شكل الفريق أول ركن "عبدالفتاح البرهان" رئيس المجلس السيادي الانتقالي وقائد الجيش، لجنة لاختيار أحد الشخصيات السياسية وتعيينه في منصب رئيس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة.

التحليل:

يأتي الإعلان عن تشكيل هذه اللجنة بعد أن تسلم الفريق "البرهان" قائمة ضمت 35 مرشحاً لتولي منصب رئيس الوزراء، قامت بإعدادها مبادرة "نداء أهل السودان للتوافق الوطني" التي طرحها القيادي الصوفي "الطيب الجد"، ومن أبرز الرشحين ("د. إبراهيم البدوي" وزير المالية السابق – "د. مضوي إبراهيم" الأكاديمي والباحث السياسي – "جبريل إبراهيم" وزير المالية الحالي"...).

جاء قرار تشكيل لجنة لاختيار رئيس للوزراء، نتيجة للاجتماعات التي نظمتها بعض القوى السياسية المؤيدة لمشاركة الجيش في السلطة الانتقالية، وقد هدفت هذه الاجتماعات لإصدار إعلان سياسي بتجميع عدد من المبادرات المطروحة في الساحة السياسية من بينها "مبادرة نداء أهل السودان"، ورؤية "قوى الحرية والتغيير مجموعة التوافق الوطني"، علاوة على "مبادرة الاتحادي الأصل"، ومبادرة "السودان يسع الجميع" التي أسسها "نبيل أديب"، والاتفاق على صياغة ترتيبات دستورية تحكم الفترة الانتقالية وتفتح الطريق لتكوين حكومة انتقالية لا تقصي الجيش.

تواجه هذه التحركات بعض العقبات ومن أبرزها ما يلي:

‌أ. رفض "المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير" تجميع المبادرات المشار إليها، والاستناد إليها كركيزة لتشكيل حكومة جديدة، ويرجع سبب رفضها إلى أنها ترى في هذه المبادرة إعادة لإنتاج نظام الانقاذ السابق، والإبقاء على المكون العسكري في السلطة.

‌ب.  رفض الجنرال "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة، الانضمام لمبادرة "نداء أهل السودان" متمسكاً بالتعهدات التي أطلقت حول خروج المكون العسكري من المشهد السياسي.

التوقعات:

من المتوقع أن يتم الإعلان عن أحد المرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء، لإنهاء حالة الفراغ الدستوري التي تعيشها البلاد منذ إجراءات 25 أكتوبر الماضي، وبعدها تشكيل حكومة انتقالية بسلطات واسعة للجيش ومنحه صلاحيات الإشراف على القطاع الأمني وبنك السودان وملف السياسة الخارجية.

شهدت العاصمة الليبية طرابلس، في 26 أغسطس الجاري، اشتباكات عنيفة، بدأت بين المليشيات المسلحة الموجودة داخل العاصمة، قبل أن تتوسع الاشتباكات وتضم مجموعات مسلحة تابعة لحكومة الاستقرار المكلفة من قبل مجلس النواب الليبي، برئاسة "فتحي باشاغا"، حيث حاولت المجموعات المسلحة التابعة للأخير دخول طرابلس، غير أنها فشلت في ذلك.

التحليل

- تعد هذه الاشتباكات الاخيرة التي شهدتها طرابلس هي الاعنف منذ عام 2020، حيث شهدت انخراط العديد من المجموعات المسلحة من غرب ليبيا، فعلى الرغم من أن الصراع كان قد بدأ بين "جهاز دعم الاستقرار" وكتيبة 777 اللتان تتبعان وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة المقالة، إلا أنه سرعان ما اتسعت نطاق الاشتباكات لتشمل محاولة المجموعات المسلحة التابعة لحكومة باشاغا دخول طرابلس عبر ثلاث جبهات، من الجبهة الغربية عبر المجموعات القادمة من الزاوية، والجبهة الجنوبية التي تضمنت قوات اسامة الجويلي، وأخيراً الجبهة الشرقية من خلال القوات القادمة من مصراتة.

- اتسعت الاشتباكات في وسط العاصمة طرابلس وأمتدت إلى عدة أحياء سكنية هناك، بعد انضمام مجموعات اخرى لدعم "جهاز دعم الاستقرار" في مواجهاته مع "كتيبة 777"، الأمر الذي أسفر عن سقوط 32 قتلاً ونحو 160 جريحاً.

- استمرت الاشتباكات لنحو يومين قبل أن تتوقف بشكل مفاجئ، وهو ما يعكس احتمالات وجود تحذيرات غربية (أمريكية بالأساس) من أجل توقف التصعيد.

- تباينت التقديرات بشأن أسباب أندلاع هذه المواجهات العنيفة بالعاصمة الليبي، ويمكن تفنيد أبرز هذه الاسباب على النحو التالي:

  • حالة الحشد العسكري المكثفة التي كانت قد سبقت الاشتباكات كانت تنبئ بشكل واضح بأن الأوضاع تتجه نحو التصعيد العسكري، خاصةً مع حشد باشاغا لقواته على حدود العاصمة من عدة جبهات، فيما كانت قوات الدبيبة تتمركز داخل طرابلس وتعيد نشر عناصرها للاستعداد لأي هجوم محتمل.
  • فشل المباحثات التي كان يجري الترتيب لها بين الدبيبة وباشاغا، حيث عكست تصريحات الدبيبة وجود مفاوضات غير معلنة بين الطرفين كانت قد سبقت هذه الاشتباكات، لكن يبدو أن هذه المفاوضات فشلت في التوصل إلى تفاهمات مشتركة.
  • تخوفات الدبيبة من تغير ولاءات بعض المجموعات المسلحة الموجودة داخل العاصمة، خاصةً "كتيبة 777" التي يقودها "هيثم التاجوري"، حيث تتمركز هذه الكتيبة في نقاط حيوية داخل طرابلس.
  • محاولة باشاغا الاستفادة من الاشتباكات التي اندلعت بين كتيبة 777 و"جهاز دعم الاستقرار" وما أفرزه من حالة فوضى لدخول طرابلس.
  •  الجمود الراهن في المسار السياسي، والانشغال الدولي بعدد من القضايا الأكثر إلحاحاً، مما ولد قناعة لدى طرفي الصراع بأن الحل العسكري ربما يكون هو المحدد الحاسم.
  •  الموقف التركي الحيادي وغير الداعم لأي طرف على حساب الأخر، ربما يكون قد وصل رسائل غير ملتبسة لطرفي الصراع بأن هذه إشارة غير مباشرة من أنقرة بعدم ممانعتها لحسم الصراع عسكريا.

