أعداد أوراق الشرق الأوسط

January 2023

 

افتتاحية العدد/ 
                  د. أحمد الشربيني

 يُصدر المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط العدد (94) من دورية "أوراق الشرق الأوسط" كعدد ختامي لعام 2022، ويهدف هذا العدد لتوصيف وتحليل اهم التطورات والأحداث التي مرت بالإقليم خلال العام، بالإضافة إلى محاولة استشراف المستقبل وتبيان أهم ملامحه.

وبصفة عامة، شهد هذا العام استمرار للنزاعات القائمة بالفعل، بالإضافة إلى بروز أنماط جديدة من التهديدات والتحديات، فعلى صعيد المنطقة العربية، لاتزال القضية الفلسطينية بدون حلول توافقية واضحة، حيث يظل الموقف الاسرائيلي رافضاً للحلول المطروحة، متمسكاً بنظريات السلام الاقتصادي، ومستغلاً للاوضاع الاقليمية والدولية لتوسيع مكاسبه، وتنفيذ المخطط القائم على اتفاق الشراكة بين مكونات الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو.

  أما على الساحتين العراقية والسورية، فلا تزال العراق في طور تشكيل نظامها السياسي للوصول إلى قواعد توافقية حول نظام الحكم، وادوات ادارة الاختلاف، وتحديد اولويات الدولة العراقية بما يحقق حالة من حالات الاستقرار السياسي التي افتقدها العراق طويلًا، ينطبق نفس الأمر تقريباً على الحالة اللبنانية،  من حيث محاولات الخروج من براثن الطائفية والوصول لمعادلة حكم مستقرة.

في نفس السياق، فقد انتقل النزاع السوري بصورة نسبية من كونه صراع عسكري محض، إلى الساحة السياسية، حيث نشطت الحكومة السورية في تطبيع علاقاتها مع بعض القوى الاقليمية والدولية، يسر لها ذلك احكام سيطرتها على غالبية الاراضي السورية، بالاضافة إلى تغير الظروف الداخلية ببعض الدول المحيطة. أما المغرب العربي فلم تراوح الأزمة الليبية مكانها، من حيث صعوبة الاتفاق على تشكيل حكومة توافقية، أو استكمال الاستحقاقات الانتخابية في مواعيدها.

على الصعيد الافريقي، فلا يزال القرن الأفريقي يواجه تحديات الصراعات العرقية، وضعف بنيان الدولة، وتراجع الاستقرار السياسي والأمني وهو ما يتضح بشكل كبير في الحالة الاثيوبية، لكن ذلك لم يمنع دول اخرى – مثل كينيا -  في نفس المنطقة من الصعود ومحاولة لعب ادوارًا فعالة في أزمات المنطقة. إنتقالاً إلى الساحل الأفريقي، فلا تزال قضية الإرهاب احدى اهم القضايا الأساسية في المنطقة، والتي من المتوقع أن تستمر كذلك في ظل التوقعات الخاصة بارتفاع قدرات الجماعات الارهابية، وتغير انماطها وادواتها، مع غياب التنسيق الدولي الخاص بهذا الأمر في هذه المنطقة.

في سياق موازي، فقد برزت عدد من القضايا العابرة للحدود، والتي قد تمثل صلب الاهتمام الدولي في الفترة القادمة، حيث من المتوقع أن يشغل الأمن السيبراني موقعًا متميزاً في سياسات الدول بعد توظيفه في الحرب الروسية الأوكرانية بالاضافة إلى ارتفاع معدل الجرائم الالكترونية عالميًا، أيضاً فإن مسألة الأمن البحري ستكون على رأس اجندة دول الاقليم خصوصاً مع الاكتشافات البحرية المتتالية ومدى اهميتها في تحقيق أمن الطاقة، كما ستظل قضية الهجرة محتفظة بموقعها المتميز نظراً لتداخلها مع عوامل مختلفة ابرزها التحول الديموجرافي، واعتبارات الأمن وغيرها، يماثلها في ذلك قضية المناخ والتي أيضاً من المرجح أن تكون في صدارة الأجندة الدولية.

على الصعيد الاقتصادي، يشهد العالم تحديات اقتصادية متراكمة ومتشابكة ، بسبب جائحة "كوفيد-19" والحرب الروسية/ الأوكرانية وتداعياتهما، ويُعد عام 2023، وفق غالبية التوقعات، هو العام الذي سيشهد انعكاس لتلك التحديات، مما ينذر بتحولات سلبية تطول العديد من القطاعات والدول، منها الركود التضخمي واختناق محتمل لسوق الدين العالمي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وحالة عدم اليقين من المشهد الاقتصادي على المديين القصير والمتوسط، وفي ذات السياق تعتبر تهديدات أمن الطاقة وأمن الغذاء العالميين من التحديات المتوقع تزايدها في 2023، لارتباطهما بشكل أكبر بالتوترات الجيوسياسية الناتجة عن الصراع والتنافس بين الدول الغربية وكل من روسيا والصين، وهو ما قد ينعكس بالتبعية على الاقتصاد العالمي ككل.

