أبرز التطورات والتوجهات الاقتصادية (خلال الفترة 16-30 نوفمبر 2022)

توجه تونسي/ ليبيا لإنشاء منطقة اقتصادية حرة مشتركة

وقَّع "محمد الحويج" وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية الليبية (المنتهية ولايتها)، ووزيرة التجارة وتنمية الصادرات التونسية "فضيلة بن حمزة"، في 16 نوفمبر 2022، اتفاق تعاون اقتصادي يشمل إنشاء منطقة اقتصادية حرة مشتركة بمعبر "رأس جدير الحدودي" بين البلدين، بما يضمن انسياب السلع، ورفع القيود على مواطني البلدين، إلى جانب زيادة التعاون والتبادل التجاري، وتسهيل إجراءات دخول السلع ذات المنشأ الأجنبي إلى ليبيا عبر الموانئ التونسية.

التعليق:

يأتي التركيز على إنشاء منطقة اقتصادية حرة مشتركة بهدف زيادة التبادل التجاري بين البلدين في إطار رسمي لتقليص عملية التهريب بينهما، في ضوء ازدهار ذلك النوع من التجارة خلال العقد الماضي بعد ثورات 2011 في كلا البلدين، وضعاً في الاعتبار أن المنطقة الغربية في ليبيا تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من تونس، وفي نفس الوقت تعتبر ليبيا شريك تجاري مهم لتونس، فوفق بعض التقديرات تستقبل ليبيا نحو 60% من منتجات الفواكه والخضروات التونسية، وقد تهدد الأمن الغذائي في ليبيا عدة مرات نتيجة اقفال الحدود بين البلدين، بسبب أوضاع جائحة "كوفيد-19" في 2020، وبسبب عدم الاستقرار الأمني على المناطق الحدودية، مما تتطلب وضع إطار حاكم يحكم علاقات التجارة بين البلدين عبر المنطقة الحرة المشتركة، مع ترجيح أن يصاحب ذلك تأمين مشترك لتلك المنطقة.

يأتي التحرك الليبي تجاه تونس في إطار الحركة النشطة لحكومة الوحدة الوطنية (المنتهية ولايتها) للانفتاح على دول الجوار، ودلل على ذلك الاتفاق مؤخراً مع الجزائر والسودان على فتح وتفعيل المرور عبر بعض المنافذ الحدودية البرية مع ليبيا، منها على سبيل المثال توجيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية في 7 نوفمبر 2022 بفتح معبر "غدامس-الدبداب" مع الجزائر، كما أن ذلك التوجه يصاحبه أبعاد سياسية تتعلق بتعزيز نفوذ حكومة الدبيبة داخلياً من جهة، والحصول على دعم إقليمي من جهة أخرى.

يأتي الاهتمام بتفعيل حركة التجارة مع دول غرب ليبيا في إطار دعم منطقة غرب ليبيا التي شهدت أكبر ارتفاع في مستوى الأسعار بعد جائحة "كورونا"، حيث بلغت نسبة الارتفاع تحو 38%، بينما في الشرق بلغت 36%، وذلك خلال الفترة مارس 2020/مارس 2022 (وفق دراسة صادرة بتمويل من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأمريكي، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)، وبالتالي انسياب التجارة بأقل تكلفة ممكنة قد يقوض من تفاقم التضخم في الغرب الليبي، وبالتالي تجنب أي انتفاضات ضد حكومة الوحدة الوطنية التي تسعى لزيادة شعبيتها داخلياً.

توقيع قطر اتفاقات طويلة الأجل لتصدير الغاز الطبيعي المسال

وقّعت شركة قطر للطاقة عدة عقود في الفترة الأخيرة، يتم بمقتضاها توريد الغاز الطبيعي المسال لعدة دول لفترات تتجاوز الـ 15 عام، كان اخرها اعلان زير الطاقة القطري "سعد بن شريدة الكعبي" في 29 نوفمبر 2022 عن اتفاق لتوريد مليوني طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً على مدى 15 عاما على الأقل لألمانيا، كما وقعت مؤسسة الصين للبترول والكيماويات (في 21 نوفمبر 2022)، اتفاق لتوريد 4 مليون طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال إلى الصين لمدة 27 عاما، على أن يتم التوريد بموجب العقدين بدءاً من عام 2026.

التعليق:

نجحت الدوحة في بيع جزء من احتياطات غازها الطبيعي على مدار الـ30 عام المقبلة، خاصة احتياطات غاز حقل الشمال الجاري توسعته، والمقدر له زيادة إنتاج قطر من الغاز سنوياً من 77 إلي 126 مليون طن، ويُعد عام 2026 هو بداية الضخ من مشروع التوسعة، وفي هذا السياق يعكس الاتفاق مع المانيا والصين الثقة في قطر كمورد رئيسي عالمي للغاز المسال، لاسيما وأنهما من الأسواق الكبرى التي تسعى لتعزيز أمن طاقتهما في ضوء الأزمة التي يشهدها العالم حالياً، أخذاً في الاعتبار ان البديل عن تلك العقود هو شراء الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الفورية والتعرض لتقلبات الأسعار العالمية، وبالتالي قد تفتح تلك العقود شهية دول أخرى لإبرام عقود مماثلة مع قطر وغيرها من الدول الموردة للغاز، وفي نفس الوقت قد يتزايد نشاط الاستكشاف واستخراج الغاز الطبيعي خلال السنوات المقبلة.

من أحدى الإيجابيات التي توفرها اتفاقات توريد الغاز طويلة الأجل، إمكانية بيع حصص لاستغلال وإنتاج الغاز من حقل الشمال بأسعار مرتفعة مستقبلاً، نظراً لأن توريد الغاز المسال من ذلك الحقل يوفر أرباح شبه مؤكدة على خلفية العقود التي تم إبرامها (تضمن حصص في أسواق خارجية لآجال طويلة)، ويُشار في هذا الصدد إلى أن قطر تملك 75% من حقل الشمال، بينما تملك الشركات الأجنبية العاملة به النسبة الباقية، بما يتيح لقطر بيع نصيب من حصتها لشركات أخرى (من 5 إلي 15% على سبيل المثال)، وفي نفس الوقت ستزال شركة قطر للطاقة تستحوذ على النسبة الأكبر من حقل الشمال. 

تعليقات القراء