طرح حزب الأمة القومي برئاسة "فضل الله برمة ناصر" خريطة طريق للتحرك الفوري لإنهاء إجراءات 25 أكتوبر الماضي، وحماية الانتقال السلس للسلطة.
تم ذلك خلال اجتماع بين حزب الأمة القومي وممثلي تحالف قوى "الحرية والتغيير – المجلس المركزي" والحركات المسلحة في 2 أكتوبر الجاري، وتتضمن هذه المبادرة خريطة طريق لإخراج البلاد من أزمتها السياسية الممتدة منذ عام تقريباً، وتنص على استكمال بناء الجبهة المدنية وتشكيل قيادة لها، وتصعيد العمل الجماهيري وإسراع التوافق على الدستور الانتقالي والإعلان السياسي وبرنامج الحكومة وميثاق شرف لحماية التحول الديمقراطي.
التحليل:
اكتسب طرح حزب الأمة لخريطة الطريق في هذا التوقيت أهمة خاصة، نظراً لما يلي:
التوقعات:
- من المتوقع أن تتجه القوى السياسية المدنية بقيادة المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لتفعيل بنود خريطة الطريق التي طرحها حزب الأمة القومي وخاصة فيما يتعلق ببناء قيادة موحدة للقوى السياسية المدنية وصولاً إلى توافق فيما بينها لتسلم السلطة من المكون العسكري.
- من المتوقع أيضاً أن تشهد الفترة القادمة تصعيداً من قبل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بالتعاون مع أحزاب المؤتمر الشعبي واللجان الثورية، من خلال تحريك الشارع السوداني في مظاهرات ومسيرات للمطالبة بتسليم السلطة للقوى السياسية المدنية.
- من الممكن أن يواجه تنفيذ بنود هذه الخريطة عدم مشاركة باقي القوى السياسية المدنية في الاجتماع الخاص بها وبالتالي عدم الالتزام بما تنص عليه، ومنها "قوى الحرية والتغيير – مجموعة التوافق الوطني" وبعض الحركات المسلحة المتحالفة معها، مما يقف أمام تشكيل قيادة موحدة لهذه القوى كما تدعو إليه خريطة الطريق المطروحة.
كشفت صحيفة "ايديلينك" التركية في 5 أكتوبر 2022، أن روسيا وتركيا تبحثان استخدام نظام الدفع التركي "Troy" كبديل لنظام "MIR" الروسي، وأن البنكين المركزيين للبلدين يجريان محادثات حول مدفوعات الطاقة، واستخدام العملات الوطنية، وحماية الأنظمة المالية للبلدين من العقوبات، وربما التوقيع على اتفاق لتبادل عملاتهما المحلية، وأضافت الصحيفة أن محافظ البنك المركزي التركي يرى أن التجارة بين الدول يجب أن تتم بالعملات الوطنية.
التحليل:
- تعكس التحركات الروسية/ التركية إصرارهما على تعزيز العلاقات الثنائية بالرغم من الضغوط الغربية، وذلك في ضوء تعدد مجالات التعاون بين البلدين، وفي هذا الإطار تناقش موسكو وانقرة إمكانية إيجاد بدائل لنظام الدفع MIR المستهدف من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وهو التوجه الغربي الذي يأتي في إطار حصار روسيا مالياً، ويدل على ذلك مؤخراً إيقاف التعامل ببطاقات نظام الدفع الصيني UnionPay في فنلندا، أتي في أتي في غطار التضييق على على اعتبار أن الروس يستخدموه للالتفاف على العقوبات الغربية.
- يأتي تحرك البلدين بعد استجابة البنوك التركية لتهديدات وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات عليها بسبب تبنيها استخدام نظام بطاقات الدفع MIR، حيث أعلنت قناة NTV التركية في 28 سبتمبر 2022 أنه لم تعد هناك بنوك تتعامل بتلك البطاقات، ويأتي هذا في إطار توجه أنقرة لإيجاد بدائل للتعاون مع روسيا مالياً بدون استخدام الدولار الأمريكي كوسيط في التعامل، خاصة وأن تركيا تواجه أزمة في توفيره في سوقها المحلي، ويدلل على ذلك أن بنكها المركزي أوقف بيع النقد الأجنبي إلى الشركات في يوليو الماضي، مع أن ذلك يؤدي إلي مزيد من تراجع قيمة الليرة التركية.
