افتتاحية العدد/
د. أحمد الشربيني
يُصدر المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط العدد (96) من دورية "أوراق الشرق الأوسط" في ضوء مجموعة من التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية والإقليم والعالم، حيث لا يزال إقليم الشرق الأوسط يشهد حالة من عدم الاستقرار بسبب استمرار الصراعات والأزمات في العديد من الدول، والعجز عن التوصل إلى حلول جذرية يمكن أن تُغير من مسار تلك الأوضاع.
فمع استمرار المواجهات المسلحة في السودان، كان لزامًا إلقاء الضوء على الموقف الأمريكي من الأزمة، والذي تدرج بدءاً بدعوة طرفي الصراع لوقف إطلاق النار بشكل فوري وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين من هذا الصراع، ومحاولة لعب دور الوساطة بالتنسيق مع السعودية وعقد مفاوضات جدة في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية، وصولاً إلى فرض عقوبات على بعض الشركات التابعة لكل من الجيش والدعم السريع، وذلك في محاولة للضغط عليهما لإنهاء الصراع الدائر بينهما، وضعًا في الاعتبار أن السودان يحظى بمكانة هامة في الإستراتيجية الأمريكية التي تتبعها الإدارة الأمريكية الحالية تجاه القارة الأفريقية.
بالتوازي مع الأزمة السودانية، استمرت الأمم المتحدة في محاولاتها لإيجاد مخرج سياسي للصراع الليبي، وهو ما لم يتمخض حتى الآن عن نتائج ملموسة، حيث واجهت البعثة الأممية عددًا من التحديات منها المرتبط بالبعثة ذاتها مثل عدم استقرارها تنظيميًا، وتوسيع مهامها بالرغم من محدودية قدراتها الفنية والإدارية وإمكانياتها المادية، واخرى خارجية متمثلة في الضغوط الخارجية التي يتم ممارستها على البعثة، ناهيك عن تعقد الصراع نفسه، وتقاطعه مع مصالح العديد من القوى الإقليمية والدولية.
بالتزامن مع استمرار هذه الأزمات، شرعت غالبية القوى الاقليمية المؤثرة في تعديل وتغيير سياستها الخارجية لتصبح أكثر تصالحًا، حيث أصبح واضحًا للجميع أن استمرار الصدام أكثر كلفةً من ذي قبل، خصوصًا في ظل الضغوط الإقتصادية التي نجمت من أزمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، بالاضافة إلى عدم وجود أفق واضح لنهاية الصراعات المفتوحة، وخشية الجميع من الدخول في حالة استنزاف عامة ومستمرة.
في سياق مواز، أتمت حركة طالبان ما يربو عن عامين منذ سيطرتها على مقاليد الحكم في أفغانستان، على مدار هذه الفترة عملت طالبان على إعادة هيكلة النظام السياسي في أفغانستان والسعي نحو تحقيق استقرار سياسي وأمني واقتصادي مكنها من الاستمرار في الحكم، رغم التوقعات الخاصة باحتمالية فشل منظومة حكم طالبان في البلاد. رغم ذلك، لا تزال طالبان تواجه أزمات مرتبطة بأسس شرعية استدامة حكمها ، كما تظل التحديات الأمنية قائمة خاصة مع قدرة التنظيمات الإرهابية على البقاء داخل البلاد، واستمرار المؤشرات الاقتصادية الكلية لأفغانستان دون المستوى، فيما تعد الأزمات الاجتماعية الأكثر تحديًا بالنسبة لنظام طالبان خاصة فيما يتعلق بملف حقوق وحريات المرأة، وأخيرًا على مستوى السياسة الخارجية حيث مازالت إدارة طالبان للعديد من الملفات تفتقر إلى الكفاءة والمصداقية الكافية للحصول على الاعتراف الدولي.
