تعزيز التعاون التركي التونسي في المجال العسكري

تمهيد:

شهدت الأشهر القليلة الماضية من تطورات على صعيد التعاون الثنائي بين كل من تونس وتركيا في المجال العسكري على وجه الخصوص، إذ بحث وزير الدفاع التونسي إبراهيم البرتاجي خلال لقائه مع السفير التركي في تونس " رفيق علي أونانير" في ديسمبر 2020 سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات التدريب والصناعات العسكرية ونقل التكنولوجيا ومستلزمات توفير الرعاية الطبية لأفراد القوات المسلحة،[1] وهو ما بدأت تتضح ملامحه في تنفيذ مناورات تونسية تركية مشتركة بجانب الاتفاق على تسليم تونس منظومة جوية من أحدث الطائرات التركية المسيرة.[2]

أولاً: تطور العلاقات التونسية التركية بعد الثورة:

دخلت العلاقات الثنائية بين تونس وتركيا مرحلة متطورة بعد قيام الثورة، حيث بدأت أنقرة تنظر إلي تونس على أنها أحد محاور الحركة التي يمكن من خلالها تحقيق الاستراتيجية التركية التوسعية بالمنطقة، نظرًا للأهمية الجيوستراتيجية التونسية، وقد قطعت تركيا شوطاً هاماً في تقديم المساعدات الاقتصادية إلي تونس، فضلاً عما شهده السوق التونسي من اغراق بالبضائع التجارية التركية، وهو ما دفع رجال الاعمال التونسيين للضغط على النظام لمواجهة ذلك الإغراق، ولذا فرض البرلمان التونسي رسوماً جمركية على بعض البضائع التركية لحماية الصناعة المحلية - لاسيما النسيج والملابس- في نهاية عام 2019. [3]

وتجدر الإشارة إلي أن ثمة تأثير أيديولوجي متبادل بين حركة النهضة التونسية وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، حيث أعرب الرئيس التركي مرارًا عن إعجابه بالتجربة الإسلامية التونسية واعترف بأنه استفاد من أفكار زعيم الحركة الذي اعتبر من جانبه حزب العدالة والتنمية "نموذجًا للنجاح تتبعه بلاده[4]، ولا يستبعد أن الحركة الساهية لاختراق مختلف الهيئات داخل الدولة التونسية بما فيها المؤسستين العسكرية والأمنية، ساهمت من خلال مشاركتها في الحكم بعد الثورة في تعزيز العلاقات مع تركيا، وهو ما كشفته تحركات راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي وزعيم الحركة وعدد من عناصرها تجاه التنسيق مع تركيا في عدد من الملفات الثنائية والاقليمية، خاصة حينما اتصل الغنوشي برئيس الحكومة الليبية المؤقتة "فايز السراج" لتهنئته باستعادة قاعدة "الوطية" في طرابلس، وقام الغنوشي بعدد من الزيارات إلي تركيا[5]، كما واجهت زيارات الغنوشي لتركيا انتقادات شديدة من قبل التيارات العلمانية التونسية المناهضة للدور التركي في ليبيا، مطالبين بعزل الغنوشي عن رئاسة البرلمان وذلك عن طريق سحب الثقة منه لتعديه على اعتبارات الدبلوماسية ومهامه البرلمانية[6]. وقد شهدت العلاقات بين تونس وتركيا مزيداً من التطور بعد انتخاب الرئيس قيس سعيد، حيث قام الرئيس التركي بزيارة عمل هامة ومفاجئة إلى تونس على رأس وفد رفيع المستوى يضم وزير الدفاع والخارجية ومدير المخابرات في 25 من ديسمبر عام 2019.[7]

ولعل تلك الزيارة مثلت محوراً مهماً في السعي التركي لتقديم الدعم العسكري للجيش التونسي من سلاح وعتاد في ظل تزايد اعباء المهام مراقبة الحدود وحمايتها، ومكافحة الارهاب والتهديدات غير التقليدية في السنوات القليلة الماضية، إذ تشير الأدبيات إلي أن قدرات وموارد الجيش التونسي ظلت ضعيف خشية أن يقوم بالانقلاب على نظام "بن علي"[8]، وباندلاع الثورة ساهمت حركة النهضة في إدراج نص في الدستور الجديد يلزم وزارة الدفاع (والداخلية ايضاً) بالحياد التام عن استقطابات الحياة السياسية[9]، حيث حذر رئيس الحركة خلال المناقشات الدائرة حول الدستور في أكتوبر من العام 2012 من ضياع مكاسب الاسلاميين السياسية من الثورة مشيراً إلي أن المؤسستين العسكرية والأمنية – ومؤسسات اخرى- غير مضمونة لأنها بيد العلمانيين حسب وصفه[10]، ورغم ذلك وافقت الحركة على قانون انتخابات يسمح لعناصر الجيش والشرطة لأول مرة منذ الاستقلال بالتصويت في الانتخابات وهو ما يسهل اختراق الاحزاب للمؤسستين العسكرية والامنية[11].