التوقعات:
- من المرجح أن توقع روسيا وتركيا في الأجل المنظور اتفاق تبادل العملات المحلية لتعزيز التعاون المالي بما لا يعرقل أي تدفق للتجارة بينهما، وكذا لدعم الاستثمارات المشتركة خاصة وأن العديد من التقديرات أشارت إلى تزايد عدد الشركات الروسية التي تم تأسيسها في تركيا مؤخراً، وفي المقابل تقدمت العديد من الشركات التركية لشراء فروع الشركات الأوروبية والأمريكية التي انسحبت مؤخراً من روسيا على خلفية الحرب على أوكرانيا.
- يعتبر الوصول لاتفاق لإقرار تعامل روسيا بنظام دفع بطاقات TROY التركي أمر بالغ الأهمية للبلدين، مما يسفر عن تنمية التبادل السياحي المشترك وإنهاء التسويات المالية بين شركاتهما، إلا أن ذلك قد يرتطم بتخوف تركيا من أن يؤدي تعامل موسكو به إلى منع توسع العمل بتلك البطاقات دولياً، على غرار وقف فنلندا لبطاقات UnionPay الصينية، وبالتالي قد يكون هناك تحفظ تركي على هذا الأمر.
أسفرت نتائج الانتخابات التشريعية الإيطالية عن سيطرة الائتلاف اليميني (المكون من ثلاثة احزاب) على مجلسي البرلمان بنسبة 44٪ من الأصوات وأكدت حدوث تغير في ميزان القوى إلى أقصى اليمين الإيطالي تجاه جورجيا ميلوني زعيمة حزب "إخوة إيطاليا" حيث حقق حزبها مكاسب غير متوقعه في فينيتو وفريولي فينيتسيا جوليا معاقل حزب العصبة الشمالية (ليجا نورد) اليميني الذي يقوده حليفها في الائتلاف اليميني ماتيو سالفيني، نائب رئيس الوزراء السابق ووزير الداخلية في الفترة من يونيو 2018 وحتى سبتمبر 2019. ومن المتوقع أن تحصل "ميلوني" على تفويض من الرئيس سيرجيو ماتاريلا لتشكيل حكومة بعد 13 أكتوبر، مما يعني أنها قد تتولى المنصب بحلول نهاية الشهر المقبل.
التحليل:
- في إطار التحالف اليميني بين حزب "إخوة إيطاليا" بقيادة ميلوني و "ليجا نورد" بقيادة سالفيني و "فورتسا أيطاليا" بقيادة بيرسكوني حصل "حزب إخوة" إيطاليا ، وهو حزب ذو أصول فاشية جديدة ، على 26٪ من الأصوات صعودا من 4% كان قد حصل عليها في انتخابات 2018، بينما حصل "العصبة الشمالية" على 8.8٪ ، وتعد هذه النتيجه انهيارا لحزب حصل في عام 2019 على 40٪ تقريبًا من الأصوات. و العضو الثالث في الائتلاف هو فورزا إيطاليا بقيادة سيلفيو برلسكوني رئيس الوزراء السابق الذي حصل على 8.1% من مقاعد مجلس النواب وهي نتيجة أسوأ من المتوقع حيث حصل في 2018 على 17%. وبالتالي، يؤمن التحالف اليميني 237 مقعدا في مجلس النواب من أصل 400. كما يؤمن 115 مقعدا من أصل 200 في مجلس الشيوخ.
