعامل بالعملات المحلية وأنظمة الدفع الروسية (مثل نظام MIR)، ومن تلك المقومات حاجة العديد من الدول لصادرات روسيا من السلع الاستراتيجية مثل النفط والغاز والحبوب.
التوقعات:
- من احدى الإيجابيات المترتبة على اتفاق شراء الغاز الروسي بالعملات المحلية، بالنسبة لروسيا والصين، تيسير حركة التبادل التجاري بين البلدين، وبالتالي زيادة حجم التجارة التي ارتفعت بالفعل بأكثر من 31% في الـ 8 أشهر الأولى من العام الجاري مقارنة بالعام السابق (وفق بيانات إدارة الجمارك الصينية)، ويدعم الاتفاق من توجه البلدين لمضاعفة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2024، وبالتالي لا يستبعد تعميم روسيا والصين تسوية جميع المعاملات التجارية بينهما بالعملتين المحليتين، وقد يتضمن ذلك في البداية تسوية المعاملات بنسبة معينة من الروبل واليوان (مثل 50% على سبيل المثال) والباقي بالدولار، حتى تشبع السوقين بهما، وصولاً إلي الدفع بالكامل من خلالهما.
- قد تتجه روسيا والصين لتحفيز العديد من الدول للتعامل معهما بالعملات المحلية، خاصة وأن قيمة العملتين متراجعة مما يشجع الاستيراد منهما، ولعل تركيا هي الأقرب للتعامل بتك الآلية الجديدة، وذلك من خلال اجراء التعاملات التجارية بالعملات المحلية، أو إجراء اتفاقات تبادل عملة بين البنوك المركزية لتلك الدول، وفي ذات السياق لا يُستبعد أن يُوقع اتفاق بين دول مجموعة "بريكس" للتمهيد لإجراء بعض التسويات المالية بالعملات المحلية، تمهيداً لتعميمها على جميع المعاملات المالية، ويُشار إلي أن فاعلية التوجه الروسي والصيني لتقليص هيمنة الدولار تعتمد بالأساس على زيادة عدد الدول التي ستتعامل بعملاتها المحلية، وهو الأمر الصعب تحققه في الأجل المنظور نظراً لهيمنة الدولار.
أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الاستقرار الليبية الملكفة من قبل مجلس النواب، برئاسة "فتحي باشاغا"، في 7 سبتمبر الجاري، توافر معلومات أمنية لديها تؤكد وجود استعدادات حالية من قبل حكومة الوحدة الوطنية المقالة، برئاسة "عبد الحميد الدبيبة" من أجل التحضير لشن هجمات مسلحة على بعض المناطق جنوب العاصمة طرابلس.
حيث أشار بيان للوزارة إلى توافر معلومات أمنية مؤكدة تفيد بتشكيل رئيس أركان حكومة الدبيبة "محمد الحداد" ورئيس جهاز الاستخبارات في الحكومة ذاتها "حسين العائب" لغرفة عمليات بمطار معيتيقة الجوي بالعاصمة طرابلس، بهدف التحضير لشن هجمات عسكرية باستخدام الطائرات المسيرة في منطقة "الجفارة" ( تقع هذه المنطقة بين قدم شعبية الجبل الغربي جنوباً وطرابلس شمالاً، وبين الزاوية غرباً وجزور شرقاً).
التحليل
- تتسق هذه الاتهامات مع التقارير التي أفادت بوجود تحضيرات تقوم بها حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها لشن هجوماً عسكرياً على "ورشفانة" بجنوب غرب طرابلس، والتي تتبع منطقة " الجفارة"، لا سيما مع وجود "الكتيبة 55" التي يقودها "معمر الضاوي" في هذه المنطقة، وهي من ضمن الكتائب الداعمة لحكومة الاستقرار برئاسة "فتحي باشاغا"، كما أنها تقترب من مناطق أخرى في الجنوب الغربي للعاصمة الليبية، تتمركز فيها أيضاً قوات أخرى تبع "أسامة الجويلي" الداعم أيضاً لحكومة "باشاغا".
- ويبدو أن حكومة الدبيبة تسعى لتعزيز هيمنتها في غرب ليبيا، بعد فشل محاولة "باشاغا" الأخيرة لدخول طرابلس، والتي أدت إلى ترسيخ سيطرة المليشيات التابعة لحكومة الدبيبة المنتهية ولايتها على العاصمة الليبية، خاصة قوات "جهاز دعم الاستقرار" بقيادة "عبد الغني الككلي" (غنيوة)، و"مليشيا قوة الردع الخاصة" بقيادة "عبد الرؤوف كارة"، مقابل تراجع سيطرة المجموعات المسلحة التابعة لحكومة باشاغا داخل العاصمة.
