Search

الحرب في غزة وتأثيراتها على نظرية الأمن القومي ومستقبل الجيش الإسرائيلي

30/06/2025

يركز هذا الإصدار من شئون إسرائيلية على اهتمامات المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط برصد ومتابعة أهم المتغيرات الراهنة بالنسبة لنظرية الأمن القومي الإسرائيلي وقدرة الردع ومستقبل الجيش الإسرائيلي حيث تتكون نظرية الأمن القومي في إسرائيل من القوة الشاملة والبعد السياسي والديموجرافي والقوة العسكرية والتحالف الاستراتيجي والاستمرار في احتلال المزيد من الأراضي حيث لا تستهدف نظرية الأمن الإسرائيلي تحقيق الأمن عبر ضمانات دبلوماسية أو استراتيجية قط، بل تستهدف إيجاد الوسائل العملية الداخلية لدى إسرائيل القادرة على تجسيد نظرية الأمن الإسرائيلي.

وبذلك تقوم نظرية الأمن الإسرائيلي على مبدأ الحقائق الملموسة والاستناد إلى قوة فعلية تتجسد في وجود جيش عسكري قوي قادر على المواجهة والحرب على أكثر من جبهة في نفس التوقيت. هذا الإدراك الإسرائيلي العام يعبّر عن نفسه عبر المفاهيم التي تشكل ركائز نظرية الأمن في إسرائيل التي تدور جميعها حول فكرة إلغاء الزمان والارتباط بالمكان والاعتماد على فكرة الأمن المطلق.

لا يغفل الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي عن المخاطر المتنامية لما يصفه الإسرائيليون بأنه «الأصولية الإسلامية» أو «الإرهاب الديني» الناتج عن تصاعد العمليات الفلسطينية من قبل الفصائل الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية في العمق الإسرائيلي، وقد دَفَعَ الفشل الأمني الإسرائيلي في السابع من أكتوبر باتجاه إعادة النظر في مركبات النظرية الأمنية الإسرائيلية.

إن إسرائيل بحاجة إلى جيش أقوى وأكبر، فيما صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنّه يجب زيادة ميزانية الأمن بشكل كبير، وتوسيع الصناعة المحلية للذخائر والأسلحة وتطويرها، وإدخال تغييرات على هيكل الجيش الإسرائيلي وحجمه ومفاهيمه.

تتصرف إسرائيل حيال دوائر مجالها الحيوي وفق سياسة محددة، تتمثل في منع التقارب والتنسيق بين الدول التي تشكل هذه الدوائر، والعمل بدأب وإصرار على قيام انشقاق داخلها، ومنع حدوث تماس بين الدائرة الإسلامية والدائرة الخليجية والعربية، وإقامة علاقات وثيقة مع دول منابع النيل للضغط على مصر والسودان.

وقد أخذ مفهوم الأمن لدى إسرائيل تفسيرات متعددة عبر حقب زمنية متعاقبة، وذلك حسب تطور الأوضاع في المنطقة ووضع إسرائيل ذاتها، فعند قيام إسرائيل كان مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي يهدف إلى تثبيت وشرعنة وجود إسرائيل في المنطقة، وفي مرحلة لاحقة تضمن مفهومها الأمني اعتماد استراتيجية الردع والحفاظ على التفوق العسكري إضافة للارتكاز على مبدأ الحرب الوقائية والهجوم المسبق وذلك على الرغم من حالة الثبات النسبي التي تميز بها الردع الإسرائيلي في ظل التطورات الإقليمية والدولية. وفي قراءة لمفهوم الردع الإسرائيلي وما حدث له منذ 7 أكتوبر 2023 مرورًا بأشهر الحرب على غزة، يقول المحلل العسكري في القناة 13 الإسرائيلية «ألون بن ديفيد» لقد ثبت خطأ مفهوم الردع الإسرائيلي في مواجهة التنظيمات الإرهابية المسلحة حيث يقول: «على مدار سنوات، أوضح الجيش الإسرائيلي للمواطنين أن جولات القتال لدينا تخلق ردعًا، يجعل العدو لا يريد القتال معنا، وللحصول على دليل، قالوا: انظروا إلى 16 عامًا من الهدوء الرائع الذي تمتعت به الحدود الشمالية منذ حرب لبنان الثانية». إن الحفاظ على استراتيجية الردع قائمة، أصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى خاصة مع الرؤوس الحربية الإيرانية التي حلقت فوق سماء إسرائيل، وهو ما جعل من صورة إسرائيل التي لا تقهر تهتز بشدة.

وفي الوقت نفسه مازال نتنياهو لم يخرج من صدمة عملية طوفان الأقصى التي أفقدته ثقته بمؤسسات الدولة كلّها، وبالقيادتين السياسية والعسكرية، نتيجة الفشل في منع العملية والإخفاق في تحقيق أهداف الحرب على قطاع غزة، لا سيما استعادة المحتجزين الإسرائيليين، وإضافةً إلى ذلك لا تزال تتراجع شرعية الائتلاف اليميني المتطرف رغم استمرار تمتّعه بأغلبية في الكنيست، وفي هذا السياق ما زال المجتمع الإسرائيلي يعاني صدوعًا عميقة بفعل محاولة الانقلاب القضائي التي لم تكتمل بقيادة نتنياهو الذي انخفضت شعبيته إلى أدنى مستوى والانقسام الداخلي نتيجة الاستقطاب بين المعسكرين العلماني والديني هناك.

وقد كشفت الحرب الإسرائيلية على إيران لحظة إصدار هذا العدد عن أن إسرائيل ستستمر في تبني المقاربة العسكرية في تعاملاتها ولن تتراجع عن مسارها، الأمر الذي سيهدد أمن المنطقة العربية بأكملها خاصة مع تصاعد المواجهة وانفتاحها على الكثير من المشاهد فالإشكالية الرئيسة لا تقتصر فقط على استخدام القوة العسكرية فقط بل تمتد إلى محاولة إسرائيل تغيير شكل الشرق الأوسط وفق رؤية إسرائيلية قاصرة على توظيف العمل العسكري لتحقيق أهدافها الكبرى في المنطقة وإعادة ترسيم علاقات الدول ونظمها وبما يتماهى مع الطرح الإسرائيلي المستجد في الشرق الأوسط ومن خلال دعم أمريكي لافت وحسابات مشتركة اتضحت من مسار الحرب الحالية على إيران بهدف تطويع موقفها وإرغامها على القبول بالعودة إلى المفاوضات وتقديم تنازلات تتعلق بموضوع التخصيب وبالقدرات النووية وبالبرنامج الصاروخي.

العدد5
العدد 6
دور أجهزة المعلومات الدولية في صُنع القرار وتشكيل السياسات
شئون إسرائيلية 4
النخبة الحاكمة في إسرائيل
isr3
المنظور الإسرائيلي للاعتراف بالدولة الفلسطينية - التواجد الإسرائيلي في دول حوض النيل
إسرائيل
اتجاهات ومسارات العلاقات الإسرائيلية الأفريقية بعد دعوى جنوب أفريقيا
Scroll to Top