Search

قراءة استشرافية في ارتدادات الضربة الإسرائيلية على إيران وسيناريوهات اليوم التالي

23/04/2024

استهدفت إسرائيل مدينة أصفهان الإيرانية فجر يوم 19 أبريل الجاري ردًا على الهجوم الذي سبق أن شنته إيران على إسرائيل، وجاء الرد الإسرائيلي في صورة هجوم صاروخي على مواقع في مدينة أصفهان بوسط إيران وقاعدة هشتم شكاري الجوية العسكرية، وتزامن مع وقوع هجمات صاروخية متوازية على مواقع داخل سوريا.

الموقف الإسرائيلي:

يمكن فهم الهجوم الإسرائيلي باعتباره محاولة لرد الاعتبار على الهجوم الذي شنته إيران عليها من قبل، ونظرًا إلى أن الضربة الإيرانية لم تكن فعالة ولم تسفر عن ضرر بالغ، فقد اتجهت إسرائيل إلى ما يمكن وصفه بــ “المعاملة بالمثل”، عبر استهداف مناطق محددة عسكرية من خلال ضربات موجهة، ضئيلة التأثير، تجنبًا لرد إيراني ثان ولسيناريو التصعيد والمواجهة الكاملة.

فيما يمثل استهداف منطقة أصفهان – التي تعد من أهم المدن بالنسبة للصناعات العسكرية الإيرانية وتحتوي على قاعدة جوية كبيرة ومجمع رئيسي لإنتاج الصواريخ إلى جانب المنشآت النووية – رسالة أولى بقدرة إسرائيل على التعامل مع سائر المنشآت النووية الأخرى مثل فوردو وبوشهر وغيرها برغم الاستعدادات الإيرانية الراهنة والدفاعات الاستراتيجية القائمة وتحصين بعض هذه المنشآت بطبيعة الحال، إضافةً إلى إظهار قدرة إسرائيل على ضرب أهداف في العمق الإيراني، حيث تقع أصفهان في وسط إيران وهي بعيدة عن الحدود الدولية لإيران مع جيرانها، الأمر الذي يوحي بقدرة إسرائيل على القيام بعمليات مؤثرة في العمق الإيراني.

كما يمثل الهجوم المتزامن على أكثر من جبهة رسالة إسرائيلية للخارج بادعاء التفوق العسكري برغم طول أمد العدوان في غزة، وفشل إسرائيل في تحقيق أهدافها هناك، كما تستفيد الحكومة الاسرائيلية بقوة من هذه الضربة، بل وستصب لصالح رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”، فهي تؤكد على أن خيار القوة الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية هو وحده الذي سيوفر الأمن لإسرائيل، وليست خيارات التهدئة.

ومن المرجح وجود موافقة أمريكية ضمنية على الهجوم، وهو ما يعكسه التنسيق المسبق له، باختيار منطقة بالقرب من المنشآت النووية، لإيجاد حالة من الإرباك والتشتت الإيراني، والكشف عن حقائق الواقع الحالي للبرنامج النووي الإيراني في ضوء الهاجس الأمريكي من امتلاك إيران سلاحًا نوويًا، ويعكسه أيضًا تزامن الهجوم مع استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو في مجلس الأمن، لإعاقة تمرير قرار يقضي بقبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية، وبالتالي فقد أسهم الهجوم مؤقتًا في صرف النظر الإقليمي والدولي عن الموقف الأمريكي، وعلى الرغم من تصريح الولايات المتحدة مرارًا بالسعي للتوصل إلى حل لوقف الصراع في قطاع غزة.

وعلى جانب آخر، تشير آراء أخرى إلى عجز الإدارة الأمريكية عن الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإثنائها عن القيام بعمل عسكري ضد إيران، ومع افتراض صحة هذه الآراء، فقد ينعكس ذلك بالفعل على ما هو قادم في قطاع غزة من سيناريوهات محتملة وواردة.

الجانب الإيراني:

تبنت إيران خيار التهدئة خلال التناول الإعلامي للضربة، ونفي وجود خطة للرد الفوري، ومن المهم الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل مدينة أصفهان، حيث قامت إسرائيل باستهداف منشأة لتصنيع الذخيرة في أصفهان بطائرات مسيرة في أوائل عام 2023 وتم تنفيذ الهجوم من خلال الموساد الإسرائيلي، وهو الأمر الذي يفتح مرة أخرى ملف الاختراق الأمني في إيران من قبل إسرائيل.

ومن المرجح ألا تقوم إيران بالرد على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، وذلك نظرًا إلى أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة لم تسفر عن وقوع أضرار كبيرة كما تم الإعلان عنه، فضلًا عن عدم تعرض المنشآت النووية الإيرانية للضرر، لاسيما في ضوء عدم رغبة إيران في توسيع دائرة الصراع مع إسرائيل.

سيناريوهات محتملة:

من المتوقع أن تشهد المنطقة مزيدًا من التوتر خلال الفترة المقبلة، حيث سيكون هناك تركيز أكبر على استخدام القوة في حل وتحليل أو حسم الصراعات في الإقليم، مما قد يشجع الجانب الإسرائيلي على زيادة مساحة العمل العسكري في مواجهة مصادر التهديدات الكبرى، سواء من جبهة الشمال وداخل سوريا والعراق، خاصةً أن إسرائيل ستعمل على استثمار الموقف الأمريكي والأوروبي الداعم لتحركاتها، وانشغال الإدارة الأمريكية بالانتخابات الداخلية.

كما قد يؤدي اتساع بنك الأهداف ليشمل المنشآت النووية بتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة غير صالحة للحياة في بعض أجزائها، نظرًا للإشعاع النووي الذي قد ينتج عن استهداف وتدمير المفاعلات النووية، ومن الملاحظ تنامي الخطاب التهديدي بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي باستهداف المنشئات النووية لكل طرف في حال تصعيد الموقف، وهو ما ظهر بعد الكشف عن تضرر موقعًا بالقرب من مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي في أعقاب هجمات 13 أبريل الجاري، وتهديد مسئولين إيرانيين بتغيير “العقيدة النووية” الإيرانية في حالة استهداف مواقعها النووية.

ومن المرجح أن قواعد الاشتباك بين محور المقاومة وإسرائيل ستعود إلى ما قبل الأول من أبريل وهو تاريخ استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا، وذلك من حيث حصر بؤر المواجهة في سوريا ولبنان والبحر الأحمر، على ألا يكون ذلك بصورة تفضي إلى توسع غير محسوب لدائرة الصراع، يستند على فكرة الحياد الإيجابي، ومن المرجح أن تبتعد دول المنطقة عن تأجيج وتيرة الصراع، عبر اتخاذهم موقفًا حياديًا، والتفاعل مع الولايات المتحدة ومطالبتها بالضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

isr-lebanon
سيناريوهات مطروحة: ماذا بعد المواجهة بين حزب الله وإسرائيل؟
Turkuselections
منظور تركي للانتخابات الرئاسية الأمريكية
tunis-ch-rus
هواجس أوروبية: تونس وتعدد الشراكات الدولية
Iran-President
تحديات السياسة الخارجية الإيرانية
Scroll to Top