-  في إطار المتغيرات التي أفرزتها الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، يمكن الإشارة إلى عدد من النقاط الهامة، تتمثل فيما يلي:

  • عكست البيانات الدولية والإقليمية عدم دعمها لأي طرف على حساب الأخر في الصراع الراهن داخل ليبيا، وهو ما يرسخ حالة الغموض واللبس في الموقف الدولي إزاء المشهد الليبي الراهن.
  • مثلت الاشتباكات الأخيرة انتقاصاً من رصيد باشاغا داخلياً وخارجياً، خاصةً مع خسارة المجموعات التابعة له لعدد من المواقع الهامة التي كانت تتمركز فيها، فيما عززت هذه الاشتباكات من موقف الدبيبة، داخلياً عبر تعزيز سيطرته داخل العاصمة، وخارجياً عبر تقديم نفسه في صورة رد الفعل، وأن الطرف الآخر هو الذي يثير العنف.
  • لا تزال هناك اتهامات متبادلة بين باشاغا والدبيبة بشأن المسؤول عن هذه الاشتباكات، فبينما لوح باشاغا بأنه لا علاقة له بهذا التصعيد، وحمل الدبيبة مسؤولة الفوضى بالعاصمة، وجه الاخير اتهامات لباشاغا بشن هجمات على طرابلس، ولوح إلى أنه سوف يتم ملاحقة كافة المتورطين في الهجوم.

التوقعات

- لا يمكن استبعاد تجدد الاشتباكات مرة أخرى خلال الفترة المقبلة، خاصةً مع استمرار الحشود العسكرية، وربما يكون هذا السيناريو هو الأقرب حال عدم تدخل دولي حاسم لتجنب التصعيد مرة أخرى والتوصل إلى تسوية للأزمة.

- تتزايد احتمالات تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر لقيادة الوساطة بين أطراف الصراع خلال الفترة المقبلة، وهو ما ألمح إليه السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند.

- التوصل إلى ترتيبات جديدة خلال الفترة المقبلة عبر مشاورات بين الفواعل الاقليمية والدولية من أجل صياغة تسوية تحول دون تكرار التصعيد، وتمهد الطريق نحو الانتخابات، مع عدم استبعاد الحديث عن خارطة طريق جديدة خلال الفترة المقبلة.

كشف رئيس الوزراء الياباني "فوميو كيشيدا"، في كلمته أمام مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا "تيكاد 8" الذي عقد في تونس يومي 27 و28 أغسطس 2022، عن اتجاه بلاده لتعزيز دعمها للقارة الافريقية عبر العديد من الأدوات، على رأسها تقديم 30 مليار دولار مساعدات لدعم التنمية على مدى 3 أعوام، وذلك بالتركيز على رأس المال البشري وجودة النمو الاقتصادي، إضافة إلى تقديم مبالغ أصغر لتحقيق الأمن الغذائي بالتنسيق مع بنك التنمية الإفريقي.

أشار "كيشيدا" إلى أن طوكيو ستعمل على ضمان شحن الحبوب إلى إفريقيا في ظل عدم توفرها عالمياً بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، كما سيعين مبعوثًا خاصاً لمنطقة القرن الأفريقي في ضوء تحذير الأمم المتحدة من كارثة غير مسبوقة في المنطقة بسبب موجة الجفاف الطويلة.

التحليل:

- يأتي عقد القمة الثامنة لـ"تيكاد" في تونس للتأكيد على تنامي أهمية القارة الافريقية خلال الفترة المقبلة، علماً بأنه تم عقد اول قمة في 1993 باليابان، وحتى الآن لم تعقد إلا قمة واحدة خارج اليابان في كينيا عام 2016، وفي هذا السياق يُرجح أن تتجه طوكيو لزيادة تواجدها في القارة خلال السنوات المقبلة بشكل مكثف بهدف ضمان إمداداتها من الطاقة التقليدية والنظيفة التي تمتلكها دول القارة، خاصة وأن ذلك يتماهى ذلك مع الاتجاه العالمي الحالي لتنويع مصادر الطاقة من دول مختلفة بعدما كشفت جائحة "كوفيد-19" والحرب الروسية على أوكرانيا خطورة الانكشاف على مصدر بعينه في توفير إمدادات الطاقة.

- تسعى اليابان لتعزيز تواجدها في افريقيا عبر مقاربة متقدمة تتمثل في تعزيز جودة النمو وليس مجرد زيادة معدله فحسب، وذلك من خلال إطلاق "مبادرة النمو الأخضر مع إفريقيا"، ودعم ريادة الأعمال عبر صندوق استثمار ياباني لدعم الشركات الناشئة، إضافة إلى دعم القطاع الخاص وتنمية الموارد البشرية، بينما ستسعى لتخفيض العبء على ميزانيات الدول بما يوفر إعادة توجيه المخصصات المالية الموجهة لسداد الديون ومواجهة الإرهاب، إلي دعم التنمية، على أن يصاحب ذلك محاولة إرساء الأمن في الأقاليم الفرعية التي تشهد اضطرابات، سواء بسبب الظروف المناخية مثل القرن الافريقي، أو تفشي الإرهاب مثل منطقة الساحل، وذلك من خلال دعم اقتصادات تلك المناطق مالياً وفي ذات الوقت تمويل تدريب كوادر أمنية بما يسهم في حفظ الاستقرار.

التوقعات

- تسعى طوكيو للحفاظ على خصوصية قمة "تيكاد" التي تقوم على أساس الحوار السياسي ودعم التنمية التي تسهم في إرساء الأمن والاستقرار، وذلك للتمايز عن الأدوار الموجودة في القارة وكذا المبادرات الجديدة التي تسعى لتعزيز التواجد في القارة، مثل مبادرة "الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار"، وبالتالي يُرجح ان تتقدم اليابان بخطوات متسارعة لتعزيز تواجدها في القارة الفترة المقبلة، على أن يشمل ذلك التركيز في المقام الأول على تحقيق الأمن الغذائي والدعم المالي لميزانيات بعض الدول الافريقية، وذلك للتماهي مع أولويات تلك الدول، ومن ثم يتم توجيه التركيز إلي مشاريع التنمية عل كافة المستويات والمجالات.