October 2023

 

افتتاحية العدد/
                  د. أحمد الشربيني

 يُصدر المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط العدد (93) من دورية "أوراق الشرق الأوسط" في ضوء مجموعة من التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية والإقليم والعالم، حيث لا يزال إقليم الشرق الأوسط يشهد حالة من عدم الاستقرار بسبب استمرار الصراعات والأزمات في العديد من الدول، والعجز عن التوصل إلى حلول حقيقية يمكن أن تُغير من مسار تلك الأوضاع.

فعلى صعيد المنطقة العربية، وفي ظل تأزم الأوضاع السياسية والأمنية في السودان منذ إجراءات 25 أكتوبر الماضي، ظهرت بعض المؤشرات الدالة على محاولة بعض دول الجوار الإقليمي مع السودان، وخاصة إريتريا وتشاد للتأثير في الداخل السوداني الذي أصبح يتسم بقدر من السيولة السياسية والأمنية التي توفر بيئة مناسبة لقيام هذه الدول بلعب دور مؤثر في الأزمة السياسية الحالية، وقد ظهر ذلك بوضوح في محاولة إريتريا استغلال أزمة شرق السودان لتعزيز نفوذها داخل السودان، وأيضاً ظهر تأثير دولة تشاد على الأوضاع الأمنية غير المستقرة في إقليم دارفور.

أما الملف الفلسطيني الاسرائيلي، تشهد اسرائيل حالة من السيولة الانتخابية، حيث تعد الانتخابات البرلمانية القادمة هي الخامسة في غضون 4 سنوات، يتزامن ذلك مع حالة من التقلب والتغيير في الخريطة الحزبية الاسرائيلية، حيث لم يعد التقسيم التقليدي بين اليمين واليسار هو السائد، بل امتد الأمر إلى تقسيمات داخل اليمين ما بين يمين ديني، ويمين علماني وصهيونية دينية، وهو ما يصعب من محاولات التنبؤ بمستقبل الحكومة وبالتالي السياسات القادمة.

و على صعيد التطورات بالقارة الأفريقية ، فقد تزايد الاهتمام الروسي بقارة افريقيا خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يستمر ويتزايد في ظل الاوضاع الدولية الحالية، والتنافس الروسي الغربي المرتبط بالحرب الاوكرانية، حيث تسعى روسيا للامساك بعدد من أوراق الضغط التي يمكن أن تقايض بها القوى الغربية مثل الإرهاب والهجرة غير النظامية فضلًا عن حرصها على أن تكون مركزًا استراتيجيًّا للنفط والغاز الأفريقي بشكل يجعلها تتحكم في حركة التجارة النفطية لأوروبا أو على الأقل تعطيل وصول الأوروبيين إلى الغاز الأفريقي. يرتبط ذلك أيضاً بمساعي موسكو خلال الفترة الأخيرة إلى خلق تحالف جيوسياسي يضم عددًا من الحلفاء في المنطقة بحيث يربط بين منطقتي القرن الأفريقي والساحل والصحراء الاستراتيجيتين في معظم السياسات الدولية. وذلك من خلال توطيد العلاقات الروسية مع أفريقيا الوسطى ومالي في الساحل مرورًا بالسودان ووصولًا إلى إريتريا وإثيوبيا في شرق القارة.

ومن جانب اخر تشهد العلاقات السودانية الأثيوبية حالة من التذبذب والتأرجح ما بين التعاون والصراع، حيث شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً لحالة التوتر في العلاقات بين الدولتين؛ وذلك على إثر اندلاع اشتباكات عسكرية محدودة في منطقة الفشقة السودانية الواقعة على الحدود المشتركة مع الجانب الأثيوبي، والذي تزامن مع قتل الجيش الأثيوبي 7 من عناصر الجيش السوداني، وهو ما دفع الخرطوم لاتخاذ موقف رافض لهذا الحادث واتخذت الخرطوم إجراءات متنوعة شملت التصعيد الدبلوماسي والعسكري لإثبات قدرتها على تأكيد سيادتها على كامل أراضيها والحفاظ على الأمن القومي للبلاد، ورغم التصعيد العسكري بين الخرطوم وأديس أبابا، إلا أن الدولتين اتجهتا بعد ذلك إلى تهدئة التوتر المتصاعد والتأكيد على عدم الرغبة في توسيع نطاق المواجهات العسكرية والاتجاه لحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية.