- ستواجه جورجيا ميلوني وحزبها الذي يصل إلى الحكم لأول مرة تحديا مبدئيا في تشكيل الحكومة مع حلفائها أصحاب الرؤى المختلفة عنها وأصحاب الخبرة الكبيرة في الحكم، سواء بيرلسكيوني الذي تولى منصب رئيس الوزراء لأول مرة منذ 28 عاما، أو سالفيني وزير الداخلية السابق والذي كان يفترض أنه قائد التحالف لولا نتائجه المخيبه التي ستحد من قدرته على المطالبة بحقائب وزارية مهمة. كما يأتي في هذا في ظروف استثنائية فيما يتعلق بالأسعار التضخمية وأسعار الوقود ومشكلة الهجرة غير الشرعية والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
- يمثل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا صدمة للاتحاد الأوروبي، حيث أن جورجيا ميلوني و حليفها سالفيني اعتادا دائما على التشكيك في سياسات الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، بالاضافة إلى انتقاد سياسات الاتحاد الأوروبي فيما يخص التعامل مع مشكلة اللاجئين، ولطالما اتخذ سالفيني سياسات عنيفة ضد المهاجرين غير الشرعيين، وفوق ذلك فإن جورجيا ميلوني تقترح فرض حصار بحري على منابع قوارب المهاجرين. وبالنسبة للحرب الأوكرانية الروسية فإن جورجيا ميلوني تؤيد فرض العقوبات على روسيا في حين أن حليفها بيرسكوني يتمتع بعلاقة صداقه مع بوتين، وينتقد سالفيني حليفها الثاني العقوبات المفروضة على روسيا.
- يكمن القلق الأكبر في بروكسل في أن إيطاليا قد تكسر التماسك الهش لمنطقة اليورو وتجبر المنطقة على تكرار خطير لأزمة الديون الكارثية التي اندلعت بين عامي 2010 و 2012. ولذلك لم تدخر رئيسة المفوضية الأوروبية ، أورسولا فون دير لاين ، أي فرصة ، محذرة الأسبوع الماضي من أن بروكسل لديها "الأدوات" للتعامل مع أعضاء منطقة اليورو إذا "سارت الأمور في اتجاه خاطيء". مشيرة إلى حزمة المساعدات التي تقدمها للدول المتضررة من أزمة كورونا.
- ترى إدارة جو بايدن في جورجيا ميلوني تجسيدا للنسخة الأنثوية من دونالد ترامب. حيث كان شعار حملتها الانتخابية ما ترجمته "جاهزون لإحياء إيطاليا" ويتردد فيه أصداء شعار ترامب "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". كما أنها أفكارها السياسة بخصوص العولمة أو المهاجرين تتقارب مع ترامب. وكل ما يهم الولايات المتحدة الامريكية الآن في هذه الفترة الاستثنائية هو ألا تقوم السيدة الجديدة المنضمة إلى الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبعة والناتو بإضعاف التحالف ضد روسيا وبوتين.
التوقعات:
- تعد إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا بعد ألمانيا وفرنسا، لكنها في نفس الوقت ثاني أكبر دولة مدينة في منطقة اليورو بعد اليونان بعبء دين يمثل 150% من الناتج المحلى الإجمالي. وبالتالى فإن الحكومة الإيطالية ليس في إمكانها معارضة سياسات الاتحاد الأوروبي حتى لو أرادت ذلك. وخصوصا في ظل احتياج ميلوني لحزم المساعدات الأوروبية لتنفيذ برنامجها الانتخابي الذي تضمن زيادة الدعم للمرأة وحزم الإعانات.
- لن تنفرد الحكومة الإيطالية بمعارضة العقوبات الأوروبية على روسيا ولا اجراءات دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا فقد سبق وأن أعلنت جورجيا ميلوني أنها تؤيد فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا. ولكن هذا لا يمنع أنه مع تطور الاحداث في الحرب الروسية الأوكرانية ستصبح إيطاليا أكثر ترددا في فرض المزيد من العقوبات أو اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد روسيا.
- سيؤثر صعود اليمين في إيطاليا على السياسات الحكومية الداخلية حيث يعني هذا الصعود عدم دعم الحكومة لبعض القضايا محل الخلاف، مثل الحق في الإجهاض و حقوق المثليين بالإضافة إلى تصعيد الحكومة في تعاملها مع قضايا المهاجرين غير الشرعيين الذين طالما حذرت ميلوني من أن تتحول إيطاليا بسببهم إلى مخيم اللاجئين الخاص بأوروبا.
- قد تؤدي جهود منع سفن الإنقاذ الإنسانية من الرسو في الموانئ الإيطالية إلى إثارة تحديات قانونية. وإذا أغلقت ميلوني الطرق المؤدية إلى إيطاليا ، فمن المحتمل أن تزداد أعداد المهاجرين إلى دول البحر الأبيض المتوسط الأخرى مثل إسبانيا - كما حدث قبل ثلاث سنوات عندما قاد سالفيني وزارة الداخلية وفرض إجراءات مناهضة للهجرة.
