Search

حركات الإسلام السياسي في المنطقة المغاربية (تونس، الجزائر، المغرب، ليبيا، موريتانيا)

30/07/2025

يصدر العدد الجديد من دورية ملفات شرق أوسطية دراسة عن حركات الإسلام السياسي في المنطقة المغاربية، بالتركيز على الأحزاب السياسية التي انبثقت عن جماعة الإخوان المسلمين باعتبار هذه الأحزاب النموذج الأبرز على الساحة السياسية المغاربية، مسلطًا الضوء على واقع تلك الحركات في كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، واتجاهاتها السياسية وعلاقاتها بالدولة الوطنية، لا سيما وأن تلك الحركات تعد جزءًا رئيسيًّا من المشهد السياسي والاجتماعي بالدول المغاربية.

يستعرض الإصدار الجديد مسارات حركات الإسلام السياسي بالدول المغاربية بداية من أسباب النشأة ومراحل التطور في كل من ليبيا والجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا على حدة، والأطر الفكرية المؤسسة لها في كل دولة.

كما تتناول الدراسة علاقات تلك الحركات بالدولة والتي تباينت ما بين العلاقات التصادمية والتحالفية منذ نشأة هذه الحركات وصولًا إلى عام 2011؛ ففي ليبيا شهدت العلاقة بين الدولة والحركات الإسلامية تحولات كبرى حيث باتت تلك الحركات شريكًا وفاعلًا رئيسيًّا في العملية السياسية والأمنية رغم ما تمر به البلاد من انقسام سياسي منذ 2014، وفي تونس شهدت علاقة تلك الحركات بالدولة تقلبًا حادًّا فبعدما كانت حركة النهضة لاعبًا رئيسيًا في المشهد السياسي بعد عام 2011 تحول ذلك إلى النقيض بداية من 25 يوليو 2021، وأعيد حظر الحركة التي كان ينظر لها الغرب على أنها نموذج للتطور السياسي للحركات الإسلامية.

وتشير الحالة في كل من الجزائر والمغرب وموريتانيا، إلى ثبات العلاقة بين الدولة والحركات الإسلامية رغم التقلبات السياسية التي شهدتها المنطقة منذ 2011، حيث يلعب الإسلام السياسي أدوارًا رئيسية في المشهد العام ولا يزال يتمتع بأنماط من المشاركة السياسية. ففي 2012 تمكن حزب العدالة والتنمية في المغرب من الوصول إلى السلطة وقيادة الحكومة المغربية حتى عام 2021 التي صعد فيها حزب التجمع الوطني للأحرار لقيادة الحكومة وتراجع حزب العدالة والتنمية إلى المعارضة، وفي الجزائر ظلت علاقة الحركة الإسلامية مع الحكومة كما هي دون تغيير حتى بعد وصول الرئيس عبدالمجيد تبون إلى قصر المرادية عام 2019، والذي يحرص على إجراء مشاورات دورية مع قيادات الحركة الإسلامية ممثلة في حركة مجتمع السلم (حمس) المعارضة وحركة البناء الوطني الموالية، وفي موريتانيا تمكن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الموريتاني المعروف (تواصل) من الاحتفاظ بدوره كقوة سياسية رئيسية، واحتفظ بالمركز الثاني بعد حزب “إنصاف” الحاكم منذ تأسيس الحزب في 2007، رغم المنافسة السياسية والأيديولوجية مع التيارات السلفية.

ورغم التباين الملحوظ في الحركات الإسلامية المغاربية وعلاقاتها مع الدولة فإن الأنشطة العامة لتلك الحركات تركز على مجالات الدعوة والتعليم والعمل الخيري عبر الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأهلي، بالإضافة إلى ذلك تظهر الحركات الإسلامية في المغرب العربي قدرة خاصة على مواكبة التطورات لا سيما في المجال الإعلامي؛ حيث تحرص تلك الحركات على تدشين منصاتها الإعلامية الخاصة للدعاية وحشد الأنصار.

