مؤشرات بحدوث أزمة غذاء عالمية
تتزايد أسعار الغذاء العالمية بشكل مطرد في ظل استمرار تراجع المعروض منها، مما يعكس تزايداً لتهديدات الأمن الغذائي، وجاءت أبرز التقارير الدالة على ذلك الأمر على النحو التالي:
- مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية (في 8 ابريل): ارتفعت أسعار الغذاء بنحو 12.6% في مارس 2022 مقارنة بشهر فبراير من نفس العام، وجاء ذلك الارتفاع بشكل رئيسي لتزايد أسعار الحبوب والبذور الزيتية، بنسبة 17% و23% على التوالي على أساس شهري.
- تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية (في 8 ابريل): تراجع توقعات صادرات الحبوب عالمياً من نحو 505 مليون طن إلى نحو 500 مليون طن في 2021/2022.
تعليق:
تعكس التقارير السابقة تداعيات أزمة أوكرانيا على تجارة الغذاء عالمياً، الأمر الذي سيهدد بدوره أمن الغذاء العالمي في العديد من المناطق الفترة المقبلة في حالة استمرار تلك الأزمة، وهو الأمر الذي ظهرت شواهده حينما أعلنت منظمة "الفاو" (في 7 ابريل 2022) أنّ حوالي 1.79 مليار يورو جُمعت على المستوى الدولي لمساعدة دول غرب أفريقيا والساحل على مكافحة المجاعة المتفاقمة، وبالتالي تأتي أزمة أوكرانيا لتكشف السلبيات في قطاع الغذاء في العديد من الدول، على غرار ما كشفته جائحة أوكرانيا من سلبيات في قطاعي الصحة وسلاسل الإمداد.
لا يستبعد أن يتقدم تهديد الأمن الغذائي على قائمة مهددات الأمن العالمي الفترة المقبلة، نظراً للتحديات التي ستواجها العديد من الدول لعدم قدرتها على توفير الغذاء لشعوبها، مما يتطلب عقد اجتماعات دولية رفيعة المستوى لوضع آلية ملزمة لتجنب تفاقم تلك الأزمة، تتضمن -على سبيل المقال- توفير ممرات آمنة لصادرات الغذاء من الدول التي تشهد صراع (على رأسها أوكرانيا)، وزيادة الإنتاج الغذائي، ودعم الدول لتحقيق اكتفاءها الذاتي من الغذاء.
تأتي منطقة الشرق الأوسط على قائمة المناطق المرجح تأثر أمنها الغذائي الفترة المقبلة، ليس بسبب الحرب على أوكرانيا فحسب، بل بسبب التحول المناخي وندرة المياه، وتراجع الأوضاع الاقتصادية، خاصة مع تزايد معدلات التضخم التي ستضغط على المنتجين وسلاسل الإمداد عالمياً وإقليمياً، مع مفاضلة المنتجين العالميين بين المحاصيل الزراعية من حيث التكلفة، حيث سيتم الاتجاه لزراعة المحاصيل الأقل استخداماً للأسمدة المرتفعة سعرها عالمياً، مما سيسفر عن تراجع ملحوظ في بعض المحاصيل الزراعية.
دلالات تخلف سيرلانكا عن سداد ديونها
أعلنت سريلانكا في 12 ابريل الجاري، أنها ستتخلف عن سداد مجموع ديونها الخارجية البالغة قيمتها 51 مليار دولار، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها والمتفاقمة بسبب جائحة "كوفيد-19"، وذكرت وزارة المالية السيرلانكية ان المقرضين بإمكانهم رسملة المدفوعات المستحقة أو اختيار الحصول على أموالهم بالروبية السريلانكية.
تعليق:
أن اعلان سيرلانكا لتعثرها عن سداد ديونها الخارجية، وما ذكرته مسئولة حكومية في لبنان بشأن افلاس الدولة مؤخراً، وكذا التوقعات بشأن تخلف روسيا عن سداد ديونها الخارجية العام الجاري، يطرح إمكانية تكرار أزمة ديون امريكا اللاتينية في ثمانينات القرن الماضي، حيث تعثرت العديد من الدول عن سداد ديونها الخارجية، وتدخل صندوق النقد الدولي لوقف أي ضرر يقع على الاقتصاد العالمي جراء ذلك التعثر، ويُشار إلي أن تكرار سيناريو ديون أمريكا اللاتينية غير بعيد نظراً لتعثر 5 دول بالفعل في 2020 منهم لبنان والأرجنتين، مع الوضع في الاعتبار أن بعض المؤسسات المتخصصة تتوقع تعدد حالات التعثر الفترة المقبلة، سواء من أنجولا، أو الجابون أو موزمبيق أو منغوليا، وقد تتبعها دول أخرى.
أن المشهد الحالي قد يدفع لدور أكبر لصندوق النقد الدولي الفترة المقبلة، يتضمن ذلك الاتجاه لزيادة المخصصات المالية الموجهة لدعم الدول الأعضاء بالصندوق، وطرح مبادرات جديدة مع البنك الدولي لتخفيف الديون أو إعادة هيكلتها للدول الفقيرة، فضلاً عن دفع البنوك المركزية بالدول المتعثرة لعقد اتفاقات تبادل للعملات المحلية مع أبرز شركائها التجاريين، في محاولة لتخفيف الضغط على العملات الأجنبية، وبالتبعية وقف حالات التعثر عن سداد الدين الخارجي.