قامت "آنيت ويبر" مبعوث الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي بزيارة رسمية إلى السودان في 27 سبتمبر 2022، التقت خلالها مع الفريق أول ركن "محمد حمدان دقلو" نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم، وذلك بهدف البحث في سبل إخراج البلاد من أزمتها السياسية الحالية.
التحليل:
جاءت الزيارة عقب انتهاء زيارة وفد الاتحاد الأوروبي للسودان في 22 سبتمبر الجاري؛ لمناقشة كيفية دفع مسار التسوية للأزمة السياسية المتفاقمة في البلاد، وفي ذلك مؤشر هام يعكس الاهتمام المتصاعد الذي يبديه الاتحاد الأوروبي بتطورات الأزمة السياسية الممتدة منذ إجراءات 25 أكتوبر الماضي حتى الآن.
تعكس هذه الزيارة رغبة الاتحاد الأوروبي في لعب دور فاعل داخل السودان في ظل تعدد الفاعلين الإقليميين والدوليين المنخرطين في الأزمة الراهنة، وذلك من خلال الموقف الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن والمتثمل في دعم تجربة الحكم الانتقالي في السودان، ورفضه لإجراءات 25 أكتوبر الماضي وما ترتب عليها من آثار.
وفي هذا الاطار، فقد أعلن الاتحاد الأوروبي دعمه لمبادرة مشروع الدستور الانتقالي الذي طرحته نقابة المحامين السودانيين والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، وحث القوى السياسية المدنية للتوصل إلى توافق فيما بينها بشأن كيفية استكمال الفترة الانتقالية، ويدعم هذا التوجه، تصريحات الفريق "حمديتي" الذي أكد فيها على التزام المكون العسكري بالانسحاب من العمل السياسي.
التوقعات:
من المتوقع أن يواصل الاتحاد الأوروبي جهوده الساعية لدعم مطالب القوى السياسية المدنية الخاصة بتسليم المكون العسكري السلطة لهم والابتعاد الكامل عن الحياة السياسية، مع توظيف ورقة المساعدات الاقتصادية كورقة ضغط على المكون العسكري للاستجابة لهذه المطالب.
قام المستشار الألماني "أولاف شولتس" بجولة خليجية تضمنت السعودية والامارات وقطر لتأمين إمدادات الطاقة، وكان أبرز ما أسفرت عنه تلك الجولة توقيع اتفاق مع الامارات بشأن تعزيز أمن الطاقة والنمو الصناعي، يستهدف التركيز على الطاقات المتجددة والهيدروجين والغاز الطبيعي المسال، كما تم توقيع اتفاقات بين شركات اماراتية والمانية لتوريد الغاز المسال الاماراتي، وكذا تخصيص شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال لألمانيا في 2023، فضلاً عن توقيع اتفاقيات لتصدير شحنات تجريبية من الأمونيا منخفضة الكربون (تعد وقوداً ناقلاً للهيدروجين).
التحليل:
- تأتي التحركات الألمانية استكمالاً لتحركات سابقة في مارس الماضي، حين وقع وزيري الطاقة السعودي والالماني مذكرة تفاهم حول إنتاج واستغلال الهيدروجين، وفي هذا السياق يأتي التحرك الألماني لتوسعة نطاق استغلال للطاقة النظيفة، نظراً لأن الموارد المحلية لن تكفي لتلبية الطلب الألماني على هذا النوع من الطاقة في المستقبل، وبالتالي تسعى لزياد وتنويع استيراده من الخارج، الأمر الذي يفسر اتجاه شركات المانية لتصنيع الهيدروجين الأخضر في الخارج ثم تصديره لألمانيا، وذلك من الهند، ودول شمال افريقيا، وكذا دول افريقيا جنوب الصحراء مثل أنجولا وناميبيا، بجانب الدول الخليجية.
