Search

نصر أكتوبر 1973 .. حكاية شعب

03/10/2024

تحتفل مصر بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر عام 1973، التي تُعد حدثًا مهمًا في تاريخ وطننا الغالي. ففي هذا اليوم، تمكنت القوات المسلحة المصرية من عبور قناة السويس وتحرير الأراضي المحتلة في سيناء، مما أتاح لها تحقيق الانتصار على القوات الإسرائيلية، حيث مثلت هذه الحرب نقطة تحول مفصلية في الصراع العربي الإسرائيلي، وأعادت الروح المعنوية إلى الشعب المصري وأكدت على قدرة القوات المسلحة على تحقيق أهدافها التي قامت بتخطيطها عبر وسائل عدة، اعتمدت على خطط استراتيجية وعسكرية، منها خطة الخداع الاستراتيجي التي وضعتها باقتدار أجهزة الدولة كافة، وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة الذي قام بأدوار كبيرة من خلال جمع المعلومات عن العدو وقدراته، وأسهم إلى جانب قواتنا المسلحة في تحقيق الإنجازات الميدانية التي أدت لتحقيق النصر العظيم.

وتعد تلك الذكرى الخالدة لانتصارات السادس من أكتوبر فرصةً لتأكيد القيم الوطنية وروح المقاومة والصمود والبسالة لدى الشعب المصري، وتبقى جزءًا لا يتجزأ من الهوية المصرية والانتماء الوطني، فهي تعد واحدة من أبرز محطات التاريخ العسكري المصري والعربي، حيث لعبت القوات المسلحة دورًا رئيسيًا في هذه الحرب التي كانت تهدف إلى استعادة الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل، وقد تحقق هذا الإنجاز على أيدي جيل أكتوبر من شعب مصر العظيم وأبنائه في القوات المسلحة.

وتمثل حرب أكتوبر درسًا في أهمية التخطيط الاستراتيجي، والمفاجأة التكتيكية، بالإضافة إلى إثبات قدرة القوات المسلحة على الصمود والابتكار حيث أثبتت القيادة العسكرية المصرية قدرتها على التخطيط والتنفيذ الدقيق، على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها، لتظل هذه الحرب علامة فارقة في تاريخ القوات المسلحة المصرية التي أظهرت خلال هذه الحرب مستوى عاليًا من الاحترافية والقدرة على تحقيق الإنجازات الكبيرة في أصعب الظروف.

كما كان للموقف العربي المساند والمؤيد لموقف مصر دورًا في دعمها في مراحل الحرب المجيدة كافة، التي انتهت بالنصر العظيم في أكتوبر 1973، فهو مثالًا مشرفًا للتضامن المصري – العربي، العسكري والسياسي والاقتصادي، في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة. على الرغم من التحديات والتباينات التي ظهرت لاحقًا، فإن تلك الحرب شكلت رمزًا للوحدة العربية وقدرتها على إحداث تأثير حقيقي في السياسة الدولية.

لا يمكن في هذه الذكرى الخالدة إغفال موقف الشعب المصري العظيم الذي لعب دورًا حيويًا ومحوريًا في دعم القوات المسلحة، حيث كان تلاحم الشعب مع الجيش أحد أهم عوامل نجاح الحرب وتحقيق النصر العظيم. فمع بدء الحرب، استجابت قطاعات كبيرة من الشباب المصري لدعوات التعبئة العامة والانخراط في صفوف القوات المسلحة، فكان هناك اندفاعًا كبيرًا نحو مراكز التجنيد، حيث تطوع الآلاف للانضمام إلى الجيش أو المشاركة في الأعمال المدنية التي تساند المجهود الحربي، وكذلك دور المرأة المصرية التي تطوعت في المستشفيات، علاوةً على إقدام الأسر المصرية على التبرع بدمائهم في صورة رسمت تلاحم الشعب المصري مع الجيش، ليسطروا معًا واحدة من أعظم ملاحم التاريخ الحديث في الوطنية والالتزام والتضحية على مختلف المستويات، بما في ذلك الدعم المادي، النفسي، والمعنوي، بالإضافة إلى الإسهامات المدنية العديدة التي ساعدت في دعم الجبهة العسكرية من الشعب المصري بكل شرائحه وطوائفه.

