أعلنت “الهيئة الوطنية للانتخابات” النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية 2024، والتي شهدت تنافس أربعة مرشحين ذوي رؤى وتوجهات متباينة، ولقد أُجريت الانتخابات الرئاسية في ظل تحديات إقليمية ودولية تُحيط بالدولة المصرية، وهو ما دفع المصريين إلى الالتفاف حول دولتهم، ودعمها في مواجهة تلك التحديات، خاصةً أنها تمثل تهديدًا للأمن القومي المصري، فالأوضاع المتوترة على الحدود الغربية لمصر في ليبيا تمثل خطرًا حقيقيًا على الأمن والاستقرار داخل مصر، وهو ما ينسحب أيضًا على الصراع القائم في السودان بالقرب من الحدود المصرية الجنوبية، وقد تضاعفت التهديدات التي تواجه مصر باندلاع التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي، وبروز الطرح الإسرائيلي المتعلق بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير سكان غزة إلي سيناء، وهو ما رفضته القيادة السياسية ومن ورائها الشعب المصري.
أجواء الانتخابات ونتائجها:
ضمت الانتخابات أربعة من المرشحين، وهم: السيد “عبد الفتاح السيسي”، والسيد “حازم عمر”، والسيد “فريد زهران”، والسيد “عبد السند يمامة”، وفي ضوء النتائج المعلنة من الهيئة الوطنية للانتخابات، حصل المرشح الأول على 39.702.451 صوتًا بنسبة 89.6%، بينما حصل المرشح الثاني على 1.986.352 صوتًا بنسبة 4.5%، وحصل المرشح الثالث على 1.076.952 صوتًا بنسبة 4%، وأخيرًا حصل المرشح الرابع على 822.606 صوتًا بنسبة 1.9%.
وقد انعكست كل هذه التحديات على مناخ الانتخابات الرئاسية والأجواء المحيطة بها، من خلال إدراك الشعب المصري تلقائيًا بخطورة الأوضاع الإقليمية التي تهدد استقرار وأمن الدولة والمجتمع، كما تجسد ذلك فيما شهدته أيام التصويت الثلاثة من حضور كثيف لشرائح المجتمع وفئاته كافة، للإدلاء بالأصوات، لتصل نسبة المشاركة إلى نحو 67% تقريبًا بواقع 44.8 مليون ناخب.
دلالات النتائج:
تعطي هذه النسبة من المشاركة أولى الدلالات التي يجب الإشارة إليها، فهي نسبة لم تتحقق من قبل في أي انتخابات سابقة، إدراكًا من الناخبين بخطورة الوضع المحيط بمصر، ووعيًا منهم بأهمية المشاركة لدرء أي مخاطر تهدد سلامة المجتمع وأمنه، ووجود إصرار من الدولة على تنظيم هذه الانتخابات لتخرج بنزاهة وشفافية في كل مراحلها.
فيما بلغت الأصوات الصحيحة 44.3 مليون صوتًا بنسبة 98.9% من جملة أصوات الناخبين، ويعني ذلك أن الأصوات الباطلة في هذه الانتخابات تعد من أقل النسب الواردة في الاستحقاقات السابقة، وربما يعود بعضها إلى أخطاء غير مقصودة في عملية التصويت، ويعكس ذلك ارتفاع درجة الوعي لدى الناخبين بكيفية التصويت في الانتخابات، وهو نتاج مجموعة من العوامل المترابطة، أبرزها: التنظيم الجيد، وكذا جهود الأحزاب السياسية التي عملت على تعزيز الوعي بعملية التصويت، بالإضافة إلى جهودها في تحفيز الشباب على المشاركة.
كما تميزت هذه الانتخابات بالسهولة واليسر في كافة مراحل العملية الانتخابية، فالدعاية الانتخابية لم تشهد أي خروقات أو تجاوزات، وعبر كل مرشح في المؤتمرات التي نظمها عن أفكاره وبرنامجه بحرية، دون تدخلات ودون تجاوز، وهو ما امتد أيضًا إلى العملية التصويتية على مدار الثلاثة أيام، وقد أكدت بعض المنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني التي كانت تتابع سير العملية الانتخابية، أن الانتخابات الرئاسية 2024 تميزت بالنزاهة التامة، وأن الإجراءات والقرارات التي أصدرتها الهيئة الوطنية للانتخابات ساعدت في خروج الانتخابات بهذا الأداء المتميز.
وختامًا، يمكن القول إن التنسيق والتعاون بين أجهزة الدولة المختلفة قد مكن من تذليل أي صعوبات أثناء سير العملية الانتخابية، وقد ضمن ذلك مشاركة فئات المجتمع كافة، كالنساء والشباب وكبار السن وذوي الهمم، كما أن إدراك المصريين للتحديات المفروضة عليهم قد دفعهم، باختلاف شرائحهم، إلى ممارسة حقهم في انتخاب قيادتهم السياسية، وتمثل هذه الانتخابات بداية لمرحلة جديدة من العمل الوطني، قائمة على التعددية السياسية وتسير نحو اكتمال البناء الديمقراطي، الذي يتأسس على التعددية الحزبية والتنافس السلمي على السلطة.