يستعد عدد من التيارات السياسية العراقية للمشاركة في تظاهرات أمام البنك المركزي العراقي، وذلك بسبب الانخفاض غير المسبوق في قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي، حيث بلغ الدولار الواحد نحو 1600 دينار عراقي في وقت ذروة الانخفاض.
التحليل:
· أدى الانخفاض الكبير في قيمة العملة العراقية إلى تأثيرات مباشرة على القوة الشرائية للطبقتين الوسطى والدنيا في العراق، حيث أسعار السلع الرئيسية في الأسواق، وتشير التقديرات إلى فقدان حوالي 5 ملايين موظف عراقي ما بين 20 – 30% من قيمة رواتبهم الشهرية.
· اتخذت الحكومة العراقية عدداً من التدابير لمواجهة هذا الارتفاع في سعر الصرف مثل إقالة محافظ البنك المركزي "مصطفى غالب مخيف"، وفتح نافذة جديدة لبيع العملة الأجنبية لصغار التجار عبر "المصرف العراقي للتجارة"، والذي حصل على تمويل من البنك المركزي العراقي بقيمة تبلغ 500 مليون دولار بهدف فتح الاعتمادات المستندية لصغار التجار، يضاف إلى ذلك تسهيل إجراءات الاستيراد وتقليص متطلبات فتح الاعتمادات المستندية.
· لا تزال أزمة سعر الصرف تؤثر بالسلب على أسعار السلع في العراق، بالرغم من التدابير الحكومية المشار إليها، وكذلك امتلاك العراق لأكثر من 100 مليار دولار من الاحتياطات النقدية، حيث أن معظم هذه الاحتياطات توجد في الولايات المتحدة، وحتى يحصل عليها العراق ، فإنه يجب أن يمتثل لبعض معايير نظام التحويلات الدولي "سويفت"، الذي فُرض تطبيقه على المصارف العراقية في منتصف نوفمبر الماضي، ومنذ ذلك الحين، رفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي 80% من طلبات التحويلات المالية للمصارف العراقية، وذلك على خلفية الشكوك المتعلقة بالوجهة النهائية لتلك المبالغ التي يجري تحويلها، حيث تخشى الولايات المتحدة من أن تقوم بعض المصارف العراقية أو صغار التجار بتهريب الدولار إلى إيران عبر المعابر الحدودية بين العراق وإيران.
· في ذات السياق، تباين تعامل القوى السياسية العراقية داخل المعسكر الحاكم مع أزمة الدولار، فمن ناحية أتهمت قوى سياسية عراقية محسوبة على إيران – ابرزهم رئيس تحالف الفتح "هادي العامري" – الولايات المتحدة بممارسة الضغوط على العراق لمنع انفتاحه على أوروبا ودول العالم، وأنها تستخدم الدولار كسلاح لتجويع الشعوب، ومن ناحية أخرى برز تيار آخر داخل "الإطار التنسيقي"، يدعو لفتح قنوات حوار مع الولايات المتحدة بوصفها الطريقة الوحيدة لمعالجة الأزمة.
التوقعات:
· من المتوقع أن تستمر التظاهرات التي دعت إليها بعض القوى السياسية في العراق على المدى القصير لحين السيطرة على ارتفاع سعر الدولار.
· من المتوقع أن تزيد أزمة سعر صرف الدولار وكيفية التعامل معها من الاختلافات الموجودة بالفعل داخل المعسكر الحاكم في العراق، وقد تضعف هذه الأزمة من فرص الإطار التنسيقي في مواجهة التيار الصدري، والذي يسعى للعودة مجدداً للساحة السياسية من خلال الانتخابات المحلية المقبلة، والتي قد تعقد نهاية العام الجاري.