- تكشف خريطة الاستثمارات الالمانية في مجال الطاقة المتجددة، أن منظومة إمدادات الطاقة المستقبلية التي تسعى برلين للاعتماد عليها تقوم على عدة عناصر، أبرزها التنويع الجغرافي لمصادر الطاقة بكافة أنواعها النظيفة الأحفورية لتجنب الانكشاف على دولة بعينها (لتجنب تكرار نموذج توريد روسيا لنحو 55% من اجمالي الغاز الذي تستورده المانيا)، مع الاتجاه على التركيز على المناطق التي تقدم أقل تكلفة للإنتاج، وبما يضمن أسعار تنافسية تسهم في خفض سعر ذلك النوع من الطاقة، وهو ما سيكون له انعكاس إيجابي على السوق المحلي الالماني الذي يواجه تراجعاً بسبب جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية وتداعياتهما، حيث يشهد مستويات غير مسبوقة من معدلات التضخم المرتفعة، كما سجلت المانيا عجزاً تجاري في مايو 2022، وذلك لأول مرة منذ نحو 31 عام.
التوقعات:
- من المرجح ان تكثف المانيا من تحركاتها، بمعزل عن الاتحاد الأوروبي، لتأمين إمدادات الطاقة، مما يعزز دورها في تعزيز أمن الطاقة الأوروبي، وذلك بالاعتماد على شركاتها العاملة في مجال الطاقة النظيفة، ويصاحب ذلك سياسة توسعية لزيادة انتشار لتلك الشركات حول العالم، مما يجعلها مرشحة لاحتكار نشاط إنتاج وتوريد الطاقة المتجددة وتحديداً الهيدروجين الأخضر، على ان يصاحب ذلك التركيز على الدول التي تملك مصادر طاقة أحفورية لتستورد منها كافة مصادر الطاقة الممكنة، وذلك في إطار حزمة اتفاقات شاملة، ويدلل على ذلك شراكات الطاقة بمفهومها الواسع التي تستهدف إقامتها مع العديد من الدول وليس في مجال الطاقة المتجددة فحسب.
اجتمع قادة أركان جيوش دول الساحل الخمس باستثناء مالي نيامي في 22 سبتمبر 2022 بهدف التشاور حول مستقبل التكتل الخماسي، ومناقشة خطة جديدة لتفعيل القوة العسكرية المشتركة التي تواجه أزمة بنيوية ولوجستية عقب إعلان مالي انسحابها من التكتل في مايو 2022 احتجاجًا على رفض توليها الرئاسة الدورية له. ويأتي هذا الاجتماع في إطار سياق أمني يتسم بالاضطراب وعدم الاستقرار في ضوء تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية في معظم دول الساحل وغرب أفريقيا خلال الفترة الأخيرة.
التحليل:
يمكن تفسير أسباب عقد اجتماع قادة أركان دول الساحل الخمس في النيجر على النحو التالي:
- تزايد المخاوف الإقليمية من تنامي حالة الفراغ الأمني في منطقة الساحل، والذي خلفه قرار مالي بانسحاب قواتها العسكرية من التكتل الخماسي، وتجميد أنشطتها في مختلف هيئاته. وهو ما استغلته التنظيمات الإرهابية المتمركزة هناك في تصعيد عملياتها وزيادة نشاطها في دول المنطقة، مما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.
- الرغبة في استمرار مجموعة دول الساحل الخمس وعدم تفككها بهدف الحفاظ على مكتسباتها خلال السنوات الأخيرة، وخوفًا من عرقلة الجهود الإقليمية والدولية في مواجهة الإرهاب بالمنطقة.
- استعادة الثقة بين دول المجموعة، والحيلولة دون انهيار هذا التحالف الإقليمي، خاصة بعد اتهام مالي للدول الأربع بالتبعية للنفوذ الفرنسي في الساحل.
التوقعات:
يمكن الإشارة إلى أبرز التداعيات المحتملة لهذا الاجتماع الإقليمي في النيجر على النحو التالي:
- من المرجح أن ترفض دول التكتل الخماسي انضمام أي دول جديدة للمجموعة، أملًا في استئناف مالي لعضويتها في التحالف الإقليمي خلال الفترة المقبلة، وفي ظل الموقف الرافض منذ نشأة التكتل في عام 2014 لانضمام أي من القوى الإقليمية الفاعلة في المنطقة مثل نيجيريا وغانا والسنغال والجزائر.
- ربما تعلن فرنسا والاتحاد الأوروبي تقديم الدعم المادي واللوجستي لدول الساحل الخمس بهدف الاستمرار في أداء مهامها الإقليمية.