- بالنسبة للمناطق الفرعية التي ستوليها اليابان الأولوية، فيرجح تركيزها على دول القرن الافريقي التي تواجه أزمة بسبب الجفاف وصعوبة الحصول على الغذاء من الخارج، وبالتالي قد تتجه اليابان لتمويل توريد الغذاء لتلك الدول، ولا يستبعد ان يتم ذلك من خلال دول افريقية –ان امكن- في إطار تعزيز التكامل الافريقي، وهو ما سيعزز دور اليابان في القارة التي ترى أن منطقة شرق افريقيا والقرن الافريقي لها أهمية جيوستراتيجية لتمركزها على ممر ملاحي مهم يربط الشرق بالغرب، وكذا الربط مع المحيط الهندي الذي يشهد توترات بسبب التنافس الأمريكي الصيني. 

قررت المغرب وفق بيان لوزارة خارجيتها في 26 اغسطس 2022 استدعاء سفيرها في تونس من أجل التشاور عقب إستقبال الرئيس التونسي قيس سعيد زعيم جبهة البوليساريو" إبراهيم غالي"، للمشاركة في قمة التعاون الاقتصادي الإفريقي - الياباني، ولذا أعلنت المغرب مقاطعتها القمة، وهو ما ردت عليه تونس باستدعاء سفيرها لدى المغرب للتشاور أيضاً.

التحليل:

- أن ما اقدمت عليه تونس حيال زعيم جبهة البوليساريو خلال استقبال الرئيس التونسي للوفود المشاركة في القمة اليابانية الأفريقية المنعقدة في تونس يومي 27 و 28 اغسطس الجاري، جاء في توقيت بالغ الأهمية حيث تعول تونس من جانب على هذه القمة من أجل جذب الإستثمارات اليابانية وتعزيز شراكة تونس مع الخارج لاسيما في أفريقيا وأوروبا من أجل المساهمة في النهوض بالاقتصاد التونسي، إلا أن استقبال زعيم جبهة البوليساريو يُعيد إلي الأذهان الأزمات الدبلوماسية التي وقعت بين المغرب من جانب واسبانيا والمانيا من جانب أخرى حول قضية الصحراء الغربية، والتي انتهت بعد أشهر بتراجع مدريد وبرلين عن موقفيهما، لصالح دعم الرؤية المغربية في تسوية قضية الصحراء.

- علاوةُ على ما سبق، يعرقل السلوك التونسي التوقعات المغربية المنتظرة فيما يخص قضية الصحراء التي تمثل مسألة مصيرية بالنسبة للمغرب، وهو ما برزت مؤشراته على لسان العاهل المغربي محمد السادس منذ أيام (20 اغسطس الجاري)، حيث أكد بأن بلاده تقييم علاقاتها مع دول العالم سواء الشركاء التقليديين أو الجدد، بمدى تبنيهم مواقف واضحة بخصوص مغربية الصحراء، ولقد أوضح الملك ولأول مرة في خطابه الرسمي حجم المكتسبات التي تمكنت بلاده من تحقيقها في خلال الفترة السنوات القليلة الماضية ومنها كسب إشادة العديد من الدول الأجنبية مثل مواقف الولايات المتحدة وألمانيا وغيرها

-  عمدت قوى الإسلام السياسي وتحديداً حزب العدالة والتنمية المغربي إلي تأكيد حرصه على محورية قضية الصحراء بالنسبة للنظام المغربي، وذلك في محاولة منه لتحقيق هدفين رئيسيين أولهما التقرب من النظام بعد الخسارة الكبيرة التي لحقت الحزب في الانتخابات العامة الأخيرة وأرجعته إلي صفوف المعارضة بعد سنوات من الصعود السياسي، ثانيهما محاولة الحزب حث حركة النهضة الاسلامية التونسية على توظيف تداعيات استقبال زعيم البوليساريو من أجل إضعاف صورة المؤسسات التونسية لاسيما الرئاسة والحكومة أمام الرأي العام، في ظل ما تعانيه الحركة الآن من عزلة سياسية في أعقاب حركة التصحيح التي حيدت الحركة وحلفائها عن حكم البلاد.

-  ثمة ترجيحات بأن الدوافع التي قادت نحو قيام تونس باستقبال زعيم البوليساريو جاءت مدفوعة بدور خفي من قبل الدبلوماسية الجزائرية التي لعلها تستهدف تحقيق مكاسب جديدة لصالح جبهة البوليساريو سياسياً وإعلامياً في مواجهة المغرب، من خلال استغلال الجزائر الأوضاع السياسية والاقتصادية المتأزمة في تونس وما فرضته كل من جائحة فيروس كوفيد 19 والحرب بين روسيا وأوكرانيا من تداعيات كثيرة، في الضغط على تونس كي تتخذ ترتيبات لإظهار الاحتفاء الرسمي بزعيم البوليساريو، مدعماً بالتغطية الإعلامية، في مقابل ما اتخذته الجزائر مؤخراً من خطوات لصالح تونس كزيادة إمدادات الكهرباء والغاز الجزائري إلي تونس، كما سمحت الجزائر في يوليو الماضي بفتح الحدود البرية المغلقة مع تونس بعد إغلاق دام عامين، استجابة لدعوات تونسية بإعادة حركة السياحة الجزائرية إلي تونس

 التوقعات:

- برغم أن الأزمة الدبلوماسية الناشئة بين المغرب وتونس تبقى مرشحة للاستمرار على المدى المتوسط، وقد تدرس المغرب القيام بخطوات تصعيدية في مواجهة تونس، كأن تفرض إجراءات حمائية على التبادل التجاري معها من أجل دفع تونس لمراجعة موقفها الذي حاد نحو محور جبهة البوليساريو والجزائر وجنوب أفريقيا.

-  من المستبعد أن تقدم المغرب على إعلان السفير التونسي شخصاً غير مرغوب، أو أن تقطع العلاقات بشكل نهائي مع تونس، إذ أن ذلك لا يمثل خياراً مفضلاً للسياسة المغربية التي تكرر في خطابها إلي خصومها عامةً الدعوة بأهمية تطبيع العلاقات الدبلوماسية وتجاوز الخلافات.

