تمثل الأزمات والكوارث فرصة جيدة لمراجعة السياسات والبرامج التنموية السائدة. ولعل الفترة الراهنة التي تعد من أصعب الفترات التي شهدها التاريخ المعاصر في إطار تعقد الأزمات وتشابكها وتعاقبها – وما كان لتلك الأزمات من تداعيات كبيرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة – بمثابة فرصة لإجراء مراجعة صادقة لتلك السياسات والبرامج من أجل المضي قدمًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهي الأهداف التي اتفقت دول العالم في عام 2015 على اعتمادها باعتبارها خارطة الطريق لتحقيق التنمية المستدامة خلال الفترة من عام 2015 وحتى عام 2030.
وقد جاءت اللحظة الراهنة لتقدم فرصة لمراجعة المسار الآني المتعثر للتنمية المستدامة، والبحث عن مسار تنموي بديل، ومن ثم تعالت أصوات الأكاديميين، والباحثين، وممارسي التنمية من أجل تبني نموذج اقتصادي – تنموي بديل عن النموذج الاقتصادي النيوليبرالي السائد، يمكنه من الصمود أمام تعدد وتعقد الأزمات الراهنة. وفي هذا الإطار ظهرت أهمية التعاونيات وعاد الحديث عنها باعتبارها أحد كيانات الاقتصاد البديل أو الاقتصاد التضامني والاجتماعي.
وفي ضوء ما سبق، تسعى هذه الدراسة إلى التعرف على التعاونيات ودورها في تحقيق التنمية المستدامة في ضوء المعطيات الدولية، والإقليمية، والمحلية، آخذة في الاعتبار الدور المحوري والهام الذي لعبته التعاونيات في مصر عبر تاريخها منذ إنشاء أول تعاونية عام 1908، وحتى يومنا هذا. وتحاول هذه الدراسة تناول التعاونيات باعتبارها شكلاً من أشكال الاقتصاد التضامني والاجتماعي، أو الاقتصاد البديل، وكأحد أشكال الملكية التي نص الدستور المصري على وجوب حمايتها.