توجه إسرائيلي للاستثمار في الطاقة المتجددة بالشرق الأوسط
وقعت شركتي Enlight Renewable Energy Ltd و NewMed Energy LP الإسرائيليتين في 14 أغسطس 2022، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة المتجددة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، حيث تمت الإشارة إلي استهداف العمل في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة بدول المنطقة التي تشمل المغرب والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والسعودية بالإضافة إلى الأردن ومصر، ويُشار في هذا الصدد إلي أن الشركتان تأمل في الجمع بين علاقات شركة “NewMed” في المنطقة مع خبرة شركة “Enlight” في الطاقة الخضراء لإحداث ثورة في مجال الطاقة المتجددة بالمنطقة على غرار طفرة الغاز الطبيعي.
التعليق:
تسعى إسرائيل لتوفير خطوط بديلة لإمدادات الطاقة المتجددة من الدول المجاورة، في ضوء التنامي المطرد للطلب الداخلي على الطاقة، وذلك لأن الاعتماد على الاكتفاء الذاتي من الطاقة المتجددة في إسرائيل قد يواجه بعض التحديات، على رأسها صعوبة الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح نظراً للتغيرات في الطقس وبالتالي عدم استدامتهما، والحاجة لمساحات كبيرة من الأراضي لإقامة المزارع الشمسية، مما يتطلب الاعتماد على دول أخرى في توريد ذلك النوع من الطاقة في المستقبل.
يمهد الاتفاق المشار إليه إلى خلق شبكة تعاون في مجال الطاقة بين إسرائيل ودول المنطقة، وهو ما قد يدعم مخطط تل ابيب لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، والذي يتمثل في رفع نسبة إسهام الطاقة المتجددة إلى 40% من مزيج الطاقة بإسرائيل بحلول عام 2030 من 7% في 2020، ويتطلب ذلك توليد ما يتراوح بين 18 و23 جيجاوات من مشاريع الطاقة الشمسية، وتوفير قدرات تخزين تتراوح بين 5.5 إلى 33 جيجاوات (وفق خريطة الطريق التي أصدرتها وزارة البيئة الإسرائيلية).
من المرجح أن تسعى الشركات الإسرائيلية الفترة المقبلة إلي زيادة تواجدها بقطاع الطاقة المتجددة في بعض الدول سالفة الذكر، نظراً للموارد وطبيعة التي تمتلكها تلك الدول، والطقس التي تتمتع بها دولها خاصة الطاقة الشمسية، وسيشجع من ذلك رغبة دول المنطقة في الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة التي تمتلكها إسرائيل في هذا المجال، ولتعزيز ذلك التواجد قد تدخل الشركات الإسرائيلية في "كونستريوم" (قد يتضمن شركات إسرائيلية مع نظيرتها العربية للاستثمار في دول ثالثة بالمنطقة)، وذلك للدخول ككيان ضخم يضاهي وينافس الشركات الكبيرة مثل "سيمنز" الألمانية و"ايني" الإيطالية التي وقعت اتفاقات مع بعض دول المنطقة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
انعكاس اتفاق الممرات الآمنة للحبوب على أسعار الغذاء العالمية
غادرت أول سفينة من ميناء "أوديسا" الأوكراني، تحمل 26 الف طن من الذرة، في مطلع أغسطس 2022، وذلك بموجب اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية الموقع في تركيا في 22 يوليو الماضي، للمساعدة على تخفيف أزمة الغذاء العالمية التي أثارها الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية، وفي هذا السياق أشار مركز التنسيق المشترك بقيادة الأمم المتحدة JCC (المنبثق عن الاتفاق)، أنه تمت الموافقة حتى منتصف أغسطس 2022 على 15 سفينة لنقل الحبوب من أوكرانيا، وذكر المركز أيضاً تركيا وإيران وكوريا الجنوبية شكلوا الوجهة النهائية لـ 70% من صادرات أوكرانيا من الحبوب.
التعليق:
من احدى الانعكاسات الايجابية للاتفاق المشار إليه هو إسهامه في تراجع سعر الغذاء في الأسواق العالمية، وهو ما أوضحه مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء الصادر في 5 أغسطس 2022، والذي سجل تراجعاً بنسبة 8.6% في شهر يوليو 2022 مقارنة بشهر يونيو، وذلك نتيجة تراجع العديد من المؤشرات الفرعية، على رأسها مؤشر أسعار الحبوب الذي تراجع بنسبة 11.5%، نتيجة انخفاض الأسعار الدولية لجميع الحبوب التي يشملها المؤشر، خاصة القمح والذرة الذي تراجع سعرهما بنحو 14.5% و10.7% على التوالي (مقارنة بشهر يونيو)، وفي ذات السياق تراجع مؤشر المنظمة لأسعار الزيوت النباتية بنسبة 19.2%، وبالتالي قد تشهد أسعار تلك السلع مزيد من الانخفاض في السوق العالمي في المؤشر الذي سيصدر في شهر سبتمبر المقبل في ظل استمرار تدفق السلع الغذائية من أوكرانيا.
أن الانخفاض الذي قد تشهده أسعار الغذاء خلال الفترة المقبلة له سقف لا يمكن تجاوزه، أي الوصول لأسعار مرحلة ما قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، نظراً لاستمرار ارتفاع أسعار الأسمدة وأسعار الوقود، واستمرار أزمة سلاسل التوريد، والاختناقات التي تواجه الشحن البحري بسبب نقص عدد السفن والحاويات التي تنقل السلع، وكذا ازدحام السفن للرسو في الموانئ، وتراجع عدد العمالة في العديد من الموانئ والقطاعات المعنية بالنقل البحري نظراً للإجراءات الاحترازية من تفشي جائحة كورونا، وفي ذات السياق واجهت العديد من الدول طفرات في الطقس أدت إلي تراجع في إنتاجها الزراعي، وبالتالي تتجه العديد من التقديرات إلي أن أسعار الغذاء في العام الجاري لن تنخفض لمستوى أسعار قبل الحرب الروسية على أوكرانيا.
يُدعم من المقاربة السابقة أنه في حالة تزايد حركة تدفق الحبوب والغذاء بين جميع انحاء العالم، سيؤدي هذا إلي مزيد من الطلب عليها لبناء احتياطات استراتيجية للاستفادة من تراجع سعرها في مواجهة أي أزمات مستقبلية، لاسيما الأزمات المالية المصحوبة بتراجع قيمة العملات العملية في الدول النامية تحديداً، وهو ما يقلص من فرص تراجع أسعار الغذاء لمستويات ما قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، خاصة وأن تصاحب ذلك مع تعافي اقتصادي ونظرة تفاؤلية من قبل مجتمع الأعمال، مما سيزيد من نشاط الصناعات الغذائية المستهلكة للمحاصيل الزراعية، فضلاً عن ارتفاع استهلاك الطعام في الدول، كما أن ذلك سيصاحبه مزيد من المساعدات الغذائية للدول التي تواجه أزمات غذائية ومجاعات، في إطار محاولة العودة إلي احراز تقدم في تحقيق أهداف التمية المستدامة (الهدف الثاني المتعلق بالقضاء على الجوع).