في نفس السياق، تشهد منطقة البحر الاحمر حالة من التنافس الشديد بين بعض القوى الاقليمية والدولية على دوائر الهيمنة والنفوذ، وانعكس هذا التنافس بشكل مباشر على التواجد العسكري في المنطقة، تزامن ذلك مع بروز تهديدات مختلفة تتجاوز التهديدات التقليدية مثل القرصنة ونشاطات الجريمة المنظمة، بالاضافة إلى احتمالات عودة تهديدات الجماعات الارهابية بالمنطقة في ظل ما تعانيه بعض دول المنطقة من مشكلات داخلية، وهي امور تلقي بظلالها على الأمن القومي المصري، والمصالح المصرية العليا.

أما على الصعيد الاقتصادي، يواجه التعاون الاقتصادي البيني الافريقي العديد من التحديات على رأسها الربط بين الدول، لاسيما وأن ضعف الربط الطرقي يعرقل انسياب التجارة عبر الحدود، والذي بدوره يقوّض إقامة منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية، وقد تناولت العديد من الدراسات والتقارير ذلك الموضوع نظراً لأهميته ودوره في تعزيز اقتصادات الدول الافريقية.

July 2022

 

الكلمة الافتتاحية/ 
                     د. أحمد الشربيني

 يُصدر المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط العدد (92) من دورية "أوراق الشرق الأوسط" في ضوء مجموعة من التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية والإقليم والعالم، ولا يزال إقليم الشرق الأوسط يشهد حالة من عدم الاستقرار بسبب استمرار الصراعات والأزمات في العديد من الدول، والعجز عن التوصل إلى حلول حقيقية يمكن أن تُغير من مسار تلك الأوضاع.

فعلى صعيد المنطقة العربية، تقف القضية الفلسطينية في مرحلة حاسمة نتيجة لجملة من الاعتبارات المهمة اخطرها تجمد مسار الحديث عن أية توافقات فلسطينية حقيقية، وبقاء الأوضاع الفلسطينية كما هي منذ سنوات طويلة، وغياب رؤية سياسية لتصويب المسار وتحديد اولوياته، وفي ظل داخل اسرائيلي يركز على فكرة البقاء والاستمرار مع العمل على استمرار الحكومة اليمينية الحاكمة المؤقتة وانتظار نتائج الانتخابات البرلمانية والتي ستُجرى في نوفمبر المقبل، ومن ثم تصبح القضية الفلسطينية رهينة للتطورات الداخلية الاسرائيلية، وبالاخص مع غياب فعالية الادوات الدولية التي لعب دوراً في دفع القضية إلى الأمام فيما مضى.

على الصعيد التونسي، تشهد تونس انطلاق حواراً وطنياً يتزامن مع حالة من عدم الاستقرار السياسسي والأمني داخل البلاد على مدار أكثر من اثني عشرة سنة ماضية، حيث تفاقمت الأزمات سواء بين مكونات السلطة وبعضها البعض أو بينها وبين المعارضة، وما لحق ذلك من تجاذبات حملت خلافات أيديولوجية ومصلحية على مراكز النفوذ، ولذا عجزت تجربتي الحوار التونسي في عامي 2013 و 2016 عن تحقيق الاستقرار الذي من شأنه تهيئة البلاد للانطلاق في الاصلاحات على مختلف المستويات.

وعلى صعيد التطورات في القارة الافريقية، فمع بدء مرحلة جديدة في الصومال بتولي الرئيس حسن شيخ محمود رئاسة البلاد عقب فوزه في الانتخابات الأخيرة في مايو 2022، يسعى الصومال إلى تبني سياسة خارجية معتدلة ترتكز على مبدأ تصفير المشكلات مع محيطيها الإقليمي والدولي، والانفتاح على العالم الخارجي في محاولة لتجاوز التحديات الداخلية الصومالية بمساندة إقليمية ودولية. ويتطلع الرئيس شيخ محمود إلى استعادة الصومال لاستقراره الداخلي الذي ينعكس بدوره على استعادة الدور الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي خلال الفترة المقبلة.