وتلفت الدراسة الانتباه إلى العلاقات بين الحركات الإسلامية بالدول المغاربية، والتي تتخذ في معظم الأحيان مسارات ثنائية، حيث تنسق الحركات المحسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين مع نظرائها بالدول المغاربية، وتحرص أيضًا على الإبقاء على الروابط الأيديولوجية مع نظرائها في مصر والمشرق العربي وكذلك في منطقة الساحل الإفريقي، رغم الاختلافات السياسية الواضحة وطبيعة العلاقة مع الدولة في كل منطقة.

فبينما ينظر إلى الحركات الإسلامية في المشرق العربي من نظيرتها المغاربية على أنها الروافد الرئيسية، حيث تعتبر الحركات المغاربية رائدة لنظرائها في منطقة الساحل الإفريقي، وهو ما يتيح بناء شبكات تنظيمية وسياسية عابرة للحدود الوطنية، ويوفر مساحات للمناورات السياسية وساحات جديدة لتوسيع الدعوات الإسلامية واستدامة الأنشطة الدعوية والتعليمية والخيرية. ويُسهم في ذلك الطبيعة السياسية والاقتصادية في منطقتي المغرب العربي والساحل الإفريقي، حيث لعبت بعض تلك الحركات في بعض الأحيان دورًا مساعدًا في الجهود التنموية والخدمات العامة والإنسانية، في ظل التمويل القادم من المشرق العربي والخليج.

وتخلُص الدراسة إلى عدة نتائج رئيسية يأتي في مقدمتها أن حركات الإسلام السياسي في المنطقة المغاربية بمختلف تياراتها هي بالأساس امتداد للحركة الإسلامية في مصر، بالإضافة إلى أنها أظهرت منذ عام 2011 قدرة عالية على التكيف والتطور السياسي مختلفة عما كان سائدا قبل تلك الفترة، حيث حافظت الحركات الإسلامية لكل من ليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا على دورها كطرف رئيسي في المشهد العام، باستثناء الحالة المغربية التي تراجع فيها الإخوان لصفوف المعارضة البرلمانية بعد استحقاق عام 2021، كذا الحالة التونسية التي شهدت تراجعًا عام 2021 بتحييد حركة النهضة عن الحكم، وحرص تلك الحركات على بناء هوياتها الوطنية المحلية المصنف إرهابيًا لا سيما في الجانب السياسي، والاستفادة من أخطاء تلك الحركات وفي مقدمتها تنظيم الإخوان المصنف إرهابيًا في مصر.

إلى جانب ذلك، تظهر الحركات الإسلامية بالدول المغاربية مؤشرات على محاولة بناء شبكاتها الإقليمية في المنطقة المغاربية؛ حيث يُشير حرص القيادات الإسلامية على تبادل المشاركات في الفعاليات والمنتديات التنظيمية لكل منها، وهي خطوة قد تؤشر أيضًا إلى قبول رسمي للشبكات الإسلامية في المنطقة المغاربية رغم اختلاف الظروف السياسية، الأمر الذي يعني أنه يمكن استخدامها كأدوات غير رسمية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية للدول المغاربية، حيث تقدم حالات حزب “العدالة والتنمية” المغربي، وحركة “حمس” في الجزائر، وحزب “تواصل” في موريتانيا نماذج عملية في هذا الشأن.

والله أسأل أن تكون هذه الدراسة باكورة لسلسلة أكثر عمقًا عن الإسلام السياسي في المنطقة المغاربية.

لواء . طارق عبد العظيم

القاهرة، يوليو 2025      

عدد4
العدد 5
التحركات الإسرائيلية - الأمريكية في الشرق الأوسط ومحاولات إعادة تشكيل البيئة السياسية والأمنية الإقليمية
كوفر
الولاية الثانية لترامب وقضايا السياسة الداخلية
كراسات سياسية
الجمهورية الجديدة والانطلاق نحو المستقبل
Cover
الصين والشرق الأوسط: الأطر الحاكمة والإشكاليات المطروحة
Scroll to Top