تتسم منطقة الشرق الأوسط بتنوعها الديني والطائفي، وعلى الرغم مما يتيحه هذا الوضع نظريًا من إمكانية الثراء الفكري والثقافي، فإن الواقع يشير إلى خلاف ذلك، وهو ما يرجع بالأساس إلى الأنماط المختلفة الحاكمة التي تتخذها العلاقة بين السنة والشيعة، وذلك في نطاقات جغرافية مختلفة في المنطقة، فقد تتسم بالتنافس الحاد وصولًا إلى الصراع المسلح، وفي أحيان أخرى تتجه الأمور نحو التعايش السلمي، وربما يكون هذا التعايش نابعًا من تبريد في العلاقات أكثر من كونه استقرارًا عميقًا يحكم مسار العلاقات واتجاهاتها في التعامل المباشر وغير المباشر.
في هذا الإطار، تسعى هذه الدراسة المتخصصة إلى محاولة الوصول للمسارات المستقبلية للعلاقات بين السنة والشيعة في منطقة الشرق الأوسط، انطلاقًا من توضيح الواقع الديموجرافي ومحاولة الوصول لتقديرات أكثر مصداقية بخصوص أعداد السنة والشيعة في دول مختارة، وسمات الانتشار الجغرافي للمكونين السني والشيعي داخل هذه الدول، كذا المسارات والمعطيات المهمة التي شكلت العلاقات السنية الشيعية في التاريخ المعاصر، بدءًا من اندلاع الثورة الإيرانية، مرورًا بالحرب العراقية الإيرانية، والاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وانتهاءً بأحداث الربيع العربي عام 2011 والتطورات الراهنة في الشرق الأوسط وسقوط النظام السوري وإنهاء حكم العلويين، التي أدت إلى اندلاع تنافس إقليمي محموم بين القوى السنية والشيعية الرئيسة في المنطقة.
ستركز هذه الدراسة على الجانب السياسي في تناول العلاقات مع طرح أمثلة من التاريخ المعاصر، كذا الأنماط التي تتخذها هذه العلاقات، والعوامل التي تؤثر في تشكيل نمط معين من العلاقات في نطاق جغرافي محدد.
العدد7