أبرز التطورات والتوجهات الاقتصادية (خلال الفترة 16-31 ديسمبر 2022)

 

جدوى التعامل بـ"الروبية" بين الهند ودول افريقية

ذكرت العديد من وسائل الاعلام الهندية في 18 ديسمبر 2022، اعتزام البنوك الهندية التعامل بالعملة المحلية "الروبية" مع عدة دول مثل بنجلاديش ودول افريقية عبر آلية "فوسترو"، وذلك في إطار مساعي تدويل العملة الهندية، كذا حماية التجارة الخارجية للهند من تقلبات العملات الأجنبية في السوق العالمي.

التعليق:

تعمل آلية "الفوسترو" المتبعة على أساس فتح حساب في أحد البنوك الهندية وحساب مماثل له في أحد البنوك الأجنبية، ويتم اعتماد الروبية على أساس انها عملة التبادل التجاري بين الطرفين بدلاً من الدولار، وبالتالي سيتجنب المتعاملين تقلب سعر الدولار في السوق العالمي، وسيقوم البنك الأجنبي بدور الوسيط لتسهيل عملية التبادل التجاري بين طرفي المعاملة، ويشار إلي أن آلية "الفوسترو" تختلف عن آلية تبادل العملات المحلية، حيث يتم اعتماد الروبية كعملة التبادل التجاري شانها شأن الدولار عندما يتم اجراء التبادل التجاري بين دولتين، وذلك على خلاف آلية تبادل العملات التي تقضي بشراء كل من البلدين عملة الدولة الأخرى بهدف التبادل التجاري معها.

تستهدف الهند زيادة التعاون مع الدول الافريقية، خاصة تلك المصدرة للطاقة، في ضوء ازمة إمدادات الطاقة العالمية الراهنة، وحاجة العديد من تلك الدول لاستيراد الغذاء بعد نقص المعروض منه في السوق العالمية إثر الحرب الروسية/ الأوكرانية، اخذاً في الاعتبار ان العديد من الدول الافريقية تواجه نقص في توفر الدولار، وبالتالي توفر آلية الـ"فوسترو" الهندية العديد من المكاسب للدول الافريقية، ولكن في نفس الوقت يرى ان قرار الدول الافريقية بذات الشأن سيُتخذ بناءاً على العجز أو الفائض التجاري التي حققه، ففي حالة تحقيقها فائض قد ترفض تلك الآلية لحاجتها إلي توليد عائدات دولارية، والعكس صحيح في حالة العجز.

الانعكاسات الاقتصادية لتزايد الانفاق الدفاعي حول العالم

قامت العديد من الدول مؤخراً بزيادة ميزانيات دفاعها، كان اخرها موافقة الحكومة اليابانية في 23 ديسمبر 2022 على مشروع ميزانية السنة المالية 2023 (تبدأ في أول أبريل)، وتبلغ نحو 858 مليار دولار، على أن يخصص منها نحو 51.4 مليار دولار كميزانية دفاع، بارتفاع نحو 26% عن ميزانية الدفاع السابقة (وفق بعض التقديرات)، كما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس "جو بايدن" وقًع في 23 ديسمبر 2022، على ميزانية الدفاع في البلاد للسنة المالية 2023، بقيمة 850 مليار دولار، بارتفاع بلغ نحو 4.6% عن العام السابق.

التعليق:

تتمثل أهم أسباب زيادة ميزانيات الدفاع في العديد من الدول في التالي:

مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، حيث أدى ارتفاع أسعار السلع والخدمات حول العالم إلى وجوب تطبيق زيادات في ميزانيات الدول لمواجهة ذلك الارتفاع، وهو ما امتد إلى ميزانيات الدفاع التي تعني ليس بالإنفاق العسكري على شراء الأسلحة والمعدات ودعم العمليات العسكرية فحسب، بل زيادة رواتب الضباط والمدنيين العاملين في المؤسسات العسكرية، إضافة إلى تزايد الانفاق على الدعم اللوجستي (مؤن- نقل..).

تزايد التوترات الجيوسياسية، وحاجة العديد من الدول لتعزيز قدرات جيوشها على المدى المتوسط والبعيد، ففي حالة اليابان فهي تشرع في تعزيز جيشها في ضوء احتمالات تنامي التوتر مع الصين، خاصة بعدما أقرت الحكومة اليابانية مؤخرًا، مراجعة جذرية لسياستها الدفاعية في محاولة للتصدي للنفوذ العسكري الصيني الذي وصفته طوكيو بأنه "تحدٍ استراتيجي غير مسبوق".

دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، حيث قامت الدول الأوروبية بتعزيز دفاعاتها عقب اندلاع الحرب الروسية/ الأوكرانية، وفي نفس الوقت قامت العديد من الدول بزيادة دعمها العسكري لأوكرانيا، مما أستوجب زيادة ميزانيات دفاع تلك الدول لدعم كييف في مواجهة روسيا، لاسيما وأنه لا توجد مؤشرات على انتهاء الحرب في المدى المنظور، إضافة إلى أن المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا خلقت نقصا في المخزون العسكري، مما زاد الإنفاق العسكري لتلك الدول لإعادة بناء ذلك المخزون.

إن تصاعد الإنفاق العسكري العالمي يتناقض مع الأوضاع الاقتصادية العالمية جرّاء جائحة "كورونا" والتبعات السلبية للتوتر في شرق أوروبا، وهو ما يتصاعد معه معاناة الشعوب والدول النامية بسبب إعادة توجيه المخصصات المالية بعيداً عن المساعدات، ومن جهة أخرى فإن تزايد الانفاق العسكري قد يكون مؤشر سلبي على استمرار التوترات الجيوسياسية، وبالتالي استمرار حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، وسينعكس تأثير ذلك بشكل مباشر على سوقي المال والدين العالميين، حيث يرجح تراجع تدفقات رؤوس الأموال العابرة للحدود للتحوط من حالة الضبابية المصاحبة بتوقعات متشائمة، مما يزيد من صعوبة جذب الدول النامية للاستثمارات الأجنبية المباشرة من جهة، وزيادة تكلفة الاقتراض من جهة أخرى.

 

 

 

 

تعليقات القراء