زار الرئيس الإيراني “إبراهيم رئيسي” الصين في 14 فبراير الجاري، وذلك تلبيةً لدعوة الرئيس الصيني “شي جين بينج”، حيث سيعقد الجانبان محادثات لوضع خطط مشتركة من أجل قيادة التنمية المستقبلية للعلاقات الثنائية وكذلك تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
سياق وتفاصيل الزيارة:
ترأس إبراهيم رئيسي وفد رفيع المستوى يضم عدد كبير من المسؤولين في إيران منهم وزراء الخارجية والاقتصاد والنفط والتجارة والنقل والتنمية الحضرية والزراعة ومحافظ البنك المركزي، كما اشارت بعض التقارير إلى وجود “على باقري” كبير المفاوضين الإيرانيين في مفاوضات الاتفاق النووي في فيينا، فيما أعلن الرئيس الإيراني ان زيارته للصين سيتخللها توقيع ما يقرب من 20 مذكرة تفاهم مع الجانب الصيني.
أما عن مظاهر تنامي العلاقات الصينية الإيرانية فيمكن الاشارة إلى ما يلي:
- انضمام إيران لمنظمة شنغهاي للتعاون، وهي منظمة حكومية دولية تركز على التنمية الإقليمية والأمن، تضم الصين والهند وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان، حيث تسعى إيران من الانضمام للمنظمة في تخطى العقوبات الاقتصادية الغربية من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول المنظمة.
- وقعت طهران مع بكين اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة في مارس 2021 والتي تضمنت بجانب بنود عديدة أخرى خطوات لتعزيز الشراكة الاقتصادية والأمنية بين البلدين وخصوصاً في مجال الاستثمارات حيث بموجب البنود المتوافرة من هذه الاتفاقية تم الاتفاق على ان تكون إيران جزء من مشروع الحزام والطريق مقابل استثمارات صينية في إيران بلغت حسب بعض التقديرات ما يصل إلى 280 مليار دولار لتطوير قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران واستثمارات أخرى بقيمة 120 مليار دولار لتحديث البنية التحتية للنقل والتصنيع في إيران ويصاحب ذلك الاتفاق على حصول الصين من إيران على النفط بأسعار مخفضة.
- تعد الصين من أبرز الشركاء التجاريين مع إيران – بجانب روسيا – حيث تجاوزت التبادل التجاري بين البلدين 25 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الماضية.
أهم اهداف الزيارة بالنسبة للجانبين:
الجانب الإيراني:
- تصفية الأجواء مع الصين بعدما توترت العلاقات أواخر العام الماضي بعد البيان المشترك الصادر عن القمة الخليجية – الصينية والذي أكد على ضرورة أن تقوم العلاقات بين دول الخليج العربية وإيران على اتباع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام استقلال الدول وسيادتها وسلامة أراضيها، والتشديد على دعم مساعي دولة الإمارات للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، مما أدى إلى استدعاء إيران السفير الصيني في طهران للاحتجاج على البيان.
- بحث الملف النووي خلال المباحثات مع الجانب الصيني، حيث ترغب إيران في الاستفادة من الدعم الصيني خلال المفاوضات المقبلة خاصةً مع تنامي وتيرة التصريحات الرسمية الإيرانية التي تفيد برغبة إيران في إعادة الانخراط في مفاوضات الاتفاق النووي وأن تؤدي الصين دوراً أكبر في المفاوضات النووية، في ظل قطع مندوبي الدول الغربية اتصالاتهم مع المندوبين الروسين الذين كانوا يؤدون سابقاً دوراً نشطاً في المفاوضات.
الجانب الصيني:
- الاستفادة من الدعم الإيراني لمشروعات مبادرة الحزام والطريق، حيث تسعى الصين إلى تمديد نطاق تنفيذ المشروعات المبادرة إلى أكبر عدد ممكن من الدول وفيما يتعلق بإيران فإن الصين تسعى إلى زيادة عدد المشروعات الاقتصادية وتعزيز الروابط التجارية مع طهران خصوصاً في مجال النفط والغاز.
- قد تسعى الصين لعقد مشاورات على المستوى العسكري مع الجانب الإيراني خاصةً فيما يتعلق بتطوير وصناعة تكنولوجيا الطائرات المسيرة.
- إمكانية طرح مبادرة للوساطة بين إيران ودول الخليج، خاصةً مع انشغال العراق بتحدياته الداخلية وقصر عمر الحكومة العراقية الحالية، ومن منطلق أن نجاح المبادرة الصينية سيعزز من نفوذها في المنطقة من جهة، وسيخفض من مظاهر التوتر والصراع بما يحمي استثمارات الصين ومصالحها هناك وذلك من جهة أخرى.
وختامًا، فإنه من المرجح دفع الصين نحو انخراط أكبر فيما يتعلق بمفاوضات الملف النووي الإيراني، أما الجانب العسكري، فبرغم بحث الجانبين التعاون في مجال تكنولوجيا انتاج وتصنيع الطائرات المسيرة، إلا أنه من غير المرجح أن تُقدم الصين على شراء المسيرات الإيرانية وذلك بسبب وجود خبرة صينية في مجال المسيرات، كما أثبتت المسيرات الصينية حضورها في عدد من ميادين القتال حول العالم خصوصاً طائرة وينج لونج، كما لا توجد رغبة ملحة لدى الصين في شراء المسيرات على عكس روسيا المنخرطة في الحرب مع أوكرانيا.