ومن جانب اخر تشهد العلاقات السودانية الأثيوبية حالة من التذبذب والتأرجح ما بين التعاون والصراع، حيث شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً لحالة التوتر في العلاقات بين الدولتين؛ وذلك على إثر اندلاع اشتباكات عسكرية محدودة في منطقة الفشقة السودانية الواقعة على الحدود المشتركة مع الجانب الأثيوبي، والذي تزامن مع قتل الجيش الأثيوبي 7 من عناصر الجيش السوداني، وهو ما دفع الخرطوم لاتخاذ موقف رافض لهذا الحادث واتخذت الخرطوم إجراءات متنوعة شملت التصعيد الدبلوماسي والعسكري لإثبات قدرتها على تأكيد سيادتها على كامل أراضيها والحفاظ على الأمن القومي للبلاد، ورغم التصعيد العسكري بين الخرطوم وأديس أبابا، إلا أن الدولتين اتجهتا بعد ذلك إلى تهدئة التوتر المتصاعد والتأكيد على عدم الرغبة في توسيع نطاق المواجهات العسكرية والاتجاه لحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والحوار.

دولياً، فقد اصبحت قضية الامن السيبراني إحدى اهم مجالات الامن غير التقليدي، خصوصاً بعد توظيفها من قبل الفاعلون من غير الدول في تحقيق اهدافهم غير الشرعية، ثم توظيفها لاحقاً من قبل الدول في تنافساتها المختلفة، وهو الأمر الذي جعل الدول الكبرى تضع استراتيجيات مستقل للأمن السيبراني لحماية نفسها من هذه التهديدات، على أن هذه المسألة بدورها تداخلت مع قضايا اخرى شائكة أهمها مسائل الخصوصية والحصول على البيانات ومدى قانونية معالجتها واستخدامها.

أما على الصعيد الاقتصادي، يُعد سوق الطاقة العالمي الأكثر تأثراً من الحرب الروسية على أوكرانيا، نظراً لدور روسيا الفاعل في سوق النفط والغاز العالميين، حيث أدت الحرب إلي ارتفاع أسعارهما، مما دفع الدول المستهلكة للاتفاق على ضخ منظم للنفط لاحتواء ذلك الارتفاع، وتزامن ذلك مع تحركات فردية لبعض تلك الدول لتأمين إمداداته، فضلاً عن إقرار الإعتماد على الغاز الطبيعي في المرحلة المقبلة على عكس التوجهات المتعلقة بتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري للحفاظ على البيئة، مع تسريع الخطى للاعتماد على الهيدروجين بأنواعه المختلفة كمصدر للطاقة، كما شهدت الفترة الماضية تخارج العديد من شركات النفط من روسيا مما يقلص المعروض العالمي منه، وصاحب ذلك محاولة إضعاف مجموعة "أوبك+"، مما يرجح أن السوق العالمي سيشهد العديد من التفاعلات الحاكمة لتلك السوق السنوات المقبلة، مع تغير في سياسات الدول لمواجهة تهديدات أمن الطاقة.

April 2022

 الكلمة الافتتاحية/ 
                         د. أحمد الشربيني

     يُصدر المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط العدد (91) من دورية "أوراق الشرق الأوسط" في ضوء مجموعة من التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية والإقليم والعالم، ولا يزال يشهد إقليم الشرق الأوسط حالة من عدم الاستقرار بسبب استمرار الصراعات والأزمات في العديد من الدول، والعجز عن التوصل إلى حلول حقيقية يمكن أن تُغير من مسار تلك الأوضاع.

فعلى صعيد المنطقة العربية، تشهد الساحة السياسية السودانية حالة من عدم الاستقرار؛ بسبب استمرار الأزمة السياسية الممتدة منذ 25 أكتوبر الماضي، وما تلى ذلك من تطورات هامة على الصعيد السياسي كان من أبرز مؤشراتها استمرار المظاهرات الشعبية المطالبة بتسليم المكون العسكري السلطة الانتقالية لحكومة مدنية، واستقالة رئيس الوزراء السابق "عبدالله حمدوك"، وقيام الفريق أول ركن "عبدالفتاح البرهان" بتشكيل حكومة تصريف أعمال لإدارة شئون البلاد وخاصة على المستوى الاقتصادي الذي يشهد تراجعاً حاداً، في ظل غياب التوافق الوطني اللازم لتسوية هذه الأزمة، وفشل المبادرات المحلية والدولية حتى الآن في حلحلتها.

كما مثل تطوير الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وبريطانيا أحد ملامح مراجعة سياسات التعاون البريطانية مع الخارج بعد اتمام عملية "البريكست"  في يناير من العام 2020، وهو ما اعقبه توقيع اتفاقية "استمرارية الشراكة المغربية البريطانية" في أكتوبر 2019، وهو ما سيسمح لبريطانيا من جهة أولى بتطوير علاقاتها مع دول القارة الأفريقية عامة عبر البوابة المغربية، ومن ناحية أخرى تعزيز التواجد البريطاني في القطاعات الحيوية التي تجذب الاستثمارات الاجنبية داخل المغرب لاسيما في قطاعات السياحة والتكنولوجيا والطاقة عبر عدد من الشركات البريطانية العابرة للحدود.

