التحذير الأمريكي من فرض عقوبات على كيانات تركية بسبب روسيا
كشفت جمعية الصناعة والأعمال التركية في 23 اغسطس 2022، أنها تلقت خطاباً من وزارة الخزانة الأمريكية تحذرها فيه من فرض عقوبات عليها إذا واصلت التعامل مع روسيا، وأوضح الخطاب أن أي أفراد أو كيانات تركية تقدم دعماً مادياً لأشخاص أو كيانات روسية تفرض الولايات المتحدة عليهم عقوبات، هم أنفسهم معرضون لفرض العقوبات الأمريكية عليهم، كما شمل الخطاب تحذير للبنوك التركية، مفاده أنه لا يمكن لتلك البنوك توقع إقامة علاقات مراسلة مع بنوك روسية تخضع لعقوبات، والاحتفاظ بمراسلاتها مع بنوك عالمية كبرى والوصول إلى الدولار الأمريكي وعملات رئيسية أخرى.
التعليق:
- تتحسب الولايات المتحدة الأمريكية من أن يصبح التعاون التركي/ الروسي نموذجاً تحتذي به دول أخرى، خاصة فيما يتعلق باتفاقية التعاون التي تم توقيعها بين الرئيسين التركي والروسي في يونيو 2022، والتي تضمنت زيادة عدد البنوك التركية التي ستبدأ التعامل بنظام المدفوعات المالية الروسي MIR، وذلك بعد عزل العديد من البنوك الروسية من نظام SWIFT، وهو ما يتيح لروسيا الالتفاف على العقوبات الغربية لضمان استمرار وجودها في سوق المال العالمي، وكذا استمرار علاقاتها التجارية مع العديد من الدول، وفي ذات الوقت يدعم نظام MIR بشكل أو باخر الاتفاق الاقتصاد التركي المتراجع، لاسيما فيما يتعلق بإنفاق السياح الروس في تركيا.
- يُذكر أن ذلك التحذير ليس الأول من نوعه، وهو ما تبيّن في زيارة نائب وزيرة الخزانة الأمريكية "والي أدييمو" لتركيا في يونيو الماضي التي أعرب فيها عن قلق واشنطن من اتجاه موسكو للاعتماد على أنقرة للالتفاف على العقوبات المفروضة على موسكو بسبب الحرب على أوكرانيا، كما أجرى "أدييمو" اتصال هاتفي مع نائب وزير المالية التركية بذات الشأن في 20 أغسطس الجاري، وقد رد المسئول التركي بأن بلاده لن تسمح بانتهاك العقوبات من جانب أي مؤسسة أو شخص، الأمر الذي يبرز جدية التحذيرات الأمريكية والضغوط المستمرة على تركيا لتقليص اندفاعها نحو روسيا، خاصة وأن التقارب بين البلدين يطرح الكثير من مجالات التعاون المشتركة في العديد من الملفات الدولية والإقليمية، وكذا التعاون العسكري المشترك.
- إن التحذير السابق لا يعني اتجاه تركيا لوقف تعاملاتها مع روسيا، لإدراك إسطنبول أن الأثر المترتب على فرض تلك العقوبات لن يؤثر بشكل ملموس في الاقتصاد التركي، خاصة وأن العقوبات المحتمل فرضها قد تطال عدد محدود من البنوك والشركات، إضافة إلي أن تلك العقوبات قد لا تؤثر على نشاط تلك البنوك والشركات، لأنها تشمل فرض حظر على التعامل ومنح تراخيص وتصاريح التصدير والاستيراد الأمريكية، وتجميد أصول في الداخل الأمريكي، مع منع دخول الأراضي الأمريكية، وبالتالي يُرجح أن تترك السلطات التركية حرية الاختيار لشركاتها وبنوكها في اتخاذ القرار بذات الشأن.
أبعاد تراجع إنتاج وتصدير الأسمدة عالمياً
توقع العديد من المسئولين الرسميين والضالعين في صناعة الأسمدة حدوث أزمة عالمية مرتقبة في الأسمدة والتي ستنعكس بدورها على الغذاء، ويدلل على ذلك تحذير الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" في 19 اغسطس 2022 من حدوث مجاعة في عام 2023 بسبب حظر صادرات الأسمدة، ومن جهتها أعلنت شركة "يارا" العالمية في 25 أغسطس 2022، أنها ستخفض إنتاجها للأمونيا في أوروبا بنسبة 35% نتيجة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، بينما اعلنت الشركة الليتوانية "أكيما" لإنتاج الأسمدة تعليقها تشغيل مصنعها في الأول من سبتمبر 2022، إضافة إلي الإعلان عن توقف مصنع "بورياليس جرانبوي" في عن العمل في سبتمبر وأكتوبر من نفس العام.
التعليق:
ترجع الأزمة الحالية التي تشهدها صناعة الأسمدة إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، والذي أدى إلى التالي:
- يشكل الغاز الطبيعي، وفق بعص التقديرات، نحو 90% من تكاليف إنتاج الأسمدة النيتروجينية مثل الأمونيا وسماد اليوريا، وبالتالي ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي أضر تلك الصناعة، ويدلل على ذلك أن العديد من مصنعي الأسمدة الأوروبيين أوقفوا إنتاجهم من الأمونيا للحفاظ على أرباحهم، لأن الأمونيا يتم الحصول عليها من خلال الجمع بين النيتروجين من الهواء والهيدروجين من الغاز الطبيعي، ويُذكر أن هذا التوقف عن إنتاج الأمونيا لم يحدث منذ الأزمة المالية العالمية 2008.
- ارتفاع تكلفة التشغيل بسبب ارتفاع سعر الكهرباء، أكد العديد من المصنعين للسماد في أوروبا أن سعر الميجاواط/ ساعة من الغاز وصل إلى أكثر من 300 يورو حالياً بعدما كان معدله 20 يورو في الأعوام العشرة الأخيرة، وبالتالي لم يعد بإمكان مصنعي الأمونيا تحمل ذلك، لأن سعر الغاز أصبح أغلى بـ 10 أو 15 مرة من قبل، مما يرفع من إجمالي التكلفة التي تؤثر على أرباح الشركات المصنعة.
من الضروري أن تشهد الفترة المقبلة تجميد للعقوبات المفروضة على كل من روسيا وبيلاروسيا المرتبطة بعملية تصدير الأسمدة، أو منح استثناء لتلك السلع، وذلك لتقليص تضرر سوق الأسمدة العامي الذي سيؤثر بدوره على الأمن الغذائي على المدى القصير، نظراً لأن روسيا تعتبر أول مصدر للأسمدة NPK الكيميائية ("N للإشارة إلى النيتروجين، وP للفوسفور، وK للبوتاسيوم) على المستوى العالمي، وبالتالي قد يواجه العالم نقصاً في البوتاس (المستخدم في إنتاج الأسمدة) بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، التي تعد واحدة من المنتجين الرئيسين له، إضافة إلى العقوبات على بيلاروسيا المسؤولة عن سدس إنتاج العالم من البوتاس.