Search

انعكاسات التصعيد في البحر الأحمر على حركة التجارة الإسرائيلية

27/12/2023

يعتمد أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل على التجارة الخارجية[1]، لذلك فإن استهداف السفن في البحر الأحمر يعد بمثابة خنقًا لتجارة إسرائيل الخارجية، حيث تُشير التقديرات إلى  أنه يمر نحو 98% من التجارة البحرية الإسرائيلية عبر البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط[2]، الأمر الذي يُضيف أعباء جديدة على الاقتصاد الإسرائيلي، وبالرغم من أنه لم يتضح بعد حجم خسائر التجارة الخارجية لإسرائيل.

تضرر التجارة الخارجية:

بدأت شركات شحن كبرى بتحويل مسار بعض سفنها التي تنقل البضائع الإسرائيلية، أو الامتناع عن نقل هذه البضائع، في ضوء تصاعد الخسائر التي تكبدتها هذه الشركات، وهو ما فرض على إسرائيل والدول المتعاملة معها استخدام وسائل نقل أو ممرات بحرية أخرى بعيدة عن البحر الأحمر، مما يعني زيادة تكلفة التجارة.

وفي هذا الإطار، أعلنت شركة  أورينت أوفرسيز كونتينر لاين الصينية – تعتبر واحدة من أكبر شركات نقل الحاويات والخدمات اللوجستية الدولية المتكاملة في العالم[3] – في 17 ديسمبر 2023 أنها ستتوقف عن نقل البضائع من وإلى إسرائيل، بسبب مشاكل تشغيلية (وفقًا للإعلان)، كما كشفت شركة شحن الحاويات التايوانية “إيفرغرين” في 18 ديسمبر أنها قررت التوقف مؤقتًا عن قبول البضائع الإسرائيلية.

فيما تشير التقديرات إلى ارتفاع تكلفة شحن البضائع إلى إسرائيل عن طريق البحر، وهي تكلفة سيتحملها المشترون النهائيون، حيث أبلغت شركة الشحن Zim الإسرائيلية [4] عملاءها بزيادة أسعار نقل الحاويات، بسبب التهدديات في البحر الأحمر، كما أنها ستطبق زيادة في الرسوم بدءًا من شهر يناير المقبل، قدرها 100 إلى 400 دولار للحاوية الواحدة.

التأثيرات على الموانئ الإسرائيلية:

تمتلك إسرائيل 5 موانىء، وهي: ميناء حيفا وهو الميناء الأساسي، وميناء أسدود – يعتبر الثاني في القدرة الاستيعابية – وميناء إيلات الذي يعتبر المنفذ للبحر الأحمر، ومينائي عسقلان والخضيرة، وتشير تقديرات وزارة المواصلات الإسرائيلية إلى أن الموانئ الإسرائيلية قد فرغت بضائع حمولتها تزن 40.6 مليون طن، في حين حمّلت بضائع إلى الخارج بلغت 18.2 مليون طن في عام 2022، ونتيجة لهجمات الحوثيين، فمن المتوقع أن ينعكس ذلك على حجم البضائع خلال عام 2023[5].

ويمكن القول أن أبرز التأثيرات السلبية التي لحقت بالموانىء الاسرائيلية منذ بداية الحرب هي التالي:

  • ميناء إيلات: تشير التقديرات إلى  تراجع حركة السفن في ميناء إيلات، بنسبة 80%، وهو يعتبر أكثر الموانيء تضررًا منذ بدء هجمات الحوثيين، ومن المحتمل استمرار تضرره خلال الأشهر المقبلة، لا سيما أن شركات الشحن قد بدأت بالفعل في عدم إدراج الميناء ضمن خططها في مسارات الشحن التي تسلكها[6].
  • ميناء أسدود: يمر به نحو 40% من إجمالي التجارة البحرية الإسرائيلية، ويقع على بعد حوالي 25 ميل فقط من تل أبيب، كما يعتبر بوابة بحرية مهمة لجميع أنواع البضائع التي تنتقل من وإلى إسرائيل، وتحيط به شركات الخدمات اللوجستية، وهو قريب من قطاع غزة، ولكن عقب اندلاع الحرب على غزة أعلنت بعض شركات الشحن الكبرى أن ميناء أسدود لم يعد آمنًا للعبور، كما اشتكت بعض شركات الشحن من ازدحام الميناء.
  • ميناء حيفا: ارتفع حجم الشحن في ميناء حيفا بنسبة 80% منذ 7 أكتوبر وحتى أول نوفمبر[7]، لا سيما أنه أصبح وجهة لعدد من السفن بدلًا من الموانئ الأخرى[8]، ومع ذلك، فقد أدى تزايد الاعتماد على الميناء إلى ازدحامات وتأخيرات كبيرة في عملية تحميل البضائع.
  • ميناء عسقلان وميناء خضيرة: تم إغلاق ميناء عسقلان منذ بدء عملية الطوفان الأقصي وهو أكبر ميناء نفطي إسرائيلي، وأقربها لقطاع غزة[9]، كما يعتبر مينائي عسقلان وخضيرة من أصغر الموانيء الإسرائيلية ولا يستقبلان حاويات بضائع، وبالتالي فإنه لا يمكن الاعتماد الكلي عليهما، ولا يمثلا بديلًا كاملًا للموانئ الثلاث الأولى في حال تعرضهم للإغلاق.

