أبرز التطورات والتوجهات الاقتصادية (خلال الفترة 16 - 31 مابو)

 

دلالات وأبعاد تراجع الاقتصاد الصيني

تشهد الصين تراجع في اقتصادها منذ عدة أشهر، وعكست بعض مواقف المسئولين الصينيين والمؤشرات الرسمية التخوف من تفاقم ذلك التراجع مستقبلاً، وكانت أبرزها كلمة للرئيس الصيني في ديسمبر 2021، والتي نشرتها مجلة "تشيوشي" (التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني) في 15 مايو 2022، طالب فيها بتوسيع الاقتصاد الحقيقي في الصين لتجنُّب حالة بطالة جماعية، وحذر من نقص الرقابة في حوكمة المؤسسات المالية، والإدارة المتراخية للديون المحلية، والتوسع الأعمى من جانب الشركات الكبيرة.

تعليق:

يأتي خطاب الرئيس الصيني للتحذير من تزايد قائمة المشروعات الضخمة غير المجدية في الصين، والتي تسبب في إهدار جزء كبير من الموارد، وساهمت في تراكم الديون، وذلك سواء على الحكومة أو الشركات الصينية، وتُعد شركة "إيفرجراند" العقارية العملاقة التي تعثرت في سداد ديونها نموذجاً واضحاً بذات الشأن، وهذا السيناريو قد يتكرر مع الكثير من الشركات العقارية في الصين، بعدما كانت هناك توجهات صينية داخلية للتركيز على مشروعات الإسكان كداعم للاقتصاد دون دراسة للاحتياجات الفعلية للسوق.

في ذات السياق، تزايد في السنوات الاخيرة خلل متراكم في الاقتصاد الصيني من خلال تراكم الديون على كافة المستويات (سواء حكومية أو قطاع خاص أو حتى الأسر)، والتي أدت لخلق فقاعة ديون قد تهدد اقتصاد الدولة في أي لحظة، وترى العديد من التحليلات أن أرقام ديون الحكومة المركزية الصينية لا تعكس حقيقة الموقف في ظل تراكم الديون على الحكومات الإقليمية والشركات المملوكة للدولة، وكذلك الشركات الخاصة التي باتت تمثل تهديدا للاستقرار الاقتصادي ككل في الصين، وذلك في ظل تقديرات تشير إلي ارتفاع الزيادة السنوية في الديون بشكل كبير عن معدلات النمو السنوية، مما يمثل تحدي للسلطات الصينية، ويدفعها لتقليص الاعتماد على سياسة الاستدانة لتحفيز النمو الاقتصادي، مما سيكون له انعكاس على الاقتصاد الصيني، والذي سيرتد بدوره على الاقتصاد العالمي خلال السنوات المقبلة في حالة اتجاه الصين بإجراءات تصحيحية مكثفة لمواجهة التحديات المتزايدة التي تواجها.

 

التحركات الدولية لاحتواء تفاقم أزمة الغذاء العالمية

شهدت الفترة الماضية تحرك المجتمع الدولي لمواجهة أزمة الغذاء العالمية، التي زادت من حدتها الحرب الروسية على أوكرانيا، وجاءت أبرز تلك التحركات على النحو التالي:

- اتفاق وزراء خارجية مجموعة السبع، خلال اجتماعاتهم في الفترة 12/14 مايو 2022، على تشكيل وحدة عمل خاصة بالأمن الغذائي العالمي لتفادي أزمة غذاء عالمية.

-   إعلان البنك الدولي في 19 مايو الجاري تخصيصه 30 مليار دولار على مدى الـ 15 شهر المقبلة لدعم المشاريع التي تسهم في منع تفاقم أزمة الأمن الغذائي عالمياً.

-  إعلان الولايات المتحدة الأمريكية (في اجتماعات للجمعية العامة للأمم المتحدة يومي 18 و19 مايو 2022)، عن خططها لدعم أمن الغذاء العالمي، والتي شملت تقديم مساعدات غذائية تقدر بأكثر من 11 مليار دولار خلال السنوت المقبلة، وتعزيز إنتاج الأسمدة محلياً.

-  إطلاق البنك الافريقي للتنمية في 20 مايو 2022، صندوقاً بقيمة 1.5 مليار دولار لتعزيز إنتاج الحبوب في الدول الافريقية، للمساعدة في تجنب نقص الغذاء المحتمل.

تعليق:

تلفت التحركات السابقة إلى خطورة وضع الغذاء الحالي على الصعيد العالمي، خاصة وأن الحرب الروسية على أوكرانيا اندلعت تزامناً مع تعطل سلاسل الامداد العالمية بسبب جائحة كورونا، وتزايد الآثار السلبية للتحول المناخي، مما زاد من الأعباء الإضافية على العديد من الدول، خاصة تلك التي تواجه بالفعل أزمات داخلية، وبالتالي من المرجح أنه إذا لم تدخل الإجراءات السابقة حيز التنفيذ في أسرع وقت قد يشهد العالم أزمة غذائية غير مسبوقة، خاصة في المناطق التي حددها البنك الدولي لتلقى المساعدات، وعلى رأسها افريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلي ارتفاع أسعار الغذاء بشكل أكبر مما يسهم في تزايد معدلات التضخم حول العالم.

تأتي منطقة الشرق الأوسط على قائمة المناطق المرجح تأثر أمنها الغذائي الفترة المقبلة، ليس بسبب الحرب على أوكرانيا فحسب، بل بسبب التحول المناخي وندرة المياه، وتراجع الأوضاع الاقتصادية، خاصة مع تزايد معدلات التضخم التي ستضغط على المنتجين وسلاسل الإمداد عالمياً وإقليمياً، مع مفاضلة المنتجين العالميين بين المحاصيل الزراعية من حيث التكلفة، حيث من المرجح الاتجاه لزراعة المحاصيل الأقل استخداماً للأسمدة المرتفعة سعرها عالمياً، مما سيسفر عن تراجع ملحوظ في بعض المحاصيل الزراعية، ومن احدى الأمثلة على ذلك احتمالية الاتجاه لزراعة فول الصويا لاستخدامه أسمدة أقل من زراعة القمح.

 

 

 

تعليقات القراء