الاتفاق النووي الإيراني وتداعياته الاستراتيجية

الثلاثاء, ديسمبر 3, 2013 - 22:30

نوع الفعالية:

عقد المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط حلقة نقاشية حول "الاتفاق النووي الإيراني وتداعياته الاستراتيجية "، وذلك يوم الثلاثاء الموافق 3/12/2013، وحضر الحلقة  مجموعة من الخبراء والمتخصصين في الشئون الإيرانية والعربية، حيث كان من بينهم السيد السفير الدكتور محمد شاكر رئيس مجلس أمناء المركز ورئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، والدكتور يسري أبو شادي كبير خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس قسم الضمانات سابقاً، والأستاذ محمد عباس ناجي باحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ومنسق مجلة "مختارات إيرانية"، والأستاذ محمد عز العرب باحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، والدكتور حسن أبو طالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كما حضر ورشة العمل عدد من الإعلاميين وباحثين وخبراء المركز القومي لدارسات الشرق الأوسط.  

استهل الدكتور محمد مجاهد الزيات رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط الحلقة النقاشية بكلمة أكد فيها علي أن الاتفاق النووي الأخير الذي وُقع بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في الأمم المتحدة، يساعد إيران علي الاحتفاظ ببرنامجها النووي بمكوناته الأساسية مع العمل علي إيجاد بعض الآليات لضبط هذا البرنامج، ووقف أي تطور فيه يمكن إيران من امتلاك السلاح النووي، كما قام الدكتور الزيات بتقديم عرض وتحليل موجز لهذا الاتفاق حيث اعتبر أن جولة الاتفاق تضمنت ما يمكن تسميته "بسقف مقابل سقف" أي تحديد سقف للبرنامج النووي مقابل وضع سقف على العقوبات التي تم فرضها على إيران، والمقصود بهذا السقف السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم من 3.5% إلى 5%  –سقف التخصيب على مستوى اليورانيوم وليست على الكمية التي يمكن إنتاجها –كما أنه سُمح بموجب هذا الاتفاق لإيران بحرية الوصول إلى 15 مليار من الفصل لعملتهم الصعبة وتبادل الذهب والمعادن النفيسة، وهو ما دفع قطاعات اقتصادية وتجارية في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة للترويج لبرامج استثمارية في قطاعات السيارات والنقل الإيرانية، كما أشار الدكتور الزيات إلي أن المرحلة الانتقالية تعتمد على اختبار النيات للوصول لاتفاق نهائي حيث أن خلاصة ما تم التوصل إليه هو فتح المجال أمام عودة إيران إلى الإقليم وممارسة دورها كقوة إقليمية مؤثرة واعتبار إيران دولة وأمة وليست قضية كما كان الحال في السنوات السابقة منذ 1979 حتى الآن، وهو ما يفتح الباب للتداعيات الاستراتيجية لهذا الاتفاق على اعتبار أنه يمثل بداية واضحة لنوع من الاختراق في علاقات إيران مع الغرب وأمريكا بصورة يمكن أن تؤثر على الأوضاع السياسية في المنطقة العربية والقضايا المثارة بداخله.

أما فيما يتعلق بتحليل الاتفاق النووي الإيراني الأخير من الناحية الفنية والعلمية، قدم الدكتور يسري أبو شادي ورقة في هذا الاطار، تناول فيها تحليل بنود هذا الاتفاق ومدي تأثير هذا سلباً أو إيجابا لكل طرف من الأطراف الموقعة عليها، وكذلك توضيح الخطوة النهائية في طريق الحل الشامل المتوقع في خلال عام من توقيع هذا الاتفاق، حيث استعرض الدكتور أبو شادي في البداية إمكانيات وقدرات إيران النووية الحالية، والتأكيد علي امتلاك إيران منشآت نووية في معظم مراحل دورة الوقود النووي كمصانع تحويل اليورانيوم إلى غاز الموجودة في أصفهان، ومصانع التخصيب في ناتانز وفوردو، علاوة على وجود مصنع تصنيع الوقود في أصفهان أيضاً، بالإضافة إلى عدد من المصانع الأخرى مثل مصنع إنتاج الماء الثقيل في أراك وأنابيب الوقود من الزركنيوم في أصفهان، كما قام الدكتور أبو شادي باستعراض أهم المشاكل المعلقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول الغرب، وتأتي في مقدمتها عدم قيام إيران بإعطاء معلومات عن أي نشاط نووي أو تخطيط مستقبلي لبناء منشآت نووية خارج نطاق اتفاقية منع الانتشار، بما فيها مناجم اليورانيوم ومصانع الماء الثقيل ووحدات التخصيب المتطورة والأبحاث مثل الليزر، إضافة إلي وجود مشاكل ذات أبعاد عسكرية وهي المتعلقة بطلب الوكالة لزيارة موقع بارشين العسكري للاشتباه في استخدامه في اختبارات تفجير مرتبطة بالقنابل الذرية، والاشتباه كذلك في إجراء تجارب لمتفجرات قوية تحت سطح الأرض علي بعد 400 متر.