ذكر المستشار الألماني "أولاف شولتس" (في حديث تلفزيوني عُرض يوم 17 سبتمبر 2022)، أنه سيتعين على ألمانيا الاستعداد لوقف روسيا لواردات النفط بعد وقف الغاز، لافتاً إلى أن بلاده تستعد الآن لإمكانية تطور وضع صعب مماثل لوقف الغاز، وذلك بالنسبة لمصفاتي النفط في شرق ألمانيا المرتبطتين بخط أنابيب "دروجبا" (خط أنابيب ينقل النفط الروسي لدول أوروبية منها ألمانيا).
التحليل:
- يأتي تنبيه المستشار الألماني "شولتس" بعد وضع الحكومة الألمانية شركتين ألمانيتين تابعتين لشركة النفط الروسية "روسنفت" تحت الوصاية لمدة 6 أشهر اعتباراً من يوم 15 سبتمبر 2022، في محاولة لتأمين مصادر الطاقة في المانيا، ويُشار إلى أن وزارة الاقتصاد الألمانية قد أفادت أن فروع "روس نفط" في ألمانيا تمثل 12% من القدرات الوطنية لتكرير النفط في ألمانيا.
- جاءت خطوة المصادرة رداُ على قيام موسكو بوقف امدادات الغاز عبر خط أنبوب "نورد ستريم" الذي يمد أوروبا والمانيا بالغاز، إضافة إلي تقليص حدة الانتقادات الموجهة لبرلين بسبب شرائها نفط خام من روسيا يساعد في تمويل حربها ضد أوكرانيا، بينما أن حجم الدعم الألماني المقدم لأوكرانيا أقل بكثير من قيمة شراء النفط من روسيا، ويدلل على ذلك أن حجم المساعدات الالمانية المقدمة لأوكرانيا منذ بدء الحرب، سواء مالية او إنسانية أو عسكرية، بلغت نحو 3.1 مليار يورو حتى أغسطس 2022 (وفق معهد "كايل" الألماني)، بينما بلغ حجم واردات المانيا من الوقود الأحفوري الروسي في أول 6 أشهر بعد الحرب نحو 19 مليار يورو (وفق مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف).
- يمهد "شولتس" لاحتمالية قيام موسكو بخفض أو حتى وقف إمدادات النفط لألمانيا عبر خط "دروجبا" كرد فعل لتلك المصادرة، أو حتى اتخاذ إجراءات أخرى تقوم بمقتضاها بعرقلة صادراتها من النفط ومنتجاته لبرلين، وذلك في ضوء أن روسيا هي المورد الأول للنفط الخام لألمانيا (وفق بيانات 2020)، حيث تمدها بنحو 32% من اجمالي ورادتها منها، وذلك بما قيمته 5.5 مليار يورو من اجمالي واردات نفط خام بلغت 17 مليار دولار في 2020.
التوقعات:
- بالرغم من الضغوط الروسية المحتملة على ألمانيا، إلا أنه لا يتوقع أن يثني ذلك برلين عن توجهها للاستغناء عن استيراد النفط الروسي بالكامل بحلول نهاية العام الجاري، وتقليص وارداتها من مصادر الطاقة الأحفورية عامة تماشياً مع توجهات الاتحاد الأوروبي، ويُذكر في هذا الصدد أن برلين صادرت في ابريل 2022 الفرع الألماني لـ"غازبروم"، لضمان إمدادات الغاز، بما يعكس مدى جدية السلطات الألمانية في الضغط على موسكو بكافة السبل الممكنة، وتنفيذ مخططها لتقليص الاعتماد على المنتجات الروسية سواء من الطاقة أو غيرها.
- من المرجح أن خطوة قيام الحكومة الالمانية بمصادرة شركتين تابعتين لشركة "روسنفط" الروسية لمدة 6 أشهر، قد يتبعها ردود فعل روسية تستهدف خفض حجم صادرات موسكو النفطية لألمانيا، وقد يصاحب ذلك أيضاً تقليص حجم الاستيراد من المانيا، والذي بلغ نحو 27 مليار يورو في 2021 (وفق مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني)، بما يعني أن الفترة المقبلة فد تشهد تراجعاً ملموساً في حجم التبادل التجاري بين البلدين، وهو ما سيضر بالاقتصاد الروسي الذي تسعى موسكو لتعزيزه في مواجهة الحصار الغربي.