ثانياً: دوافع تعزيز التعاون العسكري التركي مع تونس:

ثمة عدد من الدوافع التي ساهمت في اتجاه تركيا لتعزيز شراكتها العسكرية مع تونس، سواء ما يتعلق بالجغرافية السياسية لعوائد المبيعات العسكرية التركية أو الأولويات الاستراتيجية التوسعية التركية بالمنطقة، وفيما يلي أبرز تلك الدوافع:

  1. فتح المجال لأسواق جديدة لبيع الأسلحة التركية لاسيما داخل الدول الأفريقية عبر تونس، التي تتمتع فيها تركيا بنفوذ هام استناداً لدعمها لقوى الاسلام السياسي التي تشكل اهم طرف في المعادلة السياسية التونسية منذ قيام الثورة، وتعتمد تركيا في ذلك على ما حققته عمليات التصنيع المحلي للأسلحة التركية خاصة على صعيد انتاج الطائرات دون طيار والسفن والأنظمة الإلكترونية العسكرية والمركبات المدرعة، سواء بتوكيلات لشركات أجنبية، أو بالاعتماد على مكونات عسكرية مستوردة من الخارج، وتتوقع تقارير تركية أنه ما أن يتمكن الجيش التونسي من تشغيل منظومة طائرات العنقاء المسيرة، أن تهيمن شركات السلاح التركية على سوق الصواريخ والصواريخ الذكية في تونس، فضلاً عن تقديم أجهزة استشعار متطورة تزود بها منصات بدون طيار، بما قد يساعد الجيش التونسي من مواجهة التهديدات غير المتكافئة التي تتطلب مراقبة حساسة لاسيما على حدودها المشتركة مع ليبيا.
  2. محاولة اقناع تونس بمكاسب تعزيز علاقتها مع تركيا على حساب تعزيز العلاقات التونسية مع عدد من القوى الاقليمية العربية التي قد تمثل تهديداً لطموحات توسيع النفوذ التركي بالمنطقة، وتجدر الإشارة هنا إلي السعودية التي تمكنت لأول مرة من إجراء مناورات جوية مشتركة مع تونس في القاعدة العسكرية بـ "سيدي أحمد بنزرت" خلال الفترة (8-12 أكتوبر 2018)، بهدف الرفع من الجاهزية القتالية لطياري البلدين وتبادل الخبرات في مجال الإمداد والإسناد الفني،[12] وكان ينتظر أن تُجرى تلك المناورات في الأعوام التالية، بعدما ظل التعاون العسكري بين البلدين لعقود يقتصر على التدريب فقط، إلا أنه اعقب اجراء تلك المناورات تنديدات من بعض مؤسسات المجتمع المدني التونسية في ضوء قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في تركيا.
  3. محاولة التقليل من تداعيات العقوبات الأمريكية على تركيا، فقد قامت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب ووفقا للقانون الفيدرالي لمكافحة أعداء أمريكا "كاتسا"، بتوقيع عقوبات على تركيا نتيجة شراء الأخيرة منظومات صواريخ إس/ 400 الروسية، حيث حظرت الولايات المتحدة منح تراخيص التصدير الأمريكية لإدارة الصناعات الدفاعية التركية. (كانت تركيا تستورد نسبة 60% من احتجاجاتها العسكرية من الولايات المتحدة لسنوات طويلة).