ثم انتقل الدكتور أبو شادي إلى نقطة أخري في مداخلته وهي تحليل لأهم بنود الاتفاق الأخير، حيث رأي أن البند المرتبط بتعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة الـ 20% لمدة 6 أشهر، لا تأثير له على البرنامج النووي السلمي لإيران، حيث أن الأخيرة أنتجت أكثر مما تحتاج، وليس لديها مبرر حقيقي للاستمرار إلا لاستغلال هذه النقطة في المفاوضات وهو ما حدث فعلاً، أما البند الخاص بالتخلص مما أنتجته إيران من يورانيوم 20% سواء بتصنيعه كوقود إضافي لمفاعل طهران للأبحاث أو بخلطه مع يورانيوم منخفض التخصيب لإنتاج يورانيوم لا يزيد عن 5%، يعد هذا الأمر مكسباً إضافياً للغرب حيث مكنّه من التخلص من هذه الكمية التي يمكن أن تستغلها إيران للوصول العاجل ليورانيوم فوق  90% لتصنيع القنابل الذرية، ومن ناحية أخري يعد هذا البند كذلك مكسباً لإيران حيث نجحت الأخيرة في فرض وجهة نظرها علي الغرب بعدم تصدير هذه الكمية المخصبة خارج أراضيها، كما وضح الدكتور أبو شادي البند المتعلق باستمرار تخصيب اليورانيوم حتي 5% (دون زيادة) وذلك بشروط معينة، وتأتي في مقدمة هذه الشروط عدم زيادة وحدات التخصيب الحالية، وهو ما يمكن اعتباره مكسب للغرب ولإيران علي حد سواء، علاوة على بند متعلق بعدم إنشاء إيران خلال هذه المدة أي موقع جديد للتخصيب بخلاف موقعي ناتانز وفوردو، وهو ما يصب في مصلحة إيران، باستمرار العمل في مصنع تخصيب اليورانيوم المثير للجدل في فوردو، علاوة على الاتفاق علي تطوير أنظمة التفتيش والمراقبة لبرنامج إيران النووي من قبل الوكالة، وذلك عن طريق أن تتقدم إيران للوكالة بأي خطة مستقبلية لبناء منشآت نووية وتفاصيل كل المواقع النووية متضمنة وصف لكل مبني في الموقع والعمليات التي تتم فيه، وتم تناول البند الخاص بتخفيض العقوبات في اطار حديث الدكتور أبو شادي والذي اشتمل إعطاء إيران حق التصرف فيما يعادل 7 مليار دولار ، والإفراج عن أرصدة لمبيعات للنفط الإيراني، وتعليق الحظر علي تجارة الذهب والمعادن الثمينة والسيارات، علاوة علي الترخيص بإمداد إيران بقطع غيار الطائرات المدنية وترخيص التصليح والخدمات الملحقة، وهو ما يعد أهم مكسب حصل عليه الجانب الإيراني من هذا الاتفاق.

وفي النهاية خلص الدكتور أبو شادي إلي أن أغلب هذه النقاط مؤثرة فقط في حالة وجود برنامج إيراني نووي عسكري، ولكن أشار إلى ضرورة أن تبدأ إيران مع الوكالة في وضع خطوات تنفيذية لبنود هذا الاتفاق، حيث سيتم تقييم نتائج هذا الاتفاق بعد ستة أشهر، ووضع خطة مؤقتة لستة أشهر قادمة يتم إضافة أو تعديل بعض بنود هذه الاتفاقية للوصول للخطوة النهائية في الحل الشامل، والذي من المتوقع أن يتم في أقل من عام من هذه الاتفاقية.

كما استعرض الأستاذ أحمد عدلي الباحث بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، الحالة الاقتصادية في إيران وتداعيات الاتفاق علي هذا المشهد، حيث أشار إلى أهم العقوبات التي تم فرضها على إيران على خلفية برنامجها النووي سواء تلك التي تم فرضها بشكل جماعي من المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن أو الاتحاد الأوروبي، أو التي تم فرضها بشكل فردى من خلال دولة بعينها مثل الولايات المتحدة، والتي أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد الإيراني الذي  تدهور بشكل ملحوظ بسبب العقوبات سابقة الذكر، حيث يرى المراقبون والخبراء الاقتصاديين أن العقوبات كبدت الاقتصاد الإيراني خسائر تجاوزت 120 مليار دولار، وأدت إلى الظروف القاسية التي دفعت إيران لإيجاد اتفاق جنيف النووي، علاوة علي عدم إغفال الدور السلبى للسياسات التي انتهجها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وكذلك استشراء الفساد في معظم مفاصل الدولة الإيرانية، كما أشار الأستاذ عدلي إلي ارتفاع معدلات التضخم السنوية في إيران إلى40% حيث أوضح أن الارتفاع المضطرد لنسبة التضخم من أكبر المشكلات التي ستواجه حكومة روحاني، علاوة علي فقد العملة المحلية الإيرانية أكثر من 50% من قيمتها أمام العملات الأخرى نتيجة للعقوبات الاقتصادية المفروضة من الغرب، ومن أهم الآثار السلبية للعقوبات علي الاقتصاد الإيراني تلك المتعلقة بخفض صادرات إيران النفطية بأكثر من مليون برميل يومياً، وهو ما حرم طهران من عائدات بيع تقدر بمليارات الدولارات شهرياً، وهو ما أدي إلي انخفاض احتياطيات إيران من النقد الأجنبي من 100 مليار دولار في عام 2011 إلى 80 مليار دولار بحلول يوليو 2013.