-  من شأن التطورات الأخيرة على صعيد العلاقات المغربية التونسية أن يتزايد التوتر في المنطقة المغاربية، الأمر الذي يتوقع أن ينعكس على عدة مسارات ومن أهمها أولاً احتمال تعطيل مسار التسوية السياسية التي تسعي الأمم المتحدة - مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديمستورا - لإحيائها من جديد لإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء الغربية، ثانياً احتمال فرض مزيد من التأزم في مسار تفعيل اتحاد المغرب العربي إذا ما تمكنت الجزائر من تثبيت استقطاب تونس إلي محورها، ثالثاً بروز خلافات عربية خليجية مع تونس لاسيما أن دول الخليج تساند وحدة الأراضي المغربية.

شهدت الايام الاخيرة تصاعداً حاداً في مستويات التحشد العسكري في غرب ليبيا من قبل المجموعات المسلحة التابعة للحكومتين المتنافستين، وهو ما بات ينذر باحتمالية عودة الاشتباكات المسلحة، في ظل الحديث عن تحركات راهنة لرئيس حكومة الاستقرار الليبي المكلفة من قبل البرلمان "فتحي باشاغا" لدخول العاصمة طرابلس.

التحليل

-   تأتي هذه التحشيدات في ظل استمرار تمسك رئيس حكومة الوحدة الوطنية المقالة "عبد الحميد الدبيبة" بالبقاء في السلطة، ورفضه تسليمها إلى حكومة الاستقرار المكلفة من قبل البرلمان برئاسة "فتحي باشاغا".

-   كانت الأسابيع الاخيرة قد شهدت تحركات مكثفة من قبل باشاغا في غرب ليبيا، نجح خلالها من حشد دعم واسع من المجموعات المسلحة في غرب ليبيا، خاصةً في مصراته والزاوية والزنتان، فضلاً عن الدعم القبلي الواسع لباشاغا في غرب ليبيا، وهو ما انعكس في اللقاءات التي عقدها "فتحي باشاغا" مؤخراً مع عدد من أعيان وحكماء غرب ليبيا، والتي أعلن بعدها عن وجود دعوات مكثفة له للدخول إلى العاصمة.

-  تمكن باشاغا من تطويق حكومة الدبيبة داخل العاصمة، حيث اصبحت حكومة الوحدة الوطنية محاصرة داخل طرابلس، فيما يستمر التحشيد العسكري للمجموعات المسلحة الموالية لباشاغا على تخوم طرابلس وفي ضواحيها، حيث رصدت بعض التقارير وصول مجموعات مسلحة قادمة من مصراته بقيادة "سالم جحا"، وقد تمركزت هذه المجموعات في جنوب طرابلس عند منطقة "العزيزية"، إلى جانب المجموعات المسلحة من الزنتان والتي يقودها "اسامة الجويلي".

-  في المقابل، تستمر تحركات الدبيبة داخل طرابلس لحشد المجموعات التابعة له واعادة التمركز داخل العاصمة واغلاق المنافذ المؤدية إلى وسط طرابلس ومقار الحكومة والمؤسسات السيادية، والعمل على زيادة حجم الانفاق علي المجموعات المسلحة التابعة للدبيبة لضمان استمرار ولائها وعدم التحول إلى دعم باشاغا. كما أصدر الدبيبة قراراً باعادة هيكلة "جماعة القوة المشتركة مصراتة" تحت مسمى جديد هو "لواء ليبيا"، وعمد إلى تخصيص موارد مالية ضخمة لها، وتكليفها بمحماية مقر رئاسة الحكومة بالعاصمة طرابلس، إلى جانب "قوة حماية الدستور".

-  كذا، تصاعدت حدة الخطاب بين باشاغا والدبيبة، فبينما طالب باشاغا من حكومة الدبيبة تسليم السلطة بشكل سلمي لتجنب البلاد اندلاع صراعات جديدة، داعياً المجموعات المسلحة الموالية للدبيبة إلى الانضمام الى الشرعية، في المقابل هدد "عبد الحميد الدبيبة" باستخدام القوة ضد أي محاولة لدخول طرابلس.

-  وفي ظل حالة الاستنفار الحادة في غرب ليبيا، تزايدت حدة التخوفات الداخلية والدولية من إحتمالية اندلاع مواجهات مسلحة، قد تتفاقم لحالة حرب أهلية جديدة، وهو ما دفع الولايات المتحدة والبعثة الاممية إلى التحذير من مخاطر انزلاق البلاد لحرب جديدة.

التوقعات

-   في إطار المعطيات السابقة، يمكن ترجيح ما يلي:

1- ثمة حالة من الغموض التي تهيمن على المشهد الراهن في غرب ليبيا، وبينما ترجح بعض التقديرات احتمالية اندلاع مواجهات مسلحة خلال الايام المقبلة، وأن التحشيدات العسكرية التي تقوم بها حكومة باشاغا هي استعدادات حقيقة لدخول طرابلس، أعتبرت تقديرات أخرى بأن هذه التحشيدات هي مجرد محاولة للضغط على القوى الدولية والاقليمية للانخراط بشكل فاعل في الملف الليبي، والضغط بدورها على حكومة الدبيبة لقبول تسليم السلطة.

2- لا تزال هناك إمكانية لإنخراط دولي فاعل للحيلولة دون إندلاع المواجهات المسلحة في غرب ليبيا، وربما تشهد الفترة المقبلة تحركات دولية واقليمية مكثفة للضغط على الاطراف الداخلية من أجل العودة للحوار وتجنب التصعيد، وهو ما انعكس في البيان الامريكي الاخير الذي طالب بالتوقف الفوري عن التصعيد من قبل كافة الاطراف.

3- يمكن أن تشهد الفترة المقبلة تدخل بعض القوى الاقليمية للقيام بدور الوساطة والتوصل إلى تسوية بين الأطراف المتصارعة، تجنب ليبيا إندلاع حرب جديدة.

يبدأ الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" زيارة رسمية إلى الجزائر، في 25 أغسطس الجاري، ولمدة ثلاثة أيام، وهي الزيارة الأولى لماكرون إلى الجزائر منذ عام 2017، وبالتالي فهي تحظى بأهمية خاصة، لاسيما في ظل التوترات التي كانت شهدتها علاقة البلدين نهاية العام الماضي.

التحليل:

- عكس الوفد المرافق للرئيس الفرنسي خلال زيارته إلى الجزائر مدى أهمية هذه الزيارة، حيث ضم الوفد كل من وزيرة الخارجية "كاترين كولونا"، ووزير الاقتصاد "برونو لومير"، ووزير الداخلية "جيرالد دارمانان"، فضلاً عن عميد مسجد باريس الذي ينحدر من أصول جزائرية "شمس الدين حفيز"، إلى جانب نائبين من البرلمان الفرنسي أيضاً من أصول جزائرية.