يُضاف إلى ذلك ما تواجهه الموانيء الإسرائيلية من أزمة نقص العمالة، بسبب الاستدعاء المكثف لجنود الاحتياط العسكري، وبسبب مخاوف الموظفين من العمل في القطاعات الحيوية المعرضة لمخاطر الحرب، حيث أشارت شركة “أم أس سي” في 12 أكتوبر 2023 إلى وجود ازدحام في ميناء أسدود بسبب زيادة عمليات التفتيش الأمنية ونقص العمالة مما يؤدي إلى  زيادة فترات الانتظار.

هذا بخلاف انخفاض التبادل التجاري بين إسرائيل وبين عدد من الدول، إذ أعلن وزير التجارة التركي”عمر بولاط” في 8 نوفمبر 2023، بانخفاض التبادل التجاري بين تركيا وبين إسرائيل بأكثر من 50% وذلك منذ 7 أكتوبر، مقارنةً بالفترة نفسها في العام الماضي، كما أوضح أن هذا التراجع مرتبط بانخفاض طلبات التجار والمستهلكين على المنتجات الإسرائيلية[10]. وفي ذات السياق، أعلنت الحكومة الماليزية في 20 ديسمبر الجاري أنها ستفرض حظرًا على كل السفن المملوكة لإسرائيل والتي ترفع العلم الإسرائيلي، وكذلك ستفرض الحظر على أي سفينة متجهة إلى إسرائيل، ردًا على الحرب في غزة.

وختامًا، لا تزال إسرائيل تعاني بشكل كبير ومستمر من خسائر اقتصادية بسبب حربها على غزة، ومع تصاعد هجمات الحوثيين وتعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر، فإن إسرائيل ستتجه نحو اللجوء إلى طرق ووسائل بديلة لضمان استمرار الاستيراد من الخارج (مثل الشحن الجوي)، في ضوء تراجع الإنتاج في الداخل الإسرائيلي، خاصةً في المستوطنات القريبة من مناطق الصراع.


[1] “التجارة الدولية، والاستثمار الأجنبي المباشر وسلاسل الامداد”، منظمة  التعاون الاقتصادي التنمية والتعاون الاقتصادي. 2017. متاح على https://cutt.us/kvPCt

[2]  محمد الخنسا، “التجارة البحرية الإسرائيلية”،موقع صفر، 30 نوفمبر 2023، متاح على https://alsifr.org/israeli-maritime-commerce

[3]  “«أو أو سي إل» للشحن تُوقف نقل البضائع من إسرائيل وإليها حتى إشعار آخر”، صحيفة الشرق الأوسط. 17 ديسمبر 2023. متاح على https://cutt.us/Ku50u

[4]  “إسرائيل هيوم”: شركة الشحن الإسرائيلية ZIM أبلغت عملاءها بزيادة أسعار نقل الحاويات”، موقع RT. 18 ديسمبر 2023. متاح على https://cutt.us/4D6qx

[5]  “الحوثيون يعطلون تجارة إسرائيل ويوجهون ضربة إستراتيجية لاقتصادها”، 19 ديسمبر 2023. متاح على https://cutt.us/W5Rd5

[6]  للمزيد، انظر: https://www.calcalist.co.il/local_news/article/hydjl3nlt

[7] Jonathan Saul, “Gaza war temporary setback for Haifa port regional expansion – chairman”,Reuters, 2 November2023, Available at https://www.reuters.com/world/middle-east/gaza-war-temporary-setback-haifa-port-regional-expansion-chairman-2023-11-02/

[8]  “حرب غزة تهدد بتعطيل التجارة الخارجية لإسرائيل”، العربية. 27 أكتوبر 2023. متاح على https://cutt.us/LrD9M 

[9]  ” ميناء أسدود: الهجمات الحوثية تهدد حركة النقل البحري لإسرائيل”، موقع المحقق الأوروبي. 12 ديسمبر 2023. متاح على  https://cutt.us/qeOiF.

 [10]  ” التجارة بين إسرائيل وتركيا تقلصت 50% منذ 7 أكتوبر”، سكاي نيوز. 7 نوفمبر 2023. متاح علي: https://cutt.us/sXx0S

ecopeace
السلام الاقتصادي وتسوية الصراعات في الشرق الأوسط
usd
تحولات مستجدة: هل تتراجع هيمنة الدولار عالميًا؟
WFP
لماذا تتزايد تهديدات أمن الغذاء العالمي؟
sanctions
هل يؤثر الاستخدام المتزايد للعقوبات على الاقتصاد العالمي؟
Scroll to Top