وخلص الأستاذ عدلي إلى أن الاتفاق الموقع بين إيران والدول العظمى في جنيف يعزز آمال الإيرانيين بأن يتعافى اقتصاد بلادهم الذي يعاني جراء العقوبات الدولية، ففي أعقاب الإعلان عن الاتفاق قفزت العملة الإيرانية أكثر من ثلاثة بالمائة مقابل الدولار الأمريكي، كما أفرجت الولايات المتحدة الأمريكية فور الإعلان عن الاتفاق عن 8 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة من جانبها، ومن المتوقع أن تتدفق على البلاد عشرات الشركات الأجنبية من أجل الاستثمار في القطاع النفطي الذي يحتاج لاستثمارات بمليارات الدولارات من أجل إعادة إنعاشه، واختتم حديثه بالتأكيد علي أنه وبالرغم من الاتفاق النووي الجديد لم يكفل لإيران اجتياز الكثير من الأزمات المالية وصرف مستحقاتها النفطية إلا بشكل محدود، إلا أنه مؤشر جيد لانتعاش الاقتصاد الإيراني مستقبلاً.

وعن تداعيات اتفاق جنيف علي الداخل الإيراني، أوضح الأستاذ محمد عباس ناجي أن أزمة الملف النووي الإيراني تحولت إلي محور رئيسي في التفاعلات الداخلية الإيرانية في السنوات الأخيرة، بل إنها تعد كذلك أحد أهم آليات الانقسام والفرز بين القوي السياسية، خصوصاً داخل تيار المحافظين الأصوليين الذين سيطروا علي مراكز صنع القرار الرئيسية في الدولة، كما أشار الأستاذ ناجي إلى أن التداعيات التي فرضتها تلك الأزمة كانت أحد الأسباب الرئيسية في وصول شخصية معتدلة معروفة بسعيها إلى الانفتاح علي الخارج مثل الدكتور حسن روحاني إلى رئاسة الجمهورية، وهو ما دفع حكومة الرئيس حسن روحاني إلى البدء في حملة دعائية داخل إيران للترويج لما أسمته "المكاسب" التي حققتها إيران من خلال الاتفاق بعد توقيعه مباشرة، حيث استهدفت هذه الحملة المؤسسات السياسية والدينية النافذة في الدولة، فضلاً عن الرأي العام الإيراني، وذلك استباقاً لأية انتقادات يمكن أن توجهها تلك المؤسسات للاتفاق النووي مع الغرب، كما أشار إلي أن جهود الرئيس روحاني حظيت بدعم واضح من جانب المرشد خامنئي، الذي وجّه خطاباً للرئيس أعلن فيه موافقته علي نتائج الانتخابات.

أما علي صعيد آخر، فأوضح الأستاذ ناجي أن هناك العديد من الانتقادات تم توجيهها إلى الحكومة الإيرانية، ومنها اعتبار الاتفاق الأخير يحرم إيران من برنامجها النووي السلمي فيما يمكن لإسرائيل استخدام القنبلة النووية، ويفقد إيران زمام المبادرة في المفاوضات، في إشارة إلي أن الغرب نجح في فرض خيارات ضيقة أمام المفاوض الإيراني بشكل أفقده حرية الحركة وهامش المناورة الذي كان من الممكن أن يؤدي إلي نتائج أكثر إيجابية، كما قلل خصوم الرئيس روحاني من تأثيرات الاتفاق النووي الجديد علي الاقتصاد الإيراني، خصوصاً أن إجمالي ما سيعود علي إيران من عوائد مالية لا يتعدى 7 مليار دولار، في ظل الإبقاء علي مستويات تصدير النفط الحالية التي تمثل حوالي 60% مقارنة بعام 2011، وعدم الإفراج عن جزء كبير من الأموال المجمدة.

