Search

الردع تحت النيران… قراءة استراتيجية في المواجهة العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل

14/08/2025

شهدت منطقة الشرق الأوسط في يونيو 2025 تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق بين إسرائيل وإيران، مثّل منعطفًا حاسمًا في مسار الصراع الإقليمي وأعاد تشكيل موازين الردع والتكتيك الاستراتيجية في المنطقة. فبينما ظنّت تل أبيب أن ضربة جوية مركّزة ضد البنية النووية الإيرانية قد تكفي لإخضاع طهران وكبح طموحاتها، فوجئت إسرائيل بردّ متماسك وقوي عسكريًا وأمنيًا، عكس تحوّلًا نوعيًا في العقيدة الدفاعية الإيرانية، وأظهر مدى تطورها في مجالات الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، والحرب السيبرانية، وتطبيق مفهوم الردع غير المتماثل.

تنبع أهمية الدراسة من كونها تسعى إلى تحليل هذه المواجهة من زوايا متعددة: عسكرية، أمنية، تقنية، واستخباراتية، واستكشاف ما إذا كانت المواجهة قد أحدثت تغييرًا جوهريًا في قواعد الاشتباك التي طالما حكمت العلاقات العدائية بين الطرفين.

وفى هذا السياق تتناول الدراسة جدوى الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على “الهجمات الاستباقية”، في ظل متغيرات إقليمية ودولية باتت تضبط ردود الفعل وتحاصر التصعيد، وتناقش مدى قدرة إسرائيل على خوض مواجهة ضد قوة إقليمية بحجم إيران دون مظلة غربية داعمة، لا سيما مع تقلب أولويات الإدارة الأمريكية وترددها تخوفاً من الانخراط في نزاع طويل الأمد.

تعتمد الدراسة في بنائها التحليلي على توظيف نظرية “الردع” بمختلف أنواعه (الكلاسيكي، غير المتكافئ، والنووي)، كما تستند إلى معطيات ميدانية وتقديرات عسكرية من مختلف المصادر، لرسم صورة دقيقة لما حدث، ولماذا حدث، واستشراف ما قد يحدث لاحقًا، كما وتهدف الدراسة إلى تحليل أداء كل من إسرائيل وإيران من حيث نقاط القوة والضعف، والاستجابة الميدانية، وحجم المفاجأة، ومدى التأثير في البنى التحتية والاستراتيجية، إضافة إلى تقييم عمق الاختراقات الاستخباراتية وتأثيرها في مجريات العمليات.

تقدم الدراسة قراءة دقيقة لسلوك الأطراف الدولية والإقليمية خلال الأزمة، وتبرز حدود دعم الحلفاء ومواقف الفاعلين الكبار مثل الولايات المتحدة، روسيا، والصين، والدور المتزايد للقوى الخليجية في ضبط التصعيد أو احتوائه، من خلال الوساطة أو الامتناع عن توفير منصات للهجوم، كل ذلك في ظل نظام إقليمي معقّد، يزداد هشاشة أمنية، ويواجه سيناريوهات مفتوحة تبدأ من التهدئة الهشة وتنتهي باحتمالات التصعيد الواسع.

 كما شملت الدراسة بلورة رؤية للدروس المستفادة من هذه المواجهة، ليس فقط لفهم مسار الصراع بين إيران وإسرائيل، بل لاستخلاص عبرٍ استراتيجية قابلة للتطبيق في حالات ردع أخرى، في سياق إقليمي يشهد تداخلًا غير مسبوق بين الحرب التقليدية والهجينة، وبين الردع المادي و الدعايا والحرب النفسية والتقنية من جانب وإستخدام الذكاء الإصطناعي من جانب أخر.

العدد3
العدد2
مسارات الأمن والاستقرار في العراق (التحديات المطروحة والفرص المتاحة)
1
أنشطة التنظيمات المسلحة وتأثيرها على مستقبل الترتيبات الأمنية في الشرق الأوسط
Scroll to Top