  4. المساهمة في تحقيق هدف "الاستقلال الاستراتيجي العسكري" التركي، فقد كشف الرئيس التركي فى مايو 2020، عن توجهه بالامتناع عن استيراد أية منظومات تسليحية أو حتى مستلزمات الصناعات الدفاعية بحلول عام 2023، وهو ما يمكن ان يساهم في تحقيق عوائد مهمة لشركات التصنيع العسكري التركية التي تتمتع بأهمية كبيرة في مجال في الصناعات الدفاعية، فضلاً عن ذلك سيمثل دخول الأسلحة التركية إلى السوق التونسي على خلفية المهام الجيوسياسية التركية في منطقة شمال إفريقيا، ذات الأهمية الجيوسياسية والتي تذخر بأشكال مختلفة من التهديدات العابر للحدود كقضايا التطرف والإرهاب والحرب بالوكالة.[13]
  5. محاولة تعويض رفض تونس توفير دعم جوي وبحري لتركيا خلال تدخلها في الحرب الليبية، ففي ضوء اهمية تونس في المنطقة المغاربية لاسيما في الملف الليبي، سعت تركيا لاستمالة تونس خلف أجنداتها في ليبيا، بمعني أن تكون تونس ضمن تحالف اقليمي موجه لخدمة الاستراتيجية التركية بالمنطقة الداعمة لنفوذ الاسلام السياسي، وهو ما ظهر في الزيارة المفاجئة لاردوغان الي تونس في ديسمبر 2019، وعقب ايام قليلة من إعلان الرئاسة التركية امكانية إعداد مسودة قانون تتيح إرسال قوات إلى ليبيا دعما لحكومة طرابلس، لكن تونس رفضت تلبية الطموحات التركية، حيث اوضح الرئيس التونسي إن الاتفاق الموقع بين تركيا وليبيا والمتعلق بترسيم الحدود البحرية لا يمس تونس ولم يكن مطروحا في لقائه مع أردوغان.[14]
  6. الاستفادة من إمكانية تنشيط دور تونس في إعادة إعمار ليبيا، بما يخدم المصلحة التركية (في قطاعات الامن والبناء والطاقة وقطاع المصارف)، خاصة مع قرب اجراء الانتخابات الليبية في ديسمبر 2021، وذلك من خلال مساهمة تركيا في رفع القدرات التونسية على أكثر من صعيد ومنها تزويد تونس بقدرات قتالية، بما يعزز قوة تونس على الساحة الاقليمية ويمكنها من المساعدة في مراقبة حدودها مع ليبيا ضد التهديدات غير التقليدية وهو بالضرورة يعزز فرص الدبلوماسية الاقتصادية التونسية ويخدم استقرار الاوضاع في ليبيا لاسيما المنطقة الغربية التي تتمتع فيها تركيا بنفوذ واضح، فضلاً عن رغبة تركيا في ضمان أن تكون الأولوية لها في مشاريع إعادة اعمار ليبيا.[15]
  7. وثمة عدد أخر من الاعتبارات التي تدفع تونس للاستعداد لتنشيط دورها في اعادة اعمار ليبيا، كأن تقوم بتنشيط موانئها باتجاه طرابلس الليبية وفق ما ذكره سفير الاتحاد الأوروبي بتونس "ماركوس كورنارو" الذي قال أنه إذا لم تستغل تونس الفرص المتاحة، سيأتي غيرها لينتزع منها تلك الفرص، وهو ما قد يحمل لغة تحذيرية، فضلاً عن ذلك تحاول مجالس الأعمال التونسية الليبية المشتركة وضع خريطة طريق للمساهمة في إعادة الإعمار،[16] ويوضح رئيس المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين عبد الحفيظ السكرافي أن المجلس قدم لوزير المالية التونسي مشروع لصندوق استثماري لإعادة الإعمار سيكون الطرف الرسمي للتمويل، مشيراً إلى "أن 14 صندوقاً استثمارياً أجنبياً أبدا استعداداً للمساهمة في رأسمال صندوق الاستثمار.[17]