واختتم الأستاذ ناجي حديثه بأن المحافظين الأصوليين كانوا ينتظرون إخفاق رهان الرئيس روحاني على التوصل إلى اتفاق مع الغرب حول الملف النووي، من أجل فرض مزيد من الضغوط عليه، لمنعه من فتح عدد من الملفات السياسية المهمة، علي رأسها رفع الإقامة الجبرية عن كل من موسوي وكروبي، وتوسيع هامش الحريات السياسية، وإجراء مصالحة وطنية بإعادة بعض القوي التي كانت منتمية للتيار الإصلاحي وما زالت تؤمن بنظام الجمهورية الإسلامية وبولاية الفقيه إلي داخل النظام مرة أخري، وهو ما يقابل برفض حاسم من جانب المحافظين الأصوليين، الذين يتخوفون من أن يؤدي ذلك إلي تكريس الاختلال القائم في توازنات القوي، الذي أنتجه فوز الرئيس روحاني باكتساح ومن الجولة الأولي في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 14 يونيو  2013، علاوة علي أن ثمة مؤسسات أخري، علي غرار الحرس الثوري، ربما تسعي إلي عرقلة جهود روحاني لتنفيذ برنامجه السياسي، والتي ربما تتزايد بعد توقيع الاتفاق النووي، خاصة نتيجة لما يفرضه الاتفاق النووي من تداعيات سلبية على مصالح الحرس علي الصعيد الاقتصادي تحديداً، خصوصاً أن أي تسوية شاملة للملف النووي سوف تؤدي إلى فتح إيران أمام الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي حرمان الحرس من المكاسب التي حققها على الصعيد الاقتصادي بسبب العقوبات التي فرضت علي إيران، والتي قلصت بشكل كبير من حجم هذه الاستثمارات، ما دفع الشركات التابعة للحرس إلى الحلول مكانها.

كما استعرض الأستاذ محمد عز العرب التداعيات المحتملة للاتفاق النووي الإيراني على دول الخليج، وذلك بعرض موقف مجلس التعاون الخليجي من جهة وموقف الدول الخليجية الفردية من جهة أخري، وذلك بالإشارة إلى أن موقف مجلس التعاون الخليجي كمؤسسة إقليمية قد غلب عليه فكرة "الموافقة المشروطة" حيث رحب المجلس الوزاري الخليجي خلال اجتماعه في الكويت في 27 نوفمبر الماضي بالاتفاق بين الدول الكبرى وإيران بشأن برنامجها النووي، شريطة أن يكون مقدمة للتوصل إلى حل شامل لهذا الملف، كما دعا المجلس إلى التعاون التام مع وكالة الطاقة الذرية، أما فيما يتعلق بمواقف الدول الخليجية الفردية، أوضح بأنه لا يوجد موقف خليجي موحد من هذا الاتفاق، فثمة تباينات واضحة فيما بينها تجاه اتفاق جنيف الأخير، حيث سارعت الإمارات والكويت وقطر والبحرين للترحيب بهذا الاتفاق، أما الموقف السعودي فقد غلب عليه التوجس الصريح في بداية الإعلان عن الاتفاق، ثم حدث تحول في الخطاب الرسمي السعودي إلى القبول المشروط حيث أكدت الحكومة السعودية خلال اجتماعها في 25 نوفمبر الماضي أنه إذا توافرت حسن النوايا فيمكن أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولية في اتجاه التوصل لحل شامل للبرنامج النووي الإيراني، ثم استتبع الأستاذ محمد عز العرب كلمته بأن التوافق بين دول الخليج حول إيران والثورات العربية والملفات الإقليمية، بل والوحدة الخليجية غير قابل للتحقق في بعض الأحيان، وهو ما برز في التنافس القطري الإماراتي خلال الثورة في ليبيا، أو التنافس القطري – السعودي في سوريا أو امتناع الكويت عن المساهمة بصورة جدية في قوات درع الجزيرة أثناء تفاقم احتجاجات البحرين، أو خروج سلطنة عمان عن القاعدة من خلال العلاقات الوثيقة مع طهران.

وانتقل بعد ذلك الأستاذ عز العرب إلى نقطة جديدة وهي المتعلقة بتأثيرات الاتفاق النووي الإيراني الغربي على دول الخليج، حيث أشار إلى أن مبعث قلق بعض دول الخليج يتمثل في تركيز الاتفاق على المصالح الأمريكية دون مراعاة هواجس دول الخليج، لاسيما فيما يتعلق بتعاظم نفوذ إيران دون ضمانات لأمن دول مجلس التعاون الخليجي، أي أن ثمة تخوفات خليجية بأن يكون هذا الاتفاق غير قاصر على البرنامج النووي الإيراني، بل يشمل ملفات إقليمية تعتبرها أحد الأوراق الرئيسية سواء في سوريا أو لبنان أو العراق أو اليمن تم التباحث بشأنها في المباحثات السرية، بما يمنح إيران أدوار تدخليه متزايدة في الملفات الإقليمية، ويمنح الاتفاق طهران هامشاً أكبر للمناورة، كما أشار الأستاذ عز العرب إلي أن أبرز تأثيرات هذا الاتفاق هو تجنب "سيناريو الجحيم" الناتج عن نشوب حرب إقليمية دولية، إذ تجد دول الخليج نفسها مضطرة للاستعداد لاحتمال اندلاع حرب في المنطقة لا تريدها، في ظل التصعيد المتبادل بين إيران من ناحية والولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية أخرى، على نحو كان يوحي بقرب استعدادات لتوجيه ضربة عسكرية لطهران، على اعتبار أن دول المجلس ستكون أحد الأطراف الرئيسية المتضررة من الحرب اقتصادياً وسياسياً وبيئياً، علاوة علي أن واحداً من السيناريوهات المحتملة بشأن التوقيع على هذا الاتفاق هو خسارة دول الخليج لهدف رئيسي لها وهو الإسراع لإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، بحيث بات ممكناً التوصل لحل سياسي للأزمة السورية، بعد تراجع أو تضاؤل إمكانية توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد، والتي كانت وشيكة قبل عدة أشهر، بما يجعل دور هذا الاتفاق هو تفكيك التحالفات الإقليمية في سوريا، بحيث تصبح إيران الضامن الإقليمي لأي اتفاق يتم التوصل إليه لتسوية الصراع الداخلي السوري، ويساندها روسيا باعتبارها الضامن الدولي.