صرح العميد "الطاهر أبو هاجة" المستشار الإعلامي لقائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق "عبد الفتاح البرهان"، في 17 سبتمبر الجاري، بأن الجيش لن يقوم بتسليم السلطة للقوى السياسية المدنية إلا بعد أن يتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة لا تخضع للمحاصصة السياسية ومتوافق عليها من قبل كل السودانيين، أو لحكومة منتخبة.
التحليل:
- تأتي تلك التصريحات بعد تصريحات الفريق "البرهان" التي أطلقها قبل ثلاثة أيام والتي دعا فيها القوى السياسية لضرورة التوافق فيما بينها وتشكيل حكومة مدنية وصولاً للانتخابات.
- جاءت تصريحات "أبوهاجة" عقب إعلان الجنرال "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع، في 16 سبتمبر الجاري، اتفاقه مع الفريق "البرهان" بشأن تسليم السلطة للمدنيين، وأن تتولى القوى السياسية تشكيل حكومة كاملة من المدنيين لاستكمال ما تبقى من الفترة الإنتقالية، كما تم الاتفاق على التزام الجيش بالخروج من السلطة وترك أمر الحكم للمدنيين، وبالتالي أراد الجيش توضيح الشروط اللازم تحققها أولاً قبل تنفيذه لوعوده في هذا الشأن، وأنه لن يتنازل عن هذه الشروط.
- تزامنت تصريحات مسئولي الجيش، مع تعثر محاولات القوى السياسية المدنية في التوصل لتوافق سياسي شامل يؤدي إلى تقديم رؤية سياسية تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية لإخراج البلاد من أزمتها السياسية الممتدة منذ إجراءات 25 أكتوبر 2021.
- تطالب بعض القوى السياسية الأخرى وعلى رأسها "قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي" بتسليم السلطة إلى القوى السياسية المدنية وتشكيل حكومة مدنية وإبعاد الجيش عن السلطة بشكل كامل، في اطار رفض الشراكة مع المكون العسكري في السلطة مرى أخرى، وخاصة بعد إجراءات 25 أكتوبر الماضي التي أدت إلى فقدان الثقة في المؤسسة العسكرية كشريك رئيسي في الحكم.
التوقعات:
- من المتوقع أن يظل المكون العسكري على رأس السلطة الانتقالية؛ بسبب استمرار غياب التوافق بين القوى السياسية المدنية وتباين مواقفها بشأن تشكيل حكومة كفاءات وطنية، ومن ثم استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي في السودان.
- من المتوقع استمرار الجهود الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في اطار الرباعية الدولية (الولايات المتحدة – بريطانيا – السعودية – الإمارات) وبالتنسيق مع الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة – الاتحاد الأفريقي – الايجاد) في محاولة لحث أطراف الأزمة السياسية نحو التوصل لحل توافقي وإنهاء الأزمة الراهنة.
هاجمت الطائرات الإثيوبية بدون طيار عاصمة إقليم تيجراي ميكيلي في 14 سبتمبر الجاري (2022) والتي جاءت بعد يومين من إعلان جبهة تحرير تيجراي استعدادها للدخول في محادثات للسلام مع الحكومة الفيدرالية؛ مما أسفر عن مقتل أكثر من 10 أشخاص. وهو ثالث قصف جوي يتعرض له الإقليم منذ اندلاع القتال في شمال إثيوبيا في 24 أغسطس 2022.
التحليل:
يمكن تفسير هجوم طائرات الحكومة الاثيوبية على "ميكيلي" ، رغم مبادرة جبهة تحرير تيجراي، وفقاً للآتي
- سعي الحكومة الإثيوبي إلى تحقيق عدة اهداف ميدانية أهمها تعطيل قنوات التواصل والاتصال بين حكومة إقليم تيجراي وشعب تيجراي، بهدف تعزيز حالة الحصار للإقليم، وذلك عبر استهداف الطائرات بدون طيار محطة ديميتسي ويان التليفزيونية التي توقف بثها.
- اصرار آبي احمد على الوصول إلى أفضل وضعي ميداني ممكن قبل الشروع في الدخول في مفاوضات جديدة مع الاقليم، وهو ما يجعله يماطل في الاستجابة لمبادرة جبهة تحرير تيجراي بخصوص البدء في مفاوضات السلام
- طمأنة رئيس الوزراء آبي أحمد لحلفائه في الداخل والخارج (اريتريا) بشأن استمرار موقفه تجاه جبهة تحرير تيجراي التي تعتبر عدوًا تاريخيًّا لكل من أمهرة والنظام الإريتري بزعامة الرئيس أسياس أفورقي.
