الأزمة السورية: تفاقم الخلافات داخل معسكر رعاة "آستانه"

الأزمة السورية: تفاقم الخلافات داخل معسكر رعاة "آستانه"

                                                                              احمد الهاشمي[1]

تتزايد حدة الخلافات الحالية بين رعاة منصة "آستانة" (روسيا – ايران – تركيا) بشكل مطرد؛ ففي الوقت الذي ارتفعت فيه حدة الخطاب الروسي تجاه الأوضاع في ادلب والعملية التركية المحتملة شرق الفرات، تواترت أنباء عن خلاف عسكري روسي/ إيراني في ريف حماة ومناطق أخرى.

أولاً: أهم أسباب ومظاهر الخلاف بين روسيا وايران

بالنسبة للخلاف الروسي/ الإيراني سنجد ثلاث نقاط محورية زادت من حدة التوتر بينهما وهي:

  1. عودة التنسيق الروسي/ الإسرائيلي حول قيام إسرائيل بضربات لنقاط التواجد الإيرانية في سوريا، والحديث عن تعطيل روسي لمنظومة اس 300 الصاروخية السورية عند قيام إسرائيل بضربات للمواقع الإيرانية، مما يعكس موقف روسي غير رافض لتحجيم الوجود الإيراني في سوريا، وهو ما انعكس في تصريحات رئيس مجلس الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي في ايران.
  2. الخلاف حول السيطرة على مدينتي "الميادين" و"حماة" وأجزاء من ريفها، حيث طالبت روسيا "الفرقة الرابعة" السورية – بقيادة ماهر الأسد القريب من طهران – وميليشيات مواليه لإيران باخلاء مدينة "حماه" وأجزاء من ريفها للسماح للفيلق الخامس – القريب من روسيا – بالسيطرة على المدينة، وهو ما رفضه ماهر الأسد، في حين اشارت بعض المصادر الإسرائيلية إلى اشتباكات وقعت بالفعل بين الطرفين.
  3. خلافات حول توزيع الاستثمارات في مجالي النفط والغاز بين الطرفين، يزيد منها الرغبة الروسية في التحكم الكامل في الغاز السوري في ظل استراتيجية روسيا للهمينة على اكبر قدر ممكن من غاز المتوسط.

ثانياً: أهم أسباب ومظاهر الخلاف بين تركيا وروسيا

لقد اتسع كثيراً ما بدا على أنه خلاف تركي روسي؛ هذا الذي تجسد في ثلاث نقاط رئيسية نعرضها على النحو التالي:

  1. الانتقاد الروسي المتواتر للأوضاع الأمنية في ادلب خصوصا في ظل سيطرة جبهة النصرة على المدينة ومحيطها، والهجمات المتكررة للجبهة على حلب والتي تنطلق من المنطقة العازلة التي كانت تركيا قد تعهدت بحفظ الأمن فيها، وهو ما جعل العديد من المسئولين السوريين يلوحون بإعادة طرح القيام بعملية عسكرية روسية سورية لاستعادة السيطرة على المدينة.
  2. الخلاف التركي/ الروسي حول تفسير اتفاق "اضنة" بين سوريا وتركيا، حيث ترى روسيا ان العمليات التركية – في ظل الاتفاق – يجب الا تؤدي إلى تهديد وحدة الأراضي السورية عن طريق انشاء كيانات انفصالية بالمناطق الحدودية، في حين تستغل تركيا الاتفاق كغطاء قانوني لتواجدها في شمال سوريا ولعمليتها المقبله في شرق الفرات.
  3. الحديث عن اتصالات وملامح اتفاق بين الاكراد والحكومة السورية بوساطة روسية، يشمل تولي القوات السورية مسألة تأمين الحدود وتخصيص حصة للمناطق الكردية من عوائد النفط والغاز، في مقابل تعهد سوري بعدم السماح لتركيا بمهاجمة المناطق الكردية شرق نهر الفرات، وهو ما نتج عنه انسحاب مقاتلي "قسد" من "منبج" ودخول حشود من قوات الجيش السوري.

مستقبل الخلافات الحالية: تحركات وتحالفات جديدة

يبدو أن مسار الخلافات الحالية بين الدول الثلاث يقود إلى تحركات من شأنها تغيير شكل التحالفات بشكل جذري على النحو التالي:

أولاً: من المرجح أن يركز اجتماع "استانة" القادم على محاولة تحجيم الخلافات بين الدول الثلاث، بالإضافة إلى مناقشة الأوضاع في ادلب ومستقبل العملية العسكرية التي تلوح بها تركيا شرق نهر الفرات.

 ثانياً: كما يقود الوضع الراهن للخلاف إلى خانة ستحاول فيها روسيا تخفيض حدة التوتر مع ايران، في ظل احتمالية استمرار الخلاف الروسي/ التركي خصوصا إذا ما خلصت روسيا إلى أهمية القيام بعملية عسكرية في "ادلب"، نظرا لحاجتها للقوة الإيرانية الأرضية.

 وأخيراً، يُتوقع أن تقوم روسيا بدور الوسيط بين ايران من ناحية والولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية أخرى، بحيث تطرح تخفيف العقوبات الأمريكية على ايران في مقابل تقليص الوجود الإيراني في سوريا، خصوصا مع التضرر الإيراني البالغ من العقوبات الامريكية الأخيرة.

 

 




[1] باحث بالمركز القومي لدراسات الشرق الاوسط

 

تعليقات القراء