وفي نهاية مداخلته أعطى الأستاذ عز العرب عدداً من الرؤي الاستشرافية لطبيعة سياسات دول الخليج في مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق النووي الغربي، والتي كان من أهمها استمرار دول خليجية خاصة السعودية والإمارات في نهج عدم إتباع سياسات إقليمية تتماشى كلية مع الخطوط العريضة لاستراتيجية الولايات المتحدة، بحيث تكون هناك سياسات أحادية من شأنها في بعض الحالات أن تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، وذلك في ظل إدراك عدد من دول الخليج أنها صارت فواعل رئيسية في ميزان القوى في الإقليم، وليس مجرد طرف في لعبة توازن المصالح، علاوة علي وجود اتجاه يحث علي أهمية تنويع التحالفات الدولية للدول الخليجية عن طريق إقامة علاقات أوسع مع روسيا وفرنسا كوسيلة لموازنة التقارب الملموس في العلاقات الأمريكية – الإيرانية، بالإضافة إلي تطوير الأطر التنظيمية الخليجية وذلك بتطوير القدرات الذاتية الخليجية بشكل تدريجي من خلال تطوير قوة درع الجزيرة وتنمية قدراتها وتعديل مهامها لتعمل كقوة تدخل سريع لتأمين الأهداف الحيوية في دول مجلس التعاون الخليجي، على نحو ما برز في حالة احتجاجات البحرين، ومن أهم النقاط التي أشار إليها الأستاذ عز العرب في هذا الخصوص هو سعي دول الخليج لامتلاك برامج نووية خليجية حيث برزت دعوات في الصحف الخليجية والعربية التي تمولها دول خليجية للتجهيز للمشروع النووي السعودي والإماراتي، لموازاة المشروع الإيراني، في حين دعا البعض الآخر لبرنامج نووي عسكري عربي تقوده مصر والسعودية والإمارات خاصة مع توافر الإمكانات المالية، لذلك حاول الأستاذ عز العرب إجمال الموقف الخليجي لمواجهة البرنامج النووي الإيراني في ثلاثة خيارات أولها استكمال بدء برنامج نووي سلمي يتم تحويله مستقبلاً –إذا ما اقتضت الضرورة –إلى برنامج عسكري على غرار ما قامت به الدول النووية في العالم، ثاني هذه الخيارات الدخول في تحالفات استراتيجية علنية مع قوى نووية للحصول على مظلة نووية لتأمين ردع استراتيجي تجاه إيران. وآخر هذه الخيارات يدور حول إمكانية قيام بعض دول الخليج بشراء سلاح نووي جاهز.

كما استعرض الدكتور حسن أبو طالب تأثير الاتفاق على المشرق العربي، حيث أشار إلى البيئة التي تحيط بالاتفاق النووي الغربي مع ايران، والذي وصفها الدكتور أبو طالب بأنها بيئة تشهد نوعاً من التناغم بين الولايات المتحدة وورسيا خاصة تجاه عدد من القضايا وعلي رأس هذه القضايا الملف السوري، علاوة على اعتبارها بيئة لا تعرف الثوابت في التحالفات خاصة بعد ثورات الربيع العربي، كما أنها تشهد انسحاباً أمريكيا متدرجاً من الشرق الأوسط وبداية توجه أمريكي واضح إلى آسيا، ونظراً لهذه الظروف المتشابكة والمتداخلة ولعب إيران دوراً محورياً في معظم قضايا المنطقة جاء الاتفاق الأخير الذي اعتبره الدكتور أبو طالب بأنه اتفاق مرحلي يقوم على فكرة التنازلات والالتزامات المتبادلة وهو ما يفتح الباب لبناء الثقة، وما لهذا الاتفاق من انعكاسات واضحة على وضعية إيران السياسية والاستراتيجية نظراً للتفاهمات الإيرانية الغربية الأخيرة، ثم استطرد الدكتور أبو طالب بالحديث عن بعض الأزمات في منطقة المشرق العربي وبدأ حديثه بالأزمة السورية على اعتبار أن إيران طرف رئيسي في الأزمة السورية، وتوقيع الاتفاق الأخير بين إيران والغرب المرتبط بملفها النووي فتح الباب أيضاً لإمكانية حل الصراع السوري بعيداً عن التهديدات العسكرية، وهو ما زاد من أهمية وضرورة مشاركة إيران في مؤتمر "جنيف – 2" الخاص بسوريا، مع تحسين تموضع إيران في المنطقة خاصة بعد الاتفاق الأخير، كما أشار الدكتور أبو طالب إلى أن إيران لن تتخلي عن بشار الأسد على الأقل في المدي المنظور، ربما يحدث هذا لاحقاً مع تطور علاقتها مع الغرب وتفاهمات قوية مع الجانب الروسي.