على الصعيد الاقتصادي، توالت التحذيرات خلال الفترة الماضية من ارتفاع الدين العالمي، والذي ارتفع بوتيرة متسارعة عقب تفشي جائحة "كوفيد-19" واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حيث ارتفع من نحو 235 تريليون دولار في عام 2020 إلى نحو 305 تريليون دولار في الربع الأول من عام 2023، مع توقعات بارتفاعه بشكل أكبر بنهاية 2023، أخذاً في الاعتبار أن الدول الأكثر تضرراً هي الدول الفقيرة والنامية، نظراً لعدم قدرتها على مواكبة التحولات الاقتصادية الناتجة عن الصدمات سالفة الذكر، وما يترتب عن ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية، بما يجعل ذلك الملف من أولى أولويات المجتمع الدولي الذي يبذل جهوداً لتحقيق تعافي اقتصادي عالمي مستدام.
افتتاحية العدد/
د. أحمد الشربيني
يُصدر المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط العدد (94) من دورية "أوراق الشرق الأوسط" كعدد ختامي لعام 2022، ويهدف هذا العدد لتوصيف وتحليل اهم التطورات والأحداث التي مرت بالإقليم خلال العام، بالإضافة إلى محاولة استشراف المستقبل وتبيان أهم ملامحه.
وبصفة عامة، شهد هذا العام استمرار للنزاعات القائمة بالفعل، بالإضافة إلى بروز أنماط جديدة من التهديدات والتحديات، فعلى صعيد المنطقة العربية، لاتزال القضية الفلسطينية بدون حلول توافقية واضحة، حيث يظل الموقف الاسرائيلي رافضاً للحلول المطروحة، متمسكاً بنظريات السلام الاقتصادي، ومستغلاً للاوضاع الاقليمية والدولية لتوسيع مكاسبه، وتنفيذ المخطط القائم على اتفاق الشراكة بين مكونات الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو.
أما على الساحتين العراقية والسورية، فلا تزال العراق في طور تشكيل نظامها السياسي للوصول إلى قواعد توافقية حول نظام الحكم، وادوات ادارة الاختلاف، وتحديد اولويات الدولة العراقية بما يحقق حالة من حالات الاستقرار السياسي التي افتقدها العراق طويلًا، ينطبق نفس الأمر تقريباً على الحالة اللبنانية، من حيث محاولات الخروج من براثن الطائفية والوصول لمعادلة حكم مستقرة.
في نفس السياق، فقد انتقل النزاع السوري بصورة نسبية من كونه صراع عسكري محض، إلى الساحة السياسية، حيث نشطت الحكومة السورية في تطبيع علاقاتها مع بعض القوى الاقليمية والدولية، يسر لها ذلك احكام سيطرتها على غالبية الاراضي السورية، بالاضافة إلى تغير الظروف الداخلية ببعض الدول المحيطة. أما المغرب العربي فلم تراوح الأزمة الليبية مكانها، من حيث صعوبة الاتفاق على تشكيل حكومة توافقية، أو استكمال الاستحقاقات الانتخابية في مواعيدها.
على الصعيد الافريقي، فلا يزال القرن الأفريقي يواجه تحديات الصراعات العرقية، وضعف بنيان الدولة، وتراجع الاستقرار السياسي والأمني وهو ما يتضح بشكل كبير في الحالة الاثيوبية، لكن ذلك لم يمنع دول اخرى – مثل كينيا - في نفس المنطقة من الصعود ومحاولة لعب ادوارًا فعالة في أزمات المنطقة. إنتقالاً إلى الساحل الأفريقي، فلا تزال قضية الإرهاب احدى اهم القضايا الأساسية في المنطقة، والتي من المتوقع أن تستمر كذلك في ظل التوقعات الخاصة بارتفاع قدرات الجماعات الارهابية، وتغير انماطها وادواتها، مع غياب التنسيق الدولي الخاص بهذا الأمر في هذه المنطقة.
في سياق موازي، فقد برزت عدد من القضايا العابرة للحدود، والتي قد تمثل صلب الاهتمام الدولي في الفترة القادمة، حيث من المتوقع أن يشغل الأمن السيبراني موقعًا متميزاً في سياسات الدول بعد توظيفه في الحرب الروسية الأوكرانية بالاضافة إلى ارتفاع معدل الجرائم الالكترونية عالميًا، أيضاً فإن مسألة الأمن البحري ستكون على رأس اجندة دول الاقليم خصوصاً مع الاكتشافات البحرية المتتالية ومدى اهميتها في تحقيق أمن الطاقة، كما ستظل قضية الهجرة محتفظة بموقعها المتميز نظراً لتداخلها مع عوامل مختلفة ابرزها التحول الديموجرافي، واعتبارات الأمن وغيرها، يماثلها في ذلك قضية المناخ والتي أيضاً من المرجح أن تكون في صدارة الأجندة الدولية.
