قام قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان”، بزيارة رسمية إلى إريتريا في 11 سبتمبر 2023، التقى خلالها بالرئيس “أسياسي أفورقي” وناقش معه تطورات الأزمة الراهنة في السودان، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين.
الأهمية:
تكتسب زيارة البرهان إلى أريتريا أهميتها في ضوء الاعتبارات التالية:
- تعد إريتريا الدولة الرابعة التي يقوم بزيارتها منذ بدء الصراع المسلح ضد قوات الدعم السريع، وذلك ضمن جولة خارجية بدأها بزيارة لمصر ثم جنوب السودان وقطر.
- الأهمية السياسية لإريتريا، وذلك استناداً إلى الدور المؤثر الذي تلعبه إريتريا في السودان، حيث ترتبط بعلاقات وثيقة مع بعض الجماعات المسلحة مثل الحركة الشعبية قطاع الشمال جناح “عبد العزيز الحلو”، وما يمكن أن تلعبه إريتريا من دور في إقناع الحلو بتأييد موقف الجيش السوداني في صراعه ضد الدعم السريع، ويؤكد على ذلك دعوة الفريق البرهان لقائد الحركة للقتال مع الجيش ضد الدعم السريع، خاصةً في إقليمي دارفور وكردفان.
- الدور السياسي الذي تلعبه إريتريا من خلال دعوتها لممثلي “الكتلة الديمقراطية” المنشقة عن قوى الحرية والتغيير، لزيارة أسمرة للبحث في سبل حل الأزمة، خاصةً أن الكتلة الديمقراطية تعد ظهيراً سياسياً للجيش السوداني وتؤيده ضد قوات الدعم السريع.
- علاقة إريتريا بقبائل “البجا” القاطنة في شرق السودان، والتي تحاول أسمرة من خلالها لعب دور فاعل في الأزمة السودانية، فقد سبق أن رفض الجيش السوداني السماح لبعض هذه القبائل بالمشاركة في مؤتمر قد أعدته أسمرة في مرحلة ما قبل الصراع الحالي، وذلك نظراً لمخاوف الجيش السوداني من التدخل الإريتري في الشئون الداخلية للبلاد.
سياقات حاكمة:
تزامنت زيارة البرهان لإريتريا في سياق عدد من التطورات السياسية والعسكرية المهمة التي يشهدها السودان في الوقت الراهن، ومن أبرزها ما يلي:
- تجدد المواجهات العسكرية بين الجيش وبين قوات الدعم السريع في ولاية شمال دارفور.
- إعلان الجيش استمرار عملياته العسكرية باستهداف مناطق تمركز قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، وذلك عبر شن بعض الغارات الجوية على الدعم السريع جنوب الخرطوم.
- إصدار الفريق البرهان مرسوماً يقضي بحل قوات الدعم السريع والقانون المنظم لها، وذلك استناداً إلى الانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوات بالمخالفة لأهداف ومهام ومبادئ إنشائها.
- إعلان الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على نائب قوات الدعم السريع “عبد الرحيم دقلو” بسبب أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قواته خلال صراعها المستمر منذ أشهر مع الجيش السوداني، وتشمل هذه العقوبات حظر وصوله إلى جميع الممتلكات والمصالح المدرجة تحت اسمه في الولايات المتحدة.
انعكاسات مباشرة:
تعكس زيارة الفريق البرهان لإريتريا، رغبته سواء في اجتذاب موقف أسمرة صوب الجيش السوداني، أو تحييدها بعيداً عن الصراع الدائر في البلاد، نظراً لما تملكه أسمرة من شبكة علاقات ممتدة داخل السودان، تشمل بعض القوى السياسية والجماعات المسلحة، ولقد جاءت زيارة البرهان بالتزامن مع استضافة أسمرة لممثلي الكتلة الديمقراطية المؤيدة للجيش السوداني، لتؤكد على التنسيق القائم بين الجيش والكتلة الديمقراطية لحشد الدعم الخارجي من دول الجوار للجيش في مواجهة الدعم السريع.
ومن المتوقع أن تنجح زيارة لإريتريا في استمالة موقف الحركة الشعبية قطاع الشمال جناح عبد العزيز الحلو لصالح الجيش، خاصةً أن الفريق البرهان قدم وعوداً بالاستجابة لبعض المطالب السياسية للحركة.