كما أشار الدكتور أبو طالب إلى الوضع في لبنان وارتباط الأحداث في لبنان بما يدور على الساحة السورية (كحادثة تفجير السفارة الإيرانية وأحداث طرابلس وزيادة حدة النزاعات الطائفية)، حيث اعتبر الاتفاق الإيراني الغربي قوة سياسية ومعنوية لحزب الله اللبناني، بل واعتباره مصدر قلق لمنافسيه ومعارضيه، كما أكد الدكتور أبو طالب إلي صعوبة أن تقوم إيران بالضغط على حزب الله للتخلي عن سلاحه على الأقل لمدة عام كامل، كما أن الأمر مرهون بطبيعة الاتفاق الشامل المنتظر.

وفي نهاية مداخلته أشار الدكتور أبو طالب إلى الوضع في العراق والذي وصفه بالوضع المذهبي الطائفي المعقد نظراً للانقسامات الحادة بين السنّة والأكراد والعرب، وكذلك بين الشيعة أنفسهم، ويؤكد من ناحية أخري على أنه ليس من مصلحة إيران التورط أكثر من هذا داخل الساحة العراقية، وأن النفوذ الإيراني لن يتأثر بالاتفاق الغربي النووي الأخير، ومن غير المحتمل أن تتغير سياسة إيران في غضون الأشهر القليلة القادمة.

أما عن الموقف الإسرائيلي من الاتفاق النووي مع إيران وانعكاساته على مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، أشار الدكتور طارق فهمي رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، بأن الموقف الإسرائيلي في مضمونه يؤكد بأن الخيارات المتاحة للتعامل مع إيران ليست مجرد توقيع اتفاق يحمل كثيراً من السلبيات من وجهة النظر الإسرائيلية، أو توجيه ضربة عسكرية، ولكن هناك خيار ثالث يتمثل في مواصلة الضغط الدولي من خلال تركيز العقوبات واستمرارها، ولذلك حدث نوع من التوتر بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي فيما يتعلق بطبيعة التعامل المستقبلي مع إيران بشأن تخصيب اليورانيوم أو كمية المسموح لإيران إنتاجه والاحتفاظ به علي أراضيها، ولهذا دفع توتر العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية بالعديد من الجهات في البلدين للتدخل للتهدئة وتقريب وجهات النظر ومن هؤلاء الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، مع التأكيد بأن هناك هدف مشترك للبلدين –الولايات المتحدة وإسرائيل –وهو منع إيران من إنتاج السلاح النووي رغم وجود خلاف بين الطرفين بشأن فرض عقوبات جديدة.

كما أوضح الدكتور فهمي انعكاسات الاتفاق النووي الإيراني الأخير علي مسار المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية بأنه لن يؤدي  إلى تنشيط المسار الفلسطيني الإسرائيلي، كما أنه لن يقود إلى ضغط أمريكي علي الحكومة الإسرائيلية نظراً لجملة من الأسباب، ويأتي في مقدمتها رفض الحكومة الإسرائيلية الاتفاق شكلاً ومضموناً واعتباره خطأ تاريخياً، علاوة على دخول الحكومة الإسرائيلية على خط الكونجرس ومجلس الشيوخ لتجديد منظومة العقوبات وتفعيلها إزاء إيران، ومن ثم فإن الإدارة الأمريكية ستركز على فرصة إنجاح الاتفاق مع إيران وليس استمرار التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في ظل تمسك الحكومة الإسرائيلية باستئناف الاستيطان برغم تجميد عطاءات البناء في بعض المناطق، بالإضافة إلى سبب آخر لا يقل أهمية عن الأسباب سالفة الذكر وهو المتعلق برفض وزراء الحكومة المصغرة في مجلس الوزراء الإسرائيلي الطرح الأمريكي بربط مسارات التفاوض مع إيران  بالتسوية الفلسطينية بالتطورات السورية في إطار واحد علي اعتبار أن مصلحة إسرائيل ليست في قبول تسوية نهائية على حساب أمن إسرائيل، وعدم رغبة الجانب الإسرائيلي في الدخول في مفاوضات راهنة مع السلطة الفلسطينية تخدم التوجهات الأمريكية، وتلبي متطلبات إدارة أوباما مثلما أشار الأخير في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة بأن على رأس أولويات الإدارة الملف الإيراني وملف التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية.

