Search

اتجاهات المراكز البحثية بشأن الدور الصيني في الشرق الأوسط  (1-3)

19/04/2022

نشرت بعض المراكز البحثية إصدارات متنوعة خلال عام 2022، والتي تناولت جوانباً مختلفة لتزايد الدور الصيني في منطقة الشرق الأوسط، ويحلل هذا التقرير الاتجاهات العامة للإصدارات المشار إليها، وذلك في إطار التنافس الأمريكي الصيني في الشرق الأوسط، وتداعيات الأزمة الأوكرانية على هذا التنافس، وتقييم العلاقات الصينية مع الدول الخليجية وإيران وإسرائيل. يركز هذا الجزء على انعكاسات الحرب الروسية الاوكرانية على التنافس الصيني الامريكي في الشرق الاوسط. 
أولاً: انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على التنافس الصيني الامريكي في الشرق الأوسط:

وفقاً لدراسة منشورة بمركز “راند”، تشكل الصين تهديداً أكبر من روسيا فيما يتعلق بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك على المدى الطويل، لأن بكين أكبر من حيث حجم الاقتصاد وعدد السكان، ولديها خطط لتعزيز قدراتها في جميع المجالات العسكرية، وهي قادرة على منافسة الولايات المتحدة في أكثر من منطقة في العالم، أي أن المنافسة ليست مقتصرة على المحيطين الهندي والهادئ، وتهتم الصين بالإبقاء على علاقة عمل جيدة مع جميع دول الشرق الأوسط، بغض النظر عن النزاعات داخل المنطقة، وبالرغم من أن روسيا أكثر نشاطًاً من الصين في المجال العسكري في الشرق الأوسط، إلا أن بكين تواصل تعزيز علاقتها الاقتصادية، وتلتزم الحذر بشأن انخراطها في الترتيبات الأمنية الإقليمية[1].

حققت الصين نجاحات كبيرة في الشرق الأوسط، خصماً من الرصيد الأمريكي، وقد شهدت السنوات الماضية توقيع الصين لخمس شراكات استراتيجية شاملة مع أبرز القوى الإقليمية، وهي: مصر والسعودية والإمارات والجزائر وإيران، وعلى الرغم من ذلك، فإن أغلب دول المنطقة غير مرحبة بسياسة الانسحاب الأمريكي، ولا تنظر للصين على أنها بديل للولايات المتحدة، بل كدولة يمكن استخدامها كوسيلة للتحوط، مما يمنح دول المنطقة نفوذاً إضافياً[2].

كانت الاستراتيجية الصينية في السنوات السابقة تقوم على انتقاد السياسة الأمريكية في المنطقة مع عدم تحدي الهيمنة الأمريكية بشكل علني، والاستثمار بدلاً من ذلك في تعزيز العلاقات الاقتصادية، لكن الفترة الأخيرة قد شهدت تراجعاً صينياً عن سياستها المرنة، في مقابل تعزيز حضورها وتحديها لواشنطن، ومن أبرز مؤشرات ذلك سعي بكين لإنشاء بنية تحتية عسكرية في الإمارات، فضلاً عن مساعدة السعودية في تطوير نظام للصواريخ الباليستية[3].

أظهر رد الفعل الصيني على هجمات الحوثيين على الإمارات أنه بمرور الوقت، تكتسب بكين المزيد من الثقة في تحدي الولايات المتحدة، خاصة في منطقة الخليج، ففي الوقت الذي أدانت فيه الموجة الأولى من الهجمات، صمتت بكين عن الموجة الثانية التي استهدفت منشأة عسكرية يستخدمها الجيش الأمريكي، أي أن الصين صارت أكثر انتقائية في ردود فعلها تجاه التطورات في الخليج، وفقاً لتصورها حول تأثير هذه التطورات على المصالح الأمريكية[4].

على الجانب الآخر، فإن أكثر السيناريوهات المقلقة بالنسبة لواشنطن أن يحدث تطوراً لأحد الأشكال الجديد من التعاون بين الصين ودول المنطقة، يجمع بين التقنيات الإسرائيلية والتمويل الإماراتي والسعودي والبنية التحتية الصينية، الأمر الذي سيشكل خطورة بالغة على المصالح الأمريكية في المنطقة ككل، أخذاً في الاعتبار أن بكين تحاول تعزيز تعاونها العسكري مع دول الشرق الأوسط، حيث زادت من مبيعات أسلحتها لدول المنطقة، وبالرغم من انخفاض حجم الأسلحة الصينية مقارنة بمزودي الأسلحة التقليديين، إلا أنه من المرجح أن تستغل الصين التحولات الإقليمية الجارية، وسط تحرك واشنطن نحو تقليل مشاركتها واشتباكها مع القضايا الإقليمية، لتوسيع مبيعاتها من الأسلحة، خاصة إلى الدول الخليجية[5].

تأسيساً على ما سبق، فإن واشنطن ستكون مضطرة إلى تكييف سياساتها بحيث تحافظ على حلفائها وشركائها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الشرق الأوسط، حيث ستسعى واشنطن إلى إنشاء أحلاف وبناء شراكات جديدة، ولن تقتصر على مبدأ الحفاظ على الشركات القديمة فحسب[6].

فيما يتعلق بانعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على التنافس الأمريكي الصيني في الشرق الأوسط، نشير لما يلي:

–  تراقب الصين بشكل وثيق تداعيات الأزمة الأوكرانية، وهناك رأيان متناقضان بشأن تأثير الأزمة على الانخراط الصيني في المنطقة، وذلك على النحو التالي:

‌أ. الأول: خرجت بكين من الأزمة الأوكرانية بعدة استخلاصات، أبرزها أنه لا يمكن الاعتماد على روسيا أو فلاديمير بوتين، فهما مسئولان عن اللحظة الراهنة من الأزمة، كما أظهر الغرب صلابة وقوة أكثر مما كان يُعتقد، ويعني ذلك كله أن فكرة بناء محور صيني روسي ضد الولايات المتحدة لم تعد جذابة للغاية بالنسبة لبكين[7].