ثالثاً: التعاون العسكري بين تونس وتركيا:

عادة ما كانت تشترك تونس وتركيا في مناورات بحرية متعددة الأطراف تُعرف بـ"PHOENIX EXPRESS"  التي تهدف لتطوير القدرات العملياتية وتدعيم التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات البحرية بمشاركة دول أخرى مثل (الجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا...)، بيد أنه قد نُفِذَت للمرة الأولى من نوعها مناورات عسكرية مشتركة بين توسن وتركيا شاركت فيها القوات الخاصة للبلدين خلال الفترة (17-25 يناير 2021)، وتخطط وزارة الدفاع التركية حسبما اعلنت لإجراء تلك المناورات بصورة سنوية.

وقد أُجريت المناورات العسكرية التركية التونسية المشتركة في انقرة بهدف تطوير القدرات العملياتية للجانبين، وزيادة القدرة على التنسيق والعمل المشترك، وتبادل المعلومات والخبرات، وشملت المناورات تدريبات على إطلاق النار والإنزال بالمروحيات في الأماكن المأهولة، والتدريب على أساليب الدعم الطبي...[18]

فضلاً عن ذلك يرتقب أن تتسلم تونس صفقة تسليح عسكرية مهمة تتكون من طائرات مسيرة من طراز "العنقاء-إس" التي تنتجها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (توساش)، ومدرعات من طراز "كيربي"، ومدرعات أخرى من طراز "أجدر يالتشين" التكتيكية ذات الدفع الرباعي لشركة "نورول ماكينا" التركية لصناعة المركبات البرية، وآليات مختلفة من صهاريج ودبات لشركة "كاتميرجيلار"، وأنظمة كهروضوئية.[19]

ولقد وقعت تونس في ديسمبر من العام 2020 وبعد مفاوضات استمرت لعامين ونصف كان احدثها اجتماع تركي تونسي للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية عبر تقنية مؤتمرات الفيديو، عقود مع شركة تصنيع الطائرات القتالية بدون طيار المملوكة للحكومة التركية لشراء ثلاث طائرات من طراز العنقاء بتكلفة تضاربت المعلومات حيال قيمتها الحقيقية في حال اتمام مراحلها ما بين 80 مليون دولار إلي 150 مليون دولار أو أكثر، وتضمن العقد الاتفاق ايضاً على شراء ثلاث محطات تحكم ارضي، وأن تقوم تركيا على اراضيها بتدريب 52 ضابط تونسي من القوات الجوية التونسية وموظف واحد للصيانة، وسيتولي بنك ائتمان الصادرات التركي " Türk Eximbank" تقديم قرض إلي تونس لتمويل الصفقة تقدر قيمة القرض بـ 200 مليون دولار، بجانب تمويل البنك المعدات التي اشتراها الجيش التونسي من مصنعي المدرعات وهما شركتي BMC ونورول ماكينا، من خلال قروض أخرى، وهذه هي الأبعاد الأكثر اهمية في تلك الصفقة إذ يكشف عن سعي تركي حثيث لتسهيل تقديم الدعم العسكري للجيش التونسي من سلاح وعتاد تركي محلي الصنع.[20]

ويتوقع أن يقوم الجيش التونسي قريبًا بتشغيل منظومة الطائرات المسيرة من طراز "العنقاء - اس"، من فئة MALE (Medium Altitude Long Endurance)[21]، وهو نظام الارتفاع المتوسط طويل البقاء، ويمتاز هذا الطراز من الطائرات غير المأهولة بما يلي:

  1. القدرة على التحليق على ارتفاع متوسط، وطول فترة التحمل، والقدرة على البقاء في الجو لمدة 24 ساعة متواصلة، وبمقدار 30 ألف قدم كحد أقصى لارتفاع الطيران، و250 كيلوجرام من الحمولة القتالية.
  2. القيام بأعمال المراقبة والاستطلاع ورصد وتتبع الأهداف المتحركة والثابتة، وجمع المعلومات الاستخبارتية، بجانب توفير هذه الطائرة مزايا الاتصال عبر الأقمار الصناعية، مع نظام تحكم ممتد، قادر على التعامل مع تهديدات الحرب الإلكترونية والمناطق التي يكون فيها عمليات التشويش واضحة.
  3. تتيح أنظمة استخبارات إلكترونية وإشارات متقدمة مثل ISAR، وكاميرات مراقبة واسعة النطاق، فضلاً عن الذخائر عالية الدقة، فهي مزودة بكاميرا إلكترو-ضوئية ملونة نهارية وكاميرا إلكترو- ضوئية تحتوي على مزايا الرؤية الأمامية الحرارية، كاميرا لتحديد الأهداف بالليزر، وما يُعرف برادار الفتحة التركيبية.
  4. تم دمج كمبيوتر تحكم طيران آلي لضمان طرق الملاحة والتحكم في طيران العنقاء- اس، وهو ما يسمح بعودتها إلى نقطة الانطلاق في حال انقطاع الاتصالات مع محطة التحكم الأرضي.

رابعاً: موقف الدول الغربية من التقارب التركي مع تونس:

تتفهم الدول الغربية طبيعة الأجندة التركية وطموحات تطوير العلاقات مع تونس على مختلف الأصعدة الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية، وكلها عوامل تمثل تحدياً لمصالح النفوذ الاستراتيجي والأمني الغربي بالمنطقة، ومن ثم تسعى بعض القوى الغربية إلي الحفاظ على مساعي تفعيل علاقتها العسكرية - والأمنية - مع تونس، وإثبات انها مازالت مطلعة على تطورات المشهد وسبل التعامل معه بما يحفظ النفوذ الغربي بالمنطقة لاسيما الأمريكي.

