Search

دور أجهزة المعلومات الدولية في صُنع القرار وتشكيل السياسات

31/07/2025

تلعب أجهزة المخابرات دورًا حيويًا في عملية صنع السياسات العامة من خلال توفير معلومات استخباراتية قيمة، وتحليل التهديدات المحتملة، وتقديم توصيات لصانعي القرار. كما تُسهم هذه المعلومات في تشكيل السياسات المتعلقة بالأمن القومي، والسياسة الخارجية، والاقتصاد، وغيرها من المجالات؛ حيث تساعد هذه الأجهزة الدول في وضع السياسات العمومية وتقدم اقتراحات لصناع القرار السياسي بناءً على المعلومات التي تمتلكها، كما تعمل على درء لكل المخاطر التي قد تحدق بأمن الدول واستقرارها من جراء تنامي ظاهرة الإرهاب وارتفاع نسبة الجريمة المنظمة والمخدرات وغسيل الأموال. فهي أداة تستخدم جمع ومعالجة وتحليل ونشر المعلومات اللازمة لصياغة سياسات وخطط استراتيجية فعالة على الصعيدين الوطني والدولي.

وقد أعطى اتساع مفهوم القوة نحو مساحات أخرى تواكبت مع الثورة الصناعية الرابعة – كالفضاء الإلكتروني أو السيبراني – زخمًا أكبر لمناقشة كيف تتواكب أجهزة الاستخبارات مع التغيرات في عالمنا المعاصر؛ إذ بدا أن على الاستخبارات ممارسة وظائفها في هذا المجال لمواجهة التهديدات غير التقليدية التي تتعرض لها الدولة من قوى خارجية.

في هذا السياق يتمثل الهدف الأساسي لأي مؤسسة تعمل في مجال الأمن القومي في تعزيز صلاحياتها، وتعزيز مكانتها، من خلال التأكيد على فعاليتها في مواجهة التحديات التي تواجه الأمن القومي للدولة، خاصة وأن أغلب دول العالم تنزع إلى تأسيس أكثر من جهاز يعمل في مجال الاستخبارات، والتي تتداخل اختصاصاتها، لضمان حماية الأمن القومي للدولة إذا قصّر أحد الأجهزة في القيام بأداء مهامه.

كما يعد دور الاستخبارات في مجال السياسة العامة استجابة مباشرة لطلبات صناع السياسات العامة واحتياجاتهم؛ إذ يقوم المحلل الاستخباراتي بتحليل المعلومات، ويحولها إلى منتجات استخباراتية من خلال جمع البيانات المتعلقة بالأمن القومي للدولة؛ للمساعدة في صنع القرارات بالقضايا الاستراتيجية الحساسة والمعقدة.

ولهذا لم تعد أدوار أجهزة استخبارات دولة ما في مناطق صراعات أو أزمات دول مجاورة أو غير مجاورة مقصورة على جمع وتحليل المعلومات حول سلوكيات الأطراف المتنازعة لتقييم مدى تأثيراتها على الأمن القومي للدولة، بل امتدت إلى ممارسة أدوار سياسية مباشرة، تارة قد تكون من قبيل الأعمال السرية، عبر دعم أحد أطراف النزاع الذي يتوافق مع مصالح الدولة المتدخلة، وتارة أخرى قد تكون علنية، وخاصة في مسألة التوسط بين المتنازعين.

إن انتقال الاستخبارات من مجال الأمن إلى الدبلوماسية مرده الأساسي دورها المتصاعد والناجح في صياغة وتنفيذ السياسة العامة للدولة، لا سيما وأن أجهزة الاستخبارات تضم غالبًا إدارات متعددة لصنع القرار والمشاركة فيه، بل والتأثير عليه عبر أفرع تداول البيانات والمعلومات، وهو ما يمكن تلك الأجهزة من التأثير في صياغة توجهات السياسة العامة، عبر الانتقال من مرحلة جمع وتحليل المعلومات إلى تشييد أُطر ورؤى وسيناريوهات للتعامل السياسي والاستراتيجي، وعلى الرغم من أن أدوار ومهام الوساطة غير التقليدية لأجهزة الاستخبارات في مناطق الصراع قد لا يكون منصوصًا عليها في إطار بنية النظام السياسي – فضلًا عن كون بعض تلك المهام قد تكون سرية – فإن الواقع الراهن يشهد مؤشرات على أشكال متعددة لتلك الأدوار.

 وفي المجمل تضع أجهزة الاستخبارات للدول جدول أعمال سياسيا/ أمنيا /اقتصاديا / استراتيجيا، يمكن من خلاله صياغة الأهداف المرجوة لدور الاستخبارات من التدخل كوسيط غير تقليدي، مع تقدير وحساب كافة البدائل المتاحة حال فشل الوساطة لتحقيق مصالح تلك الدول.

أسأل الله أن تكون هذه الدراسة المتخصصة باكورة لإصدارات متنوعة ومتعددة في مجال الدراسات المتخصصة في علم الاستخبارات وفاتحة لتناول الموضوعات المستجدة في مجال العلوم الاستراتيجية بوجه عام التي يضعها المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في مقدمة أولوياته.

لواء . طارق عبد العظيم

القاهرة، يوليو 2025

عدد6
العدد5
الحرب في غزة وتأثيراتها على نظرية الأمن القومي ومستقبل الجيش الإسرائيلي
شئون إسرائيلية 4
النخبة الحاكمة في إسرائيل
isr3
المنظور الإسرائيلي للاعتراف بالدولة الفلسطينية - التواجد الإسرائيلي في دول حوض النيل
إسرائيل
اتجاهات ومسارات العلاقات الإسرائيلية الأفريقية بعد دعوى جنوب أفريقيا
Scroll to Top