Search

مسارات متعددة: هل تنجح مبادرات وقف الصراع في السودان؟

31/07/2024

شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا لبعض الجهود الإقليمية والدولية الساعية لتسوية الأزمة السودانية ومحاولة دفع كافة الأطراف للوصول إلى اتفاق يشمل وقف إطلاق النار، يأتي ذلك في ظل تفاقم الأزمة السودانية للعام الثاني على التوالي، وتعثر جهود وقف إطلاق النار، وتفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية في السودان.

مبادرة مصرية:

تمثلت أبرز الجهود الساعية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية في المبادرة المصرية، حيث عُقد مؤتمر في 6 يوليو 2024 لعدد كبير من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية السودانية تحت شعار “معًا لوقف الحرب” بهدف الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل في السودان، عبر حوار وطني سوداني – سوداني يتأسس على رؤية سودانية خالصة، وذلك بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين.

وركزت فعاليات هذا المؤتمر على مناقشة ثلاثة ملفات أساسية، تضمنت وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية، وقد أكد المشاركون على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة السودان، ورفض التدخل الأجنبي وتعزيز جهود الإغاثة الإنسانية، كما دعا المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته التي أعلن عنها في مؤتمري جنيف وباريس لإغاثة السودان، لسد الفجوة التمويلية القائمة والتي تناهز 75% من إجمالي الاحتياجات الإنسانية في السودان.

تحركات إثيوبية:

قامت إثيوبيا باستضافة عدد آخر من الأحزاب والقوى السياسية السودانية برعاية الاتحاد الأفريقي، وذلك خلال الفترة من 10 إلى 15 يوليو 2024، وعقب زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” للسودان ولقائه مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني الفريق أول “عبد الفتاح البرهان”، وذلك في إطار المحاولات الإثيوبية للعب دور في تسوية الأزمة السودانية، ومناقشة عدد من الملفات، التي تتعلق بمنطقة الفشقة الحدودية السودانية، ومحاولات الميليشيات الإثيوبية السيطرة عليها، هذا بالإضافة إلى رغبة إثيوبيا في تحييد الموقف السوداني تجاه الخلافات السياسية المتصاعدة بين إثيوبيا والصومال بشأن تحركات أديس أبابا ومحاولاتها الحصول على منفذ بحري بشكل غير قانوني في إقليم أرض الصومال.

وبرغم المساعي الإثيوبية، فإن المؤتمر الذي استضافته أديس أبابا للقوى السياسية السودانية لم يسفر عن تحقيق نتائج إيجابية، خاصةً أن بعض القوى السياسية المهمة لم تشارك فيه، وعلى رأسها تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم”، وحركتا تحرير السودان بقيادة “عبد الواحد نور” والحركة الشعبية – قطاع الشمال بقيادة “عبد العزيز الحلو”، والحزب الشيوعي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، واقتصرت المشاركة على الكتلة الديمقراطية المنشقة عن قوى الحرية والتغيير، هذا بالإضافة إلى محدودية دور الاتحاد الأفريقي في تسوية الأزمة السودانية منذ بدايتها.

مسار جنيف:

مع استمرار الصراع في السودان، دعا وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى جولة مفاوضات جديدة في 14 أغسطس المقبل في سويسرا، مع وجود مراقبين من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات.

ويشير ذلك إلى أن الأزمة السودانية أصبحت بصدد تحركات دولية جديدة تهدف إلى إيجاد حلول للأزمة، وذلك بعد أن علقت الوساطة السعودية الأمريكية المشتركة في أواخر العام المنصرم المباحثات بين الجيش وقوات الدعم السريع لعدم القدرة على تنفيذ إجراءات بناء الثقة، التي تشمل إنهاء المظاهر العسكرية في المدن وإعادة توقيف قادة النظام السابق، وقد أشار بلينكن إلى أن محادثات سويسرا تهدف للتوصل إلى وقف شامل للعنف في جميع أنحاء السودان، مما يمكن من وصول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى تطوير آلية مراقبة وتحقق قوية لضمان تنفيذ أي اتفاق، كما أشار إلى أن المحادثات الجديدة “لا تهدف إلى معالجة القضايا السياسية الأوسع”، لكنه أكد على ضرورة أن تلعب القوى المدنية دورًا قياديًا في تحديد عملية معالجة القضايا السياسية ومسار الانتقال الديمقراطي.

مسار جيبوتي:

تزامنًا مع دعوة الخارجية الأمريكية لعقد جولة جديدة من المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في سويسرا، شهدت جيبوتي اجتماعات متتالية من قوى دولية وإقليمية ووسطاء دوليين لتنسيق الجهود في محاولة لوقف الصراع في السودان، حيث اختُتم اجتماع الوسطاء المخططين للسلام في السودان في 26 يوليو 2024، برئاسة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة “رمطان لعمامرة”، وبمشاركة أكثر من 20 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة “الإيجاد”، ومصر وقطر والسعودية والإمارات، وعدد من المراقبين الدوليين

وقد جدد الإعلان الصادر عن الاجتماعات التزام المجتمع الدولي بدعم السودان خلال هذه الفترة الحرجة، مع الدعوة إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، بما يؤدي إلى وقف إطلاق نار مستدام، وعملية سياسية شاملة، كما أكد على الحاجة إلى استجابة إنسانية شاملة، وحماية المدنيين، ودعم النازحين ومجتمعات اللاجئين، فضلًا عن الاتفاق على أهمية تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان.

ختامًا، ترجح المعطيات الراهنة أن تسفر هذه المسارات المتعددة إلى بعض النتائج الإيجابية في سبيل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السودانية، وذلك استنادًا إلى عدة أمور رئيسية، من أبرزها: عودة الاهتمام الدولي بتطورات الصراع في السودان، بعد أن انصب اهتمام المجتمع الدولي خلال الفترة الأخيرة على تطورات الأوضاع في غزة، والحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تصاعد التحركات الإقليمية الداعية لضرورة تسوية الأزمة السودانية سياسيًا، وكان على رأسها مؤتمر القاهرة الذي استطاع جمع طيف واسع من القوى السياسية، وجهود دول الجوار، خاصةً جيبوتي التي استضافت الاجتماع التنسيقي للشركاء الدوليين.

وقد تنجح الضغوط الأمريكية الحالية والتنسيق مع القوى الإقليمية المنخرطة في الشأن السوداني، في دفع طرفي الصراع للمشاركة في مفاوضات جنيف القادمة، بما يسهم في تقريب وجهات النظر تمهيدًا لتدشين مرحلة سياسية جديدة قد تشهد تشكيل حكومة وحدة وطنية، واستكمال بناء مؤسسات الدولة السودانية، بمشاركة كافة الأطراف السودانية بما فيها الأحزاب والقوى السياسية المدنية والحركات المسلحة.

الناتو والولايات المتحدة
مسارات التغيير في العلاقات العسكرية الأمريكية – الأوروبية
USAID
المستقبل المنظور للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)
Sudan Crisis
مسارات واتجاهات الأزمة السودانية
Latin america ch-us
الولايات المتحدة والتحركات الصينية في أمريكا اللاتينية
Scroll to Top