على الصعيد الاقتصادي، يشهد العالم تحديات اقتصادية متراكمة ومتشابكة ، بسبب جائحة "كوفيد-19" والحرب الروسية/ الأوكرانية وتداعياتهما، ويُعد عام 2023، وفق غالبية التوقعات، هو العام الذي سيشهد انعكاس لتلك التحديات، مما ينذر بتحولات سلبية تطول العديد من القطاعات والدول، منها الركود التضخمي واختناق محتمل لسوق الدين العالمي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وحالة عدم اليقين من المشهد الاقتصادي على المديين القصير والمتوسط، وفي ذات السياق تعتبر تهديدات أمن الطاقة وأمن الغذاء العالميين من التحديات المتوقع تزايدها في 2023، لارتباطهما بشكل أكبر بالتوترات الجيوسياسية الناتجة عن الصراع والتنافس بين الدول الغربية وكل من روسيا والصين، وهو ما قد ينعكس بالتبعية على الاقتصاد العالمي ككل.
افتتاحية العدد/
د. أحمد الشربيني
يُصدر المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط العدد (93) من دورية "أوراق الشرق الأوسط" في ضوء مجموعة من التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية والإقليم والعالم، حيث لا يزال إقليم الشرق الأوسط يشهد حالة من عدم الاستقرار بسبب استمرار الصراعات والأزمات في العديد من الدول، والعجز عن التوصل إلى حلول حقيقية يمكن أن تُغير من مسار تلك الأوضاع.
فعلى صعيد المنطقة العربية، وفي ظل تأزم الأوضاع السياسية والأمنية في السودان منذ إجراءات 25 أكتوبر الماضي، ظهرت بعض المؤشرات الدالة على محاولة بعض دول الجوار الإقليمي مع السودان، وخاصة إريتريا وتشاد للتأثير في الداخل السوداني الذي أصبح يتسم بقدر من السيولة السياسية والأمنية التي توفر بيئة مناسبة لقيام هذه الدول بلعب دور مؤثر في الأزمة السياسية الحالية، وقد ظهر ذلك بوضوح في محاولة إريتريا استغلال أزمة شرق السودان لتعزيز نفوذها داخل السودان، وأيضاً ظهر تأثير دولة تشاد على الأوضاع الأمنية غير المستقرة في إقليم دارفور.
أما الملف الفلسطيني الاسرائيلي، تشهد اسرائيل حالة من السيولة الانتخابية، حيث تعد الانتخابات البرلمانية القادمة هي الخامسة في غضون 4 سنوات، يتزامن ذلك مع حالة من التقلب والتغيير في الخريطة الحزبية الاسرائيلية، حيث لم يعد التقسيم التقليدي بين اليمين واليسار هو السائد، بل امتد الأمر إلى تقسيمات داخل اليمين ما بين يمين ديني، ويمين علماني وصهيونية دينية، وهو ما يصعب من محاولات التنبؤ بمستقبل الحكومة وبالتالي السياسات القادمة.
و على صعيد التطورات بالقارة الأفريقية ، فقد تزايد الاهتمام الروسي بقارة افريقيا خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يستمر ويتزايد في ظل الاوضاع الدولية الحالية، والتنافس الروسي الغربي المرتبط بالحرب الاوكرانية، حيث تسعى روسيا للامساك بعدد من أوراق الضغط التي يمكن أن تقايض بها القوى الغربية مثل الإرهاب والهجرة غير النظامية فضلًا عن حرصها على أن تكون مركزًا استراتيجيًّا للنفط والغاز الأفريقي بشكل يجعلها تتحكم في حركة التجارة النفطية لأوروبا أو على الأقل تعطيل وصول الأوروبيين إلى الغاز الأفريقي. يرتبط ذلك أيضاً بمساعي موسكو خلال الفترة الأخيرة إلى خلق تحالف جيوسياسي يضم عددًا من الحلفاء في المنطقة بحيث يربط بين منطقتي القرن الأفريقي والساحل والصحراء الاستراتيجيتين في معظم السياسات الدولية. وذلك من خلال توطيد العلاقات الروسية مع أفريقيا الوسطى ومالي في الساحل مرورًا بالسودان ووصولًا إلى إريتريا وإثيوبيا في شرق القارة.