-  تأتي زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر في إطار جملة من السياقات المهمة، والتي يمكن رصدها خلال النقاط التالية:

1-   الخلافات الدبلوماسية التي كانت شهدتها علاقة البلدين نهاية العام الماضي، بسبب تصريحات ماكرون ضد تاريخ الأمة الجزائرية، والذي بلغ ذرته بسحب الجزائر سفيرها من باريس، فضلاً عن الاعلان عن حظر مرور الطائرات المدنية والعسكرية الفرنسية فوق المجال الجوي الجزائري، بيد أن حدة التوترات كانت قد تراجعت خلال الاشهر الاخيرة.

2-  تصاعد حدة أزمة الطاقة العالمية جراء الحرب الروسية الاوكرانية، ومساعي القوى الأوروبية للبحث عن بدائل أخرى بعيدة عن الغاز الروسي.

3- التحولات التي تشهدها منطقة الساحل الافريقي بعد خروج قوة "برخان" الفرنسية من مالي منتصف أغسطس الجاري، حيث تشهد باريس تحديات عديدة تهدد مناطق نفوذها التقليدي في غرب إفريقيا.

-  وفي هذا السياق، يسعى الرئيس الفرنسي إلى تحقيق جملة من الأهداف خلال زيارته الحالية إلى الجزائر، تتمثل فيما يلي:

1-   محاولة طوي صفحة الخلافات الدبلوماسية التي شهدتها العلاقات الفرنسية- الجزائرية مؤخراً، ومحاولة تعزيز علاقاته بالشباب الجزائري.

2-   التوصل إلى إتفاق بشأن زيادة حجم امدادات الغاز الجزائرية، خاصةً وأن الوفد المرافق لماكرون سيضم رئيسي شركة "إنجي" للهيدروكربونات وشركة "فري" للتكنولوجيا.

3-   إيجاد تفاهمات مع الجزائر بشأن ملف الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، في ظل التصاعد الحاد في وتيرة الهجرة إلى أوروبا.

4-   محاولة استعادة الشراكة الاستراتيجية مع الجزائر، خاصةً في ظل التقارب الجزائري الراهن مع عدد من الفواعل الاخرى، الامر الذي انعكس على مصالح باريس في الجزائر، حيث خسرت فرنسا مكانتها السابقة كأكبر شريك تجاري للجزائر لصالح الصين وتركيا، فيما تشهد علاقات التعاون العسكري الجزائري مع روسيا تنامياً كبيراً، فضلاً عن تحول الجزائر في علاقاتها الأوروبية إلى تفضيل الشريك الإيطالي، ومن ثم تسعى باريس لاعادة تعزيز شراكتها الاقتصادية مع الجزائر. 

5-   طرح وساطة فرنسية لتسوية الخلافات القائمة بين الجزائر وكل من المغرب واسبانيا.

-   في المقابل، يمكن رصد عدد من الأهداف الجزائرية التي يمكن أن تسعى الاخيرة تحقيقها من هذه الزيارة، تتمثل فيما يلي:

1-   محاولة الحصول على اعتذار رسمي من ماكرون عن التصريحات التي كان الأخير قد ادلى بها العام الماضي عن تاريخ الجزائر ونخبتها الحاكمة.

2-   التوصل إلى إتفاقات بشأن استثمارات فرنسية واسعة في الجزائر، بما يعزز من وضعية الاقتصاد الجزائري.

3-   الاستفادة من اسعار الطاقة المرتفعة من أجل أبرام مزيد من العقود الكبيرة.

التوقعات:

-   في إطار المعطيات السابقة، يمكن ترجيح ما يلي:

1-   يمكن أن تشهد زيارة ماكرون بعض التقدم في ملف التاريخ والذاكرة مع فرنسا، بل ان بعض التقديرات ترجح إمكانية أن يقدم ماكرون خلال زيارته على الاعراف بانتهاكات الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

2-   استبعاد أن تشهد هذه الزيارة توقيع أي اتفاقيات بين البلدين، وهو ما ألمحت إليها باريس، إذ يبدو أن هذه الزيارة تستهدف التوصل إلى تفاهمات عامة يتم ترجمتها فيما بعد إلى جملة من الاتفاقيات المشتركة.

3-   صعوبة نجاح أي وساطة فرنسية لتسوية الخلافات القائمة بين الجزائر والمغرب، لكن ربما تشهد علاقة الجزائر باسبانيا بعض التقدم لاسيما على مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

كشفت وكالة "إنترفاكس" الروسية في 23 أغسطس 2022، أن وزارة الصناعة والتجارة الروسية أعدت قائمة بالمناطق الاقتصادية الخاصة الموجودة في 14 دولة صديقة، وهي إيران، الصين، منغوليا، فيتنام، أذربيجان، أرمينيا، كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان، مصر، الإمارات، المغرب، وتركيا، التي يمكن للشركات الروسية أن تقيم أعمالاً فيها، وذلك في ضوء العقوبات المفروضة على روسيا من الدول غير الصديقة، وصعوبات شراء المواد الخام والمكونات والمعدات المستوردة التي يستخدمها المصنعون الروس.

وقد تم تجميع هذه القائمة نتيجة عمل الوزارة مع البعثات التجارية الروسية في الخارج، حيث تم تجميع المعلومات حول المناطق الاقتصادية الخاصة في البلدان الصديقة (95 موقعاً محتملاً)، وتم نقل المعلومات حول المواقع في الخارج إلى كبرى الشركات الصناعية الروسية وجمعيات الأعمال بنهاية يوليو 2022.

التحليل:

- تأتي الخطوة الروسية في إطار التصدي لمحاولات عزلها وحصار نشاطها الاقتصادي من قبل الدول الغربية، لأن بناء كيانات روسية في المناطق الاقتصادية الخاصة بالدول المذكورة، سيتيح حصولها على مستلزمات الإنتاج والسلع النهائية التي يحتاجها المُصنّع الروسي وتجاوز العقوبات التي تقيد استيرادها من السوق العالمي، وفي ذات الوقت يمكن تصدير ما يتم إنتاجه من تلك المصانع إلي روسيا أو إلي أي مكان بالعالم.

