تضمن العدد الثالث من إصدار “شئون إسرائيلية” دراستين، تناقش الدراسة الأولى المنظور الإسرائيلي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فمع تتالي الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة في المحيط الإقليمي والدولي، وفي إطار خطوات متسارعة للقيام بذلك على المستويات المختلفة، فإن السؤال هل سيؤدي هذا الأمر لإيجاد دولة فلسطينية وفقًا لسياسة الأمر الواقع؟ أم ماذا؟ خاصة وأن الأمر يراه البعض له دلالات رمزية في المقام الأول، وليس إجراء حقيقيًا ربما يستكمل في سياقات محددة، خاصة مع تمسك الجانب الفلسطيني بوضعه وتحديد حدود كيانه في ظل تعنت إسرائيلي كامل، والمضي في مساره مع استكمال مشروع الاستيطان بالكامل، ويشار إلى أن فلسطين تعد حاليًا دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، مما يعني إمكانية مشاركة ممثليها في جلسات الجمعية العامة وامتلاك مكاتب داخل مقر الأمم المتحدة في نيويورك، واستنادًا على منح الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين وضع دولة مراقبة عام 2012، فقد انضمت بذلك إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2015، وهي المحكمة الدولية الدائمة الوحيدة المختصة بمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب.
أما الدراسة الثانية، فتركز على التواجد الإسرائيلي في دول حوض النيل، حيث شهد التوجه الإسرائيلي إزاء دول حوض النيل تفاوتًا في مدى كثافته وخفوته من دولة لأخرى ومن سياق زمني لآخر، كما حدث تطور في أدواته وسياساته التي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي، لاسيما مع المتغيرات الإقليمية التي دومًا ما يكون الجانب الإسرائيلي طرفًا فاعلًا بها، فتارة يبرز للغاية هذا التواجد (أو ما يطلق عليه بالهجمة الإسرائيلية على أفريقيا بما في ذلك دول حوض النيل)، كما في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وتارة أخرى يتراجع هذا الحضور كما في الفترة (1967- 1973)، لا سيما مع حرب 1967، وتغير مدركات بعض الأفارقة عن طبيعة أزمات الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية، ويمكن القول إننا نشهد الآن منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، أجواء حذرة يشوب بعضها إعادة للحسابات والمواقف، ما يثير في جوانبه عدة تساؤلات، من أبرزها: هل يستمر التواجد الإسرائيلي في دول حوض النيل – موضوع هذه الدراسة – على نهجه السابق وأدواته المعتادة؟ أم ستؤثر مجريات الحرب في قطاع غزة على حضوره بالمنطقة؟ وهل ستتعاطى بلدان حوض النيل مع الجانب الإسرائيلي بذات الارتباطية أم ستؤثر هذه المتغيرات بطريقة أو أخرى على التفاعلات بين الجانبين؟ بصورة أخرى: هل العلاقة بين إسرائيل ودول حوض النيل قبل معركة طوفان الأقصى ستكون كما هي فيما بعدها؟
NCMES