Search

دعوة متطرفة: بن غفير ومنع الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان

18/02/2024

دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي “إيتمار بن غفير” إلى منع الفلسطينيين من الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وذلك على حسابه على منصة “إكس” في 17 فبراير الجاري، حيث أشار إلى أنه “لا يمكننا المخاطرة، لا ينبغي السماح لسكان السلطة الفلسطينية بدخول الأراضي الإسرائيلية خلال عطلة المسلمين التي تستمر شهرًا، أي بعد أقل من شهر”، وفي هذا السياق، سيعقد رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” اليوم الأحد، مناقشة مغلقة في مجلس الحكومة المصغر يتم خلالها تحديد السياسة الأمنية الإسرائيلية لشهر رمضان، وتحديدًا فيما يتعلق بدخول المصلين من الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى المسجد الأقصى، والتعامل مع دعوات بن غفير.

مقاربات مختلفة:

لا يمانع جهاز الشاباك والجيش الإسرائيلي في دخول الفلسطينيين من سن 45 عام فما فوق، إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، في حين ترى الشرطة الإسرائيلية إن المسموح لهم يجب أن يكونوا من سن 60 عام فما فوق، فيما يطالب الوزير بن غفير بمنع جميع المسلمين، أما بخصوص دخول فلسطينيي 48 إلى الحرم القدسي، فالشاباك لا يضع أي قيود أو حدود، والشرطة تحدد الأشخاص المسموح لهم بالدخول من سن 45 عام فما فوق، والوزير بن غفير يحددهم من عمر 70 عام فما فوق.

وقد سبق لبن غفير المطالبة بإجراء تغييرات جوهرية في نظام العمل في حرم المسجد الأقصى، وإتاحة المجال للمصلين اليهود بلا قيود، أو تقاسم زمني مع المصلين المسلمين، وكذلك إلغاء القيود التي تُفرض على المصلين اليهود في جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، والسماح لهم بالصلاة كما يحبون، بما في ذلك الانبطاح على الأرض، والسجود، وتغيير نظام المواعيد الحالية الذي يدخل فيه المستوطنون اليهود، وبموجبه لديهم ساعة في الصباح وأخرى بعد الظهر، وطالب بفتح الأقصى أمامهم للدخول طيلة ساعات اليوم، وهو ما يتماشى مع مطالب المستوطنين.

لعبة التوازنات المتطرفة:

يمكن تفهم مطالبة الوزير بن غفير في إطار لعبة التوازنات داخل الحكومة الإسرائيلية الحالية لزيادة شعبيته، وما تردد عن رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو التخلص من الشراكة معه وأن يستبدله بحزب “المعسكر الرسمي” بقيادة “بيني جانتس”، وقد رفض كل من وزير المالية “بتسلئيل سموتريتش”، وبن غفير كل الدعوات الراهنة للتهدئة في الضفة الغربية وتحديدًا في القدس، وفي الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، ليس فقط في شهر رمضان، ويمثل ذلك الأمر امتدادًا للموقف المتطرف للوزيرين في إطار التعليق على العمليات العسكرية في قطاع غزة.

كما يرغب بن غفير في الضغط على الحكومة الإسرائيلية “مجلس الحكومة المصغر” للتعجيل بإتمام مخطط العملية العسكرية في قطاع غزة، والبدء باجتياح مدينة رفح قبل حلول شهر رمضان، وتطبيق استراتيجية الأمر الواقع، وكذا التهرب من استحقاقات الاتفاق الثلاثي بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية والأردن، والذي يقضي بالإشراف الكامل للأردن على المقدسات الإسلامية والمسيحية كإجراء مؤقت لحين البت في مستقبل هذه المواقع، وتبعية الإشراف عليها في المرحلة النهائية من التسوية.

يضاف إلى ذلك رغبة بن غفير في تأكيد الحق اليهودي في التواجد في المسجد الأقصى، وعدم تركه للمسلمين في هذا الشهر، مما يؤكد – وعن قرب – أن مسئولية إدارة المقدسات الإسلامية والمسيحية تبقي للجانب الإسرائيلي، وليس لأي طرف، وهي رسالة تسعى إسرائيل لإيصالها بشكل مباشر للدول التي تسعى لإيجاد دور لها في إدارة المقدسات الإسلامية.