-  سيعزز ذلك الاجراء من المصالح المشتركة بين روسيا والدول المذكورة التي تحتاج لاستثمارات أجنبية لتعزز اقتصادها الوطني، وفي ذات الوقت قد تزيد موسكو من صادراتها لتلك الدول لتعويض تراجع التصدير للدول الأوروبية، تحسباً من حدوث اختناقات في قطاعات الإنتاج الروسية.

- تسعى موسكو لتوطيد شبكة علاقاتها الدولية على كافة ، وفي نفس الوقت تسعى لتعزيز تواجدها في العديد من المناطق مع خفض حالة عدم الاستقرار بها، وهو ما يبرزه جهود الوساطة لتقليص التوتر بين تركيا والنظام السوري، إضافة إلى تعزيز علاقاتها العسكرية عبر إقامة مناورات وتدريبات مشتركة مع بعض الدول، مثل تلك التي سيتم إجراءها مع الجزائر في شهر نوفمبر 2022، وتستهدف تلك التحركات الحفاظ على تواجد روسي أصيل في العديد من الملفات لإبراز دورها المستمر كلاعب فاعل في التأثير على الأمن والاستقرار العالميين، وأن دورها لا يقتصر فقط على إمدادات الطاقة وبعض السلع، والتي يمكن توفير البديل لها خلال الفترة المقبلة.

التوقعات:

- ترتبط الحركة النشطة التي تقوم بها روسيا  بمدى استجابة الدول الصديقة (كما أطلقت عليها)، وفي نفس الوقت رد فعل الدول غير الصديقة، وبالتالي من غير المرجح أن تتجه الدول الغربية لفرض عقوبات أو الضغط على الـ14 دولة سالفة الذكر لدفعها لعدم التعاون مع موسكو، وذلك تحسباً من أي ردود فعل روسية قد تعمق من حالة الركود المتوقعة في الاقتصاد العالمي الفترة المقبلة، وأيضاً لتجنب أي رفض من الدول الـ14 التي ترغب غالبيتها في جذب استثمارات أجنبية لإنعاش اقتصاداتها، خاصة أن ذلك يمس السيادة الوطنية في فترة حرجة يمر بها الاقتصاد العالمي، وفي ذات السياق قد تتحسب الدول الغربية من تشويه صورتها في حالة فرض عقوبات والرجوع فيها، أو تبُيّن عدم فاعليتها كما تؤكد العديد من وسائل الاعلام الغربية.

- من المرجح تركيز السياسة الخارجية الروسية الحالية على مناطق بعينها، أبرزها آسيا الوسطى والقوقاز، والشرق الأوسط وشمال افريقيا، مع بناء مراكز تصنيع روسية في تلك المناطق، وذلك في إطار السعي الروسي لخلق شبكة تعاون اقتصادي متعددة الأطراف في نطاقات إقليمية محددة، بما يسهم في تجاوز العقوبات الغربية بشكل أكثر فاعلية، خاصة إذا ما تم ربط تلك المراكز ببعضها البعض كسلسلة توريد واحدة، بل وقد يشجع ذلك العديد من الدول والشركات الدخول في تلك المراكز، أو حتى استيراد ما يتم إنتاجه منها، وهو ما يعني تكريس دور وأهمية روسيا والدول النامية في الاقتصاد العالمي.

 

قام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "كريم خان" بزيارة رسمية إلى السودان خلال الفترة 20 - 25  أغسطس الجاري، وذلك بهدف البحث في مسألة تسليم السلطات السودانية للرئيس المعزول "عمر البشير" واثنين من كبار معاونيه (وزير الدفاع الأسبق "عبد الرحيم محمد حسين" - وزير الدولة "أحمد هارون") للمحكمة الجنائية لمحاكمتهم في الاتهامات الموجهة إليهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور عام 2003.

التحليل:

- اكتسبت زيارة مدعي العام المحكمة الجنائية الدولية للخرطوم في هذا التوقيت أهمية خاصة، نظراً لأنها تعد الزيارة الثانية التي يقوم بها مدعي الجنائية للخرطوم منذ شهر أغسطس 2021، عندما تم توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة الانتقالية السابقة تقضي بتبادل المعلومات وتسليم المتهمين في ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية للمحكمة الجنائية الدولية.

- دفعت الاشتباكات القبلية والعرقية المتصاعدة في دارفور منذ مطلع العام الجاري، بالمحكمة الجنائية الدولية لإعادة الاتصالات بالسودان، بعد أن تسببت هذه الاشتباكات في مقتل وإصابة آلاف الأشخاص منذ مطلع العام الجاري، كما تعالت الأصوات المطالبة للمحكمة الجنائية الدولية بتحقيق العدالة؛ لأن تأخير التحقيقات شجعت على ارتكاب المزيد من الانتهاكات داخل إقليم دارفور، وهو ما يفسر زيارة مدعي الجنائية الدولية لمعسكرات النازحين في دارفور

- تأتي هذه الزيارة أيضاً في اطار الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي على المكون العسكري في السودان لدفعه نحو تسليم باقي المطلوبين على قائمة الاتهامات ومحاكمتهم لإنصاف ضحايا ما تعتبره المحكمة "جرائم حرب" وقعت في دافور، وخاصة بعد تسليم "علي كوشيب" نفسه للمحكمة.

-  كما تسعى المحكمة عبر الزيارة لإعادة تنشيط الاتصالات بالسلطات الانتقالية السودانية، وذلك بعد أن تم تعليق عمل فريق التحقيق التابع للمحكمة داخل السودان؛ بسبب إجراءات 25 أكتوبر الماضي، وقيام مدعي الجنائية الدولية بإرسال تقرير إلى مجلس الأمن الدولي في شهر يناير الماضي لإبلاغه بوقف أنشطة التحقيقات بعد أن تسببت إجراءات 25 أكتوبر في انعدام للأمن وعدم الاستقرار السياسي في السودان.

التوقعات:

- من المتوقع أن تتواصل الضغوط الدولية على السلطات الانتقالية السودانية لاتخاذ المزيد من الإجراءات الأمنية لمنع تجدد الاشتباكات المسلحة وحفظ الأمن والسلم داخل ولايات دارفور، وتحسين أوضاع اللاجئين هناك.

- من المتوقع أن يتم تأجيل تسليم "البشير" للمحكمة الجنائية الدولية وذلك استناداً إلى تدهور حالته الصحية من جهة، ورفض بعض أعضاء المؤسسة العسكرية تسليمه للمحكمة باعتبار ذلك انتهاكاً لسيادة الدولة السودانية من جهة أخرى.