ومن جانب اخر تشهد العلاقات السودانية الأثيوبية حالة من التذبذب والتأرجح ما بين التعاون والصراع، حيث شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً لحالة التوتر في العلاقات بين الدولتين؛ وذلك على إثر اندلاع اشتباكات عسكرية محدودة في منطقة الفشقة السودانية الواقعة على الحدود المشتركة مع الجانب الأثيوبي، والذي تزامن مع قتل الجيش الأثيوبي 7 من عناصر الجيش السوداني، وهو ما دفع الخرطوم لاتخاذ موقف رافض لهذا الحادث واتخذت الخرطوم إجراءات متنوعة شملت التصعيد الدبلوماسي والعسكري لإثبات قدرتها على تأكيد سيادتها على كامل أراضيها والحفاظ على الأمن القومي للبلاد، ورغم التصعيد العسكري بين الخرطوم وأديس أبابا، إلا أن الدولتين اتجهتا بعد ذلك إلى تهدئة التوتر المتصاعد والتأكيد على عدم الرغبة في توسيع نطاق المواجهات العسكرية والاتجاه لحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية.
في نفس السياق، تشهد منطقة البحر الاحمر حالة من التنافس الشديد بين بعض القوى الاقليمية والدولية على دوائر الهيمنة والنفوذ، وانعكس هذا التنافس بشكل مباشر على التواجد العسكري في المنطقة، تزامن ذلك مع بروز تهديدات مختلفة تتجاوز التهديدات التقليدية مثل القرصنة ونشاطات الجريمة المنظمة، بالاضافة إلى احتمالات عودة تهديدات الجماعات الارهابية بالمنطقة في ظل ما تعانيه بعض دول المنطقة من مشكلات داخلية، وهي امور تلقي بظلالها على الأمن القومي المصري، والمصالح المصرية العليا.
أما على الصعيد الاقتصادي، يواجه التعاون الاقتصادي البيني الافريقي العديد من التحديات على رأسها الربط بين الدول، لاسيما وأن ضعف الربط الطرقي يعرقل انسياب التجارة عبر الحدود، والذي بدوره يقوّض إقامة منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية، وقد تناولت العديد من الدراسات والتقارير ذلك الموضوع نظراً لأهميته ودوره في تعزيز اقتصادات الدول الافريقية.
الكلمة الافتتاحية/
د. أحمد الشربيني
يُصدر المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط العدد (92) من دورية "أوراق الشرق الأوسط" في ضوء مجموعة من التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية والإقليم والعالم، ولا يزال إقليم الشرق الأوسط يشهد حالة من عدم الاستقرار بسبب استمرار الصراعات والأزمات في العديد من الدول، والعجز عن التوصل إلى حلول حقيقية يمكن أن تُغير من مسار تلك الأوضاع.
فعلى صعيد المنطقة العربية، تقف القضية الفلسطينية في مرحلة حاسمة نتيجة لجملة من الاعتبارات المهمة اخطرها تجمد مسار الحديث عن أية توافقات فلسطينية حقيقية، وبقاء الأوضاع الفلسطينية كما هي منذ سنوات طويلة، وغياب رؤية سياسية لتصويب المسار وتحديد اولوياته، وفي ظل داخل اسرائيلي يركز على فكرة البقاء والاستمرار مع العمل على استمرار الحكومة اليمينية الحاكمة المؤقتة وانتظار نتائج الانتخابات البرلمانية والتي ستُجرى في نوفمبر المقبل، ومن ثم تصبح القضية الفلسطينية رهينة للتطورات الداخلية الاسرائيلية، وبالاخص مع غياب فعالية الادوات الدولية التي لعب دوراً في دفع القضية إلى الأمام فيما مضى.
