دلالات المبادرة الحوثية لوقف الهجمات على السعودية

أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى اليمني "مهدي المشاط" يوم 20/9/2019 عن مبادرة لوقف إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية تجاه الأراضي السعودية، داعيًا إلى انخراط كافة الأطراف في مفاوضات لوضع حد للحرب في اليمن.

وقد لاقت هذه المبادرة ترحيبًا من قبل المبعوث الأممي لدى اليمن "مارتن غريفيث" لكونها فرصة من أجل الحد من العنف والتصعيد العسكري، فيما جاء رد الفعل السعودي مترقبًا حيث صرح وزير الدولة للشئون الخارجية "عادل الجبير" أن المملكة ستراقب مدى جدية الطرح الحوثي، ووجود تسريبات صحفية عن موافقة السعودية على وقف إطلاق نار جزئي ردًا على هذه المبادرة، إلا أنه لم يصدر أي تصريح رسمي في ذلك الشأن.

وفيما يخص السياق الذي طُرحت فيه هذه المبادرة، فيمكن إيضاحه في النقاط التالية:

  • الهجمات الأخيرة التي طالت المنشآت النفطية التابعة لأرامكو، والتي تبناها الحوثيون، فيما أشارت عدد من الدول وعلى رأسهم السعودية، والولايات المتحدة إلى أن مصدر الهجمات لم يكن اليمن، فضلًا عن الاتهامات بالتورط الإيراني، وما تبع هذا الهجوم من فرض الإدارة الأمريكية مزيدًا من العقوبات الاقتصادية على إيران، وذلك في إطار عام من الميل السعودي/الأمريكي للتهدئة واستبعاد خيار الحرب، في مقابل تصريحات يغلبها التهديد من الجانب الإيراني.
  • موافقة الإدارة الأمريكية على إرسال قوات إضافية، دفاعية في طبيعتها، لكل من السعودية والإمارات، حيث لجأت الدولتين للولايات المتحدة لدعم دفاعاتها الجوية بعد الهشاشة التي أظهرها الهجوم على منشآت أرامكو وما ترتب عليها من أضرار، وما يمثله من خطر على الإمدادات النفطية في المنطقة ككل.
  • شن التحالف لعدد من الضربات طالت مناطق سيطرة الحوثيين في كل من صعدة وحجة، بالإضافة إلى استهدافهم لزورق مسير بالبحر الأحمر، وتعزيزات لهم في شمال الحديدة، كما اتهم الحوثيون التحالف العربي بشن غارات مكثفة على 3 محافظات يمنية (صعدة، عمران، حجة)، وذلك بعد 24 ساعة من الإعلان عن مبادرة وقف استهداف الأراضي السعودية.

وقد ارتبط طرح الحوثيين للمبادرة المذكورة في هذا التوقيت بالحرص على الاستفادة من الوضع الإقليمي الراهن (الانتقادات الموجهة لاستمرار الحرب في اليمن- الضغوط الأمريكية على إيران..) في إبراز سعيهم ورغبتهم في عدم الاستمرار في المواجهة العسكرية لاسيما مع إدراكهم لإمكانية الدخول في مفاوضات خلال الفترة القادمة دون تقديم أية تنازلات على الأرض، وهو ما يشير إلى وجود تنسيق مسبق بين الحوثيين وإيران في هذا المجال، لاسيما مع توافقه مع الحرص الإيراني على الحد من الضغوط الأمريكية عليها، فضلًا عن العمل على إظهار السعودية في موقف الرافض للمبادرة وبالتالي تحميلها مسئولية استمرار المعارك في اليمن أمام الرأي العام.

ورغم الترحيب الدولي بمبادرة الحوثيين، إلا أن استمرار القصف يشير بوضوح إلى تزايد احتمالات فشل الجانبين في تحقيق نتائج إيجابية خلال الفترة القريبة القادمة، وذلك بسبب استمرار توافر عدم الثقة بين الطرفين، فضلًا عن مخاوف السعودية من إمكانية تفسير تجاوبها –حال حدوثه- بعدم قدرتها على مواجهة الحوثيين وإخفاق جهودها في هذا المجال.

 

تعليقات القراء