- إبراز التفوق العسكري للقوات الإثيوبية على قوات دفاع تيجراي، لا سيما بعدما أشارت بعض التقارير إلى تحقيق الأخيرة انتصارات قوية منذ اندلاع القتال في 24 أغسطس الماضي.
التوقعات:
يمكن الإشارة إلى أبرز التداعيات المحتملة لهذه الخطوة على النحو التالي:
- من المرجح إعلان جبهة تحرير تيجراي سحب المبادرة، والاستمرار في القتال ضد القوات الإثيوبية، وتطوير استراتيجتها العسكرية لتعزيز موقف قوات دفاع تيجراي في المشهد العملياتي بشمال إثيوبيا.
- ممارسة القوى الدولية الفاعلة لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية المزيد من الضغوط على طرفي الصراع لوقف القتال والدخول في مفاوضات جادة لتسوية الصراع في إثيوبيا.
أعلن نائب رئيس مصلحة الجمارك الفدرالية الروسية "فلاديمير إيفين" أن الولايات المتحدة خرجت من قائمة أكبر 10 شركاء تجاريين لروسيا، وانخفضت التجارة بينها وبين روسيا بنحو 65%، لافتاً إلى انه في المقابل دخلت الهند في تلك القائمة.
التحليل:
تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية كل أدواتها للضغط على روسيا، بما في ذلك التجارة البينية، حيث تضع الولايات المتحدة اعتبارات استراتيجية فوق مصلحتها التجارية شبه المحدودة مع روسيا، في ضوء ان موسكو الشريك التجاري رقم 26 للولايات المتحدة (وفق بيانات 2019)، وذلك على عكس العلاقة التجارية بين الصين والولايات المتحدة، والتي سعت واشنطن مؤخراً للتوافق بشأنها حتى لا يتضرر الاقتصاد الأمريكي، وهو ما دللت عليه المحادثات التي تمت بين وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين"، مع نائب رئيس الوزراء الصيني "ليو هي" بشأن التجارة (في 5 يوليو 2022).
نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في خفض حجم التجارة مع روسيا بشكل ملموس خلال النصف الأول من عام 2022، وذلك في إطار العقوبات التي تفرضها عليها، والحظر على بعض الواردات التي يأتي على رأسها النفط، في محاولة لإلحاق الضرر بالاقتصاد الروسي، حيث انخفض حجم الواردات السلعية التي تستوردها الولايات المتحدة من روسيا بنحو 81% خلال الفترة فبراير/ يوليو 2022، وصاحب ذلك تراجع في حجم الصادرات السلعية الأمريكية لروسيا خلال نفس الفترة بنحو 83% (وفق بيانات مكتب التعداد الأمريكي)، وجدير بالذكر ان حجم واردات الولايات المتحدة من روسيا في أول 7 أشهر من 2022 بلغت نحو 11.6 مليار دولار، بينما سجلت نفس الفترة في 2021 نحو 18 مليار دولار، أي حققت نسبة تراجع 35%.
التوقعات:
أن خروج الولايات المتحدة من قائمة أكبر 10 شركاء تجاريين لروسيا، لا يعبر عن خروج معنوي فحسب، بل هو خسارة للاقتصاد الروسي، لأن الولايات المتحدة كانت سادس أكبر وجهة لاستقبال الصادرات الروسية في 2021، وكانت صادرات روسيا لأمريكا تشكل نحو 5% من اجمالي صادراتها للخارج (وفق بيانات worldstopexports)، حيث بلغت حجم صادرات روسيا السلعية للولايات المتحدة في 2021 نحو 30 مليار دولار، وبالتالي بمعدل انخفاض 81% قد تخسر موسكو في عام 2022 نحو 24 مليار دولار من الولايات المتحدة فقط، وبما يمثل نحو 4.5% من اجمالي عائداتها من الصادرات، بما يدفع موسكو لزيادة تحركاتها الفترة المقبلة لفتح أسواق جديدة لمنتجاتها التي حُظرت من دخول الأسواق الأمريكية.