على الصعيد التونسي، تشهد تونس انطلاق حواراً وطنياً يتزامن مع حالة من عدم الاستقرار السياسسي والأمني داخل البلاد على مدار أكثر من اثني عشرة سنة ماضية، حيث تفاقمت الأزمات سواء بين مكونات السلطة وبعضها البعض أو بينها وبين المعارضة، وما لحق ذلك من تجاذبات حملت خلافات أيديولوجية ومصلحية على مراكز النفوذ، ولذا عجزت تجربتي الحوار التونسي في عامي 2013 و 2016 عن تحقيق الاستقرار الذي من شأنه تهيئة البلاد للانطلاق في الاصلاحات على مختلف المستويات.
وعلى صعيد التطورات في القارة الافريقية، فمع بدء مرحلة جديدة في الصومال بتولي الرئيس حسن شيخ محمود رئاسة البلاد عقب فوزه في الانتخابات الأخيرة في مايو 2022، يسعى الصومال إلى تبني سياسة خارجية معتدلة ترتكز على مبدأ تصفير المشكلات مع محيطيها الإقليمي والدولي، والانفتاح على العالم الخارجي في محاولة لتجاوز التحديات الداخلية الصومالية بمساندة إقليمية ودولية. ويتطلع الرئيس شيخ محمود إلى استعادة الصومال لاستقراره الداخلي الذي ينعكس بدوره على استعادة الدور الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي خلال الفترة المقبلة.
ومن جانب اخر تشهد العلاقات السودانية الأثيوبية حالة من التذبذب والتأرجح ما بين التعاون والصراع، حيث شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً لحالة التوتر في العلاقات بين الدولتين؛ وذلك على إثر اندلاع اشتباكات عسكرية محدودة في منطقة الفشقة السودانية الواقعة على الحدود المشتركة مع الجانب الأثيوبي، والذي تزامن مع قتل الجيش الأثيوبي 7 من عناصر الجيش السوداني، وهو ما دفع الخرطوم لاتخاذ موقف رافض لهذا الحادث واتخذت الخرطوم إجراءات متنوعة شملت التصعيد الدبلوماسي والعسكري لإثبات قدرتها على تأكيد سيادتها على كامل أراضيها والحفاظ على الأمن القومي للبلاد، ورغم التصعيد العسكري بين الخرطوم وأديس أبابا، إلا أن الدولتين اتجهتا بعد ذلك إلى تهدئة التوتر المتصاعد والتأكيد على عدم الرغبة في توسيع نطاق المواجهات العسكرية والاتجاه لحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والحوار.
دولياً، فقد اصبحت قضية الامن السيبراني إحدى اهم مجالات الامن غير التقليدي، خصوصاً بعد توظيفها من قبل الفاعلون من غير الدول في تحقيق اهدافهم غير الشرعية، ثم توظيفها لاحقاً من قبل الدول في تنافساتها المختلفة، وهو الأمر الذي جعل الدول الكبرى تضع استراتيجيات مستقل للأمن السيبراني لحماية نفسها من هذه التهديدات، على أن هذه المسألة بدورها تداخلت مع قضايا اخرى شائكة أهمها مسائل الخصوصية والحصول على البيانات ومدى قانونية معالجتها واستخدامها.
أما على الصعيد الاقتصادي، يُعد سوق الطاقة العالمي الأكثر تأثراً من الحرب الروسية على أوكرانيا، نظراً لدور روسيا الفاعل في سوق النفط والغاز العالميين، حيث أدت الحرب إلي ارتفاع أسعارهما، مما دفع الدول المستهلكة للاتفاق على ضخ منظم للنفط لاحتواء ذلك الارتفاع، وتزامن ذلك مع تحركات فردية لبعض تلك الدول لتأمين إمداداته، فضلاً عن إقرار الإعتماد على الغاز الطبيعي في المرحلة المقبلة على عكس التوجهات المتعلقة بتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري للحفاظ على البيئة، مع تسريع الخطى للاعتماد على الهيدروجين بأنواعه المختلفة كمصدر للطاقة، كما شهدت الفترة الماضية تخارج العديد من شركات النفط من روسيا مما يقلص المعروض العالمي منه، وصاحب ذلك محاولة إضعاف مجموعة "أوبك+"، مما يرجح أن السوق العالمي سيشهد العديد من التفاعلات الحاكمة لتلك السوق السنوات المقبلة، مع تغير في سياسات الدول لمواجهة تهديدات أمن الطاقة.