- وكان "الدبيبة" قد ألمح بعد الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها طرابلس نهاية أغسطس الماضي إلى أنه سيعمل على ملاحقة كافة المشاركين في الهجوم الأخير على العاصمة الليبية، في إشارة إلى أنه ربما يستهدف التصعيد ضد حكومة باشاغا، وربما ينعكس ذلك في اتهامات مجلس النواب الليبي لحكومة الدبيبة بمنع وصول أعضاء البرلمان الموجودين في طرابلس لحضور جلسات المجلس، في محاولة للحيلولة دون انعقاد هذه الجلسات، فيما يبدو أن الهجمات التي تستعهد حكومة الدبيبة لشنها في جنوب طرابلس تأتي أيضاً في إطار تصعيدها المحتمل.
- وتجدر الإشارة إلى أن تركيا كانت قد استضافت كل من الدبيبة وباشاغا في الثاني من سبتمبر الجاري، حيث أشارت بعض التقارير إلى أن أنقرة سعت إلى محاولة الوساطة بينهما بما يفضي إلى التوصل إلى إتفاق يحول يضمن لها مصالحها، ويحول دون الانزلاق إلى صراعات عسكرية جديدة، لكن يبدو أن مساعي أنقرة لم تنجح في التوصل إلى توافقات بين الطرفين.
التوقعات
- في إطار المعطيات السابقة، يمكن ترجيح ما يلي:
1- تتزايد التخوفات من احتمالية تكرار الاشتباكات مرة أخرى في غرب ليبيا، في ظل التحركات الراهنة لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، فضلاً عن استمرار التحشيد العسكري في هذه المنطقة.
2- يبدو أن حكومة الدبيبة تسعى إلى اتخاذ خطوات استباقية لتعزيز هيمنتها على المشهد في غرب ليبيا، خاصةً بعد تعيين مبعوث أممي جديد في ليبيا، هو الدبلوماسي السنغالي "عبد الله بيتلي"، والذي يتوقع أن يقود مشروع خارطة طريق جديدة، ربما تهدد استمرارية حكومة الدبيبة.
أعلنت شركة "غاز بروم" الروسية في 2 سبتمبر 2022، توقف خط أنابيب "نورد ستريم" الحيوي لإمداد أوروبا بالغاز بالكامل، حتى انتهاء إصلاح توربين فيه، بعدما كان من المقرر أن يعاود العمل في 3 سبتمبر بعد عملية الصيانة.
التحليل:
- يأتي قرار وقف الغاز للروسي كرد سريع على اتفاق وزراء مالية السبع في 2 سبتمبر 2022، بشأن التخطيط لتطبيق حد أقصى على أسعار النفط الروسي ، وذلك للتأثير على إيرادات روسيا النفطية التي تعتمد عليها لتمويل نحو 50% من ميزانية الحكومة.
- تتخوف روسيا من أن يمتد ذلك السقف إلي سلع أخرى، خاصة وأن الآلية التي تم مناقشتها بذات الشأن تتضمن منع دول مجموعة السبع التمويل والتأمين على شحنات النفط الروسية ما لم يتم بيع النفط بأقل من السعر المحدد، وهو ما سيكون له آثر سلبي ملموس على الاقتصاد الروسي، خاصة وأنه يمهد لتقويض تجارة روسيا الخارجية، في حالة إذا ما تم فرض سقف أسعار على العديد من السلع وليس النفط فقط.
التوقعات:
- إن القرار الروسي بشأن وقف امدادات الغاز من "نورد ستريم-1" كان متوقعًا، وهو ما دللت عليه قرارات الاتحاد الأوروبي السابقة بضرورة تعزيز سوق الطاقة الداخلي بالاتحاد في مواجهة أي قرارات روسية مماثلة، حيث يمكن لدول مثل النرويج وهولندا والدنمارك تصدير الغاز للدول الأوروبية عبر خطوط أنابيب، كما يمكن زيادة الاعتماد على محطات الفحم لتوليد الكهرباء، على أن يصاحب ذلك قرارات أوروبية أكثر تشدداً لتقليص استهلاك الطاقة، إضافة إلي زيادة استيراد الغاز من الخارج للحفاظ على المخزونات الاستراتيجية للغاز وعدم استنزافها بحلول الشتاء المقبل.
- تشير بعض التقديرات إلى احتمالية حدوث موجة جديدة من ارتفاع أسعار الطاقة، وبالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج والسلع نهائية الصنع، نتيجة لذلك لا يُستبعد أن تتقدم الحكومات الأوروبية بخطط دعم وتيسير مالي جديدة لمواطنيها والشركات في مواجهة القفزة الجديدة في الأسعار، وهو مسار معاكس لمحاولات احتواء التضخم من قبل البنوك المركزية، لأن البديل في حالة عدم تقديم دعم، هو التحرك سريعاً نحو حالة الركود التضخمي في الأسواق العالمية.