واختتم الدكتور فهمي بكلمة أكد فيها على عدم إقدام الحكومة الإسرائيلية على استئناف المفاوضات بصورة فورية برغم تحمس الجانب الأمريكي ووزير الخارجية جون كيري شخصياً بعد إبرام الاتفاق النووي بين إيران ودول الـ 5+1، إلا بعد التوصل لاتفاق ثنائي بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية يعطي ضمانات أولية –حتى لو  غير مكتوبة –ويزيل حالة الاحتقان ويشمل  عدم الضغط علي الحكومة الإسرائيلية في التفاوض حول قضايا المرحلة النهائية، والتركيز على اتفاق مرحلي طويل الأجل، وعدم إيقاف الاستيطان وخاصة في المناطق الاستراتيجية، على أن يتم ذلك عن طريق طرح الجانب الإسرائيلي سياسات استباقية إزاء السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس شخصياً بالتأكيد على أن التفاوض سيتم في ظل تنازلات محددة ومباشرة، وستسعي الحكومة الإسرائيلية في خطة تحركها تجاه ملف المفاوضات بالتركيز على أن الإدارة الأمريكية عاجزة عن تقديم التصور الكامل وأنها ستتخلى عن حلفائها في الشرق الأوسط وإسرائيل ومصر ودول الخليج مقابل تحالفها الراهن مع إيران، وأخيراً أشار الدكتور فهمي إلى أن إسرائيل ستراهن على أن الاتفاق مع إيران مؤشر آخر على استراتيجية أمريكية جديدة مبنية على تقليص دورها في الشرق الأوسط وعدم اللجوء إلى استخدام القوة في معالجتها للعديد من الملفات وأن الاهتمام الأمريكي سيكون أكثر باتجاه شرق آسيا، وبالتالي فلا حاجة لإسرائيل للقبول باتفاق في هذا التوقيت يكلفها أمنها الاستراتيجي.

كما شارك الأستاذ الدكتور السفير محمد شاكر في النقاش حيث قدم عدداً من الملاحظات الهامة على الاتفاق النووي الإيراني الأخير، وأشار إلى سلبية الآثار المترتبة على غياب الأطراف العربية الرئيسية على الأقل عن المفاوضات الأخيرة، مما يعني غيابها عن التحولات الاستراتيجية الهامة في المنطقة التي يعاد صياغتها في المرحلة الحالية، كما دعا السفير شاكر إلى أهمية مطالبة الدول العربية بمقعد في الجولة القادمة من المفاوضات لارتباطها بالأمن القومي العربي، ودعا كذلك الأطراف المعنية بالملف النووي إلى إقامة دورة وقود نووية عربية – إيرانية للمساهمة في برنامج إيران السلمي، وذلك من أجل إعطاء طمأنة للمجتمع الدولي بسلامة وسلمية الملف النووي الإيراني، ويكون مقدمة لوجود دورة وقود نووية عربية، وهو ما يفتح المجال من وجهة نظر السفير شاكر لتقوية الدعوة إلى عقد مؤتمر لمنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، كما ركز السفير شاكر على البعد السياسي للاتفاق وأنه أعاد الثقة مرة أخرى في معاهدة حظر الانتشار النووي، وفتح المجال أمام الحضور لمناقشة موضوع آخر لا يقل أهمية عن النووي الإيراني وهو البدء بالحديث عن  النووي الإسرائيلي في إطار يمكن أن يسمي (إسرائيل +5) لما يترتب علي المنطقة من آثار جراء الأسلحة النووية الإسرائيلية، كما دعا السفير شاكر في نهاية مداخلته الجانب المصري إلى تبني  مبادرة مصرية يكون هدفها الرئيسي تكوين تكتل خليجي يصوغ حوار استراتيجي مع إيران.

خلصت الحلقة النقاشية في إطار تقديرها لأبعاد وتداعيات هذا الاتفاق إلى ما يلي:

1-      أن عمليات التفتيش للوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن تثير العديد من المشاكل فيما بعد في حال مبالغة مفتشي الوكالة في أماكن وأسلوب التفتيش، وهي النقطة التي يمكن أن تستغلها الولايات المتحدة في حال رغبتها إثارة المشكلات مع إيران.

2-      كسب الغرب تعطيل البرنامج النووي الإيراني للوصول للقنبلة الذرية عدة أشهر وكسبت إيران كسر العقوبات والحصول على 7 مليار دولار دون أن تتنازل عن خطوطها الحمراء في استخدام الطاقة النووية السلمية.

3-      أن هناك ضغوطاً من داخل الولايات المتحدة، وتحديداً الكونجرس، حيث يرفض الاتفاق كل من الجمهوريين والديمقراطيين، ويرون أنه لن يقضي على البرنامج.

4-      يرجح التزام الطرفين باستمرار الاتفاق، خاصة وأن أوباما لديه رغبة كبيرة في إحراز انتصار كبير للديمقراطيين بعد فشلهم في العديد من الملفات.