ولعل أبرز التطورات على هذا الصعيد، فقد سبق إجراء المناورات التركية التونسية بفترة وجيزة إجراء مناورات بحرية مشتركة تونسية امريكية NADHOR 21-01 قبالة السواحل التونسية (18 - 21 يناير 2021)، فضلاً عن إجراء مباحثات عسكرية امريكية تونسية رفيعة المستوى حول آفاق التعاون العسكري بين البلدين في ظل اوضاع المنطقة، وقد شملت المباحثات وزير الدفاع التونسي و"Barbara M. Barrett" كاتبة الدولة للقوات الجوية الأمريكية، وقائد القوات الجوية الأمريكية بإفريقيا وأوروبا وسفير الولايات المتحدة الأمريكية "Donald Bloom" ومسؤولين عسكريين تونسيين وأمريكيين، فضلاً عن زيارة المسئولة الأمريكية لقاعدة "العوينة" الجوية التونسية، والتي أكدت على تكثيف التمارين المشتركة وتوفير المساعدة الفنية والتجهيزات والمعدات المتلائمة مع التهديدات التي تشهدها المنطقة، واهمية تفعيل مشروع اقتناء طائرات التدريب التي شملتها وثيقة خارطة الطريق التي تم توقيعها في سبتمبر 2020 من قبل وزيري دفاع البلدين بهدف رفع جاهزية القوات المسلحة التونسية وتطوير العمليات المشتركة لمجابهة التهديدات ورفع التحديات الأمنية في المنطقة، كما اجرى برنامج تدريب عسكري تونسي أمريكي مع حرس الحدود بولاية ي“Wyoming” بالولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من 13 - 25 سبتمبر 2020 في مجالات إطفاء الحرائق والإخلاء الصحي الجوي والطب البيولوجيفي نشاط مشترك.[22]

إضافة إلي ذلك، لم تكن كبريات القوى الأوربية غائبة عن ذلك المشهد، حيث بحث "Edward Oakden" السفير البريطانيا لدى تونس مع وزير الدفاع التونسي "إبراهيم البرتاجي"، في يناير الماضي سبل تطوير الدعم العسكري بين البلدين، وكيفية ضمان انعقاد اللجنة العسكرية المشتركة بلندن خلال هذا العام.[23]، وقد تم تنفيذ تدريب بحري تونسي ايطالي في 2 -3 ديسمبر 2020 بجنوب شرق جزيرة بانتالاريا، للتدريب على زيارة وتفتيش سفينة مشبوهة.[24]، فضلاً عن تنفيذ تدريب بحري تونس فرنسي مشترك خلال (12 - 16 أكتوبر 2020) قبالة السواحل الفرنسية للتصدى للاعمال غير المشروعة بالبحر[25]، فيما اعراب سفير فرنسا بتونس André PARANT خلال لقاءه مع وزير الدفاع التونسي في 17 نوفمبر 2020، عن استعداد بلاده لمزيد دعم تونس في المجال العسكري، ومؤكداً على انعقاد الدورة 28 للجنة المشتركة العسكرية التونسية الفرنسية خلال هذا العام.[26]

في النهاية، من غير المستبعد أن يظل تطوير العلاقات التركية التونسية مرهوناً ببقاء قوى الاسلام السياسي على رأس منظومة الحكم في تونس وهو ما سيدفع بدوره إلي تعزيز المصالح التركية التونسية في مجالات التجارة والاستثمار وحماية الحدود الليبية التونسية المشتركة، والتنسيق في جهود إعادة اعمار ليبيا، ليس مع تونس فقط بل مع بعض القوى الاقليمية الاخري، ولكن ستبقى الأزمات السياسية داخل تونس اكبر تحدي امام تحقيق تلك المصالح.

 


[1] - الموقع الاعلامي لوزارة الدفاع الوطني التونسية، 9 ديسمبر 2020، http://www.press.defense.tn/?p=4192

[3] -العين الاخبارية، 2020/7/16، https://al-ain.com/article/tunisia-ghannouchi-erdogan-exhausting-economy .

[4] - Said Saddiki, The New Turkish Presence in North Africa: Ambitions and Challenges, , med dialogue series, No.33,

 Konrad-Adenauer Stiftung, December 2020, p3.