لقد تجلت الوحدة الوطنية خلال حرب أكتوبر، في أبهى صورها، حيث اتحد المصريون بكل طوائفهم وأعمارهم خلف هدف واحد وهو استعادة الكرامة والأرض في تلاحم صادق وتماسك ثابت لا يلين بين مختلف فئات الشعب، سواء المسلمين والمسيحيين، والأغنياء والفقراء، ورجال الأعمال والعمال، مما أدى إلى حالة من التلاحم الوطني.

وانخرط المصريون في حملات التبرع لدعم المجهود الحربي، وقدموا ما في وسعهم من أموال ومدخرات وأغذية ضمن حملة شعبية واسعة شاركت فيها جميع قطاعات وشرائح الوطن من رجال ونساء، فكان هذا الدعم بمثابة تعبير عن الحب والتقدير للجيش ورغبة قوية في مساندة المجهود الحربي.

كما لعب الإعلام المصري دورًا بارزًا في شحذ همم الشعب وتحفيز الروح الوطنية، وتم استخدام الصحف والإذاعة والتلفزيون لنقل أخبار الحرب وتوجيه الرسائل التي تحث المواطنين على الصمود ودعم القوات المسلحة، بجانب الأعمال الفنية والمسلسلات والأفلام والأغاني الوطنية التي بثت خلال الحرب مثل “بسم الله، الله أكبر” كانت مصدر إلهام للشعب والجيش معًا، وأسهمت في رفع الروح المعنوية للشعب المصري العظيم.

لقد أظهر الشعب المصري في ظل الظروف الصعبة خلال الحرب، مستوى عالٍ من المسؤولية الوطنية، حيث انتظم العديد من المواطنين في صفوف الدفاع المدني، هذا الشعور بالمسؤولية الجماعية أدى حالة من الثقة بين الشعب والجيش، التي باتت تتجلى في جميع المناسبات الوطنية والتجمعات الشعبية التي كانت تعبر عن الفخر والاعتزاز بالإنجازات العسكرية الكبيرة التي غيرت مجرى التاريخ العسكري برمته في الشرق الأوسط، الذي كان له الأثر الكبير في تغيير العقائد العسكرية وهو ما أكدته الدراسات والبحوث العسكرية الأجنبية في كثير من المعاهد والكليات العسكرية الكبرى في العالم، حيث تم دراسة بعض العمليات البرية والجوية والبحرية خلال تلك الحرب، وهو مجرد مؤشر بسيط على ما تلقته قواتنا المسلحة من إشادة عالمية واسعة.

واستلهامًا من حرب 1973 المجيدة، فإن ما تواجهه الدولة المصرية في الوقت الراهن من مخاطر وتهديدات في النطاقات الاستراتيجية، خاصةً الاتجاه الشمالي الشرقي، يتطلب بناء المناعة الوطنية المصرية، التي لا غنى عنها في بناء قوة الدولة الشاملة، بكل عناصرها، التي تؤكد على أن لمصر حضورًا استراتيجيًا وسياسيًا لا غنى عنه في الإقليم.

ومن واقع التجارب التاريخية، واستقراء التاريخ العسكري، وتطور الأحداث الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، فإن مصر التي قطعت مسار الحرب، وحققت إنجاز أكتوبر العظيم، قادرة على فرض السلام والاستقرار في الإقليم، ومواجهة كل التحديات والمخاطر، ليكون درسًا سياسيًا واستراتيجيًا يجب تفهمه واداركه من كل دول الإقليم.

إن للشعب المصري “حكاية” كانت عمادًا أساسيًا لانتصار حرب أكتوبر 1973. كان دعم الشعب للقوات المسلحة في جميع الأبعاد، سواء المعنوية أو المادية أو المدنية، عاملًا حاسمًا في تحقيق النصر. هذه الوحدة الوطنية والتضامن الكامل بين الشعب والجيش أكدا أن الإرادة الجماعية تستطيع تحقيق المستحيل حتى في أصعب الظروف.

تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر

Cover (2)
الأمن القومي المصري: قديمًا وحديثًا
education
مستقبل التعليم ما قبل الجامعي في الجمهورية الجديدة، الفرص والتحديات
president sisi
مصداقية الدور المصري الراسخ في الملف الفلسطيني
السيد الرئيس السيسي
رسالة رئيس المركز: مصر وولاية جديدة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي
Scroll to Top