 

وافق وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس في 5 أغسطس الجاري  على استدعاء 25 ألف جندي احتياطي  في القيادة الجنوبية للجيش بهدف تعزيز قدراتها ،  ودعم مقدرات الدفاع الجوي، وقيادة الجبهة الداخلية، والقوات المقاتلة علي الجبهات المختلفة ، كما أمر وزير الدفاع  بالانتقال إلى حالة الطوارئ، وفتح غرفة العمليات العليا لقيادة الأركان. كما  وقع وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، على أوامر تجنيد واستدعاء لعشرة فرق من حرس الحدود لنشرها في إسرائيل، وتحديداً في المدن الساحلية الفلسطينية ، مثل عكا وحيفا واللد والرملة.

التحليل:

1. الاهداف علي (المستوي السياسي)

  • نقل رسالة استباقية للفصائل الفلسطينية بأن الجيش الاسرائيلي سيصعد في نطاق عملياته ، وأنه لن يتعامل مع حالة الوضع الراهن لتمركز القوات  في مناطق وجودها .
  • مخاطبة الجمهور الاسرائيلي بالاساس بقدرة وزارة الدفاع ووزيرها بيني جانتس  علي توفير الحماية للشعب الاسرائيلي ، وبأن اسرائيل لديها القدرة القتالية الكاملة بما في ذلك التعبئة المتتالية  .
  • رغبة وزير الدفاع الاسرائيلي بيني جانتس في الرد علي المعارضة الاسرائيلية ،  ورئيسها نتنياهو بأنه لا تراجع أو تهاون في الدفاع عن أمن الدولة والتأكيد علي المواجهة الكاملة وليس الرد علي ضربات ضاروخية .
  •  تأكيد مكانة وزير الدفاع بيني جانتس في قلب الخريطة السياسية الحزبية باعتباره لاعبا مركزيا ورئيسيا ،  وقادر علي القيام بدوره العسكري خاصة وأن يحظي بدعم وتأييد غير مسبوق من قيادات أجهزة المعلومات ورئيس الاركان أفيف كوخافي.

2.    الاهداف علي (المستوي العسكري) 

  •  تفعيل توجيهات التدريبات والمناورات التي قام بها الجيش الاسرائيلي طوال ال50 يوما الاخيرة /  والمتعلقة بالتعامل مع أية مهددات تمس الامن القومي الاسرائيلي من الجبهات المختلفة سواء جبهة حزب الله أو قطاع غزة أو التعامل مع الخطر الايراني .
  •   اختبار تنفيذ الاجراءات الاستثنائية لعملية الاستدعاء في الظروف الاستثنائية والعادية بعد الاتهامات الاخيرة من بعض الجنرالات السابقين لوزارة الدفاع بالفشل في الحشد واستدعاء الاحتياطي في الظروف العادية.
  •  تقييم تنفيذ  توصيات خطة تطوير الجيش الاسرئيلي في مراحلها الراهنة  والتي من المفترض أن تنتهي في نوفمبر 2024 وتشمل وسائل التعامل الاستباقي مع المخاطر والتحديات من جبهة غزة تحديدا .
  •   اختبار مباشر لقدرة لواء جولاني ، وهو من القوة التي تم استدعائها  وهو من ألوية النخبة العسكرية في العمل في مسارح عمليات متعددة بعد التطوير الذي جري في بنية بعض الافرع والتشكيلات الاسرائيلية .
  •  تنفيذ توصية التدريبات والمناورات الاسرائيلية المعروفة باسم تحول 2022،  والتي طالبت بضرورة اختبار مناعة الدولة وقدراتها علي العمل في ظروف استثنائية من خلال التعبئة والحشد الدوري في مختلف الأجواء .

3.    التفسيرات المباشرة   :

  •  يعتبر هذا الاجراء رمزيا وله دلالاته السياسية والاستراتيجية النظرية خاصة وأن جبهة الجنوب مع قطاع غزة تعمل بكفاءة وفي نطاق ما يعرف باسم منطقة غلاف غزة.
  •  أن عملية الاستدعاء للجنود الاحتياط أي كان عددها تتم بصورة روتينية ،  وفي كل المواجهات مع قطاع غزة وتتم في الايام الاولي للمواجهة ( صدر القرار في الساعات الاولي من بدء الضربات علي القطاع ) ،وكجزء من تطبيق ما سُمي "العبر المستخلصة من عدوان حامي الأسوار" في العام الماضي.
  •  وكان الكنيست الإسرائيلي قد أقرّ قبل عدة أشهر تعديلين لقانون خدمة قوات الأمن: يسمح الأول للجيش بتحويل ونشر قوات من حرس الحدود في البلدات والمدن داخل إسرائيل، تحت ذريعة ضمان الاستقرار والقانون في حال اندلاع حرب جديدة أو تصعيد عسكري، سواء على الجبهة الشمالية أو الجنوبية. أما التعديل الثاني، فيخوّل إلى الجيش وحرس الحدود مواجهة الأسرى الفلسطينيين.
  •   أن قرارات الاستدعاء التي تتم بقرار من وزير الدفاع لا تحتاج لتصديق من الكنيست الاسرائيلي وغالبا ما تعود الي مهامها بعد انتهاء المواجهات وهو ما جري في المواجهتين الاخيرتين .
  •    يعتبر هذا الاجراء وسيلة ردع ليس أكثر ويتم التعامل معه من الجانب الفلسطيني علي أنه اجراء  احترازي ليس أكثر  وفي اطار شن الحرب النفسية علي سكان قطاع غزة بالاساس.
  •  أن هذه القوات التي يتم استدعائها خاصة بالاجتياحات البرية والدخول في عمق القطاع  وهو أمر غير وارد وغير مطروح تماما في هذه المواجهة لاعتبارات داخلية واقليمية عديدة .
  •  توجيه رسالة طمأنينة لسكان المستوطنات القريبة من قطاع غزة بأن الجيش الاسرائيلي يتبني كل الخيارات والبدائل والسياسات العسكرية لتوفير الامن المطلوب .

التوقعات:

‌- لن يؤثر قرار الاستدعاء للجنود الاسرائيلي علي مسارات التعامل العسكري الراهن   بصورته التقليدية ، وفي ظل التوقع بعدم استخدام أية قوات برية في المواجهة الراهنة لضعف القدرات القتالية لعناصرها علي الارض.