‌ب. الثاني: أنه بالرغم من ابتعاد بكين الهادئ عن موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة حل الشراكة الاستراتيجية الصينية الروسية، لسبب بسيط، وهو أنه حتى روسيا التي تضررت بشدة يمكن أن تكون مصدر قوة للصين في الوقوف ضد الغرب[8]، كما أن السياسة الحالية للإدارة الأمريكية ستدفع الصين وروسيا إلى تشكيل تحالف دفاعي وأمني، وهو ما يعد أسوأ سيناريو يمكن أن تتعرض له الولايات المتحدة[9].

  • يُجمع الرأيان السابقان على أن بكين ليست مستعدة للتخلي عن الشرق الأوسط لصالح واشنطن، فالصين لديها نموذج جذاب، بل إن بعض دول الشرق الأوسط تعتبر الصين بديلاً (ولو جزئياً) عن الولايات المتحدة، على اعتبار أن الأخيرة توجه انتقادات دورية بشأن قضايا حقوق الإنسان، كما أن اهتمام بكين بالمنطقة في تزايد بسبب مشروعات الحزام والطريق، والتي سيكون لها أصداءاً تنموية في العديد من دول الشرق الأوسط، خاصة القوى الإقليمية التي لم تمتثل للمطالبات الأمريكية بالحد من الاستثمارات الصينية، لاسيما في تكنولوجيا الجيل الخامس[10].
  • كشفت الأزمة الأوكرانية عن التراجع الكبير لدور واشنطن في الشرق الأوسط، ويعكس سلوك دول المنطقة وردود أفعالها تجاه الأزمة أن الفراغ الذي تركته واشنطن قد تم ملئه جزئياً من قبل موسكو وبكين، ومن المرجح أن يعود الاهتمام الأمريكي بالمنطقة مرة أخرى، لكن تلك العودة ستشمل تغييراً في السياسة الأمريكية، بحيث سيتم تخفيف الضغوط على حلفائها في المنطقة، وهو ما سيمتد إلى الملفات التي مثلت إشكالية في العلاقات الأمريكية بحلفائها في الشرق الأوسط، مثل التخلي عن الضغط على السعودية والإمارات لإنهاء الحرب في اليمن[11].
  • تدرك واشنطن أن حلفائها في المنطقة لم يعودوا في وضع يسمح لها بإعطائهم الأوامر، وبالرغم من ذلك، فإن هؤلاء الحلفاء ليسوا على استعداد للتخلي عن الضمانات الأمنية الأمريكية، أخذاً في الاعتبار تآكل الثقة في موثوقية هذه الضمانات[12].
  • ستتزامن عودة واشنطن للمنطقة مع بذل جهود لتقويض التعاون الإسرائيلي الصيني في المجالات التي تثير مخاوف لدى واشنطن، خاصةً أن تزايد الوجود العسكري الصيني في المنطقة، والتعاون العسكري المحتمل بين الصين ودول محددة في الإقليم سيشكل مخاطراً لتل أبيب، لاسيما إذا ما ارتبط ببناء منشآت لتصنيع التقنيات العسكرية المتقدمة، وسيتحتم حينها على إسرائيل أن تختار بعناية بالغة المجالات التي سترغب في تعزيز التعاون مع الصين فيها، واستبعاد المجالات التي قد تسبب إشكالية في علاقتها مع واشنطن[13].

[1] Rand Corporation: https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/research_reports/RRA300/RRA325-1/RAND_RRA325-1.pdf

[2] Chatham House: https://www.chathamhouse.org/2022/01/big-power-rivalry-who-winning-popularity-wars#china-vs-usa-in-the-middle-east

[3] Atlantic Council: https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/china-is-trying-to-create-a-wedge-between-the-us-and-gulf-allies-washington-should-take-note/

[4] Atlantic Council: https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/china-may-now-feel-confident-to-challenge-the-us-in-the-gulf-heres-why-it-wont-succeed/

[5] Middle East Institute: https://www.mei.edu/publications/strategic-maneuvering-gulf-states-amid-us-china-tensions

[6] Arab Gulf States Institute in Washington: https://agsiw.org/the-u-s-the-gulf-and-yemen-a-season-of-frustration/

[7] The Institute for National Security Studies: https://www.inss.org.il/publication/china-ukraine-russia/

[8] Middle East Institute: https://www.mei.edu/publications/putins-gift-chinas-choices-and-mideast-dilemmas

[9] Modern Diplomacy: https://moderndiplomacy.eu/2022/02/25/russia-china-military-alliance-the-middle-east-impact/

[10] The Institute for National Security Studies: https://www.inss.org.il/publication/china-ukraine-russia/

[11] Modern Diplomacy: https://moderndiplomacy.eu/2022/02/25/russia-china-military-alliance-the-middle-east-impact/

[12] Middle East Institute: https://www.mei.edu/publications/putins-gift-chinas-choices-and-mideast-dilemmas

[13] The Institute for National Security Studies: https://www.inss.org.il/publication/china-ukraine-russia/

IRan
الانتخابات الإيرانية والمعضلات الثلاث
pakistan
التهديدات الأمنية وتفضيلات الناخب الباكستاني
us china d
تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية التايوانية على العلاقات الصينية – الأمريكية
Iran
مشهد ما بعد الهجمات الصاروخية المتبادلة بين إيران وباكستان
Scroll to Top