مستقبل مرتبك:

بالرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يري أن هذه الاقتراحات التي أعلن عنها الوزير بن غفير والتي سيتم طرحها للمداولة في مجلس الحكومة المصغر اليوم الأحد، سوف تثير توترًا كبيرًا في المناطق الفلسطينية والمجتمع الدولي، وتفرض عزلة على إسرائيل، إلا أنه من المتوقع مراوغة ومناورة نتنياهو في التجاوب مع مطالب بن غفير، مع احتمال تغيير المقاربة الراهنة التي يتم العمل بها في المسجد الأقصى – بصرف النظر عن أي إجراءات سيتم الإعلان عنها في اجتماع الحكومة المصغر اليوم – وذلك في ضوء ما يلي:

  • التخوف من تفكك الائتلاف الراهن باعتبار أن حزبي بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هما المكون الرئيسي للائتلاف الحاكم، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار الحكومة فعليًا، والدخول في مرحلة انتخابات جديدة في ظل عدم حسم مسألة غزة.
  • رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في عدم الظهور بمظهر المتخاذل وغير المتعاون مع مطالب المستوطنين التي تدعو للاستيلاء على المسجد الأقصى، وإدارته إسرائيليًا، في ظل ما يجري من تطورات في الأراضي المحتلة.
  • الضغط على الحكومة الأردنية وشخص الملك “عبد الله الثاني” وولي عهده، والذي كان يداوم على زيارة المسجد الأقصى دوريًا، بهدف توفير الخدمات للسكان المقدسيين، وذلك لتقديم تسهيلات للجانب الإسرائيلي في أراضي الغمر والباقوراء التي استعادتها الأردن من إسرائيل بعد سنوات من تبعيتها لإسرائيل بمقتضي معاهدة وادي عربة.
  • الاتجاه إلى حسم ملفات المرحلة النهائية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من جانب واحد، خاصةً أن مسألة القدس من أهم الملفات التي تحتاج إلى حسم، وبالتالي فان إتباع استراتيجية الأمر الواقع ستكون مطروحة مثلما يجري في ملف الاستيطان، ورفض حق العودة والحدود.

في حال إقدام الحكومة الإسرائيلية على التجاوب مع الطرح المعلن للوزير بن غفير – وهو مستبعد على الأقل في عمومه – ولجأت لحلول جزئية أو مرحلية، فإن ذلك قد يؤدي إلى ما يلي:

  • اندلاع حالة من العنف والمواجهات التي ستعم الأراضي الفلسطينية بأكملها، ويمكن أن تؤدي إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة.
  • حدوث حالة من التوتر العام في بعض الدول العربية، مصحوبة بمظاهرات واحتجاجات شعبية، قد تؤدي إلى أعمال عنف تمس المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وذلك في حالة استمرار حرب غزة ودخول القوات الإسرائيلية رفح.
  • احتمال إقدام الأردن على تجميد معاهدة وادي عربة، ويمكن أن يتبع ذلك إجراءات أخرى، مثل وقف اتفاقيات نقل المياه والغاز لإسرائيل.
  • تشجيع الحكومة الإسرائيلية بمكونات ائتلافها المتطرف على التعجيل في تنفيذ الخطط السياحية والأثرية اليهودية في مدينة القدس، وفق مخطط 2050، استكمالًا لمخطط تهويد القدس 2020، وبشكل عام، وبصرف النظر عن طبيعة التجاوب مع مطالبه، فإنه من المتوقع أن يُقدم الوزير بن غفير على القيام بزيارات دورية للمسجد الأقصى في شهر رمضان القادم مصطحبًا معه أتباعه والعديد من المستوطنين المتطرفين.
migration
الخطط الدولية لإدارة تدفقات الهجرة بين أوروبا وأفريقيا
isr-lebanon
سيناريوهات مطروحة: ماذا بعد المواجهة بين حزب الله وإسرائيل؟
Turkuselections
منظور تركي للانتخابات الرئاسية الأمريكية
tunis-ch-rus
هواجس أوروبية: تونس وتعدد الشراكات الدولية
Scroll to Top