‌- من المرجح أن تتنامي المزايدات الحزبية في اسرائيل في خضم ما يجري خاصة وأن الوضع السياسي غير المستقر سيسمح بمزيد من التحفظات علي طبيعة ما سيجري من عمليات حيث من المرجح أن تتعامل المعارضة الاسرائيلية مع الموقف الراهن من منطق حزبي ضيق ، ووفق اتهام وزير الدفاع بيني جانتس ورئيس الاركان  أفيف كوخافي بالبحث عن مصالح شخصية  وبالفشل المسبق في التعامل مع التهديدات الراهنة.

-  سيستمر تخوف المستوطنيين الذين يقيمون في منطقة غلاف غزة من استمرار اطلاق الصواريخ أي كانت تأثيراتها خاصة وأن وجود الاف المستوطنيين في الملاجيء يوميا سيؤدي للشعور بفشل حكومي عام وليس وزارة الدفاع عن حياتهم .

-  سيتم استثمار الموقف الراهن مع جبهة غزة بصورة جيدة من الحكومة الاسرائيلية في التسريع بالحصول علي التمويل الاضافي لتطوير منظومة القبة الحديدية  وبرنامجي حيتس 1/2 اضافة لمنظومة الليزر لتأمين السموات الاسرائيلية.

- سيعلي المستوي العسكري من انتقاداته للمستوي السياسي بأنه غير قادر علي ادارة التعامل مع جبهة غزة وأنه قد ثبت  فعليا بأن تثبيت الهدنة والتوصل الي حالة لهدنة الكاملة يحتاج إلي آليات أخري أكثر ردعا وتعاملا  وهو ما سيؤثر في كل الاحوال علي مسارات العملية الانتخابية  في نوفمبر المقبل .

أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل" في 31 أغسطس 2022، أن وزراء خارجية دول الاتحاد اتفقوا على تعليق اتفاقية مُبرمة في عام 2007 لتسهيل إصدار تأشيرات إقامة قصيرة المدة في دول الاتحاد للروس، وبالتالي تعليق الاتفاق سيجعل حصولهم على التأشيرات أكثر صعوبة.

لفت "بوريل" إلى أن الدول الأوروبية المتاخمة لروسيا يمكنها اتخاذ إجراءات على المستوى الوطني لتقييد دخول الروس إلى الاتحاد الأوروبي، وفي ذات الوقت أكد على أهمية السماح وتيسير سفر أعضاء المجتمع المدني الروسي إلى الاتحاد الأوروبي.

التحليل:

- تأتي خطوة عرقلة استقبال دول الاتحاد الأوروبي للمواطنين الروس في إطار توظيف الاتحاد جميع أدواته الممكنة للضغط على موسكو، واستهدفت تلك الخطوة تحديداً المواطنين العاديين، وهي الخطوة التي قد تؤدي لمزيد من الحنق وإثارة الرأي العام الداخلي بروسيا، وذلك مع وضع استثناء للنشطاء في المجتمع المدني الروسي الذي قد يكون لهم دور في تحفيز المواطنين الروس للضغط على النظام، ويأتي ذلك في بموازاة ضغوط موسكو على الدول الأوروبية التي تستهدف إثارة الرأي العام الأوروبي أيضاً، على خلفية ارتفاع تكاليف المعيشة بسبب خفض إمدادات روسيا من الطاقة، والتي كان اخرها وقف ضخ الغاز الطبيعي عبر خط انابيب "نورد ستريم-1" بشكل مؤقت.

- إن تعليق اتفاقية 2007 سيسفر عن صعوبات في منح التأشيرات للروس الراغبين في دخول دول الاتحاد الأوروبي، نتيجة تزايد التكلفة والوقت اللازمين للحصول على التأشيرة، مع الوضع في الاعتبار أنه قد تم بالفعل تعليق أجزاء من اتفاقية 2007 المتعلقة بحرية تنقل المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال المقربين من الرئيس الروسي في فبراير الماضي.

إن الانقسام الداخلي في الاتحاد يعرقل من فرض ضغوط مؤثرة على روسيا، وأبرز ذلك التباين الداخلي الراهن في الاتحاد الأوروبي ما بين وقف اتفاق 2007 لإلغاء المعاملة التفضيلية لمواطني روسيا عند دخول الاتحاد الأوروبي، أو الاكتفاء بالإجراءات الاخيرة مع إمكانية تشديد دخول الروس لدول الاتحاد ووضع حصة لدخولهم، أو حتى فرض حظر شامل على دخول الروس للأراضي الأوروبية.

التوقعات:

-  يُرى أن العديد من قرارات الاتحاد الأوروبي للضغط على موسكو، مثل الخطوة الأخيرة، قد لا يكون لها أثر كبير على الداخل الروسي، خاصة وأن تلك القرارات غير صارمة وغير ملزمة على كافة الدول، ويدلل على ذلك ما ذكره زير خارجية الدنمارك "جيب كوفودكما" بأن عقد اجتماع وزراء الخارجية –المشار إليه سلفاً- في براغ بصورة غير رسمية قد يسفر عنه عدم صدور قرار قانوني بذات الشأن، وبالتالي قد تشهد الفترة المقبلة تحركات أوروبية لإصدار قرارات أو لائحة تنفيذية تتبناها الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لتقييد دخول الروس، وقد يشمل ذلك وضع حد أقصى لعدد التأشيرات التي ستُمنح للسياح الروس، مع منح صلاحيات للدول في تقييد حركة الروس عبر حدودها داخل التكتل الأوروبي.  

- إن تعطيل منح التأشيرات وليس الحظر قد يخفض من عدد السياح الروس لأوروبا، وهو ما سيفقد العديد من الدول الأوروبية جزء من الإيرادات السياحية، وفي المقابل سيتجه العديد من الروس لوجهات سياحية أخرى لا تضع تعقيدات على دخولهم لأراضيها، ولا يستبعد أن تقوم موسكو بتقييد السفر لبعض دول الاتحاد الأوروبي في إطار الضغط المتبادل، وتعتبر ألمانيا (من إحدى معارضي فرض الحظر الشامل على دخول الروس للاتحاد الأوروبي)، واليونان وقبرص من أكبر دول الاتحاد المتوقع تراجع إيراداتها من السياحة الروسية، وبالتالي قد يشكل قرار تعليق دخول السياح الروس للاتحاد الأوروبي مثار جدل الفترة المقبلة بين الدول الأعضاء.

Pages