أعلنت كل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو في شهر سبتمبر الجاري التوقيع على اتفاق أمني في العاصمة المالية “باماكو” لتشكيل تحالف عسكري بينهم تحت مسمى “تحالف دول الساحل”.
الأهداف:
تم تشكيل هذا التحالف وفقًا للميثاق المؤسس له تحت اسم “ليبتاكو – غورما”، وهي منطقة مشتركة تلتقي فيها حدود الدول الثلاث، ويهدف هذا التحالف العسكري بشكل رئيسي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها يلي:
- إنشاء إطار للدفاع الجماعي لأعضاء التحالف ضد أي تهديدات أمنية خارجية، خاصةً في ظل التهديدات الصادرة عن بعض دول الجوار الرافضة للتطورات السياسية في تلك الدول، وفي ظل الموقف التصعيدي الذي تتبناه مجموعة دول غرب أفريقيا الاقتصادية “إيكواس” ضد الدول الثلاث، وهو الموقف الذي اشتمل على التهديد بالتدخل عسكريًا في النيجر، مما أدى إلى توتر العلاقات بين الإيكواس وهذه الدول.
- تبادل المساعدات الأمنية بغرض مواجهة المخاطر الأمنية المترتبة على تصاعد أنشطة بعض التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، لاسيما تنظيمي القاعدة وداعش، مع العلم بأن مواجهة الإرهاب كانت إحدى الأسباب الرئيسية للقيام بتغيير نظام الحكم في هذه الدول الثلاث، ولا يزال تهديد التنظيمات الإرهابية قائمًا حتى الآن.
- رغبة سلطات الحكم الانتقالي التي تسيطر على الحكم في الدول الثلاث في كسب شرعية داخلية تمكنهم من البقاء على رأس السلطة، خاصةً أن قرار تشكيل التحالف يحظى بقبول وتأييد شعبي داخلي.
- تشكيل جبهة لمواجهة التداعيات المترتبة على العقوبات السياسية والاقتصادية التي فرضتها إيكواس، وكذا التداعيات المترتبة على تعليق الولايات المتحدة لمساعداتها الاقتصادية لهذه الدول، ومنها مساعدات إنسانية بقيمة 2 مليار دولار سنويًا للنيجر.
- التخلص من النفوذ الفرنسي في الدول الثلاث، وطرد القوات الفرنسية المتواجدة داخلها، وفي المقابل السماح بدور روسي أكبر.
الارتدادات:
- يعكس تأسيس هذا التحالف طبيعة التنافس الروسي الفرنسي على النفوذ في منطقة الساحل والصحراء، ويمكن النظر للتحالف الجديد على أنه تعبيرًا حقيقيًا عن اقتراب روسيا كثيراً من حسم هذا التنافس لصالحها، خاصةً أن نفوذها يتصاعد بمرور الوقت، في مقابل الانحسار المستمر للنفوذ الفرنسي.
- يتعارض تشكيل هذا التحالف مع أهداف وتوجهات “تحالف منطقة الساحل” الذي تأسس في عام 2017، من قبل ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي لدعم دول المجموعة، حيث تتبنى الآن موقفًا سلبيًا من التطورات السياسية في الدول الثلاث.
- من الواضح وجود دور روسي فاعل في تشكيل هذا التحالف، حيث تم الإعلان عنه في حضور نائب وزير الدفاع الروسي “يونس بك يفكوروف”، ويمكن القول إن التحالف سيصبح وكيلًا لروسيا في المنطقة، حيث يُرجح أن يؤدي تشكيل هذا التحالف إلى فتح المجال أمام انضمام المزيد من الدول الأفريقية المؤيدة والمتضامنة مع الدول الثلاث، وهو ما يعني عمليًا احتمالية تمدد النفوذ الروسي إلى ما هو أبعد من النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
- سوف يترتب على تشكيل هذا التحالف تغيرات جيوسياسية في منطقة الساحل والصحراء وغرب أفريقيا، فهو لم يضم دولتي تشاد وموريتانيا بعد، وكانتا ضمن مجموعة الدول الخمس للساحل والصحراء، ولا تزال تتمتع فرنسا بنفوذ فيهما، لم تستطع روسيا اختراقه بعد، وهو ما قد يعني ارتداد الدول الثلاث عن التحالف السابق لمجوعة الدول الخمس.