5-      أدى اتفاق جنيف إلى استبعاد توجيه ضربة عسكرية لإيران وبالتالي سيحد ذلك من هروب رأس المال من إيران إلى الخارج ويشجع الاستثمار المحلي.

6-      هناك اتجاه عام في إيران نحو التغيير والاعتدال، واتجاه دوائر صنع القرار إلى الانفتاح وتجربة بديل لسياسة المواجهة، ولعل وصول روحاني لرئاسة الدولة يعد عاملاً مساعداً، ولكنه ليس العامل الوحيد والأساسي.

7-      بالرغم من أن الاتفاق النووي الجديد لم يكفل لإيران اجتياز الكثير من الأزمات المالية إلا بشكل محدود، إلا أنه يعد مؤشراً طيباً لإنعاش الاقتصاد الإيراني.

8-       ستظل كل المزايا الاقتصادية للاتفاق والتي ستحصل عليها إيران مرهونة بمدى التزامها بالبنود المتفق عليها.

9-      أن الاتفاق النووي الجديد لن ينتج تأثيرات اقتصادية كبيرة، خاصةً أن إجمالي ما سيعود على إيران من عوائد مالية لا يتعدى 7 مليار دولار، في ظل الإبقاء على مستويات تصدير النفط الحالية، وعدم الإفراج عن جزء كبير من الأموال المجمدة، واستمرار العقوبات الدولية المفروضة عليها.

10-  ترتبط قدرة روحاني على توسيع هامش الحركة المتاح أمامه وتنفيذ التعهدات التي أعلنها خلال الحملة الانتخابية، بمدي قبول المرشد الأعلى لذلك، وهو أمر لا يمكن التكهن به في الوقت الحالي، خصوصاً في ظل حرص المرشد على عدم تكرار تجربة أحمدي نجاد من جديد، حتى لا يؤثر ذلك على شرعية النظام السياسي.

11-  يتوقع حدوث مواجهات سياسية بين الرئيس روحاني من جانب والمحافظين الأصوليين والحرس وبعض كبار رجال الدين في حوزة قم، والذين يتبنون سياسة متشددة إزاء إجراء مصالحة مع الإصلاحيين والمعتدلين، وسيكون المرشد الأعلى خامنئي هو صاحب الكلمة الفصل في هذه المواجهات.

12-  لا يتوقع حدوث تطورات مؤثرة في الإقليم أو تداعيات للبرنامج في الشهور الستة القادمة، وسيرتبط التأثير بما يتم في البرنامج النووي.

13-  لا توجد بوادر على تقدير دول الخليج لدور روحاني في إحداث تغيير في سياسة إيران على اعتبار أن خامنئي هو من يهيمن على القرار الإيراني، وبالتالي فهو اتفاق في حدود الممكن للحصول على شرعية من الولايات المتحدة، وليس لحل القضايا الخلافية مع دول الخليج.

14-  ترى دول الخليج أنه ليس هناك إيران جديدة، ولكن الظروف حولها هي التي تغيرت، فضلاً عن تغير أساليبها، ولكن عقيدتها لا تزال كما هي.

15-  من المتوقع أن تتعامل الدول الخليجية مع إيران في مرحلة ما بعد الاتفاق على النحو التالي:

‌أ-        استمرار دول خليجية، وتحديداً السعودية والإمارات، في اتباع سياسات أحادية من شأنها، في بعض الحالات، أن تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، وذلك انطلاقاً من إدراك عدد من دول الخليج أنها صارت فواعل رئيسية في ميزان القوى في الإقليم، وليس مجرد طرف في لعبة توازن المصالح.

‌ب-    تنويع التحالفات الدولية للدول الخليجية، كالاتجاه مثلاً لإقامة علاقات أوسع مع روسيا وفرنسا كوسيلة لموازنة العلاقات الأمريكية الإيرانية، وذلك في الوقت الذي صارت فيه واشنطن مقتنعة بأن اعتمادها في سياساتها تجاه المنطقة على تحالفاتها العربية لم يعد كافياً.

16-  لن يؤثر الاتفاق النووي الإيراني الغربي سلباً على النفوذ الإيراني في العراق، بل يتيح لها اعترافاً غربياً بنفوذها هناك، ومن غير المحتمل أن تقوم بتغيير سياستها في العراق في الأشهر المقبلة، وسيكون دخولها على خط الصراعات الشيعية هناك من منظور مدى التطور الإيجابي في علاقاتها مع الغرب.

17-  من المرجح عدم إقدام الحكومة الإسرائيلية على استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بدون الحصول على ضمانات سياسية وأمنية واستراتيجية مسبقة، ولن تقبل بأية ضغوط أمريكية بما في ذلك ملف الاستيطان.

18-  من المتوقع أن تغير إيران من توجهاتها نحو مصر، وهو ما يتطلب النظر في كيفية التعامل المصري مع إيران الجديدة، فنحن بصدد اكتساب إيران لشرعية دولية داخل الإقليم، سوف يتيح لها مزيداً من الحضور الإقليمي.

تعليقات القراء