كثفت الجماعات الإرهابية من دعايتها بإصدار بيانات متتالية في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الجاري، وفي هذا الإطار، يركز التقرير على طبيعة مواقف الجماعات الإرهابية من الأحداث الجارية في غزة، وأهم رسائلها، بالإضافة إلى تداعيات الأحداث على النشاط الإرهابي في المنطقة.
تفاعل نشط:
نشرت عدة جماعات إرهابية – منها: القيادة العامة لتنظيم القاعدة، والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة الشباب الصومالية، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وحراس الدين، وعدد من التنظيمات الموالية لداعش – بيانات متتالية ومكثفة منذ بدء الأحداث في غزة. وقد تراوح مضمون البيانات ومواقف الجماعات الإرهابية تجاه الأحداث بين التأييد والترحيب والتحريض والتهديد، ودعت إلى استلهام الهجوم وتكتيكاته في إرباك المصالح الغربية في المنطقة.
تضمنت هذه البيانات عدد من الرسائل التحريضية والدعوات لتنفيذ عمليات حُددت أهدافها فيما يلي:
- أهمية استكمال نصرة أهل غزة في العالم الإسلامي من خلال الدعوة للتظاهر والتضامن وتقديم الدعم المالي.
- الدعوة إلى توسيع دائرة العنف خارج غزة، بحيث تشمل الضفة الغربية، والداخل الإسرائيلي، واستهداف المصالح الإسرائيلية والمدنيين الإسرائيليين في الخارج.
- التركيز على شن هجمات “الذئاب المنفردة” ضد المصالح الإسرائيلية في الخارج، خاصةً ضد قطاعات السياحة التي تستقبل الإسرائيليين.
- تدريب المسلحين في الخارج لتطوير قدراتهم القتالية كدرس مستفاد من عملية طوفان الأقصى.
- التهديد بضرورة ضرب قواعد أمريكية في منطقة الخليج انتقامًا للفلسطينيين واليمنيين، والدعوة لاستهداف السفارات في العواصم، والبوارج الأمريكية في الموانئ، وذلك في إطار دعم عملية طوفان الأقصى.
وتزامنًا مع التفاعل الرسمي للجماعات الإرهابية، تزايد حجم المحتوى الإعلامي المنشور من قبل أنصار تلك الجماعات على مواقع التواصل والتطبيقات الإلكترونية خاصةً “تليجرام”، وقد حملت تلك التفاعلات نفس توجه الجماعات الموالية لها.
أبعاد موقف الجماعات الإرهابية:
يعد تنظيم القاعدة والفروع الموالية له أكثر التنظيمات الإرهابية اشتباكًا مع الأحداث من حيث عدد البيانات الصادرة عنه، وكذلك من حيث حدة الرسائل والدعوات التحريضية لتوسيع رقعة العنف ضد المصالح الإسرائيلية والغربية في المنطقة. فيما اتخذ تنظيم داعش موقفًا مغايرًا تجاه حماس، حيث أبدى التنظيم ترحيبه بالعملية التي نفذتها حركة حماس، على الرغم من أن تنظيم داعش يناهض حركة حماس، ويصفها بأنها “حركة مرتدة”، وذلك في أعقاب نجاح حماس في تصفية وجود تنظيم داعش في غزة بعد صعوده الإقليمي منذ عام 2015.
وعلى الرغم من هذا الموقف المؤيد، إلا أن هناك صعوبات ميدانية تحول دون انخراط الجماعات الإرهابية بشكل مباشر في الصراع داخل الأراضي الفلسطينية، خاصةً أن هناك حالة استنفار أمني في الداخل، وفتور حضور الجماعات الإرهابية في الداخل الفلسطيني.
جدير بالذكر أن الجماعات الشيعية المسلحة تبنت موقفًا واضحًا بتأييد تحركات حماس وهجومها الأخير، كما بثت معظمها تهديدات بتوسيع العمليات المسلحة ضد القواعد الأمريكية ومصالحها إذا تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر في الصراع، وهو موقف يتناغم مع ثوابت التوجهات الفكرية والأيديولوجية لتلك التنظيمات الهادفة إلى طرد وتصفية الوجود الأمريكي والغربي في المنطقة.
مسارات مستقبلية:
في ضوء ما سبق يمكن القول إن الجماعات الإرهابية ستتحرك مستقبلًا وفقًا للمسارات الأتية:
- استغلال الجماعات الإرهابية تلك الأحداث لعمليات التجنيد والاستقطاب مستغلةً حالة الغضب الشعبي والإحباط النفسي لدى قطاعات واسعة من الشباب من الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، وقد تتجه الجماعات الإرهابية لتنفيذ بعض الهجمات تحت مسمى دعم أهل غزة أو دعم “طوفان الأقصى” وهو ما يعزز من جهودها في استقطاب عناصر جديدة، فضلًا عن خلق المبرر والمظلومية المناسبة لهجماتها الإرهابية.
- تزايد مخاطر التهديدات الأمنية في عدد من المناطق، حيث تسعى الجماعات الإرهابية دومًا لإحداث اختراق داخل عدد من البلدان، منها: لبنان وسوريا والعراق.
- تنفيذ تلك الجماعات عمليات ذئاب منفردة في بعض العواصم الأوروبية، لاسيما تنظيم القاعدة، وعلى غرار ما حدث عام 2015 في حادثة شارلي إيبدو. وسوف تستغل في هذا الإطار الموقف الغربي المنحاز للرواية الإسرائيلية، علمًا بأن إقدام الجماعات الإرهابية على تنفيذ هجمات في الغرب سيعمل على تعزيز الإسلاموفوبيا.
- في حالة اتساع رقعة الصراع، فقد تسعى الجماعات الإرهابية إلى تنفيذ عدد من الهجمات ضد الأهداف الرخوة، مثل التجمعات السياحية، أو ضد القواعد العسكرية في بعض عواصم الإقليم مثل العراق وسوريا، وهو ما يزيد من مخاطر تصاعد حجم ونوعية العمليات الإرهابية في الإقليم.