على الصعيد الاقليمي، تواجه تركيا أوضاع اقتصادية غير مسبوقة، تمثل اهم معالمها في ارتفاع غير مسبوق في معدل التضخم، اثر بشكل مباشر على الحياة اليومية لمواطنيها، كان لتلك الاوضاع تأثيرات مباشرة على السياسات التركية التي اصبحت اكثر تقييداً داخلياً واكثر انفتاحاً على المستوى الخارجي، رغم تلك الصعوبات، فلا تزال احتمالات بقاء النظام الحاكم في تركيا هي الأكثر ترجيحاً.

وعلى صعيد التطورات في القارة الافريقية، فقد شرعت روسيا في توسيع دورها في القارة باستخدام اداة الشركات الامنية متمثلة في شركة "فاجنر"، حيث تتواجد مجموعة فاجنر في 23 دولة أفريقية وتركز بشكل أساسي على دول مالي وأفريقيا الوسطى وموزمبيق وليبيا وغيرها، الأمر الذي يثير القلق لدى القوى الدولية الفاعلة من تصاعد الدور الروسي في القارة. ومع تزايد التكهنات بتراجع دور فاجنر في أفريقيا بسبب تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت منذ 24 فبراير 2022، إلا أنه من المتوقع تنامي دور فاجنر في أفريقيا خلال الفترة المقبلة في ضوء رغبة روسية توسيع دائرة تحركاتها على المستوى العالمي بما في ذلك أفريقيا لتخفيف حدة العقوبات الدولية والأمريكية المفروضة عليها بسبب الحرب المستمرة على أوكرانيا.

ومن جانب اخر تشهد كينيا اعادة تشكيل لخريطة التحالفات الانتخابية، وذلك بعد اعلان الرئيس الكيني "أوهورو كينياتا"، في مارس الماضي، عن دعمه لمنافسه السابق المعارض "رايلا أودينجا" في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمزمع تنظيمها في أغسطس 2022، وهي الخطوة التي تأتي بعد أيام قليلة من توحيد أحزابهم استعدادًا للإستحقاقات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. ويبدو أن كينيا مقبلة على انتخابات فاصلة، فعلى الرغم من الإرث المؤلم للإنتخابات التي  شهدتها كينيا، بيد أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ربما تعد أحد أبرز الإختبارات التي ربما تحدد مستقبل تماسك الدولة الكينية، في ظل إتساع رقعة الإنقسامات الداخلية، وحالة الغموض التي تسيطر على كثير من ملامح التحالفات الداخلية، مع بقاء إحتمالات تغير هذه التحالفات قائماً باستمرار، في ظل هشاشة المكون السياسي الداخلي، وغلبة الطابع الإثني وتحكمها في توجيه مسار العملية السياسية.

دولياً، فقد القى التدخل العسكري الروسي في اوكرانيا بظلاله على النظام الدولي، حيث ادت إلى عودة حالة عدم الاستقرار إلى اوروبا، واعطت دفعة للترتيبات الأمنية والدفاعية الأوروبية، واظهرت وجود سقف للصداقة الروسية الصينية، كما كان لها تأثيرات على النظام الاقتصادي الدولي ابرزها تهديد الامن الغذائي العالمي، وتراجع مستوى العلاقات الاقتصادية الروسية الغربية ناهيك عن تباطئ النمو وارتفاع معدلات التضخم عالميًا.

أما على الصعيد الاقتصادي، فمع تزايد التركيز على كيفية مواجهة الاحتباس الحراري والطفرات المناخية المتزايدة، وبروز اهمية الاعتماد على الطاقة النظيفة سواء بيئياً أو اقتصادياً، كان لزاماً التعرض إلى إلي اهم التحديات التي تواجه تلك الصناعة، والتي بدأت تظهر بشكل جلي بعد تزايد الطلب عليها،  ومن أهمها عدم جاهزية البنية التحتية حالياً لتلك الصناعة، وكذا الندرة النسبية للمعادن اللازمة في استخدامات الطاقة الخضراء، فضلاً عن الخسائر المترتبة عن التحول لذلك النوع من الطاقة، وهو الأمر الذي قد يؤخر من ذلك التحول، إلا أن المخاوف المرتبطة بتأثيرات تغير المناخ قد تشكل محرك رئيسي لتجاوز تلك التحديات، وذلك في ظل وجود أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية تدعم من ذلك التحول في أسرع وقت.

Pages