[5] - العين الاخبارية،14/1/2020، https://al-ain.com/article/ghannouchi-turkej

[6] - دستور تونس الصادر عام 2014، الفصل 77، صـ 13.

[7] - بوابة الاهرام، 31-1-2017، http://gate.ahram.org.eg/News/1386966.aspx

[8] - انظر دراسة حجاب شاه وميليسا دالتون، تطور الجيش التونسي ودور مساعدة قطاع الأمن الخارجي، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، مارس 2020 صـ 9.

[9] - دستور تونس الصادر عام 2014، الفصل 17، صـ 5.

[10]- فرانس 24، 10/10/2012، https://www.france24.com/ar/

[11]- قام وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب -في حكومة الصيد - في اغسطس 2017 بزيارة عمل إلى تركيا، في إطار بحث سبل تطوير التعاون التونسي الأمني.

[12] - جريدة الشرق الأوسط، 28 سبتمبر 2018، رقم العدد [14549].

[13] - من المنتظر أن يتم توسيع مشروع تزويد تونس بالطائرات المسيرة التركية "العنقاء" ليتم تجميعها محليا في تونس مع نقل التكنولوجيا التركية إلى تونس، بجانب احتمالية تصديرها مستقبلا من تونس إلي دول أفريقية أخرى، وربما كانت القيمة المقدرة للصفقة بـ 240 مليون دولار قبل أن تنخفض إلي 150 مليون دولار.

[14] - دويتش فيله، 25/12/2020، https://www.dw.com

[15] - قناة العربية، 1 فبراير 2021، https://www.alarabiya.net/north-africa/

[16]- هدى الطرابلسي هل تخسر تونس نصيبها من كعكة إعمار ليبيا؟ اندبندنت عربية، 24 فبراير 2021، متاح على الرابط التالي: https://www.independentarabia.com

[17]- ويُرجح أن تكون تونس أحد الدول المرشحة مستقبلاً لتستضيف مقر "لجنة مالية دولية" قد تحتاج القوى الإقليمية والدولية الكبرى إلى الالتفاف حول إنشاءها، وأن تكون اللجنة بقيادة ليبية وتمنح السلطات الضرورية لإعادة هيكلة الاقتصاد الليبي بالكامل، وهو ما سيساعد من جهة في جهود صنع السلام واعادة الاعمار في ليبيا، ومن جهة ثانية ستُمكن تركيا من أن تكون على مقربة من تلك الجهود بفضل علاقتها القوية مع تونس خاصة إذا بقيت قوى الاسلام السياسي طرفاً رئيسياً في حكم تونس التي وفرت منذ قيام الحرب في ليبيا ميداناً بديلاً أمناً اتخذته الجهات الدولية والاقليمية المعنية ببحث الملف الليبي، بسبب الجوار الجغرافي مع ليبيان ومن جهة ثالثة سيساعد تونس في تحقيق مكاسب اقتصادية وتقليل معدلات البطالة لديها من خلال اعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع ليبيا.

[18]- وكالة سبوتنيك للأنباء، 26.01.2021، https://arabic.sputniknews.com-/

[19] - موقع Haberler،24/12/2020، https://ar.haberler.com/arabic-news-1544345/

[20]- وكالة انباء تركيا، 13/12/2020، https://tr.agency/news-117821

[21] - تُعرف بانها فئة الطائرات المسيرة متوسطة الارتفاع طويلة البقاء، وقد زاد استخدامها في العمليات العسكرية عامةً، ويستخدم هذا الجيل من المنظومات الجوية غير المأهولة من أجل توفير القدرة على التحليق بدقة حول نقطة (أو منطقة) الاهتمام، بما يتيح إمكانية أكبر في المراقبة وجمع المعلومات والاستهداف بما تحمله الطائرة من أجهزة استشعار.

[22] - الموقع نفسه، 16 سبتمبر 2020، http://www.press.defense.tn/?p=3953

[23] - دعم التعاون العسكري التونسي البريطاني، الموقع الاعلامي لوزارة الدفاع الوطني التونسية، 8 يناير 2021، http://www.press.defense.tn/?p=4258

[24] - الموقع الاعلامي وزارة الدفاع الوطني، 3 ديسمبر 2020، http://www.press.defense.tn/?cat=4

[25] - الموقع نفسه، 19 اكتوبر 2020، http://www.press.defense.tn/?p=4066

[26] - الموقع نفسه، نوفمبر 2020، http://www.press.defense.tn/?p=4155

 

تعليقات القراء