Search

حقوق مصر القانونية في مياه نهر النيل

25/11/2024

لا يهتم القانون الدولي بدراسة كافة الأنهار، وإنما بدراسة النهر الدولي فقط، وهو ذلك النهر الذي يفصل بين أقاليم دولتين أو أكثر، أو يمر بأقاليم دولتين أو أكثر، دون النظر لمدي صلاحية النهر للملاحة من عدمه.

ومن المنتهي إليه أن النهر الذي يمر في أقاليم أكثر من دولة يعد نهرًا دوليًا حتى ولو كان اتصاله بإقليم دولة أخري عن طريق رافد واحد من روافد متعددة. فالنهر الدولي نظام مائي يتكون من كل مجاري المياه والبحيرات التي تكون فيما بينها حوضًا طبيعيًا واحدًا. ويدخل في ذلك الحوض أيضًا المياه الجوفية التي قد تكون متصلة بالنهر أو بأحد روافده. وقد ينتهي هذا الحوض في بحيرة داخلية في دولة المصب، وقد يصب النهر في أحد البحار والمحيطات.

ولقد اقتصر استخدام النهر الدولي قديمًا علي أغراض الملاحة فقط بين الدول، ووضعت بعض القواعد لتنظيم الأنهار الدولية في ذلك الغرض، ومنها علي سبيل المثال، “اتفاقية برشلونة لعام 1921″، غير أنه وبمرور الوقت تعددت وتنوعت استخدامات الأنهار الدولية واشتملت علي استخدامات أخرى خلاف أغراض الملاحة مثل “الري، والصناعة، وتوليد الكهرباء.. إلخ”، فكان أن نشأت واستقرت مجموعة من القواعد الدولية العرفية التي تنظم تلك الاستخدامات أهمها، قواعد هلسنكي لعام 1966، وصولًا لإقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، في 21 مايو 1997، بأغلبية 104 دول، واعتراض 3 دول، وامتناع 27 دولة عن التصويت، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية قد دخلت حيز النفاذ في أغسطس 2014[1].

ونظرًا لتنوع أوجه الانتفاع بالأنهار في غير أغراض الملاحة، تعددت الاتفاقيات المنظمة للأنهار الدولية وصيغت العديد من النظريات الفقهية المفسرة لتنظيمها.

ولما كان نهر النيل واحدًا من أهم الأنهار الدولية من ناحية طول مساره، إذ هو أطول الأنهار الدولية على الإطلاق، ومن ناحية عدد الدول المشاطئة له، وهي إحدى عشرة دولة، ومن ناحية التباين الشديد في أوضاع هذه الدول من زاوية الاعتماد على مياهه بين دول يمثل فيها النهر موردًا مائيًا واحدًا بين موارد أخري متعددة كدول المنابع الاستوائية وإثيوبيا، ودول يمثل فيها النهر المورد الأهم وشبه الوحيد للمياه كمصر، كان من البدهي أن يثير مشكلات قانونية متعددة بين هذه الدول، كما كان من البدهي أيضًا أن تولي مصر أهمية خاصة للغاية لحقوقها عليه.

وسنحاول في الصفحات التالية أن نستعرض حقوق مصر القانونية في مياه نهر النيل، وذلك عبر ثلاثة مباحث، نتناول في المبحث الأول منها القواعد القانونية المنظمة لاستغلال الأنهار الدولية في غير أغراض الملاحة، ونتناول في المبحث الثاني التنظيم القانوني لنهر النيل، ونتناول في المبحث الثالث الاتفاقية الإطارية لتعاون دول حوض نهر النيل (اتفاقية عنتيبي) والموقف القانوني المصري إزاء سد النهضة.

دراسات-قانونية-2

[1] لمزيد من التفاصيل عن القواعد العرفية والاتفاقية الدولية المنظمة لاستخدام الأنهار في الأغراض غير الملاحية يمكن مراجعة، د. محمد شوقي عبد العال، الانتفاع المنصف بمياه الأنهار الدولية مع إشارة خاصة لحالة نهر النيل، منتدي القانون الدولي، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2010؛ د. إيمان فريد الديب، الطبيعة القانونية للمعاهدات الخاصة بالانتفاع بمياه الأنهار الدولية « المجاري المائية الدولية » في غير أغراض الملاحة: مع دراسة تطبيقية للاتفاقيات المتعلقة بنهر النيل، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2006، د. مصطفي سيد عبد الرحمن، قانون استخدام الأنهار الدولية في الشئون غير الملاحية وتطبيقه علي نهر النيل، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991؛ د. منصور العادلي، قانون المياه: اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999.

99
العدد (99)
دراسات قانونية 1
إسرائيل ما بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية
isr3
المنظور الإسرائيلي للاعتراف بالدولة الفلسطينية - التواجد الإسرائيلي في دول حوض النيل
كراسات سياسية
الجمهورية الجديدة والانطلاق نحو المستقبل
Scroll to Top